بذلة سودَاء مُهندمة مَوضوعَة على ذلك السَّرير و بجانبهَا سَاعة فَضية، حذاء أسود جلدى مَوضوع أرضاً بينمَا تنبعث رائحة رجولية صارخة فِى تلكَ الحْجرة.إنه يَوم غَريب و للغاية فهو يشعر بالرَّاحة و هذا غير إعتيادى بالنِّسبة له، انتشل ذلك القمْيص الأسود ليرتديه مُغطياً صدره العْارى و من ثَم بدأ فى إكمال إرتدائه لملابسه.
كُوب قَهوة ورقِى يُلقى فى تلك السَّلة بمجرد دخوله لمكَان عمله؛ كان غريباً اليَّوم فلقد كان متطلعاً لرؤية إيڤريا و لأكن أكثر دقة كان مُتطلعاً لكشف حقيقتهَا.
أخبر إيثان أن يجعلهَا تتجه لمكتبه عندمَا تأتى لتمر دقائق و يدق باب المْكتب ' بالتَّأكيد هذا ليس إيثان.
لقد كانت هى ترتدى بذله نسائيه ذات لون رمَادى." رُبما لم نتعرف بشكلٍ جيد ليلة أمس "
ضيقت عينيهَا تجاهه ليلاحظ ذلك فيردف مُكملاً حديثه " لست ممن يحبون المماطلة؛ إننى فضولى نحو كتابك ليس إلا "." كذلك الأمر معى؛ قرأت قصائدك العْشقية الست و عندما رأيتك للوهلة الأولى لم أصدق أنك الكْاتب ".
شبك أركون أصابع يديه سوياً ليتمتم بكلمات مسمُوعه " و لكننى أصدق أنكِ الكْاتبة لذلك الكْتاب ".
هى تعلم أنه يعلم أنها الكْاتبة، هى أيضاً تعلم أنه الكْاتب للقصائد الست العْشقية و لكن فقط أرادت استفزازه كما فعل معها أمس و على ما يبدو لم تنجح فى ذلك.
كَانت تَشعر بالحْيرة الشَّديدة بدَاخلهَا فلما هو فضولى تجَاه كتَابهَا المْأسوى؛ هل لأنه عاش شعوراً مُشابه ؟ أم إنه إشفاق منه فقط؟ مَا الذِّى يجول فى عَقل ذلك الشَّاب؟
" إذاً مَقهى الكْتب الأسود، الطْاولة الثَّانية عَشر السَّاعة الخْامسة ".
ليس مَوعد غرامى إنما موعد لكشف بعض المْعلومات المْثيرة فى رأى أركون.
هو لا يُبالغ فى فضوله، هو فقط يُريد أن يعلم مَا الذِّى يجعل فتاة كتلك تكتب كتاباً مأسوياً! بالتَّأكِيد العْشق و لكن مَا الذِّى مَرت به لينتهى بهَا الأمر هُنا.
إنهَا تُشبهه و هو يكره ذلك، يكره فكرة وُجود شخص يُشاركه نفس الشُّعور، يكره أن يرَى أحدهم يتألم بسبب العْشق كما حدث معه، يكره كُل ذلك لدرجة أنه بات يشعر بعدم الأمان و عدم الثقة فِى كُل من هم حوله.
« لقد جعلتنى أكره ذَاتِى، جعلتنى أؤمن أننى لا أستحق الحْب رُغم أننى الأصدق فِى شُعورى، جعلتنى أبكى فى زاوية حجرتِى لكى لا يسمع أحدهم صوت بُكائى لقد صَرخت بِحرقة بسبب تكذيبكَ لِى رغم كونك تعلم أننى أصدق منكَ فِى كُل شىء، أود تبديل جلدى الذِّى كان يُعجبك لونه و أتوق بشده لاقتلاع حنجرتى فأفقد صوتِى الهادئ الذي كان يُشعرك بالأمان ... »
أن تَصل لمرحلة الكره للذَات أمر مؤلم كسلخ جلد أحدهم حياً، أن لا تَعد كمَا كُنت على سجيتك، أن تَكره كُل تلكَ الأْشيَاء التِّى كُنت تُحبهَا، أن تَشعر بالألم عندمَا تتذكر مَا كُنت تفعل فَتدمع عينيك حُزناً على ذاتَك التِّى أهملتهَا بل كرهتهَا فأهملتهَا.
كَان ينظُر فِى سَاعته كُل فترة و أخرى دليلاً على رَغبته الجْامحة فِى الالتقاء بهَا ليعرف مَا هو خلفهَا، هو خائف أن تُحبط مَسعَاه و لا تُخبره شيئاً فهى على مَا يبدُو شَخصٌ كَتوم و ذلكَ وَاضح جداً.
***
المْوعِد المْنتظر ...
كَشخصان يُقدرَان الوْقت، مُلتزمَان بالمْواعيد لقد تقَابلا أمَام باب المْقهى و ذلك كَان مُفاجِىء لكلَاهُمَا، اتسعت عينا أركون لرؤيتهَا بينمَا هى ابتسمت لكونهَا ليست الوْحيدة التِّى تلتزم بموَاعيدهَا، أغمضت عينيهَا و هزَّت رأسهَا يميناً و يساراً لينعَقد حَاجبي أركُون، أشَار لهَا بالدُّخُول قبله ففعلت ليدلف بعدهَا.
كان طلبهما قهوة و ذلكَ متوقع؛ فأركون قهوته كالمعتَاد أما هى فقد طلبت قهوة فرنسية.
مَازَال حاجبيه مُنعقدان لتقل " لقد أخبرنِي أحدهم أننا فى زمن السُّرعة، و أن احترام المْواعيد ليس وَاجباً " أخذت نفساً عميقاً لتُكمل " أخبرني بأننى سأعانى بسبب بَعض طِبَاعِي ".
قامت النَّادلة بوضع كوبى القهوة لتبتسم إيڤريا فى وجههَا علامةً على الشُّكر.
كَانَا يرتشفان القهوة و لم يلفظ أحدهم حرفاً وَاحداً لكسر حَاجب الصَّمت، دقائق كثيرة مرت لتُبادر هى " ظننت أنك فضولى حول الكْتاب و لكنك لم تتحدث بشىء ! "
نظر أركون إليهَا ليقل بهدوء " أردت أن أُعطيكِ المْساحة الكْافية، فِى النهاية لن أجبرك ".
كَان ذلكَ تَصرفاً نبيلاً منه، لقد أحبت ذلك و لكنهَا للتو أدركت أنه مُتقلب المْزاج بطريقة مُريبة فقالت بعد تفكير " لنعقد اتفاق ".
نظر إليهَا ليحثهَا على إكمال حديثهَا " كُل مَعلومة تعرفهَا مِنى سآخذ مُقابلاً لهَا ".
ابتسم هو جراء ذلك و من ثم حك أرنبة أنفه ليقل " اتفقنا ".
• • •
اذكروا الله 💫
أنت تقرأ
Liefdesverdriet II. LOVE POEMS.
Romanceعندمَا يَصل حُبك لأعلى منازل الحْب، عندمَا تَفقد الشُّعُور بذاتك فِى وجُود من تُحب؛ رَعشة يَدٍ و قلب يخفق بِقوة صَارخاً إننى أهيم بِك، عقلٌ لا يُفكر سوى فِى مَحبوبك و الابتسامه تُرسم بمجرد أن تَلمحه بعينك و لكن رُغم كُل ذلك تكتم بداخلك لأنك لا تستطع...