الفصل الخامس

89 5 4
                                    

«فاطمة»
نعمة شرابي

كيف لنا أن نشرَح ..
اننّـا مُتعَبُون من الطّريق .. والناس .. والاحلام .. وقلة الحيله .. مُتعبون من الغد وهو لم يأتِ بعد ومن الامس وهو منتهىِ .. ومن الأيام والوعود والصبر والخيبات والخذلان ..
كيف نشرح كُل ذلك ..
دون أن نذرف الدموع ودون ان نُبالغ في شرحه ؟
والأسوأ .. لو شرحناه هل هُناك من يفهمنا ويشعر بنا ؟!
ام انه لاجدوى من الشرح
كم نحن بحاجة لأشباهنا ...
ليس بالملامح
بل اشباهنا بالصدق والوضوح ...

كيف لِقُلوبنا أن تطمئِن..
و كل حواسِنا في حالة تأهّب..
أعظم ما تقدمه للناس في الحياة :
هو الأمان ... فلا أنت تمكر بهم ، و لا تحسد لهم نعمة
و لا تخن لهم عهدًا ، و لا تُفشي لهم سرًا
و لا تغدر بهم ..!
وكن علي يقين يا إبني وتذكر  دائما
ما أقصه عليك
يتعافى المرء بنفسه وليس بمن حوله
#نعمة شرابي
هكذا كتبت نعمه على صفحتها الشخصية الفيسبوك
وهي تتنهد من مقولتها أن يتعافى المرء بنفسه وليس بمن حوله، فهي إلى الآن على الرغم من وجود باقي
أخواتها، وأبنائها لم تتعافي،ولم تنسى ألم فراق فاطمة أختها على الرغم من مرور الوقت.
تدمع عيونها كلما ذكرت إسمها ،يئن قلبها ،وتحطم آمالها ،اغرورقت عيونها بالدموع ،وامسكت الكراس والقلم وأخذت تسرد خواطرها .
دخل ابنها الصغير عائد من تدريب الكرة ،بنادي يا ماما أنت فين أنا عاوز اتعشى،خرجت من غرفتها
واتجهت إلي الحمام كي تغسل وجهها ومنه إلي المطبخ لوضع الطعام لصغيرها ، وضعت له الطعام وجلست بجوار تنظر إليه وتذكرت عندما كانت بالمزرعه عند اختها حيث كانت تجلس فوق سطح المزرعه في الصباح الباكر تنظر الى هؤلاء الناس الوافدون الى تلك الصوامع الكبيره والاخرون الذين يدخلون الى ذلك المصنع الكبير الذي لا تعلم ما هو هذا المصنع جلست على قومه من الاش ت تتطلع الى الطريق وهي تضع تلك السماعات الكبيرة في اذنها لا تسمع هذه الضوضاء التي تحدث حولها عند مرور السيارات او فوج العاملين بالمصنع وبيدها ذلك المسجل الصغير توصل به سماعاتها وتسمع القرآن الكريم الذي يخشع له قلبها فتحب سماعه دائما في الصباح  واذا بها تجد اختها تضع يدها على كتفها شعرت بالخوف وكادت أن تقف من مكانها ولكنها وجدت اختها فاطمة تقول انت ايه مصحيك بدري كده يا نعمة وطالعه على السطح تعملي ايه، خلعت تلك السماعات التي تصم أذنيها، عندما نظرت إلى أختها باسمة الثغر، وردت عليها: ـ قلتي ايه يافاطمة معلش السماعات كانت في وداني مش سمعتك، مش تزعلي اني اتخذت أول ما جيتي، كنت سرحانه في الناس
اللي دخله المكان الكبير ده  هو ايه ده يا بطة.
إشارات فاطمة إلى الصوامع التي اشارت لها نعمة كي تعرف ما هذا وقالت: ـ دي يا حبيبتي
مطحن لتخزين وطحن الغلال، ودي اسمها صوامع، فاكره ابوكي الله يرحمه  لما حكي لنا
عن الصوامع اللي سيدنا يوسف عملها أيام سنين العجاف لتخزين الغلة، هزت نعمة رأسها بالموافقة وأكملت فاطمة، دي تبقي زيها، يخزن فيها الغلة وبعدين يسحبوا منها
ويطحنه تتحول الى الدقيق، أما المكان التاني ده، فده اسمها تلاجة بطاطس.
التلاجة دي بتخزن البطاطس في فصل الشتاء
عشان نقدر نشتريها في الصيف وتكون موجوده طول السنة.
ابتسمت نعمة لها ومسكت يدها وقالت لها:
ـ وحياتي عندك والنبي يا فاطمة احكي لي عن عمتك دي، وليه مش بتيجي عندنا زي عمتي روحية الله يرحمها، وليه أنا مش عارفاها.
تنهدت فاطمة ونظرت إلى أختها وقالت:
ـ انت لسه صغيرة مش هتفهمي حاجه وحتي
لو فهمتي، صعب تقدري موقفها وموقف ابوكي وامك.
اصرت نعمة علي فاطمة  كي تفصح عن ماحدث بالماضي  وتنهدت فاطمة واعتدلت في جلستها وقالت: ـ أنا كنت في سنك كده أيامها عندي 14سنة وحسين كان لسه مطوع
في الجيش بعد الإعدادية.
وأنا كنت في تانية اعدادي  وفي يوم رجعت من عند ستك و ساعد أمك في شغل البيت.
لقيت حسين داخل البيت ووشه احمر وعيونه العسلي دي بطق شرار، كأن حد ميت له
لقيت ابويا داخل وراه وبيزعق وصوته عالي
كانت أول مرة أشوف ابويا بالعصبية دي،
وهو بيقول لاخوكي.
ـ اعمل حسابك أنت معنتش طالع السوق تلم بيض انا فكرتك اعقل من كده.
عيل ابن تدي له الفرصة يشتمك واتخـ.انق معاه حصلت، إيه وصلكوا تعملوا في بعض كده فهمني. وقتها وش حسين بقي يجيب الوان
ورد علي جدك بكل ادب بعد محاول يسيطر علي نفسه: ـ اولا مش أنا اللي بدأت المشكلة
هو اللي  بدأ، انا واقف فى امان الله  بالم البيض والبنات واقفين حوالي وبيضحكوا وب حاسبهم،  بصيت لقيته بيعاكس واحده من اللى واقفين معايا قلت له اخزى على دمك. ما رجعش بصيت لقيته بعد البنت ما حسبت ومشيت ،راح بيشدها من ذراعها وبيقول لها ما عنتش تروحي تبيعي له بيض ثاني وتعالي لي انا افضل .
كان واقف الحاج سيد قال له :ـ يا ابني اخذي على دمك وعيب اللي انت بتعمله ،لقيته قل ادبه على الراجل الكبير.
رحت باقول له:ـ انت بتعمل كده ليه يا اسماعيل عيب كده قال لي :ـياض امشي من هنا ياض معدش اللي حته عيل زيك يعلمني العيب،  رجعت قلت له ماشي  ياسيدي انا عيل صغير ، بس عيب اللي انت بتعمله ان انت تتهزق راجل كبير، وتمسك ذراع واحدة ست!
رد وزعق وقال لي انت مين يا ابو ش عشان تجي تحاسبني ، يلا ياض امشي من هنا  وراح ضربني في كتفي .
تضايق أنه زغدني قدام كل اللي بالسوق
قلت له :ـ لا انا هحاسبك وها حاسب عشره زيك، مش عشان أنا أصغر منك هتقل منك.
  رد بيقول لي :ـ انت مفكر يا ولد  إنك  بتهددني ب  الشغلانه الجديده اللي انت دخلتها امشي ياض من هنا، ده انت لسه عيل صغير ما تتنططش على اسيادك .
لقيت الحاج سيد بيقول لي:ـ  تعال يا ابني واقصر الشر معه ده عيل سو ووش سوابق
وانا طوعت عم سيد يا ابويا ومشيت معاه.لقيته وانا حاطط خرج البيض على العجلة جاي عايز يسحب قفص البيض يكسر، قمت راكن العجله وخبطته في وشه بالبو.نيه وسيبته ومشيت لسه هطلع من السوق ، لقيت اسماعيل جاي يجري ورايا وهو راكب على عجلته وقعد يشتم بألفاظ نابية ركنت العجلة على جنب وقلت له انت عايز مني ايه يا اسماعيل .قال لي:ـ عايز روحـ ك يا روح امك ، يابن … ال…و ال
متحملتش أنه يشتم أمي بالألفاظ الشينة دي
روحت ض.ربه وطح.نته ، والناس تدخلت
وفرقتنا عن بعض .
ابوكي قام وقف من على النبي، وقال له :ـ اجازتك هتخلص امتى؟
قال له حسين:ـ  انا مسافر بعد بكره يابا ايه زهقت من قعدتي في وسطكم،
رد جدك و قال له:ـ لا يا ابني ازاي يعني هزهق منك بس عشان عايز اعمل له قعده قبل ما انت تسافر وفعلا ابوكِ راح للناس من كبارات البلد والمنطقة، رد عليهم عمايل اسماعيل وجابر، لان جابر قبل كده تعرض لاخوك بسبب برده واحده بنت كان  عايز جابر يخطفها!؟.
واخوك وقف له وقتها، المهم ابوك عمل القاعدة مع الناس، وطلع الحق علي جابر وإسماعيل ،والقاعدة حكمت  بأن إسماعيل هيدفع 5000 جنيه رد اعتبار ،بعد ما ابوكي
جاب ناس من اللي كانت موجودة في السوق
شهدت إن إسماعيل اللي بدأ الغلط .
المهم سافر حسين وغاب يطلع شهرين ما نزلش اجازه،كان لسه متطوع جديد في الجيش وصعب ان هو ينزل اجازه الا كل فتره طويله،كانت في الايام دي حر*ب الاستنزاف والتدريبات  بتاعه الجيش، لحد ما في يوم ابوك امك أخذ عربيه مخصوص وامك عملت اكل كثير،وكنت انت لسه صغيره مولوده على يد امك ،اخذتك امك في العربيه مع ابوك والاكل ومعهم متولي كان لسه حوالي 10 سنين،وراحم لحسين زياره، وهناكحسين كان طاير بيهم وخصوصا أنت، بقي شايلك علي كتافه رايح جاي بين العساكر،يوزع عليهم أكل ،وفرحان ويلاعبك ،وبعد الزياره دي باسبوعين لقينا حسين نازل اجازه، كان عندنا تليفون ارضي اسمر اهل العزبه كلهم المنطقه اللي احنا ساكنين فيها، كانوا بيجي يتكلموا او يجي لهم تليفونات على الرقم بتاعنا كان رقمه 135 .شفتِ انا فاكراه ازاي يا نعمه.
لقينا تليفون جاي لي حسين وكانت عمتك عندنا قبلها ب 3 ايام، وعرفت ان امك وابوك راحوا زيارة لحسين في الكتيبة، وحلفت امك ان اول ما حسين يوصل تبعثه لها لانه وحشها، حسين كان جميل يانعمة في كل حاجه، تعرفي عيونه كانت جميله كان لونها بلون العسل الصافي ووشه بشوش بدر منور وقلبه ابيض من اللبن الحليب .
ابتسمت لها نعمة واشارت علي وجه فاطمة الذي اغرقته دموع فاطمة وقالت :ـ لزمتها ايه الدموع دي يا نكدية ، واشارت بيدها علامة لفاطمة وهي تقول لها كملي يا نكدية كملي
تنهدت فاطمة  ومسحت دموعها وقالت :
ـ وحسين وصل وجه الاجازة، وطبعا امك رحبت به بالبطه المعتبره والمحشي المضبوط كانها كانت بتزغطه وكان كل ما حسين يجي عايز يمشي يروح لعمتك، كانت امك تحوشه ومش عايزاه يقوم من جنبها ولا يمشي ولا يطلع ولا يروح ولا يجي، المهم راح لخالاتك وجه على امك خلصت المحشي وقعد اتغدى وقال:ـ لا انا هاروح اصلي العصر في الجامع اللي عند بيت عمتي وبص عليها وعلى عيالها واجي، اخوك مشي من هنا وراح صلى العصر في الجامع اللي عند بيت عمتك، وهو خارج من الجامع ويا دوب لبس جزمته، لقى اسماعيل في وشه!!؟ لسه حسين هيتكلم لقى اسماعيل غرز المط*واه في صدره وجري، حسين راح على بيت اخت امراه عمك عشان تسقيه بق ميه قفلت الباب في وشه، خافت منهم علي عيالها، ومن عيلتهم الظ*لمه، عالم مفتر*ية، الاسعاف جاء وشالوا حسين يوديه المستشفى، كان ما*ت عند كوبري الهندسه بتاعه الري، خرج حسين من البيت على رجليه، رجع متكـ فن في الكـ فن!؟ واتدفن تحت التراب ما رجعش على البيت.
لم تتاح أمامنا فرص فعل ما نحبه كثيرا في حياتنا
ولكن ما أكثر الأمور التي فرضت علينا
فكنا لا نملك فيها سوي الإختيار ، فضاعت منا الأعمار .
فلم نفعلها ولن نعيشها ،،،،،
فنحن الاحياء الام.وات، ونحن القلوب
الصماء، ان غدا لناظره قريب
                           "يتبع "
#فاطمة
#نعمةشرابي
#قيثارةالسماء
   

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 04, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

«فاطمة» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن