نـاعت الأفنانُ مع وَقعِ سيمفونيّة الرّياحِ الوديعة التي طوّقت المسامِع بِلحنٍ مـاطِر تهرّبت منهُ الأجساد مُخليةً الأرصفة المُطليّة بسيولٍ بارِدة دلّت على بدئ أُمسيةٍ بسيطة.تمايل الإيقاعُ المُتدفّق كَـقَطرات المطرِ الزاحِفة على زُجاج نافذة الشُرفة المخمليّة المُعزّزة بِخامةٍ رفيعة مِن الأثـاث الأنيـق. اِلتهمت مُقلتاهُ المرأى الغارِق للفِناء الضخم وقد لَحفت قبضتاهُ قدحًا فاخِرًا مِن الشّاي السّاخن.
اِرتخت عضلاتهُ المُنقبضة على خلفيّة المقعدِ العريضة، مُفلتًا أسارير صفحةِ وجهه بِالانزلاقِ عن التجهّم البارد الذي اِعتاد تلبّسه ريثما يضمّ القدح إلى شفتيهِ المَصفوفة بتآكُلٍ هَرِم.
وَمع تناسُق المعزوفةِ البائسة تدخّل طرقٌ مرصُوف توقّف عند الطرقةِ الثالِثة، مُنتظرًا إذن القابعِ في الشُرفة، لِيدخل عندما رَبِح سماحهُ بِالولوج.
توقّف الداخِل عِند اِنفراج الباب، حرّر صوتهُ بنحنحةِ يجذبُ بها وعي السيّد المُنشغل بِالطقس."سيّد كوينتل." نده بِلغةٍ مُهذبة غلّفها الوِقار، كان يقفُ مُنتصبًا بجذعه يلبسُ تعبيرًا جامِدًا غلّفهُ بِحزمةِ اِحترام. "السيّدة إيڤانچيلين رغِبت برؤية حضرتكَ، سيّدي." أبلغهُ يتبعُ قوله بِوقفةِ صمتٍ هبطت في المسافةِ بينهما.
زفرَ يهبِط بالقدحِ المُفرغ على خشبِ الطاولة المنحوتِ بِاِحترافيّة أشارت إلى ثمنهِ المُبالغ."بلّغت أمركَ، سيمون." أطلعهُ بِبسمةٍ أُرسطقراطيّة رَفعت زاويةَ فاهِه يخبرهُ بِالاِنصراف.
تركَ سيمون الحُجرةَ قُبيل قيامِ الأكبر شأنًا بِجثمانِه الممشوقِ بِبدلةٍ مُصممة لِتُلائم تفاصيلهُ لا سواها بتطريزٍ باهِط ونسيجٍ مُقام مُضيفًا لِوسامهِ المُشرف لمساتٍ أنيقة.
دوىَ رنين كعبِ حذائهِ أرجاء الدهليزِ العِقيانيّ المُنار بِقناديلِ كريستاليّة ترنّحت أعلاه تُطفي ضياءً يُرخي البَصر المُهتاج.
سار واثِق الخُطا غيرَ مُتعثّرٍ بِمساره الذي حُدد، وكأنهُ علم مُسبقًا مكانها.أوصلهُ دربهُ إليها، تقبعُ في البهوِ المُنقوشة جُدرانه بلوحاتٍ إبريزيّة مُنمّقة، جلست بِهالةٍ يحفّها الوِقار على نسيجِ الأريكة بِقوامٍ هَزيل يلفّه فُستانُها النّبيذي هاو الكُمين ينسدلُ بِرفقٍ عن نحرهِا المُنقوش بِعلاماتِ الشيخوخة كما طَفى ذلك ملامِحها التي لم تخلُّ مِن حُسن.
تابعت كلماتِ الورقِ بين كفّيها بِحدقتيها المُطوقة بِحبلٍ رفيع مِن الكُحل، تناسق بِسُرياليّة صُحبة خُصلها الكهرمانيٌة المضمومة إلى عُنقها.
لحظتهُ يُقيمُ عمودهُ عرض المدخل إليها، أشارت بِوكزة نحرها إليه بِالتفضّل وأزاحت مسافةً لِيهبط قاعِدًا جوارها لاثِمًا جلد قبضتيها بِقُبلةٍ نبيلة.
"أرغبتِ بِرؤيتي، أُماه؟"
أنت تقرأ
عَروس القلعة
Ficção Histórica"حتّى لو أذبتَ الذّهب لِتحتسيهِ فَلن تستحسِن مذاقهُ. ما ينبتُ مِن أرضٍ قذِرة أطيبُ نكهةً ومنظر." رَغبة أنثوان بِخلافة أعمال العائلة العريقة تتعثّر كُلما اِقترب مِن نيلِ مُراده؛ فَتحفّظ عائلتهِ تلزمهُ بِالقيمِ الصارِمة، وعَليها فأنها ترغمه على زيجةٍ...