استيقظت على لمسة من أنامله، كانت عيناها مرتعشة.. تائهة في عدة أحلام لا تتذكر منها الكثير ولكنها ظنت أن زواجهما حلم. ولكي يؤكد لها طبع قبلة دافئة فوق شفتيها.
حدقت فيه بتشبث صامت فتابع بهدوء وهو يحتويها بنظرة:
- يلا علشان عازمك على الفطار
استقامت بحماس مثل طفلة:
- نفطر هنا
حرك رأسه بحسم:
- لا لا.. يلا مفاجآة
بعد ساعة لم تتوقع أن تجد نفسها مجاورة له في السيارة منطلقان في شوارع القاهرة القديمة، اختار مطعماً لرجلٍ طيب يعرفه ولاحظت هذا من فحوى استقابله. فطور شرقي شهي.. فول وفلافل وجبن وبطاطس وباذنجان وشاي مغلي.
- كتر خيرك يا عم ابرهيم العروسة محتاجة تتغذى
قالها وعيناه تقتحمها، لا يتأملها بحب فقط بل باشتياق.. جوع شديد لتلك اللحظة. منحته ابتسامة هي أجمل ما رأى في حياته ولحظتها شعر أنه في كمال يعلم جيداً أن هناك في الخلفية من يود تحطيمه. قالت ببساطة وعيناها تنتقل بين المشاهد حولها:
- مصر جميلة قوي.. لا كل حاجة جميلة وإنت هنا
ابتسم لصدق تعبيرها البريء. البسيط للغرابة مثل بساطة ثوبها، كانت ترمق كل ما حولها بتواضع.. راضية حتى بالشقة الحقيرة التي كان يريد معاقبتها بها.
ملاك!
هي هي حقاً ملاك!
كيف استطاع كراهيتها، كيف خدعه شيطانه ومنحه فتات الحكمة. والأسوء.. ماذا لو كان آذاها بالفعل.
قاطعته وكأنما تسمع أفكاره:
- كنت واثقة إنك مش حتأذيني
ابتسم بوجع، ضاقت عيناه واحتجزها فيها كحماية:
- ازاي يا نور؟ مفيش شيطان مضمون
قالت ببطء مرتاح:
- حتى الأذى منك أنا راضية بيه يا عمر
ابتسم ثم همس لها بجدية:
- بس كده مش صح..
- بس أنا بحبك
- حبيبتي الحب مش كل حاجة.. لازم تقفي في وش أي حد يفكر يأذيكي حتى لو أنا
قالها بجدية هادئة، حينها استقام، دفع ثمن الطعام واحتل يدها كي يأخذها في نزهة قصيرة على كورنيش النيل.. منحها بساطة أسعدتها، ابتاع لها الذرة والترمس والحمص ورأى ضحكتها مع طفلة صغيرة تلهو بـ بالون وولد آخر مصر على أن يقفز بسيارته في النيل لتسبح. قالت حينها بنبرة ناعمة:
- نفسي أخلف ولد شبهك
التمعت عيناه وهو يتأملها، هل يجوز أن يهرب بها بعيداً عن كل هذا.. عن صراع محتمل مع أبيها حتى، القسيمة سيتسلمها بعد عدة أيام وحينها يستطيع التشبث بتلك البعثة التي جاءته مؤخراً ويترك كل شيء.. يحقق ما أراده حقاً.