" ستتزوجين من كرم " شرقت عند سماعي ماقاله ورفعت عيناي بسرعة اتجاه ذلك المعني بالامر فوجدته ينظر لي بدوره ، اذن هل كان يعلم ! هل هو موافق !
" هل انت جاد يا ابي !! " كان سينطلق لولا مقاطعة أمي له طالبة منه التحدث على انفراد فوافق وخرج برفقتها ، تاركيني امامه بمفردنا !! .. توتر كبير اجتاحني فقررت الخروج لحين عودة والداي ..
" الست موافقة ؟ ! " اوقفني صوته ! لا أملك اجابة محددة ، حتى لو كنت كذلك لن أستطيع اخباره لذا قررت تجاهل سؤاله بسؤال آخر " هل كنت تعلم قبل أن ينطق ابي ؟ ! '
" نعم ، وموافق " .. يا الهي لما هو جريئ هكذا ، حتى انه لم ينزل عيناه من على خاصتي .. أشعر بأن خداي الورديان اصبحتا كحبة الطماطم ، لم ارده رؤيتي هكذا فادرت ظهري له " هل كان انت من طرح ذلك ام انه ابي ! وكيف آل بكما الحديث الى هذه النقطة ؟ ! " كان سيرد لو لا دخول والداي وعلامات الرضا المرسومة على وجه أمي عكس ماكانت عليه قبل خروجها ..
" اذن هل اكمل لكي كرم بقية الاتفاق ؟ ! "
" لا ! لم يخبرني شيئ ، لماذا هل هناك المزيد ! "
" نعم سيكون زواجا على ورق " صدمة اخرى اتلقاها ، كيف هذا ! هل خرج هذا الكلام من فم ابي حقا ؟ أين ذلك المتعصب انا لا افهم شيئ ؟ " ابي ارجوك ! انا لا افهم شيئ ، اخبرني القصة من اولها وكيف اتخذت هكذا قرار ، وماهي المصلحة من هذا الزواج ! " ..
فلاش باك لحديثهم صباحا ..
" اذن بني ها نحن بمفردنا ! واعلم جيدا ان قصتك لم تكن كالتي رويتها منذ قليل او على الأقل حذفت منها بعض الحقائق فاخبرني الحقيقة الآن " .. كان كرم مذهولا امام فطنة هذا الرجل فكيف علم بالامر ، فلا احد شت به منذ قدومه !
" علي ان أصدقك القول ايها العم ، حقا قد فاجئتني بكلامك ، لكن على ماذا استندت حتى تستنتج هكذا استنتاج ؟ ! " ضحك السيد حازم والد قمر وقال " لا تغرنك عيشتنا في هذه القرية الصغيرة ايها الفتى فتظن بنا الجهل ، اولا قد لاحظت اصرارك على القدوم هنا رغم التحذيرات التي تلقيتها ، وايضا سيارتك لم يكن بها اي عطب فقد بعثت باحد الرجال حتى يصلحونها لك صباحا وقد آتاني بالخبر حين ذهبت لإحضار سيارتي ، ثالثا وأخيرا انت لم تكن خائفا من ذاك المخلوق كمن كان يعلم بالقصة سابقا اذ لم تبدو عليك علامات الحيرة ابدا .. "
" اني اقف عاجزا امام فطنتك وذكائك أيها العم ، لهذا سأبوح لك بقصتي الحقيقية فقلبي يخبرني بأنك من ستساعدني " .. اعتدل في جلسته ثم اردف قائلا " توفي والداي منذ صغري أثر حادث مرور كبير راح ضحيته العديد من الاشخاص ، كنت هناك انظر لجثثهم من بعيد وقد تجمع العديد من عائلات الضحايا الآخرين حولهم يذرفون الدموع ، كنت وحيدا لا أدري أين اذهب ولا اعرف احد فقد كانا كل ما أملك فجأة تقدمت لي جدة يشع النور من برائتها وطيبتها علمت منها ان زوجها كان من الحادث ، وهكذا اخذتني للعيش معها اذ لم يكن لديها احد ، اغرقتني بحنانها لدرجة عدم احساسي بفقدان والداي ، عملت جاهدا على تربيتي احسن تربية وتعليمي احسن تعليم ، كانت كل ليلة تحكي لي عن قرية بعيدة لا يدخلها غريب ، بلدتها التي تشتاقها حد الجحيم وتتمنى العودة إليها ، نعم يا سيدي كانت جدتي التي ربتني من سكان هذه القرية احبت غريب كان يأتي لشراء القمح من هناك واحبها ، لكن لم يقبلوا به اهل القرية فهربت معه لبلاد بعيدة أين كنت اعيش ، غرست داخلي حب تلك القرية لدرجة شعوري بالإنتماء لها وانا الذي لم ارها سابقا.. درست وعملت جاهدا حتى ارد جميلها لكن القدر اخذها في يوم تخرجي تاركة لي وصية بالذهاب هناك مهما حدث ، بدأت بالعمل ونجحت ، لكني لم انسى وصيتها أبدا اذ كانت هدفي منذ البداية وحين استعدت جيدا ها انا ذا اتيت متحديا كل المخاطر عازما على العيش هنا ومساعدة اهل القرية والرقي بها الى الاعلى " ..
" انت مثالا للفتى الصالح يا بني وانا هنا اشجعك على هذا ، ولأصدقك القول انا كذلك اعارض فكرة عدم دخول الغرباء فقد تطور الزمن وعلى القرية التخلي عن تقاليدها السخيفة ، انا لا أقول ان يتخلى اصحاب الحقول عن حقولهم لكن على الأقل محاولة السماح لاصحاب النفوذ بالاستثمار هنا فالارض واسعة ماشاء الله " .. كان قد حضر الغذاء فصمت قليلا ثم قال " لدي فكرة وارجوا ان توافق عليها " انتبه كرم اكثر لقوله " سأساعدك واكون اول من يسمح لك بالاستثمار داخل أرضي " تفاجئ لحديثه فقال بسرعة " حقا !!!! لكن هل سيسمحون لك اصحاب الحقول الاخرى ! وكيف سنقنعهم !! "
" انت تعرف ابنتي قمر بالتأكيد. قرة عيني. انها وحيدتي فانا لا املك الصبيان. لهذا سعيت جاهدا لتربيتها احسن تربية .حتى انني علمتها منذ الصغر كيفية الدفاع عن نفسها من اشباه الرجال.. جمال. ذكاء. حسب ونسب والاهم من ذلك هو هذا الحقل الذي سترثه من بعدي..كل هذا جعلها محل طمع لاسود برية جشعة..ولا بد من ان جدتك رحمها الله قد حكت لك عن قانون القرية الذي ينص عن زواج الفتاة لأول من يطلب يدها عند بلوغها الثامن عشر..بالمختصرقمر بعد أيام قليلة ستتمها وساكون مظطرا لاعطائها رغم اعتراضها عن ذلك.. ولمن ! لابن اكبر عدو لي..لن استطيع فعل شيئ رغم وعدي لها بان ذلك لن يحصل..
لذا فكرتي هي بان تتزوج انت قمر" لم يكن يتوقع هذا ابدا . دق قلبه بسرعة بمجرد قوله لهذه الكلمة ورسمت صورتها بين عينه .. تلك الفتاة التي شغلت تفكيره بشجاعتها و سرعة بديهتها..هذا غير جمالها وعينيها القهوية الساحرتان الامعة تغطيهما رموشها الكثيفة..اخرجه من شروده بها قول ابيها..
"لكن سيكون زواجا على ورق .."
"عفوا!! لماذا! " او بالأحرى يمكنك القول بانه زواج مصلحة .. انا لا استطيع اجبار ابنتي على شيئ ,فبقراري هذا انقذها من ذلك المسمى سعيد فهي لا تطيقه , لذا سيكون بيننا عقد لمدة عام واحد , سنحاول نحن فيه بكل جهدنا تغيير أحوال القرية الى الاحسن وتغيير افكارها وقوانينها ,وستكون انت قد كسبت لقمة عيشك هنا وتقبلوك بكل سرور ,عندها ستطلق قمر ان كانت لا تريدك, هل انت موافق !"
"نعم موافق"قالها بعد تردد بسيط وقد صمم على جعلها تحبه في ذلك العام..
عودة الى الواقع .
كنت تائهة وسط حديثهم الصامت ,انتظر بشغف بدا احدهم في الكلام وسرد لي قصة ما حدث ,لكن ما قاله والدي..
"سينقذك فقط من ذلك السعيد ووالده ومن أي شاب طامع فيك, لذا سيكون هناك عقد لمدة عام بينكم وساوافق انا بالمقابل على تركه يستثمر في ارضي ,وان لم توافقي عليه بعد مرور ذلك العام سيطلقك رغما عنه .."عند هذه الجملة رفعت نظري له فرايت تلك النظرة منه مجددا ,تلك التي لم استطع فك شيفرتها الى الان.. لا اعلم لما قلبي يسابق الريح في هذه اللحظة لا بل الضوء فهو الاسرع, مجرد التفكير باني ساعيش معه لمدة عام كامل يجعل قلبي يريد القفز من محله ,لا ادري ان كان خوفا من القادم هو سبب ذلك ام تنبؤ بشعور اخر يعلن بداية ولادته, حاولت تشتيت تفكيري عنه وسالت ابي "حسنا! لكن يوم ميلادي بعد يومين وقد قال شيخ القرية بان غدا صباحا عليه المغادرة ,كيف سيكون ذلك !".
"لا تقلقي لدي خطة لذلك ! لكن أولا اخبريني هل انتي موافقة !".. لحظة مربكة بينما ست عيون محدقة فيّ بتركيز تنتظر اجابتي التي لا اعلم ان كانت مهمة او لا من الأصل , فمثلا هل سيلغي والدي هذا الاتفاق ان رفضت! ماذا عن الاخر التي تكاد عينيه تخرج من محلها لكنه يكابر ولا يريد تبيان ما هو واضح لي , هل هو تامل لتحقيق غايته الحقيقية التي اقنع بها ابي ام تراه مخططا اخر يدور في ذهنه, على كل حال من الواضح ان القدر قرر تحقيق حلمي بمغامرة ما وها انا على وشك الولوج بواحدة لا اعلم نهايتها..
"موافقة" قلتها وخرجت مسرعة من الغرفة.
اتجهت لغرفتي مباشرة واظن بان الجميع فعل ذلك , رغم عدم يقيني بان النوم سيزور بيتنا المتواضع هذه الليلة.. افكر يا ترى ما الذي سيفعله والدي غدا وماهي الخطة! ان كنت اعرف ابي جيدا فان خطته ستكون مبنية على يوم الحصاد , فبعد غد يصادف يوم حصاد الحقول ومن تقاليدنا القيام بحفلة صغيرة قبلها بيوم يشارك فيها كل سكان القرية دون استثناء لاحياء هذا اليوم الذي يعتبر مباركا لدينا..
أنت تقرأ
الدّخيل
Adventureهي تسكن في قرية ذات قوانين صارمة.. حيث لا يدخل ولا يخرج منها احد..لكن للقدر رأي آخر فقد دخل هو.. هل كان دخوله صدفة !! كيف سيلتقيان ومالذي سيحدث!!؟.. تابعوا معي لتعرفو احداثها!!