كَانت جِفونه تَرتجِف بِذعر، في عَالم احلامه تَحول الابيَض الىٰ اسود ليَغذوا بَدنه بالخَوف، يَرى في طَريقَهِ السَواد وما مِن مَنفذ للضوءشَهقه عاليه تَحررت مِن ثُغره عندما فَتح عينيه يَتنفس بِعلو وارتعَاش
العَرق يتناثر علي ارجَاء بدنِه ومَع ذلك يَشعر بالبرد، البرد الشَديد
مد يديه لجهه اليَمين يَلتقط زُجاجه المياه المُجاوره لهُ
يَرتشف القطرات العَذبه بلا تَوقف الى ان انهى الزُجاجه بأكملها
رمى جسده المُتعرق على السرير، يتنهد بأرهاق مما وَصلت عَليه حَالته
يَشعر بالتعب....خلايا جسده باكملها تَنفُر منه
مَسد جَبهته يُبعد قطرات العَرق البارده بكَفه الاشد بُروده
نظر للساعه المُعلقه على الحَائط المُقابل له، انها السادسه صباحا، لا يزال يَملك وقَتا كافيا لِلاسترخاء قبل الذَهاب الى جَامعتُه
مرر اطراف انَامله على الغطَاء الابيض المَاثل اسفَل بُنيه جَسده الهَزيله، شاردا في الفراغ
كان يَحتاج لشئ ما يَمنعه من الاقدَام على فِعل ما قَد يودي بِحياته
احيانا يتسائل......لماذا هو عَلى قَيد الحَياه؟
مَا نحن الا جُرم مُثير للشفقه مَصيره الحَتمي هو الفناء
يَشعر ان المَكان غير كَافي لأحتواء تبعثراتُه،حتي الغطاء الصوفي الثَقيل لا يمنع جَسده من الارتجاف بِقسوه
الوَقت كَان قَد مَر بِسرعَه، قَد جرفَتهُ افكاره الى اللامكان
يَشعر انه يَغرق بدون مِياه...
سَعل بِخفه يَنهض عن السَرير، ثم حَول انظاره الى وِسادته الرَطبه المُبلله بدموعه
ابتسم بهدوء يشكرها بهمس على ضَم انهياراته المُعتاده
ربما يَمتثل الرَفيق في الجَماد عوضا عن البَشر
قاد خُطواته الي خزَانته الرمَاديه المُهترئه
لم تَعي والدته هَم تغييرها بعد مرور الكَثير من الاعوام، التي كَانت كَافيه لأتلاف الاخشَاب الضَعيفه
ربما الزَمن لا يَمحي اثار المَاضي فَقط، بل يَمحي ساكنِيه ايضا...
اخرج ملابسه التي تتكون مِن قَميص اسود حريري وبنطاَل بِنفس اللون القَاتم
كانت ملابسه تُمثل ما يَكمن في دواخله وكَأنه اخرج مَشاعره ليرتديها..
سار بخطواته البَطيئه الى الحَمام، يتجه للمغسله كعادته اليوميه
ابتسم بسخريه عندما لَمح بحدقتيه العَسليه الدماء الجافه التي تتناثر في ارجاء الحَوض الرُخامي
ان اشَر سَكرات الاذى التِي تُصيب النَفس هي ذاتُها
خَرج الفتَى يَتجه الي النافذه وياخذ في طَريقه قَطعه الخُبز الطَريه ليُطعم الطيور الصَغيره
ثم قاد طَريقه الي خَارج المَنزل مُتلاشيا والدته واخاه كُليا
فيِ الطَريق، كَان يَعد خُطواته، خطوتاً تِلو الاخرى، يَتذكَر كَيفَ رَافقه شخصٌ حِين عَودته لأول مَره
كَانت احاديثهم وضحكاتهم تَملأ فَراغ الصَمت القَاتل الذي يُرافقه مُنذ زَمن
اكَانت الحَياه جَميله من قَبل؟ ام ان الدَخيل المُحبب هو من حَولها لِحفنه من الورود العَطِره
ربما ذكراه كَانت تَجعل البَسمه تتوسط ثُغره...بعدما كان يُناجي السعاده لِكي تَطُل على ملمحه يوماً
نظر الي بَوابه الجَامعه السوداء بشعور غريب، انه لا يَشعر بالاضطراب والخَوف، بل تتملكه الرَاحه والاستكانه
خطى في طَريقه مُتجهها الي المساحه الشاسعه المُلونه بالاخضر النَضر، حَديقه الجَامعه الهادئه
لقَد وَصل في وَقتٍ مُبكر، اي ان المَكان يَخلو من الضَجيج والازعاج الصادر من الافواه التي لا تَصمت ولو دَقيقه
تَجول في الارجَاء حتى تَوقَف امام اكبر شَجره في الحَديقه
يَظهر على جِزعها الصَلب علامَات تقدم الزَمن، واوراقها ما زالت تَحتفظ بخضرِتها
اغمض عينيه يَتنفس الهواء النقي الخالي من الشوائب
ثم فتحها رافعا حَدقتيه للأعلى يَنظر الى عُش الطَير المتموضع في اعلى الشَجره
رُبما سأم هو ايضا من اذى الكَائن المُدمر المُسمى بالانسان
ليهرب الى اعلى مكان بعيدا عن العيون والانظار
مثله تمَاما
اكمل جولته الهَادئه يِوزع انظاره هُنا وهُناك
لقد تَحسن مَزاجُه العَكر كثيرا بفضل الطَبيعه الفاتنه
جَلس يَستند على احد الاشجار يُخرج كِتابه المُفضل من حَقيبته
يتصفَح اوراقه البَاهته بفِعل قراءته مِرارا وتكرارا
تلمَس غُلاف الكتاب البُنيّ بأفتتان، يُحرك انامله الناعمه على السَطح الجلدي
حتى تفاجأ بفَراشةٌ صفراء تموضَعت على اصبَعه الرقيِق ورفرفت بِحناحيها الصَغيران
"احَطَت فرَاشه عليكَ يا زَهرتي؟"
أنت تقرأ
WALL FLOWERS
Romanceانَـا اتـلاشـى، وكَـأن خُطـاي بأكملها بَاتت سَراب فـانِي، الَوقت حَطـمَني وكَأني لَم اَكُن، فَأمسيت بِقطرات دُمـوعي ضائعا اَجمع شتاتـي" "ولكِن انفاسك ما تَزال تَتراقص في الهَواء، لَم ينتهي الامر بَعد" cover by: VERONIKA •مكتملة •تايكوك •المُسيطر جون...