«قُل لليل أن يذهب فالحُزن سيطر على الفؤاد، وملئ صدري بألام، قُل للدمع أن تكُفّ عن السقوط؛ فمع كل دمعة على صدغي ينكوي القلب جمرًا، أهٍ عليّ وأهٍ على القلب وأهٍ على بؤسي، قالو عنّي سمراء وبأعين وسعاء وأنا يتيمة الفؤاد. قالو عنّي مبتورة الذراع وأنا معهم يا أبتاه فأنا مبتورة الذراع ولست مبتورة الألام. وليتني مُت مع أبي أرحم من عجزي على كرسي، أناملي تكتب وصدري يبكي، أناملي تُزين السطور وقلبي يئن من ألم جاثم عليه.
وداعًا ياقلب مليئ بالجروح»
"دعاء ياسر"أشرقت السماء بنور ربها مع قليل من الأمطار
التي تسقط على العُشب وعلى الأشجار الخضراء مع مُداعبة الرياح لهم، وتطايُر الأوراق الساقطة بالسماء مُشكلة حلقة حلزونية تسُرّ الناظر إليها"
الساعة دقّت السادسة صباحًا في التلفاز ليعلو بعدها صوت القرأن الكريم على إحدىٰ القنوات التلفزيونية مع رائحة الفطور المصريّ الخارج من غُرفة المطبخ الذي تُعدُّه السيدة "آمنة" حتى يتناوله زوجُها وابنتها "غادة" قبل ذهاب الأول للعمل والثانية للمدرسة.
داخِل غُرفتها تقف تعدل الزيّ الخاص بالمدرسة وعقدة كُمّها الفارغ مكان ذراعها، نظرت له قليلاً بحزن إندمج معه الدموع تتدفق داخل مقلتيها ، نفت برأسها سريعًا مع مسحها لدموعها ثم تأكدت من وضع ثيابها ثم خرجت للخارج مُتجهة للمطبخ.
رأت والدتها تُحضر الطعام للتجه لها راسمة بسمة صغيرة على ثُغرها:
"صباح الخير أمي"
تركت مابيدها مُتجهة لها تضُمها لأحضانها مُقبّلة جبينها:
"صباح الياسمين على لؤلؤة عيني"
لتُقبّل يد والدتها بإبتسامة ثم توجّهت للطاولة التي تقع في المطبخ جالسة عليها حتىٰ تفطِر قبل ذاهبها لمدرستها الجديدة، انتهت والدتها من الطعام مع رصها له على الطاولة متشدّقة بحنان أموي:
"سأذهب لأُنادي على والدك"
أومئت لها وهي تشغل وقتها بالهاتف على أحد تطبيقات التواصل الإجتماعي مُتنهدة بقوة تستعدّ على المعركة الجديدة التي ستخوضها بمنظورها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت تُشاهد قطرات الأمطار التي بدأت تقِلّ بحنين واضح في عينها تتمنّىٰ لو كانت والدتها مازالت على قيد الحياة، كانت ستكون الأن داخِل المطبخ تعُدّ الفطائر الساخنة مع وجبة الإفطار. التفكير في هذا جعل قلبها ينبض بسعادة لتبتسم قائلة تُحدّث نفسها:
"أُحبك أُمي حتى لو لم أراكِ وأشتاقُ لكِ عزيزتي"
انتهت من حديث النفس مُتجهة للخارج فتتّسع عيناها مع فتحها لفمّها بشكل مُضحك، رأت أخيها يجلس على أحد المقاعد رافع أكمام القميص الذي يرتديه وأمامه طبق مليئ بالعجين حتىٰ يصنع الفطائر لشقيقته وهو يُدندن:
"ياشهاب ياكذّاب تستاهل أكل الذائاب، ياشهاب ياكذّاب تستاهل أكل الذائاب"
جعل ضحكاتها تصدح بالمنزل بسبب رؤيته لمنظره ودندنته التي لا يحفظ غيرها، انتبهَ لها وهي تُكركر بقوة عليه جعلت ابتسامته تتسع بقوة حتى لو كان هو السبب:
"أتمنى أن أراكِ دائمًا تضحكين حتى لو كان هذا على حساب حياتي"
صمتت بعدما سمعِت حديثه لتبتسم له مُتجهة تُقبّل وجنتيه:
"أدامك الله لي"
نظرَ لها بحب ثم بدأ يعمل بما يقع أمامه، رأته يُحاول أنْ يصنع هذا العجين فرأت تكوريته له لتقُل بتعجب:
"ماذا تفعل أنس"
ردّ عليها وهو منشغل بما في يده:
"أصنع الفطائر لكِ حبيبتي"
نبرته الحنونة وتدليله جعلت الدموع تدفق في عينها ناظرة له بتأثر:
"أنا أُحبك أخي"
ترك بما في يده متشدّقً بحنان:
"وأنا أيضًا عزيزتي.. وأفخر بأنكِ شقيقتي"
حملت عينها نظرة إمتنان له لحديثُه الذي جعلها تُحلّق في السماء، قطع تأملها بنبرة حنونة:
"اذهبي كي تستعدّي للمدرسة سأكون أنا حضرت الفطور"
أومئت له بقوة ثم نهضت تستعدّ ولكن منعها صوته يقول بلهجة تخلّلها الأمر :
"ندى.. ستذهبين لمدرسة جديدة وإذا أزعجك أيُّ شخص أيُّ شخص ندى أخبريني"
استنشقت الهواء ثم زفرته بقوة.. فأومئت له بقوة، ليُشير لها بأن تذهب مُكملًا هو صُنْع الفطائر التي جعلها كمن عنده عاهة مُستديمة:
"لماذا صارت مُعوقة هكذا"
حرك رأسه يمينًا ويسارًا وهو يقول بحزن:
"لم يعد لدى أحد ضمير، أعطاني الرجل طحين فاسد وهذه النتيجة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يربُط رباط حذاء شقيقه "يوسف" بحنان ثم نهِض مُقبّلا جبينه فطالعه الأخر بحُب على فعلته نابسًا:
"شكرًا حسن"
قرص وجنته بضحكة:
"على ماذا يا أبله"
ثم نظر حوله بتعجب من عدم ظهور "عمر" حتى الأن، فوجها حديثه لـ "يوسف":
" ألم ترىٰ عمر؟ "
نظر له بحيرة مُتذكرًا آخر شيء:
"لقد رأيته يدخل المرحاض"
قطع جبينه بإستغراب تملّكه وهو ينظُر لساعته :
"كل هذا الوقت"
رفع له كتفيه وهو زامم شفتيه بعدم معرفته، فاتجها "حسن" للمرحاض يترك عليه فلم يجد أيّ صوت فكرر فعلته مع قدوم "يوسف" له وهو يُحرك الكرسيّ قائلاً:
"ألم يُجيب"
نظر له بخوف أن يكون حصل له شيء نافيّا برأسه:
"لا لم يصدر أي صوت"
ليتملُك الخوف منه هو الأخر فحاول "حسن" فتح الباب فنفتح معه، فرأو شقيقهم نائم في البانيو بطريقة عشوائية.. رأسه أرضًا وقدميْه على حافّته فأسرع له "حسن" حتى يطمئن عليه.
قال بخوف أن يكون صابه شيء:
"عمر يا فتىٰ مابِك عمر"
هزه بخوف مع حديثه فتملّك الرُعب منهم وخاصةً "يوسف" الذي شعر بألم بدأ ينْخُر في قلبه من فكرة خسرانه لتوأمه، أتت والدتهم السيدة "نهال" لهم دبّ الرُعب أوصالها عندما رأت "حسن يُحاول إيقاظ" عمر" و "يوسف" على عاتبة الباب دموع تتعلق بأهدابه:
"مالامر حسن مابه أخيك"
ردّ عليها بخوف:
"لا أعلم أُمي لقد تأخر في الداخل وعندما فتحنا الباب رأيناه هكذا"
اتجهت له بجسد يرتجف وهي تُحاول إيقاظه:
"عمر حبيبي استيقظ لا تجعل قلبي يتألم عليكَ يا عزيزي.. عمر"
نزلت دموعها عليه مع حديثها الذي يدُّل على أنّها ليست قادرة على الفقدان بعد الأن، تقلّب هو وهو يُتمتم بإنزعاج:
"اتركني حسن هناك شطيرة لم أكلها بعد"
تشنّج "حسن" عندما سمع هلوسته ونظر له يوسف بأعين واسعة وهو ظنّ أنّه فقد توأمه!
ووالدته التي تيبّست دموعها على وجنتيها لتزفر بقوة وهي تركُل قدمه بقوة وهي تصرخ:
"أفِق يا بلوة نحن هنا نموت رعبًا عليك وأنتَ حزين من أجل شطيرة لم تأكلها"
ردّ عليها "حسن" بتهكم:
"يبدو أنّي السيء الذي يحرمه من شطيرته الحبيبة"
ثم ركله في قدمه وهو يخرج للخارج بغضب، فكرة أنه سيخسر أحد منهما تجعله يجن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقف مع أبيها "خالد" بعدما أوصلها للمدرسة قائلاً بحب لها:
"هيّا غادة اذهبي للداخل عزيزتي وأريهم من تكون حبيبةُ أبيها"
أومئت له بلامبالاة ثم دخلت للمدرسة فرأت ما جعل عيناها تتوسّع، فِناء المدرسة بهيج بعُشبه الأخضر والشجر الأخضر الذي يُزيّن حصونه والأزهار البديعة التي يتأرجح لونُها ما بين الأحمر والأبيض والوردي مع لون بِناء المدرسة الأبيض مع اللون البرتقاليّ الفاتح ولوحة مكتوب عليها بخط عريض «مدرسة للقمة».
دلّها أحد العاملين لِـحُجرة المدير حتىٰ يراها ولم يخفىٰ عليها نظرات الشفقة التي طالعها بها، وقفت أمام باب غرفة المدير مع أخذها لشهيق وزفره بقوة ثم دقت الباب بخوفت فسمعت صوتًا يأذن لها بالدخول، فدخلت وهي تبتلع ريقها ناظرة للمدير الجالس على كرسيه وجه بشوش طالعها به وإبتسامة حنونة شملتها كان الشيب تملّك منه فهُناك خصلات شعره امتزجت من الأبيض والأسود فرأت اسمه على لوحة قابعة أمامه " محمد إبراهيم "
حدّثها ببسمة:
"تفضلي يا ابنتي، أظن أنكِ غادة"
أومئت له وهي تدلف للداخل فرأت فتاة تقف بتوتر تفرق يدها تمتلك بشرة سمراء مع بعض البثور وجسد بدين بعض الشيء وماكانت سِوىٰ "ندى"
تقابلت أعينهم قليلاً فتوترت "ندى" فشاحت بنظرها بعيدًا وهي تستمع للمدير"محمد"
"هذه ندى ياغادة جديدة مثلك، وهذه غادة ياندى جديدة مثلك"
ابتسما له مع نهوضه من على كرسيه وهو يقول:
"هيّا بنا سنذهب للفصل"
سارو خلفه وهم ينظرون لبعضهم بعضًا لم تحاول "ندى" أن تنظر لها بشفقة حتىٰ لا تنزعج فهي تعلم أنها ستشعر بالنقص كما فعل المدير وفعلتهم تلك جعلو غادة سعيدة لأنها لم ترىٰ لأول مرة نظرة الشفقة من أحد.
وصلوا للصف الذي سيكونون فيه فدلف المدير وهو يلقي السلام على الطلبة مع وقوفهم له بإحترام.
فتحدّث ببسمة كعادته:
"أهلا أبنائي الأعزائي، لقد أتىٰ اليوم طالبتين فأتمنىٰ أنْ تكونو خير عونٍ لهم"
شملتهم نظرات الحاضرين حتىٰ "يوسف" و"عمر" الذي أتى بعدما تلقّى وصلة من التأديب له، نظر "يوسف"لـ" غادة" بشفقة فهو يشعر بها فهو عندما أتىٰ هنا لأول مرة نفس النظرات تتكرّر.
قطع المدير لحظة تأمل الطلبة للفتاتين مُشيرًا على غادة وندى:
"هذه غادة خالد ستكون معكم هنا ومعها ندى مصطفى"
ثم نظر لهم قائلاً:
"أتمنىٰ لكم عامًا طيبًا"
أومئو له بشكرٍ فانصرفَ وهو ينظُر للطلبة ثم توجّها للخارج، اتجهت "ندى" لأخر الصف الذي على اليسار تجلس بأخر مكان فهي لا تحب أن تكون كل الأنظار حولها، فالتفتت "غادة" يمينًا ويسارًا حتى تجلس بمكان، فرأت نظرات الفتيات لها فابتلعت ريقها الذي جفّ فما رأت خيار سِوى جوار" ندى" فاتجهت جالسة جوارها ثم نظرت لها فقابلتها الأخرى بتوتر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعدما جلست "ندى" و"غادة" نظر "طارق" لـ صديقه "هادي" متشدّقًا بسخرية:
"انظر يا هادي متىٰ أصبحت مدرستنا ملجأ للعاجزة ومبتورين الأعضاء"
كركر صديقه على حديثه يظن أنّه ألقى "دعابة" أم يظن أنّه خفيفُ الظل، سمعه "ياسين" الجالس خلفهم ليربط على كتِف" طارق" التفتَ له بإستفسار.
ليقُل" ياسين "بنبرة جادة:
" كما أصبحت ملجأً للحمار الوحشيّ مثلكم "
علامات الغضب ظهرت على وجهيّ "طارق" و"هادي" أتو أنْ يُجيبوه ولكن تحذير الأستاذ لهم صمتو ونظرو أمامهم بغضب من تطاوله عليهم.
لكزه رفيقه الجالس جواره في كتِفه بنبرة ضاحكة:
"أين الجبهة لا أراها"
نظر له وهو يعدل ثيابه بوهمية:
"وأنا أيّ شخص"
ليومئ له بإقرار:
"صحيح والدك ظابط في مركز الشرطة ووالدتك طبيبة جراحية ماهرة فأنتَ لستَ أيُّ شخص"
ختم حديثه بغمزة له، جعل الأخر نظر له بإحباط ثم زفر بقوة وهو يُحادث نفسه بتهكم:
"أجل صحيح ياليتك تعلم الظابط والطبيبة"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنتهىٰ الأستاذ من الدرس فانصرف خارجًا وهو يأمرهم ببعض الأشياء يفعلوها وأول ما ذهب نظرت فتاة بشرتها بيضاء وعيناها بنية تلمع بقوة وتُدعىٰ "رهف" لِصديقتها "دنيا" التي تتميز بعينين زرقاوتين ورثتهم من جدتها:
"هيّا دنيا يجب أن نضع الختم"
أومئت لها بقوة ثم نظرت الجالسة جوارهم:
"هيّا ريم أتي لنا بالطعام حتىٰ ننتهي"
أومئت التي تُدعىٰ "ريم" وهي تذهب كي تأتي بما طلبته، نظرت لـِ "ندى" و"غادة" ثم ذهبت.
توجّهت الفتاتين لِـ "ندى" و" غادة" التي تضع رأسها على الطاولة من أمام وهي مُغمضة عيناها رأهم "عمر" وهم يتجهون لـهم فمالَ على أخيه متشدّقًا:
"ريّا وسكينة ذاهبان للفتاتين الجُداد"
نظر له "يوسف" ثم نظر لـ "رهف" و"دنيا" بسخرية مع تزامن وقوفهم أمام "غادة" التي كانت على الحرف، فضربت "رهف" بيدها على الديسك من الأمام جعلت الفصل يتوقف عن الحديث، وينصتو للفقرة المُعتادة، فارتجفت "ندى" أثر هذه الضربة وكادت" غادة" تقع من وهل الصدمة فطالعتهم "دنيا" بسماجة قائلة:
"مرحبًا بكم أعرفكم بنفسنا"
صمتت حتى تكمل" رهف" متشدقة بتعالي:
"أنا رهف وهذه دنيا ونحن رؤساء الفصل هنا والمسؤلون عن كل شيء"
نظرت لهم" غادة" بتشنج وكادت أن ترُدّ لولا صوت ياسين الذي تحدث بسخرية:
"تتحدثين وكأنكم رؤساء دولة"
نظرت له دنيا بإستهجان:
"لمْ نتحدث معكَ فلا تتدخل في أمور الفتيات"
قالت الأخيرة بسماجة جعلته ينظر حولهم وهو يضع إصبع السبابة على ذقنه وهو يفكر ثم قال فجأة:
"ولكن أنا لا أرى فتيات سوىٰ ندى وغادة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك بداية لكل شيء بداية للحُب لليأس بداية لِـ "أنحن بائسون.
♡دعاء ياسر♡
دمتم سالمين يا" سكاكري"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ياسين ظهر فاكرينه الـ كان مامته وباباه بيقررو يدخل طب ولا شرطة افتكرتوه😉😂
طبعا عايزة أعرف رأيكم في الشخصيات والسرد
♡دعاء ياسر♡
أنت تقرأ
نوڤيلا "لا نرى" (مكتملة)
Romance_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن بينهم. "أنحن بائسون!" "سأغلق نافذتي فالضياء يعكّر ظلمتي الباردة سأسدل هذا الستار السميك على صفحة ا...