1: غريبان و بحر

51.6K 1.5K 177
                                    

كل شيء تحطم في لحظة، كأنما لم يكن. إبتسامة الأمس، أصبحت فراغا بين حطام قلب مرهق

كم هو عجيب حقا كيف للحياة أن تتحول بسرعة قاسية، كيف لثوانٍ أن تقلب حياة شخص من رفرفة زرقاء إلى سقوط أسود

الأشياء السيئة تتوالى كالموج المتلاحق، أليس كذلك؟ تكفي عثرة واحدة لتُسقط التالية وراء الأخرى إلى سحبة نحو أعماق خيبة من الفشل من اليأس

لقد كانت مجرد فتاة حالمة، فتاة أحبت الحياة بصدق إلا أن الحياة تركتها. هو تركها، الشخص الذي كانت تعتبره الحياة جاء بنهايتها

كل الكلمات تلاشت لم يبقى للوعود معنا، فمن وعد رحل. المهزلة أن ذلك القلب الذي رفض الرضوخ أولا أصبح محترقا أخِر المطاف بإصرار لعين على عدم النسيان

لا أحد يستحق

همست بحرقة، تتذكر ما قيل لها عندما ناجدته ألا يتركها بحال دموعها الملتصقة بوجنتيه. حتما لا أحد يستحق ألم الخيانة، ألم الحب الصادق الذي يرفض النسيان، ألم الخيبثة

ترك الماضي، ترك الحي، ترك المدينة، ترك البلد، لقد نجحت بترك كل ذلك و لكن الذاكرة لا تغفر، لا تزال تحشرها مع كل نفسٍ شملهْ مع كل أمنية أنكسرت

" سأكون بخير، أنا أستحق الأفضل، أنا أستحق ذلك "

الكلمات تحاول المواساة و الدموع تخنقها فشلا، بينما تخطو بضياع مثل الملاك الذي أنزل عنوة من السماء نحو قعر بحر مظلم تأرجحت مع أمواج اليأس ملتحمة بما صارع عنف حرقتها

" تعبت "

للمرة الألف همست بحنق واهنة مع تذبيلة عيون تغلق، هي الأن غارقة بين أوجاعها وحيدة في عالم فارغ دفعت بقسوة داخله فاقدة سلامها و من الملام ؟ القلب الأحمق الذي صدق

القدر عابث فعلا، لولا ذلك لما وقف ساخرا لما جعل شاهدا على إنكسار شخص دمع ليكون وحده فقط بعيدا عن كل شيئ

لكنه إثبات، إثبات للعالم لما أقترفَ بها

وسط هدير الأمواج الهادئة، عكس البحر سماءً غائمة و جسدها يطفو بلا حراك على سطح الماء كأنها جزء من هذا الهدوء تبحث عن نفسها في عمق القاع. عيونها شاردة به كما لو كانت بإنتظار لأن يظهر شيئ من عمقه، ربما نفسها التي لم تكن تريد الموت بل الهروب فحسب

و فجأة، ظهر من بعيد جسد ضخم يقطع الماء بسرعة. لم يرَ إلا ملاكًا غارقًا، فإندفع دون تفكير لإنقاذها. يمد يديه القويتين ليلتقطها و يرفعها برفق

لقد كانت صورة واحدة بجسد يطفو ثم أقدام تتسارع و أذرع تَضم ما شَهق بين رجل أدار ظهره و رجل إحتضن

مجددا فشل، لم ينتهي الوجع

" م.. مالذي تفعله ..دعني "

لقد إستفاقت ليس مما كادت تفعل بل مما فُعل لها، الغريب إنتشالها لكن السحب ليس ما أرادته، لقد أرادت الهاوية أرادت أسفلها و لا حبل غير يداها هي

2.STRANGERS | تهليلة ايمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن