الفصل الثامن والأخير "لا بؤس"

323 54 30
                                    


أعتذر عن تأخير الفصل أخذ مني بعضًا من الوقت، وبعتذر عن الأخطاء الاملائية لم أُراجع الفصل.

"صلوا على رسول الله "
..................................................
«وبعض الأحلام تكمُن في القلب لِتدفق داخلنا گي نجعلُها حقيقة»
..............................................................................
دَلفت "ريم" للداخل مُغلقة الباب خلفها، فرأت والدها ووالدتها يجلسون على الأريكة ويحتسون "الشاي" بينما شقيقتها "هالة" تجلس على الطاولة تُمسك كتابًا تقرأه.
انتبها والدها لها فابتسم وهو يقول:
"مرحبًا حبيبتي كنت أنتظرك حتى نذهب ونأتي لكِ الثياب"
تحركت لهم بخطوات ثقيلة محمولة بالقنوط من نفسها، بينما والدتها لوت فمها بسخط على تدليل زوجها لها فهو الذي أوصلها لكل هذا.
توقفت أمامهم وتضع رأسها أرضًا، فتعجبت "هالة" فأول مرة ترىٰ شقيقتها تقف هكذا أما والديْها وتوقفت تنظر بترقب لهم، ولم يختلف حال والديْها كثيرًا ولكن انزرع القلق بقلوبهم عندما رفعت رأسها وظهر غِشاء من الدموع المختفي في مقلتيها ومالبست إلا وهو سقط على صدغها، فهبّت السيد "  شيرين    " فزعًا خوفًا على ابنتها فاخطتفتها داخل حضنها ونبرة قلقة:
"مابكِ حبيبتي مالأمر لما تبكين هل فعل لكِ أحد شيء؟"
لم تُجاوب على أسئلتها وزاد بكائها فعلت شهقاتها وهي ترىٰ خوف والدتها عليها، اقترب أبيها وهو يربط على رأسها بحنان وخوف:
" مابكِ حبيبتي هل فعل لكِ أحد شيئًا؟ "
خرجت من عناق والدتها مُعلقة عيناها على والدها فسقطت دموعها أكثر وارتمت داخل أحضانه.
فتلقَّاها والدها بخوف، فوجدها تتحدث بسخط من نفسها وندم يأكل قلبها:
"سامحني أبي سامحيني أمي، كنت فظة معكم أرجوكم سامحوني أسفة أبي أرجوكم لن أرفع صوتي أنا أحبكم أقسم بهذا، سأسمع حديثكم أقسم لكم"
ألقت ما في جوفها من حديث عشوائي، فربط أبيها على رأسها بعد ما فطن ما بها، فنبس بحنان:
"لا بأس حبيبتي لا بأس أعلم أن لكِ قلبًا مليئ بالحنان والحب، ونحن أيضًا نحبك عزيزتي"
رفعت وجهها له فرأت بأعينهم حنان يشع منهم.
اقتربت والدتها منها وهي تنبس بنبرة شبة باكية وحنونة:
"لا عليكِ ياصغيرتي نحن نحبك حبيبتي فلا تبتأسي" أومئت لها وهي ترمي نفسها داخل حضنها، فشدت عليها والدتها كأنها تُدخلها داخل صدرها ها هي فلذة كبدها هاهي من حملتها في رحمها تسعة أشهر.
شعرت "ريم" بالحنان داخل عناق والدتها ودفئ لا مثيل له وجال في عقلها "ندى" في هذه اللحظة كان الله في عونها فأمها هاهي معها وداخل عناقها ولم تشبع فمابال التي لم تراها!
بعدت عن والدتها وهي تمسح عيناها بِكُم ذراعها وهي تنبس بحماس:
"تعلمون مدرستنا تعمل شيء يسمى" هدنة" للصف الثالث الثانوي تتكون من مرحلتين مرحلة الرسالة وانتهينا منها ومرحلة المواهب، وقد أخبرنا السيد أحمد أن ندعو أسرتنا غدًا حتى يتشاركو معانا غدًا فهو سيفعل حفلة وفقرات الحفلة هي المرحلة الثانية من "الهدنة" وأنا لدي فريق فهل ستأتم؟ "
ابتسم أبيها لحماسها وهو يحرك رأسه:
"طبعًا سنأتي وأثق بكِ وفخور بكِ عزيزتي"
أومئت له بحماس وهي تسقف بيدها:
"يعيش بابا، إذًا سنتجمع أنا وأصدقائي في الفريق على النيل حتى نرتب للغد فهل تسمح لي؟"
قهقه على حماسها فأومئ لها برأسه:
"سأوصلك بنفسي لهم"
قبلت وجنته ثم والدتها ودخلت غرفتها وهي تمتم:
"إذًا سأجهز"
انسحبت من أمامهم للداخل وهي تحمد الله، ودلفت خلفها "هالة" حتى تعلم مالذي غيرها.
تنهدت السيدة "   شيرين    "بدموع  فضم زوجها كتِفها مُقبلاً جبينها، فسندت هي برأسه عليه وهي تدعوا لطفلتها:
" اللهم ارزقها كل ما تتمناه "
.....................................
كان "يوسف" يجلس على الأريكة بعد ماسعده "حسن"  و"عمر" وكانت والدته تجلس جواره، وجوارها يجلس "عمر" فكانت في المنتصف بينهم تضمهم بعد ما أتوا من المدرسة يتعلَّقون بها ويبكون گالرُضَّع وهي تُهدهدهم بحنان وبعدها ضمهم "حسن" وهو يمسح على روؤسهم گالقطط.
وها هم يجلسون مُشاهدة أحد الأفلام جوار بعضهم بعضًا، كان يجلس "حسن" جوار "عمر" الذي نهض بتكاسل:
"سأتي بشيء لأكله"
ثم ذهب من أمامهم دون أن يسمع هل يريد أحد شيء.
التفتت السيدة "   نهال    "لنجلها" يوسف" وتسأله للمرة الألف:
"هل أنت بخير؟"
ابتسم "يوسف" بيأس من والدته:
"أجل أمي للمرة الألف أنا بخير"
قبَّلته بحب ومسحت على خصلاته، فتحدث "حسن" بسخط:
"أشعر أني لست ولدك"
ثم تابع بتذمر بعدما رأ إستنكار والدته:
"أنتِ لم تُعانقني ولم تربطي على رأسي"
ابتسمت بحب له وهي تأخذه في حضنه فتشبَّث بها، فنبست هي بحنان:
"أنتَ البكري ياحبيب قلبي أنتم الثلاثة عندي واحد ياعزيزي هل فهمت"
أومئ لها وهي يدفث نفسه داخلها أكثر فحنانها جعل قلبه ينتعش ورائحة الأمومة التي تفوح منها گرائحة الياسمين.
ابتسم "يوسف" بسعادة عليهم ولقد تغيرت نظرته في الحياة عن الأول بقليل، أتىٰ "عمر" من الداخل وهو يحمل طبقًا مليئ بحبات الفرالولة جالسًا جوار "حسن" دون اكتراث لشيء كل ما يُفكر فيه هو إفتراس حبات الفروالة هذه.
تعلقت أعين الجميع به وهو يفترس الفرالة بنهم وعينه على التلفاز، عضَّ "حسن" شفتيه بتفكير ثم مد يده لأخذ واحدة، فضربه "عمر" على ظهر يده وهو يزجره بغضب:
"إبتعد عن صغاري يا أحمق"
قهقه كل من والدته و"يوسف"على رد فعله وهم يعلمون أنه سينشب شجار گكل مرة، ولكن ما لفت انتباههم ركض "عمر" يدلف غرفته بعد ما رأىٰ نظرات التوعد في عيني شقيقه فركض لغرفته وهو يقول:
"لن أسمح أحد بأخذ صغاري"
...................................................
گانت تجلس "غادة" على الطاولة التي داخل المطبخ هي ووالدها السيد "خالد"
ووالدتها السيدة "أمنة" تخطوا هنا وهناك تُحضر لهم أشهى المأكولات، بينما تتجاذب هي ووالدها الحديث ببسمة وتشعر بالرضا داخلها وتحمد الله على كل شيء.
استأذنت من والدها بالذهاب الغرفة لتأتي بشيء حتى تجهز والدتها الطعام.
دخلت غرفتها واقفة في النافذة تستمتع بالهواء الطلق الذي لحف وجهها بإبتسامة عَذبة، أخذت نفسًا وهي تُغمض عينها ثم أخرجته بشجن وتفتح عيناها بتروي ناظرة للسماء الصافية گصفاء قلبها الأن.
لفت نظرها دفترها فذهبت له تفتحه بتفصح فگم هي تعشق الشعر وإذا رأت قصيدة نالت إعجابها تكتُبها فيه، فوقعت عيناها على صفحة تحمل قصيدة مزخرفة بكلمات من ذهب:
«طفل كالورد في يوم
مع والده في البستانِ
سمعا صوتا ما أقبحه
قد أفزع سمع الآذانِ
فقال الطفل في هلعٍ
من يرمي طلق النيرانِ
رد أبوه: ذا صهيون
تدعمه بعض الجرذانِ
فقال الطفل بصوت خافت
لم نحن نُقَتَّلُ ونعاني
لم لا أرى أحدا ينصرنا
أين يا أبتي إخواني
أين المسلمون أين العرب
ألم يروا ضعفي وهواني
فإذا  بأبيه  يعانقه
والمُقَلُ أغرقت العينانِ
ويقول ما نعاني ليس هباءً
بل يثقلِ حسنات الميزان ِ
والله تعالى ناصرنا
وكفى به خير الاعوان
والقدس حتما سَتُحَرَّرْ
وسَيُمْحَقُ كيد العدوانِ
وأما سؤالك عن إخوانك
فهم في لُجَجِ الطغيانِ
ولا عجب عليهم يا ولدي
فقد وَلَّى رجال الزمانِ»
قرأت القصيدة بتمهل  وما انتهت حتى رأت اسم كاتبتهاالشاعرة "بسملة صبري"
أخذت شهيقًا ثم زفرته بمهل وبدأت تتصف الدفتر بحماس وهي تقرأ القصائد.
.................................................
كان يقف أمام والده "محمود" بصمت ويضع رأسه أرضًا والدموع تسقُط من عينه گأمطار الشتاء الباردة يرتجف قلبه يُريد أن يضمه أبيه لو لمرة واحدة مرة واحدة وسيكون اكتفى من هذه الحياة!
أبيه ووالدته وجدته يقفون گمن يقف عليه الطيرأمامه فهم مندهشون من صمت "ياسين" لأكثر من عشر دقائق.
رفع رأسه فجأة بأعيُن دامعة صوب أبيه:
"لماذا لا تضمني؟ "
تفاجأ الجميع من سؤاله وكان أبيه سيجاوب ولكن سبقه وهو يرتمي داخل أحضانه بقوة وهو يشهق گالأطفال، تيبس جسد "محمود" قليلاً ولكن حاوطه بكل حنان داخله أخرجه بهذا العناق، ضمه؟ هل ضمك أبيك يا "ياسين"؟  ضمك! تنهد" ياسين"وهو يبكي ومن بين بُكائه:
"يا الله لما يا أبي لما لم تضمني من قبل ألم تعلم كم أفتقر لِكل هذا الأمان؟ لما تعلم لو كان هذا أخر شيء سأفعله في هذه الحياة أقسم أني راضٍ، لو كان أخر نفس لي سألتقطه داخل عناقك أنا راضٍ"
أجهش والده ببكاء ألهذه الدرجة كان يحتاجه؟ ألهذه الدرجة كان بعيد عنه أنا فقط كنت أريد أن أجعله رجلاً يعتمد عليه:
"ويلتاه عليّ يافلذة كبدي، أعتذر يابني على ما اقترفته في حقك ياحبيب القلب"
نفى برأسه وهو يبكي:
"لا تعتذر يا أبي لا تعذر اليوم ليس هناك اعتذار اليوم يوم سينتهي فيه كل هذا الحزن"
ربط "محمود" على ظهره بحنان وندم:
"أنتَ ضيّ عيني ياحبيبي ضيّ عيني"
...........................................................................
وصلت"ندى"للمكان المنشود الذين يجتمعون به تقدمت منهم بخطوات هادئة مثلها، فرأوها الجميع ابتسموا لها فبدلتهم الابتسامة فلم يلحظوا هذا الذي هام بها وهو يُحدث نفسه:
"بسمتها گسهام تخترق قلبي"
تنهد بشجن وهو ينظر لِتفاصيلها ولم يتنبه للنظرات الخبيثة التي كانت تنظر له بها "ريم" حمحمت "ريم" بخبث:
"ما الأمر ياسين بما أنتَ ساهي"
ابتلع ريقه وهو يبتسم له بحنق:
"لا شيء ياريم أفكر في شيء"
اقتربت برأسها وهي تحرك حاجبيها:
"وماهو هذا الشيء الذي أخذ فكرك؟"
انتظر الجميه إجابته حتى "ندى" التي كانت تجلس بِجوار "ريم"، وهاهو بوقاحته المعهودة يُجيبها:
" سمعت أحدًا يقول، لاتدخل فيما لا يُعنيك حتى لا تنال ما يُرضيك"
حكت "ريم" حاجبها بإحراج بعد ما أحرجها أمامهم، تحدثت "غادة" بعد مارأت إحراج:
"أظن أننا هنا حتى نتحدث عن ماذا سنُقدمه؟"
أومئ لها "يوسف"  :
"نعم، هل لأحد منكم اقتراح"
زم "عمر" شفتيه بتفكير:
"نُريد أن نفعل شيء مختلف"
"ريم" وهي تنظر لهم:
"شيء يبهر الجميع"
أومئ لهم "ياسين وهو يقول:
" دعونا أولاً نرتب الفقرات... أولا الكتابة من سيكتب. "
نظرو لبعضهم بعضًا فتحدث "عمر" بحماس:
"يوسف أخي يكتب لديه قصص كتبها بأنامله البارعة"
نفى "يوسف" برأسه سريعًا:
"لا لن أفعل صار لي فترة لم أكتب"
نظر له" ياسين" بترقب:
"ستفعلها ياصديقي أثق بهذا"
أومئ له بنزق بينما إتجهت الأعين على "ندى" التي ابتسمت بتوتر:
"ما الأمر، لما تنظرون لي هكذا"
نبس "ياسين" بهدوء ورقة معها هي فقط:
"أنتِ من ستُغني"
هبَّت واقفة بزعر وهي تجلي حلقها:
"لا لن أسطتيع أنا أنا لم أفعلها من قبل"
أومئ لها "ياسين" بثقة:
"ستفعليها أثق بكِ"
كانت ستحتج عليه ولكن سبقتها"ريم" وهي تدفعها لتجلس وهي تنبس بحنان لها:
"لا تقلقي سنكون معًا"
نظرت لها بتوتر فبدالتها الأخرى بثقة وهي تومئ لها، حاوطتها "غادة" بذراعها وهي تومئ لها:
"أثق أنكِ ستفعليها"
تعلقت أعين الشباب بهم وصمتوا لبعض الوقت فكسره"ياسين ":
" إذًا الكتابة يوسف الغناء عمر أما التمثيل سنكون نحن الستة والرسم سيكون علي"
"انتَ ترسم؟"
نبس بها "عمر" بتعجب فجاوبه الأخر بثقة:
"هذه موهبة لدي كامنة في أعماق قلبي"
ابتسموا له بتشجيع أنهم سيخطون كل شيء سويًا.
سألت "غادة" بتفسير:
"ماذا سنمثل؟"
ردَّ عليها "ياسين" بقوة وهو ينظر للقمر الذي أضاء عُتمة السماء:
"حياتنا.... سنُمثل حياتنا"
................................................................................
حلَّ الصباح وهو يحمل بداخله كثيرًا من الأفراح وهدم اليأس اليوم أول أيام شهر"ديسمبر"، قطرات الأمطار تسقط باستحياء على ورق الشجر والبشر يركضون هنا وهناك يتظللوا تحت شيء حتى تتوقف، والأطفال تقف في شُرفات المنازل يمدون أيديهم تحتها حتى تبتل بها، والرياح تُداعب العُشب الأخضر الذي يهتز يمينًا ويسارًا ورائحة الطين الذي فعلته الأمطار تفوح لِعُشاقها.
كانت"ندى"تقف مع شقيقها "أنس" الذي أصر أن يوصلها اليوم وسيذهب لأمر مهم ثم سيأتي لها حتى يُشاهد ويُشاهد فريقها.
نبس لها بتشجيع وهو يقبل قمة رأسها:
"أثق بكِ ياجميلة وفخور أنكِ شقيقتي"
ابتسمت له بدموع تلمع له وقلبها يتسلَّل لها شعور لم تعمله يومًا ولكن رائع تشعر بالثقة والحماس، ودَّعت شقيقها ودلفت للداخل وهي تحتمي تحت مظلة من الأمطار فرأت فىريقها يقف وكأنهم ينتظرون شيء ولكن هناك شيء ناقص.
"أين ياسين"
سألت نفسها وهي تتقدم لهم:
"مرحبا كيف حالكم"
ردَّ الجميع تحيتها بإبتسامة فسألتهم بترقب:
"ما الأمر ماذا تنتظرون؟"
أجابتها "ريم" وهي تستند على كتِفها بعبث:
"ننتظر ياسين"
"وأين هو؟"
"عند المدير يستأذنه أن نجمع فقرات فريقنا مرة واحدة گما اتفقنا بالأمس"
نبست بها "غادة" بهدوء وهي تُطالع الأمطار، أتى "ياسين" والسعادة مرسومة على وجهه واضحة للعيان.
سأله "يوسف"  بترقب:
"وافق"
نظر في وجوههم بحماس وهو يومئ له:
"أجــــــــــل هيا بنا يا أصـــــــــــــــدقاء"
..........................................................................................
يقفون خلف المسرح يُشاهدون تأدية الفِرق الأُخرى، وهم لم يشاركوا حتىٰ الأن، كان التوتر سائد بينهم ولكن كانوا عضُدًا لبعضهم بعضًا.
انتهىٰ آخر فريق من الفقرة الأخيرة والجمهور يسفق لهم، فصعد أحد المعلمين وهو ينادي عليهم:
"والأن مع آخر فريق معنا...... فريق البائييسين"
حلَّ تسفيق الجمهور لهم بتعجب من هذا وكان معهم أسرتهم وكل منهم متأكد أن ولده أو شقيقه في هذا الفريق.
كانوا يتهيأون للصعود كما توقفت الأمطار وظهرت الشمس من خلف الغيوم تنشر خيوطها في الأرجاء، ظهر الشباب فكان ياسين وعمر يدفعون كرسي يوسف فسفق لهم الجميع، فتطلع كل من عمر ويوسف لُتسفيق والدته وشقيقه الذين ينظرون لهم بتشجيع وفخر.
لم تختلف نظرات أسرة ياسين عنهم، فتنهد ياسين وهو يقسم أن يفعل كل شيء من أجل هذه النظرة، تقدمت الفتيات وهم يمسكون أيد بعضهم بعضًا، فصاح أنس مهللاً:
"نـــــــدى هذه شقيقتي، أنا أعلم أنكِ ستفعليها، ستُبهري الجميع أثق بهذا"
ابتسمت له بحب فاقتربت غادة منها:
"شقيقك يحبك كثيرًا"
تطلعت لها بأعين دامعة ثم لأخيها وهي تقسم أنها ستفعل أي شيء لجعله يفخر بها.
وقفوا أمام بعضهم بعضًا بتشجيع ثم انطفئت الأضواء، فتهامس الجميع:
"ماذا يجري؟"
"هل انقطعت الكهرباء"
رجعت الأضواء ثانيًا فصمت الجميع وهم يُشاهدون عمر يجلس أرضًا، وجواره ياسين يُعطي له ظهره وهو يُغطي وجهه بيده، بينما يوسف ينام على الفراش ولكن لا يظهر منه شيء فكان الغطاء يداريه.
تذكر عمر والده ووفاته فسقطت دموع حقيقية لا تمثيل، هم من أرادو أن يمثلوا حياتهم ويُعلِّموا الجميع درسًا فليتحملوا!
هبَّ واقفًا يحتضن جسد توأمه وهو يبكي:
"هيا أبي أفق أرجوك، استيقظ لا تتركني...... أبـــــــــــي"
ضمه ياسين وهو يمثل دور حسن:
"عمر تحمل يا أخي من أجل يوسف"
دفعه عنه وهو يصرخ به:
"لا... لا أبي سيفق ياحسن أجل سيفق"
ضمه ياسين وهو يربط على ظهره بينما حسن يحتضن كف والدته ودموعه تتعلق بأهدابه.
صدرت موسيقى من البيانوا التي تجلس عليه ريم وتعبث به وهي مُغمضة العينين، فانتبها الجميع لها ويستمعون لها بهدوء فكان عزفها رائع وهادئ جاعلة والدها يدمع، توقفت عن العزف فصدر صوت يوسف وهو يعتدل:
"أه أبي"
نظر لعمر وياسين بتوهان مصطنع الذي أخذ مكانهم جواره:
"هل أبي بخير يا عمر"
سقطت دموع عمر وهو يتذكر أن ذاته هو السؤال منذ سنتين وردد ثانيًا:
"أين أبي.... هل أبي بخير؟"
حاول يوسف النهوض ولكن لم تتحرك قدمه فأغمض عينه وهو يستنشق ماء أنفه، فنظر لأخيه نابسًا:
"ما بها قدمي عمر"
ضمه عمر بقوة يمنع نفسه من البكاء، فهزه يوسف بقوة:
"عمر أجب ما بها قدمي..... أجب أنتَ ياحسن ما بها قدمي..... لما لا تتحرك مابكـــــــــــــــم"
لم يجبه أحد فصمت وهو يتذكر كل شيء، فسقطت الدموع من عينه لتذكره هذه المعاناة، انطفئت الأضواء فمسح الجمهور أعينهم التي دمعت من هذا المشهد.
رجعت الأضواء ثانيًا مع صريخ ريم على غادة وعمر الذي يمثلون دور والديها، فكانوا يجلسون على أريكة جوار بعضهم وبينهم مسافة:
"وما أنتم لا تقدرون على تلبية احتياجاتي لم أتيتم بنا؟  "
تحدثت غادة وهي تمثل شيرين:
"حبيبتي سنأتي لكِ ولكن صبرًا"
صرخت بها كما كانت تفعل:
"لا لن أصـــــــــــــــــــــبر"
ابتسم عمر لها كما يفعل والدها:
"حاضر حبيبتي سنفعل"
سقطت دموعها بقوة وهي تتذكر معاملتها لوالديْها فنظرت لهم فرأت أبيها ووالدتها وشقيقتها يبتسمون لها فاعتذرت لهم:
"أسفة"
أومئوا لها بحنان وهم يحثوها أن تُكمل فربطت غادة على كتِفها بحنان، بينما انتقلت الأضواء لِياسين الذي يقف بين عمر وندى الذين يُمثلوا والديه.
هتف عمر وهو يربط على كتفه:
"كلها شهور وستدخل كلية الشرطة مثلي"
ردَّت عليه ندى بتهكم:
"لا.... بل سيدخل الطب مثلي أنا"
عمر من بين أسنانه:
"بل شرطة"
كانت سترُد عليه قطعه ياسين بصراخه:
"كـــــــــفى أرجوكم كـــــــــــفى مرة واحدة.... مرة واحدة اسألوني ماذا أريد"
أراد أن يصل رسالة لوالديْه فصار ما يُريد فابتلع والديهم ريقهم بحرج من نفسهم، بينما تحرك الضوء على غادى التي كانت تتوسط الفراش تمثل عندما فاقت من سنتين وريم وياسين الذي اتجها لها يُمثلون دور والديها، بينما في الأسفل ضم والدها خالد والدتها آمنة.
نظرت لِذراعها بحزن ثم نظرت لِريم وياسين بمرح:
"ها تمزحون معي أعلم هذا فغيْرها"
تطلعوا لها بدموع واهنة فتحدثت بعد ما جلت حلقها:
"لا أرجوكم ليس مافي بالي أرجوكم"
ضمتها ريم وهي تربط على رأسها فسقطت دموعها وتقول كما قالت من قبل:
أين ذراعي لا أرجوكم ذراعــــــــي أريد ذراعـــــــــي يا أبي أرجوك، كيف كيف سأكون جراحة من دونه؟  كيف ذراعـــــــي لقد لقد حلمت كثيرا لأمسك المش. رط أريد ذراعــــــــي"
انطفئت الأضواء وهو يتذكرون ما مروا به فرجعت ثانيًا على ندى التي كانت تقف في المنتصف وحولها يقف باقية الفريق.
نبست ريم لغادة بسخرية مصطنعة:
"انظري كم هي سمراء"
فضحكت غادة:
"قبيحة"
أغمضت ندى عيناها وهي تتذكر كم مرة تهانت بها، علَّق عمر وهو يضحك:
"انظر يارجل كم هي بدينة"
فرد يوسف عليه بالاسم الذي قالته ندى لهم الذي يقولونه لها:
"بقرة سوداء بأعين واسعة"
أخذ ياسين شهيقًا فهو لن يقدر على قول هذا ولكن هذا تمثيل:
"ألم نتظري لنفسك في المرآة قبل النزول..... قبيحة"
بكت ندى وهي تسقط أرضًا تضم نفسها وهي تشهق فشفق الجميع عليها فلم يتحمل أنس أن يرىٰ شقيقته هكذا فهبَّ واقفًا يصرُخ بهم:
"يا أوغاد كيف تتجرأون.... أقسم أن أريكم الويل"
أجفل الجميع من صوته ورفعت ندى رأسها فزعًا وهي تراه يتجه للمسرح، فوقف حسن وخالد ومحمود في طريقه:
"يافتى إهداء هذا تمثيل"
زجر بغضب وهو يدفعه ويصعد على المسرح فبلع الشباب ريقهم بخوف فتحدث عمر لهم ببكاء:
"سنموت"
أومئت له ريم بخوف:
"يبدوا هذا أشم رائحة الموت"
نظرت لها غادة بتفسير:
"هو الموت له رائحة"
تطلع الجميع لها بتفكير فضرب عمر صدغه بيده وهو ينبس لهم:
"هل هذا وقته سنـــــــموت"
دفهم أنس بقوة عندما صعد لهم فسقط ياسين على قدم يوسف الذي سبه ودفعه أرضًا فوقع على عمر أرضًا فصرخ:
"ســــــــأموت يا أحمق"
بينما غادة وريم ابتعدوا وهم يبتسمون له بتوتر فزجرهم بحدة گالطور الهائج الذي يطيح بمن يحمل الستار الأحمر.
جلس القرفصاء أمام شقيقته التي تنظر لما يحدث ببلاهة، ضمَّ وجهها بين راحته نابسًا بحنان:
"لا تسمعي لحديثهم أنتِ جميلة حبيبتي لا يخلق الله عبثًا حاشاه، السمار الجمال كله حبيبتي تعلمين هذا"
ابتسمت لشقيقها الحنون فضمته بقوة وهي تحمد الله عليه فربط على رأسها وهو يقول لها:
"قُل للسمراء أن تتمهَّل في الخُطى فقلبي الصغير لا يتحمل جمالُها"
خرجت من عناقه وهي تنظر له ببلاهة فقبلها جبينها بحنان وساعدها أن تقف فتعالت التسفيق لهم وهم يدمعون على هذا المشهد، فصعد حسن يأخذه حتى يكملوا بقية الفقرات فنظر أنس للشباب:
"إن اقترب أحد منها سأجعلكم تندمون.... تمام"
أومئوا له سريعًا وزفروا بقوة عندما نزل ونظروا بتزمر لِندى التي كانت تكتم ضحكها على شقيقها.
رجعوا ثانيًا لما كانوا يفعلونه فأخرج يوسف دفتره وهو يمثل أنه يكتب بينما هو جهز الشيء الذي كتبه بالأمس، ابتسم بحماس وهو يقرأ ما كتبه:
«يومًا ما ستنقشر قِشرة البؤس من على قلبي، وسأصبح طائر حُرًا، لن أغوص مجددًا في بحور الآلام كما كنت سأفعل، سأتذوق كل شيء بحُلوهِ، سأهمس للكآبة:
"وداعًا"
وسأقول لقلبي:
"تجدد يامسكين، وضع الشروق يتسرّب إليك وتفتّح كزهرة الربيع"
سألهو كطفلٍ صغير وأطير خلف الفراشات، وأستنشق عبير الأزهار.
لن أجعل الحُزن يعلم بابي سأقفله بيديّ هاتين.
قل للألم وداعًا صرت حُرًا طليقًا.
وقل لدوامة الحُزن سأجعلُكِ عابر سبيل، فأنا صرت كزهرة الربيع.» 
ألقى ما كتبه فتعالى تسفيق الجمهور له فتوجهت الأضواء على ياسين الذي كان يجلس على كرسي وأمامه لوحة رسمها الأمس ولكن هناك شيء سيضيفه، ارتكزت أنظار الجمهور بينما وقف أصدقائه بابتسامة خلفه.
فنبس بحماس:
"ها انتهيت.... أتمنى أن أصبح رسام كبير ويكون لدي معرض تكون فيه لوحاتي"
رفع اللوحة ووجهها للجمهور فشجعوه وسفقوا له ووالده نظر له بعينين ضيقة، فكانت اللوحة عبارة عنهم هم كأنهم دخلوا لها، فكان يرسُم ندى في ركن لوحدها تضم نفسها وتبكي وغادة تقف أمام المرأة تنظر مكان ذراعها الفارغ وكأن الريح تُحركه، وعمر يدفع كُرسيّ يوسف، بينما هو يقف بين والديها ورسمهم كأنهم يصرخون، وكتب فوقها فريق "البائيسين"  وأسفلها جملة واحدة "لانرىٰ"
تركَ اللوحة ومسك جيتارًا يعزف عليه بينما عمر دفع كرسي يوسف ليستقر ويعزف البيانو وهو يقف خلفه بينما ريم وغادة كانوا يقرعون على الطبول بحماس وبلحن مُنمق.
مسكت ندى الميكرفون تنظر لشقيقها الذي رفع قبضته لها بحماس، فأغمضت عيناها وغنت بصوتها القوي:
«داخلي شيء خفي لكني لا أتذكر
لحن ما صوت شجي أغنية عن شهر ديسمبر
دائمًا حولي وقبل النوم لكنها تبدو حقيقة اليوم
كلما مرت بخاطري تلهم مشاعري
دائمًا حولي وقبل النوم لكنها تبدو حقيقة اليوم
كلما مرت بخاطري تلهب مشاعري
كالحنين والحنان أكثر من هذا وأكثر
خلف الجبين فوق اللسان لكني لا أتذكر
لحن ما صوت شجي
أغنية عن شهر ديسمبر»
ردد الفريق معها وتركوا ما بيدهم واتجهوا لها وقفوا جميعهم جوار بعضهم بعضًا مسك الشباب أيد بعضهم بعضًا وكذالك الفتيات ونهض الجمهور يُسفق لهم بتشجيع وكان الفخر في أعيُن أُسرتهم.
...............................................................................
مرَّت أيام وشهور وسبع سنين مروا گتساقُط أوراق الشجر، مروا ولم يتجمعوا ولو لمرة تتحدث ندى وغادة وريم مع بعضهم،وهكذا  الشباب أيضًا ولكن لم يتقابلوا ولا مرة، واليوم سيتاقبلوا على النيل المكان الذي خططوا فيه في الثانوي.
كانت ندى تخطوا في الشارع بخطوات واسعة فهي تأخرت عليهم گالعادة، رأتهم يقفون جوار بعضهم بعضًا مع حفظ المسافات بين الشباب وريم وغادة.
نبست بسعادة لهم:
"أأعتذر عن التأخير"
التفتوا لها بإبتسامة فضمت غادة وريم ورحبت بِيوسف وعمر ووقف أمام ياسين فالتقت عيناهم بينما ابتسم هو بإتساع لها فحمحمت ووقفت جوار ريم وعمَّ الصمت، وصاروا يتطلعون لمياه النيل فأخذوا شهيقًا ثم زفروه نظرت لهم ندى فرأتهم شاردين فنبست:
"ماالأمر لما أنتم صامتين صحيح ماذا دخلتم؟"
التفتوا لها بإبتسامة هادئة فتحدث عمر وهو ينظر امامه:
"طيار"
نبس ياسين وهو ينظر داخل عيناها:
"كلية فنون وأصبحت رسام أرسم اللوحات وأعرضها في أحد المعارض"
أومئت له بخجل فهربت منه بحديثها لٰيوسف:
"أنتَ لا تقُل كُتبك في المكاتب تتحدث"
ابتسم لها بينما قالت غادة وهي تعتدل وضع نظارتها الطبية:
"مهندسة برمجة وأعمل الأن في أكبر الشركات"
تحدثت ريم بقوتها المعهودة:
"دكتور في الفلسفة في جامعة القاهرة"
سفقت بسعادة گالأطفال فقهقهوا على فعلتها فنبست لهم:
"وأنا تخرجت من كلية الطب قسم جراحة"
عمَّ الصمت ثانيًا ونظروا للنيل براحة فنظرت لهم ثانيًا ثم وجههت نظرها لمياه النيل وهي تقول:
"أنحن بائسون؟"
نظروا لها جميعًا قليلاً وبدأو يتذمروا وينبسون بِعبارات مختلفة.
"ندى ماذا تقولي"
"بعد كل هذا وتسألي"
"طبعًا لا"
"لم نكن في الأصل بائسون"
صمتوا وهو يكركوا على وجوههم المتذمرة من سؤالها وصمتوا ناظرين أمامهم، ابتسمت عليهم تنظر لكل واحدٍ منهما.
أشعُر أني أحلم ولكن إذا كان حُلم لا أُريد أن أستيقظ، ها نحن سابرنا وتخطينا كل شيء السؤال الذي كان يدور في عقولنا من الأول "أنحن بائسون؟" نحن لم نكن كذالك لأن نعم الله تُحاوطنا ولكن كُنَّا "لا نرىٰ" كم من النعم التي أنعم الله بها علينا، ياليتنا كُنَّا نقول كما قال عروة ابن الزبير:
" فلئن كنت قد ابتليت فلطالما عافيت، ولئن كنت قد أخذت فلطالما أعطيت فلك الحمد يارب"
نظرت لهم بأعيُن دامعة فأغمضت عيناها قائلة:
"لك الحـــــــمد يارب"
      "   تمت بحمد الله "
10/12/2022
#دعاء ياسر

أتمنى إن النوڤيلا تنال إعجابكم وإيه رأيكم في الشخصيات والسرد 🥺💜
وانتظروني في رواية جديدة إن شاء الله في شهر واحد بعد ما أخلص إمتحاناتي على خير بإذن الله 💜
وإلى اللقاء ياسكاكر 💜💜

نوڤيلا "لا نرى" (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن