الفصل الرابع

6 2 1
                                    

طلبت مني والدتي تحضير غرفة الضيوف بينما هي انشغلت بتحضير الغداء..كنت اريد التحدّث مع ابي عن ما حدث وكي يشرح لي اكثر لكنّه دخل رفقة " كرم " الى غرفة الاستقبال واغلقوا الباب خلفهم..لا أدري عما يتحدٌثون، يكاد الفضول يقتلني، ليس اهتمام او شيئ من هذا بل مجرّد فضول..
لم يُفتح الباب الاّ عند مناداة أمّي عليه لأخذ الغذاء..حاولت استيراق النظر فلم ارى شيئ لأنه قد اغلق الباب خلفه فورا ..
ايقنت بانّهم لن يخرجوا الان فقررّت الذهاب لتفقّد العمّال في الحقل.. " ابنتي قمر، كيف حال الدّخيل !" كان هذا صراخ العم تحسين من بعيد جارنا وصديق طفولة والدي.." بخير عمّي ، انّه بالبيت مع ابي "..
في الحقيقة كان هذا سؤال جميع من صادفني اليوم .. لم اعد استغرب قد اعتدت منهم هذا الفضول ، خاصّة في حدث يعتبر غريب بالنسبة لنا و نادر الحصول..
اوشكت الشّمس على الغروب وهاقد انتهى العمّال وعاد كلّ لبيته ، كنت في طريقي للعودة ايضا لكنّي صادفت اكثر شخص ابغضه ، فحاولت تجاهله كأني لم اره لكن هيهات
"اذن كنتي انتي من عثر على الدّخيل ! ، لكن مالا افهمه ما عملك خارجا بعد منتصف اللّيل !"
" ابتعد من طريقي يا سعيد ، قد تأخرت عن المنزل " قلت بعد ان اوقفني وقطع عنّي الطريق بعربة القمح التي يجرّها..
" اخبريني قبل ذلك ، هل فعل لك شيئ ذلك الغبي ؟.. انتي حقا متهوّرة ، لا افهم كيف يسمح لك والدك بالتّسكع خارجا في ذلك الوقت وكيف يخرجك من الأصل من البيت، انظري لا توجد فتاة من القرية خارجا في هذا الوقت ماعداك"..قد بدأت بالغضب حقا من هذا البغيض دفعته كي امر قائلة
" ليس لك شأن بي.." فسمعته يقول
" قريبا جدّا سيكون لي شأن..عندما اتزوجك سوف امنع عنك الخروج من المنزل للأبد وستكونين لي " لم ارد عليه واكملت طريقي..ذلك الاحمق ياا الهي كم ابغضه ، لن أكذب فقد اخافني كلامه هذه المرّة.. كان يقولها دائما لكنّي لم اكن اضعه في الحسبان.. حتى انّي اخبرت والدي بشانه وطمأنني بأنه لن يعطيني له .. لكن بالأمس جاءت اخته واخبرتني بأن والدها قد ذهب لشيخ القرية واعلمه بأن سعيد يريد قمر زوجة له وهو اوّل من سيخطبها من والدها بمجرّد بلوغها الثّامن عشر..
فهناك قانون بقريتنا يقول "تتزوّج الفتاة عند بلوغها الثّامن عشر لأول من يطلب يدها "..لذا فأنا خائفة قليلا،  قد لا يستطيع ابي ان يفعل شيئ فهو القانون وقد تحدّث مع الشيخ.." اووف ياا الهي فلتحدث معجزة ما وتنقضني من هذا البغيض سعيد .. كم امقته "..
وصلت وأخيرا للبيت..وقد اخبرتني أمّي بأن ابي واكرم لازالا في الدّاخل ولم يخرجا !! ماذا ؟! قد اصبح الوضع غريبا فليس ابي من عادته ان يمكث بالبيت يوما كامل..لكننا سنعرف على كل حال..
دخلت للإستحمام وعند الانتهاء تركت شعري الاسود الطويل مبلّلا حتى يجف بنفسه فهي عادتي في فصل الصّيف.. تناولت العشاء رفقة امّي بمفردنا مرة اخرى فلازالا غالقين الباب.. " فلتحضري الأطباق من الدّاخل بسرعة حتى ننتهي من غسيلهم لأن والدك اخبرني بأننا سنجتمع بعد العشاء لأمر هام " استغربت من قولها لكنّي لم اعلّق..دققت الباب ودخلت فرأيته ممدّدا على الأريكة المقابلة للباب تماما ، حاولت تشتيت نظري عنه بإتجاه ابي واخبرته بأنني سآخذ الأطباق ان انهيا العشاء..
" بصحّة وعافية " قلتها له او اقصد لهم عند اقترابي..
كان ينظر لي بنظرات غريبة عجزت عن تفسير معناها ، مبهمة ربما! حتّى نظرات والدي كانت كذلك ! ، قبل خروجي نطق ابي "تعاليا انتي ووالدتك عند انتهاءكما "
" حسنا " .. اوو لما هذا القلب ينبض !! ، لا اعلم ان كان قد احسّ بأن شيئ ما سيحصل ، لذا اسرعت لمساعدتها في الانتهاء بسرعة..وهاهي هي أمّي تدخل حاملة الشّاي بعد ان سبقتها للدّاخل..
وأخيرا قد بدأ ابي الحديث بعد صمت لأكثر من خمس دقائق ، لكن اوّل ما نطق به !! " قمر متى تُتمّين الثّامن عشر ؟" كل الافكار السّلبية ترقص داخل عقلي الان واولهم " سعيد "، تمالكت نفسي واجبت بهدوء
" بعد يومين ! "..
" حسنا سأدخل بصلب الموضوع " يبدو الامر جدّيا حقا خاصّة بعد اعتدال جلسة ذلك الدّخيل المسمّى كرم ..
"كان قد اخبرني الشّيخ ليلة امس بأن كمال والد سعيد طلب منه يد قمر لابنه ، وقد اخبرتكي بأنّي لن اسمح له طالما لا تريدين ذلك ، يعلم الجميع بعداوتي مع كمال اذ يريد اخذ حقلي بأي شكل منذ سنوات، ويظنّ بأن الفرصة قد حانت بزواج ابنه من ابنتي الوحيدة اي وريثة الحقل ، لكن  قد لا أستطيع فعل شيئ عند اتمامك الثّامن عشر بالتحديد خاصّة بعد علم شيخ القرية لأنه القانون ولا أستطيع مخالفته ، لذا قرّرت شيئ ما!! " يا الهي يكاد قلبي يخرج من محلّه ، انا لا أستطيع الزّواج من ذلك الاحمق سعيد ، منذ الصّغر كان يلاحقني بكل مكان ويحاول ازعاجي وإخافتي حتّى انّني ضربته مرة امام اصدقائه عندما حاول لمسي عنوة ، عندها كانت اوّل مرة يخبرني بها انّه من سيتزوّجني ويأخذ انتقامه حينها ، ايضا كان يضرب كلّ من يعاكسني او ينوي التقدّم لي.. ترى مالذي سيفعله والدي الان ، لكن مالا افهمه حقا هو حديثنا امام كرم !! مادخله! ليس من عادة ابي التحدّث بشؤون عائلتنا امام احد خاصّة غريب عن القرية..

-----------------------------
ترى ماهو الامر المهم
اتمنى ان ينال اعجابكم

الدّخيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن