الفصل السابع عشر والأخير

422 29 25
                                    

الفصل السابع عشر والأخير
جراحة
اتصل رائد بها ولكن هاتفها كان مغلق فمسه الجنون بعد كل ما سمعه وشعر بغضب كبير من نفسه لأنه فعل بها كل ذلك وتركها وحيدة تصارع الفيضان الذي اقتلع كل جميل من حياتها وحولها لألم وحزن، لذا أخبرته أنها تألمت كثيرا بسببه، نعم هي على حق ولكنه لم يكن يعلم أي شيء فقد كان يعيش بأحزانه بعيدا وهو أيضا كان يتألم، لقد تركها دون أن يفكر لحظة بأنها تعاني كل تلك المعاناة
رحل إلى الشركة فلم يجدها والمصنع ثم عاد إلى القصر وهناك كان عليه أن ينتظرها فهو المكان الوحيد الذي لو لفت العالم كله فستعود إليه بالنهاية...
****
شحب وجه جوان وهو يحدق بها وقد كانت ملامحها باردة لا تدل على أي شيء ولم يساعده صوته على قول أي شيء بينما عادت هي تقول بحزن "لماذا وأنت الشخص الوحيد الذي كنت أثق به وأرفع الحواجز بيني وبينه، لماذا جوان؟ لماذا؟"
نهض بعصبية وتصنع الغضب وهو يقول "هل جننت نور؟ أنا جوان الرجل الذي نشأ معك واعتبرتني أخيك وصديقك فكيف يمكن أن أضرك؟ بالتأكيد أنت فقدت عقلك"
نهضت وتحركت تجاهه وقالت "أنا بالفعل كدت أفقد عقلي جوان عندما عرفت أنه أنت لأني لم أصدق بيوم أنك يمكن أن تهد حياتي أنا كدت أموت جوان كدت أفقد حياتي كيف فعلت بي ذلك؟"
التفت إليها وقد تأجج الغضب بعيونه وقال "أنا لم أفعل شيء نور، كيف تجرؤين على توجيه مثل ذلك الاتهام لي، كيف تفكرين به أصلا؟"
ظلت تنظر بعيونه حتى قالت "أنا لم أفكر لحظة به حتى عرفت كل شيء من جاكي، إنها ليست بذلك الولاء الذي ظننته سموك لتحفظ سرك يوم تعاونت معك"
قال بغضب "كاذبة، نعم هي كاذبة هي لم تمنحني أي صور إنه"
تراجع وقد أدرك أنه سقط بالخطأ فابتسمت بحزن وقالت "أنا لم أقل شيء عن الصور جوان ولكنك فعلت، تلك الصور التي حصل عليها علاء من القصر وجاكي سرقتها منه وأنت منحتها الكثير مقابله وبحثت عن جيس لترى ماذا لديها أيضا لك فمنحتك تلك الصورة التي أقف فيها مع الرجال، هل أخبرتك القصة؟ هل أخبرتك أنها هي من استأجر الرجال كي يضربوا رائد ويبعدوه عن والده ثم أتوا لي ليخبروني أن أمي تريد أن تراني وذهبت معهم ولكن وجود ياسين والد رائد غير خططها فقد أرادت أن تأخذني بعيدا عن جدي وعندما صورتني أرادت أن تذل جدي بي لتحصل على المال وتهدده بالصورة ولكن ياسين أنقذني منهم ولكنه بالنهاية أصيب هو الآخر وفقد بصره هو أيضا لأنهم ضربوه بتحريض منها أيضا، أعتقد أن لا داعي لأحكي لك فأكيد عرفت كل شيء وعرفت أنها هربت وتركت لندن خوفا من جدي ومن ياسين نفسه وطبعا غيرت معالمها ولم يبحث عنها جدي أصلا لأنه اكتفى بي"
ظل ينظر بعيونها لحظة حتى قالت "لماذا جوان؟"
أشاح بيده وقال بقوة "لأني أحبك نور، لم ولن يحبك أحد مثلما أفعل، لم أنتظرك طوال تلك السنوات وبالنهاية هو يأخذك مني، حاولت أن أتقبل فكرة زواجك وأني صديق ولكن بمجرد سفرك معه أصبت بالجنون ومنذ عرفت بأمر أمك وياسين وبدأت أفكر بالأمر وقد تملكني شيطان الغيرة"
اهتزت من داخلها فحتى لو كان الشك ساورها تجاهه وظلت تعتقد أنه بريء حتى تأكدت أنها الحقيقة وليست ظنون ومع ذلك تمنت لو لم يكن حقيقي، عاد ألم قلبها بصدرها وهي تقول "ولكنك دمرتني أنا جوان حتى ابني قتلته بدون رحمة، لقد نسفت حياتي بأسعد لحظاتها"
نظر لها وأحاط ذراعيها بيده وقال "لا نور أنت بخير، نعم بخير"
قالت بحزن "أي خير الذي تتحدث عنه جوان؟ لقد ماتت جدتي بسبب ما فعلته وأنا كدت أفقد حياتي أيضا بسببك وفقدت جنيني وفرقتني عن الرجل الوحيد الذي أحببته وأحبني، دمرت كل شيء جوان لم يعد لدي أي شيء أنت دمرت حياتي كلها حولتها لظلام ما بعده ظلام حياة لا معنى لها"
ابتعد وقال بقسوة "لأنك لي أنا وحدي نور كان عليك أن تسمعي لي وتعترفي بحبك لي لا له"
قالت بغضب "أحببتك كأخ وصديق وأنت تعلم أننا لا نصلح لعلاقة زوجين بسبب الدين وأنت حياتك بها الكثير من النساء كان بإمكانك اختيار الأفضل"
التفت لها وقال "ولكني أردتك أنت كلهن كانوا لا شيء بجوار جمالك وذكائك، أنا أحببتك أنت وفضلتك على الجميع"
قالت بحزن "لذا دمرتني؟"
اعتدل وقال "كي لا تفكرين برفض الأمير، كان درس لك نور فلا تجرؤ امرأة على فعل ذلك بي"
ارتفعت قامتها ورأسها وقالت "ولكنك نسيت أني لست أي امرأة سموك، أنا ليدي نور حفيدة الماركيز ولن أكون بيوم من حريمك أو تابعة لك أو سواك"
وتحركت لتذهب ولكنها توقفت وقالت "عليك بأن تفتح هاتفك فهناك أخبار عنك تهمك"
نظر لها بغضب وشك ولكنه أخرج هاتفه وفتحه فقالت "ليزا فتاة رائعة حقا ولكنها لا تهتم بسمعتها فهي ممن يصنعون تلك الأفلام المشبوهة سموك ولكن لهفتك على النساء لم تجعلك تكشف هويتها فكان من السهل علي أن أضعها بطريقك لتدمرك كما دمرتني وكان مع فارق واحد أني عدت من كبوتي وبقوة أكبر أما أنت فأنا لن أسمح لك بالعودة، بالطبع التصوير ليس بالجودة التي تليق بأمير ولكنها تفي بالغرض بفضيحة تليق بالأمير"
أخذ ينظر للهاتف بجنون وقال "أيتها اللعينة"
تحرك تجاهها كي يقبض على جسدها لينتقم دون أن يرمش جفنها لغضبه ولكن الخادم أسرع إليه يقطع طريقه وهو يقول "سمو الأمير الشرطة تطلب لقاءك"
توقف وهو يحدق بالخادم وابتسامة نصر على وجهها وعيونها تلمع وهي تقول "أخبرتك أني لن أسمح لك بالعودة، بمصر يقولون العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم سموك، وأنت من بدأ وأنا من يلعب بحياتي أمتص حياته لآخر قطرة فأنا ليدي نور"
وتركته وذهبت وما أن وصلت للباب الكبير للقصر حتى دخلت الشرطة من جوارها فلم تنظر لهم وهي تنزل السلم بثقة والسائق يفتح لها الباب فتركب بهدوء رغم ألم صدرها إلا أنها نفذت ما أرادت ردت له الصفعة باثنان فضيحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقضية مخدرات بغرفة نومه فلو نجا من هذه فلن ينجو من الأخرى و..
دوى صوت طلقة رصاص من الخلف فأغلقت عيونها وقد توقعت أن يفعل ذلك، قتل نفسه لن يعيش والعار يلحقه وهي ليست نادمة فقد فقدت حب عمرها وماتت جدتها بسببه ومرض قلبها بمرض مزمن أيضا بسببه وفقدت جنينها دون رحمة بسببه فلم تأخذها به أي شفقة بعد أن عرفت أنه وراء كل ذلك
رن هاتفها باسم رائد فتنهدت بقوة أوجعتها أكثر فالألم فقط هو من يهزمها، أجابت "نعم رائد"
قال بعصبية "أين أنت؟"
قالت بتعب واضح "بقصر الأمير رائد"
صمت لحظة ثم عاد يقول "متى ستنتهين؟"
قالت بوهن "لقد انتهيت بالفعل"
قال "وأنا أنتظرك بالقصر"
كادت تعترض ولكن تعبها جعلها تتراجع فقد زاد ألم صدرها ولم تعد تفكر بأي شيء فقد انتهى كل شيء، أغمضت عيونها على صوته وهي تدرك كم أحبته وتمنت لو ظلت بين أحضانه لنهاية العمر تتمتع بابتسامته الدافئة ولمساته الرقيقة وكلماته التي تعشقها وصوته الذي يسافر بها بين عوالم الحب والرومانسية ومر بها بتلك اللحظة شريط عليه كل حياتها، جدها وجدتها، رائد حبيبها ولحظاتهم سويا منذ أول لقاء لهما وحتى آخر لحظة، زاد الألم وتدلت الدموع على وجنتيها وهي تدرك أنها لن تستعيد تلك الأيام السعيدة معه فلم تفتح عيونها ولم تعترض على الدموع التي سقطت أخيرا لترثوا حالها وقد انتهت ذكرياتها معه وربما مع الحياة وهي تبحث بظلامها عن جدها ربما يخبرها أنها أجادت التصرف، يبتسم لها ويثني على أفعالها ويهون عليها أحزانها ولكن الظلام عم حولها ولم تعد تشعر بأي شيء ولم تعترض على الرحيل
****
رن هاتف رائد بعد ساعة من انتظار نور وكان رقم موريس فأجاب فسمع موريس بلهفة وذعر يقول "أين أنت مستر رائد؟ الليدي بالمشفى إنها متعبة جدا"
لم يدري كيف أسرع بكل قوته إلى السيارة وقادها بسرعة جنونية وهو يشعر بخوف رهيب ينشب داخله، هل يمكن أن ترحل وتتركه؟ ألم يكفيها فراق؟ لن تتركيني الآن نور لن يرحل كل من أحببتهم لن تتركوني وحدي، لن أعيش بدونك حبيبتي
انطلق بأقصى قوته داخل المشفى حتى واجهه موريس وهو يلهث فقال "ماذا حدث؟"
قال موريس "السائق اتصل بي وأخبرني أنها فقدت الوعي بالسيارة فأخبرته أن يحضرها إلى هنا واتصلت بدكتور فريدريك وهي بالعناية الآن"
هتف بغضب "لماذا؟ لماذا كل ذلك يحدث لها؟ لماذا؟"
قال موريس وهو يربت على ذراعه "حمّلت قلبها أكثر مما يمكن أن يتحمل، إنها حتى ترفض أن تبكي أو أن تعبر عن أحزانها ولا تشكي من ألم قلبها، لم تفعل مستر رائد لم تفعل"
أغمض عيونه وتألم من أجلها وهتف بحزن "جدها صنع منها امرأة لا تعرف حتى كيف تحزن"
خرج فريدريك من العناية وملامحه تنم عن القلق، تلقاه رائد بلهفة "ماذا بها فريد؟"
نظر له الرجل وقال "لابد من إجراء جراحة بالقلب لقد ساءت حالة قلبها كثيرا عما كانت ولكن هي لا تفيق"
تراجع وهتف بخوف "لا أفهم، ماذا تعني؟"
نظر بعيونه وقال "كأنها لا تريد أن تعود، بالحالات الأخرى نستعيد المريض أولا ثم نجري الجراحة لكن هي لا تستجيب لنا"
مرر يده بشعره وقال "هل يمكن أن أراها؟"
تأمله فريد لحظة ثم قال "ولو أنها ليست بوعيها ولكن تفضل"
لم ينتظره ليكمل واندفع للداخل وهو يراها ترقد على الفراش وقد فقدت رونقها وعيونها التي تسحره مغلقة وتحاط بدوائر سوداء وتلك البشرة النضرة بالحيوية شحبت وذهبت منها الحياة، فقط خصلات من شعرها سقطت خارج غطاء الرأس يذكره بالأوقات التي كان يمرر يده بشلال شعرها المنساب بليونه وجمال، أمسك يدها فشعر ببرودة تنبض منها، قبل يدها بقوة ثم قبل جبينها بحنان وحب وهمس
“نور، تدركين أني معك أليس كذلك؟ نور أنا آسف حبيبتي، آسف ونادم على كل ما فعلت، سامحيني نور أرجوك سامحيني ولا تتركيني حبيبتي لن أتحمل نور لا معنى للحياة بدونك، كيف تفرين هكذا نور وأنت لم تكوني جبانة بأي يوم؟ هيا حبيبتي عودي، عودي نور ودعينا ننسى كل ما كان، أعلم أنك قوية وستجتازين الأزمة ككل مرة وعندما تعودين ستجديني بجوارك"
قبل جبينها ويدها مرة أخرى ثم همس "أحبك ليدي نور"
انتظره الطبيب مع موريس وقال الطبيب "بالصباح سنجري لها الجراحة ونتمنى أن تتغمدها السماء بالرحمة"
أغمض عيونه وهتف "يا رب رحمتك وسعت كل شيء"
أسرعت بسنت إليه وهي تقول "لماذا أنت هنا رائد؟"
قال بحزن وتعب من خوفه وقلقه "زوجتي بالعناية بسنت"
تراجعت وقالت "زوجتك؟ ألم تنفصلوا؟"
ابتعد وقال "أعدتها منذ عدة أيام"
قالت "ولكن"
قاطعها "ليس الآن بسنت"
رن هاتف موريس فابتعد ليجيب ولكن سرعان ما هتف بقوة "ماذا؟ لا أصدق، يا رب السماء متى وكيف حدث كل ذلك؟"
تابعه رائد حتى انتهى ثم نظر له باستفهام فتحرك له بنظرات زائغة فقال رائد "ماذا حدث؟"
قال بدهشة "الأمير جوان!"
حثه رائد على أن يكمل "ماذا به؟"
نظر لرائد وقال "انتحر، أطلق على نفسه الرصاص والشرطة كانت عنده كي تقبض عليه لوجود مخدرات بغرفته"
تراجع رائد وموريس يفتح هاتفه ويرى أفلام الفيديو المنشورة للأمير فهتف "يا الله! كان لابد أن يفعل بعد كل ذلك"
رأي رائد المقاطع المنشورة وتراجع وهو يقول "من تلك المرأة؟ ومن الذي فعل به ذلك؟ ولماذا؟"
صمت موريس وبدا وكأنه يفكر وهو يتذكر ليزا وباخور ثم التفت لرائد الذي قال "نور كانت عند الأمير قبل أن تفقد وعيها موريس"
نظر موريس له وقال "إذن أنا أفكر صح، الأمير وراء كل ما أصابكم والليدي وراء ما أصابه"
تراجع رائد بينما ابتسم موريس وقال "أحسنت ليدي فهو يستحق"
انتصف نهار اليوم التالي عندما خرج الأطباء من العناية فأسرع رائد إليهم وأخته فواجهه أحدهم وقال "الحمد لله الجراحة تمت بنجاح والقلب بخير بالطبع الفترة القادمة هامة جدا ولو مرت الأربع وعشرون ساعة القادمة بدون تداعيات فستكون الليدي بخير"
هز رأسه وقال "والألم الذي كان يصاحبها بالفترة الأخيرة؟"
قال الرجل "اطمئن لن يعود لكن بالطبع لابد من أن تحافظ هي على نفسها وتتبع التعليمات التي سنخبرها بها غير ذلك هي بأفضل حال"
عاد وسأله "هل يمكنها أن تعود لحياتها الطبيعية كزوجة وما إلى ذلك أم أن هناك أي خطر على حياتها!"
هز الطبيب رأسه وقال "لا ليس هناك أي خطر بل يمكنها ممارسة حياتها الطبيعية حتى الحمل والإنجاب أيضا فهذا أمر أصبح الآن سهل مع تقدم الطب عليها فقط وقتها أن تتبع طبيبها المباشر وهو سيخبرها ماذا تفعل، لا تقلق"
هز رأسه فابتعد الرجل وتبقت أخته بجواره وهي تقول "تحبها رائد؟"
نظر إليها وقال "هي قصة طويلة بسنت، نور ليست فقط الحب بل هي الحب الذي لم أعرفه، السعادة التي لم أعشها إلا يوم عرفتها هي"
قالت "لم أراها معك؟"
نظر لها وقال بعيون متعبة "المرأة التي كانت تقف معي بحفل دبي داخل الفيلا"
قالت "التي كانت ترتدي ذلك الفستان الكريمي؟"
هز رأسه فقالت بانبهار "إنها فاتنة يا أخي ولماذا انفصلتم؟"
شرد بكل ما أصابهم ثم قال "القصة طويلة بسنت، طويلة جدا"
****
عاد النور حولها وهي تجري لداخل القصر وتنادي جدها "جدي، جدي أين أنت؟"
دخلت مكتبه فوجدته واقفا أمام نافذته الكبيرة
قالت "جدي؟"
التفت لها وقال "تعالي نور، ادخلي"
اتجهت إليه حتى وقفت أمامه وقد بدت صغيرة فنظر إليها وقال "ماذا تفعلين هنا؟"
اندهشت وقالت "جئت من أجلك جدي"
ابتسم ورفع يده لوجهها وقال بحنان "وأنا كنت أنتظرك يا ابنتي، اليوم يمكنني أن أرحل وأنا مطمئن عليك"
قالت بخوف "ترحل؟ إلى أين جدي؟ ولماذا؟ وكيف تتركني وحدي؟"
أبعد يده وقال "أرحل لأعلى يا ابنتي حيث أنتمي لأن وجودي هنا انتهى ومهمتي أيضا انتهت وأنت لم تعودي وحدك"
ابتعدت بحزن وقالت "لا جدي أنا وحدي فجدتي أيضا تركتني"
سمعت صوت الجدة تقول "لا حبيبتي لم أتركك أنا حولك بكل مكان ولكن أنت لم تعودي بحاجة لنا يا ابنتي أنت بحاجة لحياة جديد، حياة مختلفة قلبك بحاجة لها"
نظرت للجد والجدة وهما يقفان على باب غرفة المكتب وقالت "ولكن جدي أنت أخبرتني"
قاطعها الرجل "أعلم يا ابنتي ما أخبرتك به ولكني ندمت لأن ما أخبرتك به كاد يفقدك حياتك لكن اليوم عليك أن تعيشي حياتك كأي امرأة من حقها أن تحب وتجد من يحبها، لقد أديتِ مهمتك بنجاح وأخذتِ حقك كما علمتك واليوم أنا أيضا أخبرك أن تبدئي حياة جديدة وتسمحي لقلبك أن يرتاح ويعيش ويحب، سامحي زوجك يا ابنتي فهو يحبك حقا"
قالت بحيرة "جدي لكن أنا"
قاطعتها الجدة "ليس هناك لكن، افعلي ما نقول لك ونحن علينا أن نذهب فقد تأخرنا كثيرا من أجلك حبيبتي لذا من اليوم عليك أن تنهضي وتكملي حياتك مع الرجل الذي يحبك وتحبيه وتقيمي أسرة جديدة تعيد الحياة لهذا القصر وتعلمي أولادك ما علمتك إياه، ابنتك ستكون جميلة مثلك ستطلقين عليها اسمي ووقتها نحن سنكون سعداء بك وبحياتك الجديدة حبيبتي"
هز الجد رأسه مؤكدا على كلام زوجته فأسرعت إليهم فاحتضنها الاثنان بقوة ثم فجأة عاد الظلام وتراجعت وهي تهتف "جدي، جدتي، أين أنتم؟"
سمعت صوت يناديها وكأنه يريد أن يعيدها للنور مرة أخرى وشعرت بيد تمسك يدها ويعود الصوت يناديها ففتحت عيونها علها تجد النور ولكنها رأت وجه رائد ينظر لها بابتسامة تمتلئ بالحنان بين وجه متعب وشعر مشعث وذقن غير منمقة فهتفت بصوت واهن
“رائد"
قبل يدها بقوة وامتلأت عيونه بدموع الحب والسعادة وقال "حبيبتي يا الله! أخيرا نور، الحمد لله على سلامتك"
جالت نظراتها بالمكان وقالت "أين أنا؟"
لم تذهب ابتسامته وهو يمرر يده على وجنتها ويملي نظره من وجهها وقال "بالمشفى حبيبتي، أجريت لك جراحة بالقلب والحمد لله أصبحت بخير"
صمتت قليلا وهي تتذكر آخر شيء ثم قالت "ألم قلبي"
قال بحب "لن يعود حبيبتي، أعدك ألا يتألم مرة أخرى طوال حياتي أعدك أن أجعل كل حياتك سعادة وسرور فقط عودي لي حبيبتي عودي ولا تتركيني مرة أخرى"
تذكرت كلمات جدها وجدتها لقد ودعها الاثنان وأرادا منها أن تعود لحياتها معه لذا قالت "الماضي"
وضع إصبعه على فمها وقال "الماضي رحل حبيبتي، رحل بلا عودة ولن ننظر له مرة أخرى أنا أريد مستقبل لنا أنا وأنت وأولادنا نور، أريد حياتنا التي حلمت وما زلت أحلم بها"
تذكرت كل ما كان فأخفضت عيونها فمرر يده على وجنتها وقال بحنان "أنا آسف نور، آسف على كل ما فعلت ما كان علي أن أصدق أي شيء ولكن الغضب أعداني وما حدث أفقدني عقلي سامحيني نور، فأنا أحبك بجنون أقسم أني لم أحب سواك"
ابتسمت بسعادة وتذكرت وصايا جدها وجدتها فلم تمنح الغضب مكان بقلبها وهزت رأسها ولكنها تذكرت بسنت فذهبت ابتسامتها وقالت بصوت مرتجف "وتلك الزوجة كيف أسامحك عليها رائد؟"
ضحك بسعادة أدهشتها حتى توقف وعاد لعيونها وقال "لم ولن أتزوج سواكِ حبيبتي وكما احتفظت أنتِ بخاتمي بيدك احتفظت بدبلتك بيدي ولم أنزعها يوما"
قالت وهي تحاول أن تفهم "فمن هي إذن؟"
قال وهو يداعب وجنتها ويملي عيونه من عيونها التي يعشقها "هي أختي نور، قابلت عمتي بعد انفصالنا بالقاهرة، أتت لي نادمة على ما كان وأخبرتني عن بسنت؛ أنجبتها أمي بعد رحيلي ورحيل أبي ولم تخبر أحد خوفا من زوجها وقد ظن الجميع أنها ابنته ولكنها اعترفت لعمتي أنها ابنة ياسين أبي فبحثت عنها وقد كانت تعمل بالملاهي الليلية وكادت تضيع بذلك الوسط ولكني انتزعتها منه وأخذتها معي"
ابتسمت وقد ارتاحت قبل يدها مرة أخرى وقال "أنا أحبك أنت نور منذ سمعت صوتك لأول مرة أدركت أنك مختلفة وقد كنت حبيبتي ولم أرى امرأة أخرى سواك"
****
خرجت من المشفى بنفس يوم جنازة جوان وانتهت مراسم الدفن الرسمية للأمير وقدمت هي ورائد واجب العزاء للعائلة الملكية وركبت السيارة بجواره وتنهدت بقوة وراحة وكأنها تختبر قلبها فأحاطها بذراعه وهو يشعر بها وقال
"أنت بخير؟"
ابتسمت وهزت رأسها فقال "ألم تكوني قاسية بانتقامك حبيبتي؟"
نظرت له بقوة فهي لم تخبر أحد بما فعله جوان ولا ما فعلته هي ولكن رائد قال "خمنت نور، خمنت كل ما حدث فأنت لم تخبري أحد بما فعلت ولا بما فعله جوان بنا ولكني خمنت، فيوم انتحاره أنا هاتفتك وكنتِ عنده، ويوم عرفتِ بموته لم تتأثري وكأنك كنتِ تعرفين والآن تبدين مشرقة، كما أن تصرفاته هو نفسها كانت واضحة وأخبرتك أنه يحبك"
أبعدت وجهها وقالت بغضب "من يحب لا يؤلم رائد وجوان جعلني أتألم بقوة"
أعاد وجهها له وقال وهو يتأمل جمال عيونها "وأنا أيضا حبيبتي جعلتك تتألمين"
ابتسمت وقالت "أنا أيضا جعلتك تتألم دون قصد رائد فكلانا كنا ضحية لأفعال جوان ولكنه الآن يلقى جزاؤه وأنا لست حزينة من أجله فهو يستحق، فقط تبقى شيء لابد أن تعرفه وشخص لابد أن تراه"
حدق بها بقوة وقد لاحظ أن السيارة توقفت أمام بيت قديم بالأرض الزراعية بمكان لا يعرفه فقال "أين نحن نور؟"
قالت والسائق يفتح لها الباب "دعنا ننزل وسأشرح لك كل شيء"
دقت الباب وفتح الرجل العجوز الذي غطت لحيته الطويلة معالم وجهه وهو يقول "من؟"
قالت "إنه أنا أيها العجوز"
ابتسم وقال "ليدي نور، أهلا يا ابنتي ولكني أشتم رائحة عطر أخرى هل معك أحد؟"
لا يعلم لماذا بدت ملامح الرجل غير غريبة له والآن الصوت أيضا بينما نظرت هي له وقالت "نعم عمي هناك شخص أتى ليراك وستسعدك جدا معرفته"
تراجع الرجل بعصاه ليدخل الاثنان فبدا البيت نظيف ومرتب والعجوز يقول "الفتاة أعدت الغداء فهل تشاركوني به؟"
ابتسمت وقالت "لا عمي شكرا ربما تفضل أن تتعرف على ضيفك أولا"
صمت الرجلان وكلاهم ينتظرها حتى قالت وهي تنظر لرائد "هل أخبرتك جيس كل شيء؟"
نظر لها بقوة ورفع العجوز رأسه لذكر الاسم فهز رائد رأسه بالإيجاب فقالت "ولكنها لم تخبرك أن ياسين لم يمت كما أخبرها الرجال وكما ظنت هي وهربت على هذا الأساس خوفا من جدي ومن أن يفتضح أمرها بما فعلت ويلقى القبض عليها، ولكن أنا كنت مع عمي ياسين وقت أن كنت أهرب من الرجال وساعدني هو على الهروب منهم ولكنهم عثروا عليه فاختبأت أنا منهم وضربوه هو ليعرفوا مكاني وما أن تركوه حتى عدت له وساعدته وداويت جرحه ولكنه فقد نظره هو الآخر ورفض أن يعود للحياة واكتفى أن يعيش ببيت صغير بعيد عن المرأة التي خدعته وغشته وعن جدي واكتفى بأن يعيش حياة بسيطة كهذه يقوم بأعمال سهلة وبسيطة، إنه هو رائد والدك عمي ياسين، كنت قد نويت أن أخبرك بالأمر كله أكثر من مرة ولكني كنت أفشل ويوم عدنا من السفر حاولت أن أفعل ولكن جوان سبقني وفعل ما فعل ودمر كل شيء"
والتفتت لياسين وقالت "أنا وفيت بوعدي عمي وأحضرت رائد، أنا بالخارج"
وتحركت تاركة الرجلان بمواجهة بعضهما البعض ولم يشعر رائد بها وهي تخرج وهو يحدق بالعجوز الذي قال "أعلم أنك غاضب وهذا حقك"
ابتعد رائد من أمام الرجل وقال "وبماذا يفيد الغضب الآن؟ لقد مضى الكثير"
قال الرجل "لم أكن عاقلا وقت أتيت هنا ولكني أحببت تلك المرأة وحبها أعمى بصرى وبصيرتي وجعلني لا أميز الصواب من الخطأ"
نظر له وهو يدرك معنى الحب فقال "رحيلك دمر أسرتنا وفرقها"
تراجع الرجل وجلس وهو يقول "ندمت يا بني صدقني ندمت ولم يعوضني عنك شيء ربما الليدي كانت تمنحني بوجودها بعض السعادة ولكن برحيلها تظلم الحياة حولي حتى أخبرتني بوجودك وقتها شعرت أن نور عيوني عاد لي وقد وعدتني أن تحضرك لي وقد فعلت وتركت لي أن أطلب منك أن تسامحني فهل تفعل يا بني"
ظل ينظر للرجل لحظة ثم تحرك تجاهه ووقف أمامه وقال "هل هناك فارق؟"
هز الرجل رأسه وهو ينظر للفراغ وقال "بالطبع بني، أنا عشت كل عمري نادم على تركي لك وبكل يوم كنت أتمنى لقاءك كي تسامحني وأرتاح قبل أن أرحل، أنا بحاجة لك بني لقد تعبت من الوحدة ورغم أن نور طلبت مني كثيرا أن تأخذني للأطباء أو أن أنتقل لمكان آخر إلا أني رفضت أحب هنا والأرض الزراعية من حولي، جيراني وحيواناتي، كل شيء أحببته هنا ولكني كنت أفتقد وجودك حبيبي فقط كنت بحاجة لك"
جلس رائد بجواره وقال "لم تفكر يوما بالعودة"
قال "فكرت كثيرا ولكن جيسيكا كانت بالمرصاد لي حتى عرفت بأمرك وأنك تبحث عني فقررت أن أبحث عنك ولكن كما عرفت أصابتنا نحن الاثنان بنفس اليوم وعرفت أنك اختفيت بعدما أفقت من غيبوبتي وبالطبع لم يكن بإمكاني أن أعود مصر بهذه الحالة ونور قدمت لي سبل الراحة فاخترت البقاء ربما جئت مرة أخرى لتبحث عني فتجدني، سامحني بني"
رفع الرجل يده منتظرا يد رائد الذي ظل ينظر لها وهو يفكر بماذا تفيد القسوة بعد كل تلك السنوات؟ الآن هو يودع الماضي بكل قسوته وجراحه وأحزانه ويبحث عن حاضر ومستقبل مشرق، مد يده وأمسك يد الرجل فجذبها الرجل لفمه وقبلها ولكن رائد أبعدها فجذبه الرجل إليه واحتضنه بقوة ودموع تفر من عيونه وهو يقول
“كم اشتقت إليك بني وكم كنت فخور بك وبما حققت أنت نعم الابن"
توقفت تراقب الحيوانات وهي تمرح هنا وهناك بتلك الأراضي وتذكر جيسيكا وهي تحكي لها بدون ندم على ما فعلته وقالت "جدك أرادك منذ لحظة ميلادك، وغالي لم يفكر يوما بأن يكون الزوج الذي يرغب بالاستقرار، أبي كان صارما وغالي لم يستطع أن يحصل منه على ما كان يطمع فيه فاختار أن يرحل ليصنع لنفسه مستقبل آخر دون أن تقيده امرأة مثلي، لم يحبني يوما فرحلت أبحث عن الحب، ياسين أحبني وأحببته لذا هربت معه ولكن ما أن عرف بأمر ابنه حتى كاد يهجرني ويتركني من أجله ففعلت ما فعلت كي أنتقم"
قالت نور "وأنا؟"
نظرت لها وقالت "كنت بأفضل حال، لم أندم أني تركتك لجدك ولكني فكرت بأن خطفك سيمنحني الأموال حتى أهرب وأعيش ولكنك كنت ذكية وفررت من الرجال وفشلت أنا فهربت وبالرقص والعمل هنا وهناك جمعت ما يكفي للرحيل وانتهت لندن بالنسبة لي ولم أندم على تركي لك فقد صنع منك ليدي يشهد بها الجميع"
لم تفعل بها شيء تركتها دون انتقام رغم أنها من منح جوان تلك الصورة، عيونها كأم ترجت منها أن تسامحها وهي كابنة امتلأت بالقسوة تجاهها لم تمنحها السماح واكتفت بذلك كانتقام منها، يد لمست جسدها فأعادتها من الذكريات فانتبهت له وهو يقول
"هل أنت بخير؟"
ابتسمت وهي تبعد شعرها عن وجهها من الريح وقالت "نعم، هل انتهيت؟"
هز رأسه وقال "يرفض الرحيل"
قالت "نعم أعلم هو يحب هنا وأنا أيضا"
تأمل المكان بجماله، الطبيعة التي خلقها الله ولم يفسدها إنسان وأحاطها بذراعه وقال "نعم هي رائعة حبيبتي بالفعل وقد نأتي هنا كثيرا لنستمتع بها سويا"
بالمساء ارتدت فستان أحمر أيضا طويل واسع من الأسفل مفتوح من الأمام حتى ركبتها ويلتف من خصرها حتى صدرها وقد زين القماش بنسيج ذهبي انتهى عند صدرها بحمالات ذهبية تتعلق بأكتافها وارتدت سلسة ذهبية بها قلب ذهبي مقسوم لنصفين ولكنهم متلاصقين وتركت شعرها ينساب بهدوء على كتفيها ثم نزلت لذلك الحفل الذي أقامه هو للاحتفال بعودتهم
توقفت عيونه عليها وهي تقف أعلى السلم وتبحث عنه ثم تقدمت لتنزل وهو تقدم ليصعد إليها وتقابلا بمنتصف السلم فقبل يدها وهو يبتسم لها وأضواء الكاميرات تحيط بهم حتى أحاطهم الصحفيين عند أول السلم بأسئلتهم
"هل الليدي بخير بعد الجراحة؟"
ابتسمت بفتنة وقالت "نعم، بخير حال"
سأل آخر "هل الحب سبب عودتكم يا فنان؟"
ابتسم وقال "وهل هناك سبب سواه؟ أنا عاشق لزوجتي ولا حياة بدونها"
ضحك الجميع وقال أحدهم "ستقيم الليدي هنا أم ستتبع الفنان لأنه بحاجة لك؟"
قالت "الفنان ليس بحاجة لي، فنه أكبر بكثير مني"
قال آخر "ماذا عن والدك يا فنان؟"
لم تذهب ابتسامته وقال "ماذا عنه؟ حياته ملكه هو حر بها وأنا أيضا حياتي لي وأنا حر بها، هل نعود للحفل والمدعوين؟"
تحرك بها ولكن بسنت انطلقت إليهم فقالت نور "أين كنت بسنت؟"

تراجعت بسنت وقالت بتذمر "تأخر السائق الذي أرسله رائد ليدي"
نظرت بعتاب لها وقالت "بل نور بسنت ألم أخبرك من قبل أننا أسرة واحدة؟"
ابتسمت بسنت وقالت "حسنا نور هذا القصر رائع حقا وأنت رائعة وكل شيء هنا جميل جدا"
قال رائد "وأنت تتحدثين كثيرا"
قالت نور "دعها رائد، هل تنتقي غرفتك أم أختار لك؟"
تراجعت الفتاة وقالت "أنا؟ سأقيم هنا؟ ظننت أني سأبقى ببيت رائد و"
قاطعتها وهي تنظر لزوجها "لا أنا ولا هو سنسمح لك بأن تبقي وحدك بعيدا عنا أليس كذلك رائد؟"
نظر لها فكانت نظراتها كلها رجاء فهز رأسه وقال "نعم حبيبتي أنت على حق"
صاحت أخته بسعادة "حقا؟ أنا سعيدة جدا شكرا أخي شكرا نور"
قالت نور "هيا استمتعي بالحفل وتصرفي على أنك المالكة ولست ضيفة"
ذهبت الفتاة بسعادة فتحرك موريس تجاههم وقال "الحمد لله على سلامتك ليدي ومبروك عودتكم"
ابتسمت وقالت "شكرا موريس وشكرا لوجودك بجانبي بكل الأوقات"
ابتسم وقال "هو واجبي ليدي، عملي معك من أحب الأعمال لقلبي"
ابتسمت ودانيال يقترب وهو يقول بمرح "وأخيرا تبتسمين كالبشر يا امرأة، اعتذر يا فنان ولكن تلك المرأة كانت غير كل البشر"
ضحك الجميع وقال رائد "هي بالفعل غير كل البشر دانيال هي ملاك، ملاكي الخاص، أميرة حياتي"
منحته نظرات كلها امتنان فضحك دانيال وقال "وهو ماذا ليدي؟ ألن تخبرينا؟"
نظرت لزوجها وقالت "هو الحياة دانيال، الحياة التي لم أعرفها سوى معه"
قبل يدها بحب لتنطلق الموسيقى ويبدأ الرقص ويستأذنا دانيال ثم يفتتحا الرقص هو وهي ويتبعهم الجميع ليقول "كلماتي لك كالعادة حبيبة القلب"
وينطلق بالغناء بكلمات تمثل الحب والسعادة بعودتهم وبقربها منه وتمسكه بها لنهاية العمر
انتهى الحفل وأرشدت بسنت لغرفتها الجديدة وقد انبهرت بها وبجمالها وقبلتها وشكرتها بسعادة لتتركها وتعود لغرفتهم وتوقفت قليلا قبل أن تفتح الباب لتدخل لتجده يقف أمام النافذة وهو أيضا يسترجع الذكريات
شعر بها وهي تتقدم لتقف بجواره فالتفت لها مبتسما ثم أحاطها بيده وجذبها إليه وهتفت بشوق "اشتقت لك نور، اشتقت لك بجنون حبيبتي"
ثم انحنى لينال قبلتها التي افتقدها منذ الفراق لتحيطه بذراعيها وتترك نفسها له لتستمتع بقربه وقبلته ولمساته وكلماته الرقيقة لها، استمتعت بكل لحظة وهي بين ذراعيه هو الرجل الوحيد الذي كان يشعرها أنها أنثى هو الوحيد الذي كانت كلماته تمنحها السعادة وهو الوحيد الذي منحته قلبها ورحها وكل حياتها
بالصباح شعرت بشيء يداعبها على كتفها ففتحت عيونها واعتدلت وهي تبعد شعرها لتراه بجوارها على الفراش مبتسما لها وهو يقول "وأخيرا أشرقت شمس حياتي، صباح الورد والفل والياسمين أميرتي"
ابتسمت بوجه زاد احمراره من كلماته الرقيقة وقبلها برقة ولم يبتعد وهي تقول "صباح النور، متى استيقظت؟"
قال دون أن يفلتها من بين أحضانه "منذ لحظات ولم أصدق أنك أخيرا معي، لم أتوقف يوما عن التفكير بك نور كنتِ معي بكل لحظة"
قالت بصدق "صدقني رائد كنت أتمنى أن أخبرك الحقيقة ولكن القدر كان يقف لي بالمرصاد، بكل مرة كان يمنعني عنك شيء"
وضع يده على فمها ثم مررها على وجنتها وقال  "أعلم حبيبتي، لقد عرفت كل شيء ونسيت فهل تنسي؟ لقد قررنا أن نبدأ حياة جديدة وننسى ما كان أليس كذلك؟"
ابتسمت فضمها له وهمس "أحبك نور أعشقك وأعشق حتى أنفاسك"
لم تعرف كيف انفك لسانها وهي تهمس بقلب يدق بقوة لكن بدون ألم "أنا أيضا أحبك رائد، نعم أحبك جدا ولم أعرف الحب إلا معك"
أبعدها وأحاط وجهها بيديه وهو ينظر بعيونها بسعادة "ماذا؟ أعيدي ما قلت مرة أخرى نور، أريد أن أسمعها مرة أخرى كي أصدق"
أخفضت عيونها وقالت "لم أعرف الحب بأي يوم رائد ولم أظن أني سأفعل لم يعلمني أحد كيف يكون واعتدت على أنه ضعف"
رفعت عيونها إليه وأكملت "ولكني اكتشفت أنه العكس، الحب قوة، قوة لا تضاهيها أي قوة، نعم رائد فحبي لك هو الذي دفعني بقوة للانتقام ومنحني القوة لأن أفعل ما فعلت ولكن مرض قلبي هو الذي جعلني أبتعد عنك لم أكن لأوافق أن تحبني وتكون لامرأة مريضة لا تصلح لك وكرهت كل شيء ورغبت بالموت"
ضمها لصدره بقوة وقال "كيف تفكرين هكذا حبيبتي؟ أنا أحببتك كما أنت نور ولا فارق عندي ما إذا كنت مريضة أم لا أنا كنت أريد أحضانك لتعيد لي الحنان الذي لم أعرفه والأسرة التي لم أجدها أنت كل شيء بالنسبة لي نور كل شيء"
أغمضت عيونها بسعادة بين أحضانه وقالت "وأنت الحياة رائد الحياة التي عرفتها بوجودك، أنا أحبك رائد أحبك جدا فلا تتركني مرة أخرى، لا تتركني"
شد عليها بذراعيه وقال "لن أفعل حبيبتي لن أتركك ما حييت ولن أدعك تتركيني بأي فأنا لا أستطيع أن أعيش بدونك ليدي نور"
وانتهت قصتي ككل قصة أكتبها وربما هذه المرة احترت بنهايتها وكدت أتخذ نهاية غير سعيدة ولكن كلنا نحتاج للنهايات السعيدة فهي تمنحنا الأمل بحياتنا وتجعلنا نتوق للغد ونأمل أنه يحمل لنا سعادة خلف ما يقدمه لنا من صعوبات فلا حياة بدون ألم ولا ألم إلا وبنهايته سعادة
تمت بحمد الله

سعدت جدا بوجودي معكم وأتمنى أن أكون أسعدتك بروايتي، شكرا لكل من تابعني ومنحني كلمات ولو بسيطة فهي كانت كبيرة جدا لي وإلى لقاء آخر إن شاء الله

داليا السيد محمد

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 28, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رواية ليدي نور.       بقلمي داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن