الفصل السابع ماقبل الأخير"لا لليأس"

216 42 4
                                    

    قبل الفصل بتمنى تتفاعلو في ناس كتير بتشوف النوڤيلا ومبلاقيش تفاعل ياريت تتفاعلوا فضلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«مزَّقتُ صفحة بالية من حياتي، وبدأتُ أخطو بقلمي على صَفحات الحياة، لم أظُن يومًا أنِّي سأُغادر هذا البؤس الذي تملَّك مني، ودَّعت الليلي المُظلمة التي سكنتها أنينُ قلبي، وعبرات ذرافتها عيناي، ولم أشعُر بالستار وهو يفتح وتسلُّل ضوء القمر لعالمي»
............................................................................................
ذهبت معها في مكان متراوي عن الأنظار، فتبدأ حديثها بمكر وإنتقام يزداد داخلها فهي لم ولن تسكُت على إهانتها التي بدأ بها "ياسين".
:
" ريم تعلمين أنا دائما أراكِ گشقيقة لي، تعلمين أنا ليس لدي أشقاء ولكن أشعر أنكِ أختي التي لم تأتِ بها أُمي"
رمت ما في جوفها قبل أن تدخل صُلب الموضوع، ماكرة هي تتدخل لها من عواطفها وبعدها تستدرجها ثم تُشبع روحها من ما تتمناه، شبح إبتسامة ظهر على شفتيّ "ريم" وهي تحك حاجبها الأيسر قائلة في نفسها:
"دعيني أصدقك حتى نرى ما تريدي"
غصبت شفتيها على إبتسامة ملئت وجهها، ثم شرعت تمسك يدها وتقول بنبرة حنونة ماكرة:
"وأنا أيضًا رهف أراكِ گشقيقة ياعزيزتي"
انفرجت شفتيّ"رهف"بإتسامة منتصرة أنها وصلت لمبتغاها، فبدأت تتحدث بسعادة:
"هذا شرفٌ لي يا صديقتي، صحيح هل كل شيء يسير على ما يرام مع فريقك"
قالت النصف الثاني وهي تصتنع الإهتمام بها، ففطنت "ريم" إلى ما تريد الوصول إليه، فتخلَّت عن تمثيلها وهي تقترب منها متحدثة بجمود:
"أها.... انظري رهف دعينا من التمثيل المقرف هذا فنحن نفهم بعض فأتي من أخر الحديث ماذا تريدي"
توترت قليلا فجلت ريقها وهي تتصنع إبتسامة نابسة بعدم فهم مصطنع لها:
"أنا لم أفهمك ريم... كل ما في الأمر أنا اطمئنّ عليكِ"
استُنزفت آخر ذرة في صبرها فأغمضت عينها قليلاً ثم فتحتهم بتروي، وهي تُطالعها بأعين عابثة:
"أُمي أنتِ حتى تطمئني عليا، ومن متى هذا الحب دعكِ من هذا الحديث الذي قلناه، أعلم جيدًا أنك لا تحبيني وأنا كذالك، وجودي معكم كان لسبب ولكن لم أعد أتحمل فدعيني أقول لكِ للمرة الثانية أتي من الأخر"
أجفلت من وقاحتها وقوتها في نفس الوقت، جرأتها وهي تقر أنها لا تحبها وكانت معهم مصلحة جعلت شخصيتها الوقحة تطفو على السطح، فاقتربت من "ريم" وهي تقول بوقاحة:
"شيء متبادل يا ريم، ولكن لا تنسي أني كنت أعطيكِ ملابسي وتأتي معي لأماكن لم تحلمي بها حتى في أحلامك"
أعطت لها ظهرها ثم ذهبت ولم تكمل ما بدأته ولكن قوتها جعلتها تريد أن تزلها، كلامتها كانت السوط الذي كان ينزل على جسدها، اشمئزت من نفسها وسؤال واحد يتردد داخلها هل طمعت مافي يد غيرها لهذه الدرجة التي وصلتها لإذلال نفسها؟!
.............................................................................................
كانو يجلسون بصمت حتى تأتي "ريم" ويبدأو بالبحث عن الرسالة التي أخبرهم أحد المعلمين أين توجد فيبدأو البحث فهذا المكان.
كان كل شخص منهم يفعل شيء، فكان"يوسف"يقرأ أحد رواياته التي اصطحب أحد الكتب  معه اليوم وها قد أتت بفائدة، أما"عمر"كان يعبث بهاتفه يخرج من هنا يدخل هنا ينتقل بين التطبيقات بقنوط واضح، أما"غادة" كانت تجلس بجوار "ندى" التي كانت هائمة بالسماء تطالع الغيوم كأن أول مرة تراها، وكان "ياسين" يتابعها بعينه هائمًا هو بها متمتما داخل ثنايا قلبه:
"كأنّها نجمة سقطت من السماء سهوًا"
تملك الضيق من "عمر" فكسر هذا الصمت بسؤاله:
"إلى متى سننتظر هذه التي تدعى ريم"
سكنت الأنظار عليه بعدم معرفة فتحدث "ياسين" بوقاحة:
"ننتظرها كأنَّها أميرة وهي أخيرها خادمة لها"
"يارجل وقاحة لسانك تُشبه النساء النمامة"
توقاح فأتت هي ترُد له الصاع صاعين، نظر لها بإحتقار فقابلته هي بشماتة، كانت العيون تنتقل بينهم فكانت نظراتهم حادة فأول من تحدث كان "يوسف" الذي قال بملل:
"دعونا ننتهي من هذا ونذهب للبحث فنحن لسنا صغار على هذه المناقرات"
...........................................................................................
دلف الجميع للداخل يتطلعون للغرفة التي يدخلها الضوء من الباب وشباك يوجد بها، نظرو لبعضهم حتى يبدأو بالبحث ولكن قبل هذا إنغلق الباب عليهم فتملك الزعر منهم، إتجها "ياسين" للباب وهو يدق عليه وهو يصرخ لعل أحد يسمعه:
"هي نحن بالداخل هل هناك أحد في الخارج هي"
وضع "عمر" يده على كتف "ياسين" وهو يتحدث بتوتر:
"لا فائدة يبدو أننا سنظل هنا حتى يأتي أحد لهنا، وسنستغل هذا بالبحث عن الرسالة"
أومئ له وهو يضغط على معصم يده بتوتر ثم نظر لـِ "يوسف" الساكن تملك التعجب من سكونه هذا، وتوجهت عيناه لـِ "ريم" و"غادة" و"ندى" فرأ الأولى تقف بغير إكتراث وعيناها تدور في المكان، أما الثانية جلست أرضًا تستند بظهرها على الحائط، أما الثالثة كانت تفرك يدها بتوتر وحبات العرق تنزلق منها.
نظر "يوسف" له قائلا بسخط من هذا الوضع:
"هي أنتم هيا بنا نبحث عن هذه الرسالة وننتهي من هذا"
أومئ له "عمر" وهو يأكد حديثه وهو يقول:
"هيا بنا، أنا ويوسف سنبحث هناك، وياسين يبحث أسفل هذه الأريكة، أما أنتم ابحثو بهذه الخزانة"
وجها آخر حديثه للثلاث فتيات وكان يوجههم أين يبحثو في الغرفة التي كان بها أريكة في الوسط وخزانة في ركن، توجه كل واحد منهم للبحث.
كانو كالأليين يتحركون بلا روح يبحثون هنا وهناك وعقلهم يعم بالضجة، وكان السيد أحمد يتابعهم من الكاميرة الموجودة داخل الغرفة يتطلع لهم ببسمة لم تصل لآخرها ثم نظر للأستاذ جواره فهو من أمره بغلق الباب عليهم.
أما في الغرفة يأسوا من البحث فجلس كل واحدٍ منهم بركن بعيد عن الثاني يسبح في ملكوته.
............................................................................................
كانت عيناها تتَنقَّل بينهم ترىٰ الجمود محفور على معالم وجوههم. ثبتت بؤبؤة عيناها في الفراغ وعقلها يعمل بقوة لايرحمها وهو يُريها شريط ما حدث بالأمس.
بعد ما صفعت الباب خلفها ودلفت غرفتها، بعد ما أحسَّت والديها بالعجز؛ عجز على تلبية مطالبها التي لا تنتهي وفوق طاقتهم ولكن والدها سيعمل ليل ونهار حتى لا تحتاج لشيء.
جلست على فراشها بجمود شاردة في أصدقائها الأثرياء الذين يملكون كل شيء من وجهة نظرها، دلفت ششقيقتها التي أتت من جامعتها بهجوم شرس، گنمر سينقض على فريسته.
نهضت من على الفراش بقوة تنظر لشقيقتها بإستنكار على دخولها بهذه الطريقة، لم تأبى "هالة" بنظراتها وكانت تخطو لها بخطوات تشبه الجحيم، تطلعت لها من رأسها لأخمص قدميها نابسة بقوة:
"من أنتِ"
سؤال خرج من فمها جعل "ريم" تندهش من هذا السؤال هل جننت شقيقتها ولكن لم تمنع لسانها السليط بالرد، فردت على سؤالها بسخرية وبرود:
"اللهو الخفي"
رأت علامات الذهول على وجه شقيقتها فرفعت كتفيها بتعحب مصطنع:
"ألم تسأليني من أنا فأجابتك"
أخذت شهيقًا وأخرجته بقوة من برود شقيقتها وتابعت بشراسة متجاهلة حديثها الأحمق:
"حقًا أنا لا أعرفك، لم أعلم أنكِ بلا قلب أبي يعمل ليل ونهار وكل هذا من أجل من؟ وأنتِ لا تقدرين، تريدين وتريدين وهو لا يتأخر، ولكن طمعك بما في يد غيرك لن يأتي منه سِوىٰ الكره لنفسك وعدم الراحة، لم ترضي بما في يدك، وعيناكِ ناظرة للناس"
دفعت حديثها دفعة واحدة لم تأخذ نفسها للحظة ثم تركتها وههي تغلق الباب خلفها بقوة.
جلست "ريم" على فراشها بذهول من حديثها وكانت في وادٍ آخر عقلها يدرس كل كلمة قالتها "هالة"، وضميرها يأنبها على ما اقترفته في حق والديها، تُعاملهم بقنوط وبرود لا يتحمله بشر.
فاقت من كل هذا وهي تلوم نفسها على طمعها، سقطت دمعة من عينها فأزاحتها سريعًا حتى لا يراها أحد، ولكن لن ينتبه لها أحد بتاتًا، فكل واحدٍ منهما يشغله عقله بذكريات.
.................................................................................................
أمَّا" عمر"يسند بذقنه على رُكبتيه يتأمل الأرضية بأعين امتلئت بالدموع وهو يتذكر الفاجعة التي سرقت منه أبيه وقدميّ توأمه.
قبل سنتين في أجواء خريفية، تسقط أوراق الشجر الذابلة حتى تتجدد بأوراق ناضرة.
كان يجلس أمام التلفاز يُشاهد أفلام "هاري بوتر" الشهيرة، وأمامه طبقًا مليئ بالتسالي. وينتظر قدوم أبيه وتوأمه من معرض الكتب فأخيه "يوسف" مهووس بالكتب ويُحبها حبًا جما.
أتى شقيقه الأكبر "حسن" من الداخل ويجلس جواره، وبتلقائية مد يداه لطبق التسالي، فرأه "عمر" فضربه على ظهر يده وهو يزجره بغضب، فتحدث "حسن" بتشجن:
"مابك يا أحمق أريد أن أكل القليل منها"
رفع شفتيه بسخط وهو يحتضن الطبق:
"إياك أن تقترب منه، واذهب وأتي لك"
لكزه في كتفه وهو يقول بقرف:
"بخيل ومفجوع، يارجل لو خيروك بيني وبين الطعام ستختار الطعام"
انتظر حتى ينفي حديثه ولكن خالف توقعه وهو يومئ له:
"معك حق سأختار الطعام"
انقض عليه يأخذ منه الطبق عنوة بعد ما استفزه والثاني يصرخ أسفله بأن يبعتد وهو يصرخ ببكاء مصطنع وهو يراه يدس الطعام في جوفه:
"ساعدوني يأكل هذا المفترس صغاري، أه صغاري ياويلتاه أكل صغاري"
كان يدس الطعام ويكركر على صراخ أخيه فصار يأكل أكثر حتى يغيظه.
"توقـــــــــــــفوا"
ابتلع "حسن" مافي جوفه دفعة واحدة عندما سمع صراخ والدته ونهض سريعًا من على "عمر" ولكن تهجم وجهه عندما رأى حالتها الغير مبشرة. وهذه كانت فرصة"عمر"ليشكي لوالدته مافعله أخيه المفترس بصغاره، فولولَ گالنساء ويضرب بيده على فخذيه:
"انظري لولدك يانهال افترس صغاري بلا رحمة ياويلتاه علىَّ وعلى صغاري، ولكن الحق عليكِ عطيتي له الحرية كاملة فلم نعد نقدر عليه ياويلتاه علىَّ  خسئت ياحسن خسئت ياولد أه يانهال أه"
طالعه "حسن" بتشجن ولكن عندما رأىٰ جمود والدته فرفصه في قدمه حتى يصمت، ولكن لم يفعل وهو يشير لوالدته:
"أرأيتِ ماذا يفعل"
لم تنطق لحد الأن بشيء وعندما انتهى من حديثه نطقت بما يضيق الصدور:
"والدكم وشقيقكم في المشفى"
صمت عم المكان إلا صوت أنفاسهم وهي  تتسارع وصوت الريح الذي يهدر بالخارج ولكن كانت هناك عاصفة داخل قلوبهم جردتهم من كل شيء فقد تجمددت أطرافهم من وهل ما وقع على مسامعهم.
كانو يركضون داخل المشفى بعد ما سئلوا على مكانهم فأدلو عليه، فخطواتهم كانت سريعة و"عمر"كان يسبقهم وهو يبحث عن أبيه وتوأمه بجنون وكان "حسن" يسند والدته والدموع متجمعة في مقلتيه، توقفوا أمام غرفة وكانت تخص والدهم وبالصدفة كان الطبيب يخرج منها فاقترب منه "حسن" وهو يسأل بخوف:
"أبي بخير صحيح وووأخي هل هم بخير"
كانت علامات الأسف على وجه الطبيب فسأله بحزن:
"أسف والدك البقاء لله"
تجمدت الدماء في أوردتهم هل هل أبيهم ذهب؟ سقطت والدتهم مغشي عليها من صدمة لم يتحملها عقلها فساعدوها الأطباء أما "عمر" وقف متجمدًا لم يقدر على الحراك ودموعه تنزل بصمت، رأ الطبيب حالتهم فتحدث وهو يربط على كتفي "حسن":
" أعلم ما تشعر به ولكن لكل منا أجل إذا جاء لا يؤخر ساعة ولا يستقدم، شقيقك سيحتاجك الأن خصوصًا في هذا الوقت"
نظر له بأعين خاوية من الحياة فقد ذهب ظهره وسنده في هذه الحياة لقد أصبح عاريًا من دون والده أصبح عاريًا، على من سيتكأ؟ من سيُسانده؟ أأهو الأن المسؤال عن أسرته؟
سقط على ركبتيه أرضًا بذهول وسقطت معه دموعه، أين والده هو هو توفى، مات والده؟ ولكن من سيلاعب أطفاله؟ من سيبكي داخل حضنه عندما تضيق مات والده؟
لم تختلف حالة "عمر" عنه هو يشعر أنه صار وحيدًا أبيه ذهب... ذهب أبيه... مات والدك ياعمر... مات ظهرك ياعمر...... مات سندك ياعمر..... مات من يفديك بعمره ياعمر...... مات ياعمر.... مات حبيبك ياعمر..... مات!
"أبي لا تتركني أنا من دونك لا شيء، أبي أشعر بأن ظهري عاري، أبي أرجوك"
سقطت دموعه بولوعة ونيرات تتأجج صدره لقد تذكر أسوأ ليلة مرت على حياته، أغمض عينه بحزن وهو يقول:
"تركتني يا أبي للدنيا تأكلني من دون شفقة"
...................................................................................................
كانت "غادة" تجلس بركن تنظر لذاراعها المبتور بحزن وألم يسكن قلبها، تذكرت عندما استقيظت في المشفى على فاجعة خسارتها لذراعها.
كانت تنام على فراش المشفى بهدوء وهذا مايسمى هدوء قابلة العاصفة، والديها حولها عيناهم تذرف الدموع على ما حدث لابنتهم الوحيدة، لقد مسكتها الكهرباء فاتلفت أنسجة ذراعها الأيسر وكان يجب بتره.
فتحت جفنيها بتروي وهي تتأوه بوجع لم تكن الرؤية واضحة لحد ما اعتادت عيناها على الضوء، فرأت والديها حولها ابتسمت لهم وهي تحاول النهوض ولكن لفت ذراعها الأيسر فهي لا تشعر به نظرت لموضعه فلم تجده، فنظرت لوالديها التي تسكب أعينهم الدموع.
ابتلعت ريقها وهي تقول بمرح:
"ها تمزحون معي أعلم هذا فغيْرها"
أغمض أبيها عينه بوجع على صغيرته وبكت والدتها بصوتٍ عالي، جعل قلبها ينبض بسرعة وعلامات الخوف ظهرت على وجهها فابتلعت ريقها وهي تنبس وهي على وشك البكاء:
"لا أرجوكم ليس مافي بالي أرجوكم"
تقدم أبيها منها وهو يعانقها فتأكدت شكوكها فبكت كم لم تبكِ يومًا، تدفع والدها وتصرخ بهم:
"أين ذراعي لا أرجوكم ذراعــــــــي أريد ذراعـــــــــي يا أبي أرجوك، كيف كيف سأكون جراحة من دونه؟  كيف ذراعـــــــي لقد لقد حلمت كثيرا لأمسك المش. رط أريد ذراعــــــــي"
بكت بهسترية وهي تردد "أريد ذراعي" وكان هذا سبب كافي حتى يعطيها الطبيب إبرة مهدئة فغفت وهي تردد "ذراعي، حلمي، جراحة" المُقل متعلق بأهدابها گما يتعلق الطفل بأمه.
رجعت للواقع وهي تدفن رأسها في ساقها تسمح لمقلها أن يسقط من مقلتيها.
..........................................................................................
تدحرجت ذكرى لعقل"ندى" لم تكن تفهم أي شيء حينها.
كان عمرها ست سنوات وهي تقف على باب الغرفة تحتمي به وهي ترىٰ والدها نائم على الفراش بلا حركة وشقيقها الذي يملك من العمر أحد عشر عامًا يبكي على صدر والدها وينتحب بقوة وصدره يعلو ويهبط بقوة نبس ببكاء:
"أبي حبيبُ قلبي إستيقظ أرجوك من أجلي ومن أجل ندى أبي ليس لدينا أحد غيرك يا أبي"
بكىٰ وبكت هي معه لم تفهم شيء لم تفهم أنَّ والدها سيحتضنه التراب لم تفهم أنَّها لن ترتمي في أحضانه بعد هذا، أمسك "أنس" كف والده ويقبله ودموعه تسقط عليه.
نبسَ بشهقات مزقت حلقه:
"أبي سأعمل على ما طلبته مني، سأكون السند لـ" ندى" سأعطيها الحنان ولكن لا ولن يعوضها عنكم"
بكى وهو يضم نفسه لوالده وهو يتشبث به نابسًا وهو يقبله لآخر مرة:
"أبي قل لأمي أنّي أحبها وأشتاق لها و.. وندى.. ندى تشتاقها"
خطت بقدميها الصغيرة له وهي تربط بأناملها الصغيرة على ذراعه، فالتفتَ شقيقها بأعين حمراء ودموع لم تجف ولن تجف، رأ دمعات تسقط من عينها فأخذها داخل ذراعيه يضمها ويبكي أصبحُ يُتْم!
بكت معه وهي لم تفهم ولكن نوم والدها وعدم تحركه جعل قلبها يخفق بقوة، تطلعت في عيني أخيها وهي تقول:
"أبي"
ضمها وهو يربط على رأسها قائلا بصوت خانق:
"عانقيه هذا أخر عناق"
تساقطت قطرات الدمع من عينها وهي تنظر لوالدها فتشبثت به وهي تبكي.. الآن فهمت.. أهو ذاهب لوالداتها؟  أجل هو ذاهب ليس هناك أب ولا أم، فطن عقلها كل شيء، فترتمي وتبكي بقوة وهي تهزه لعله يصحو:
"أبي لا تذهب، أرجوك أبي أنتَ ذاهب لأمي صحيح؟ أبـــــــي"
لم تعي بشيء وإلا وهي يتيمة الأب والأم بكت عيناها وبكى قلبها الدماء.
إستيقظت من بحر ذكرياتها على دموعها الساخنة على صدغها، بدأت تدندن راب يوصفها أو يوصفهم وعيناها تسيل منها الدمع:
ولدت من جديد حينما رأيت ذلك
طفل بريء يمشي ليلا والظلام حالك
يمشي وحيدا خائفا وضوء البدر ساطع
وحيد لا صديق له في أرض الرب ضائع
شجاع لا يهاب شيئا خلته كفارس
فلا مأوى يؤويه من ضرار البرد القارس
طفل يغطي جسمه بعض من القماش
أحلامه تبخرت مصيرها التلاشي
اليوم بارد والليل دامس ظلامه"
أكمل "يوسف وهو مغمض العينين:
" والطفل شارد وقد تمزقت آلامه
صغير في نظير العمر عقله كبير
فأين من يحميه أو من البلوى يجير
فراشه التراب قد توسد الصخور
وكل من رآه لم يكن به فخورا
سألته ، أما من نور في الحياة
أما من بسمة قد تذهب المعاناة"
تسابقت الدموع تشاركها اللحن لم يستوعب البقية "يوسف" و"ندى" ولكن كل ماجذبهم أنّ الكلمات توصفهم، وما أدهشم صوت "ندى" الذي كان القوة والإحساس:
" أجابني بحسرة ودمعة سيالة
بنظرة حزينة فلتسمعوا ما قاله
دعوني...دعوني أحكي ما ببالي
أحكي ولا أظن أن منكم من يبالي
أحكي ولا أسيء في كلامي
بريء لكن لا يرى غير الظلام
وحيد في حياته ولا مأوى يؤويه
ولا أما تضمه ولا أبا يحميه
قلوبكم تفتت وصارت كالحجارة"
سقطت دموعهم فشاركها"يوسف"بنبرة متحشرجة من كتمانه للبكاء:
"ضميركم غفا هفا أردتكم القذارة
دعوني كل ليلة دوما ألقى العذاب
ظلام الليل موحش والذئب ذو أنياب
نظرت للسماء لم أجد غير السواد
فاكتفيت بالبكاء ما دهاك يا بلادي
تركتني أعاني وحدي في دجى الليالي
حتى الجماد يقشعر فالمكان خالي
وقد سألت الدنيا ،لما لم تسعفيني
لم تسمعي كلامي حين قلت زمليني"
لم يتحمل ياسين كل هذا فوقف يصرخ بهم:
"كفى مابالكم جميعًا ماهذا البؤس حقًا أنا"
بتر حديثه "غادة" وهي تقول بنبرة مختنقة من كل هذا:
"لا ترفع صوتك، نحن جميعًا نتشارك شيء واحد وهو البؤس"
نظرت في وجوه الجميع فرأتهم ينظرون بنقطة فارغة فبسمة ساخرة ظهرت على ثغرها.
كان كل هذا تحت أنظار السيد"أحمد "المراقبة لهم من خلف شاشة المراقبة،
مسح السيد "أحمد" دمعة سقطت أسى على صدغه فتذكر ولده، تجولت عيناه على الصورة الموضوعة أمامه، فتحولت عيناه لنهر من الدموع الفياضة، وألم استوطن قلبه، فلاحت ذكرىٰ جعلته يزرف أكتر من الدموع:
اليوم هو يوم إعلان نتيجة الثانوية، نتيجة لقلوب ستنكسر لو ظنت أنَّ هذه النهاية، نتيجة لقلوب ستتحطم لو لم ترضى بقضاء الله.
وكان ولده من هؤلاء الذين انفطرو قلوبهم، يقف على سطح منزله والروح استنزفت كل ذرة طاقة لديها، جرت الدموع على وجنته كما يجري النهر!
شريط السنة يُعاد أمام عينه، ضغط وسهر وأيام كان يمرض بها، وروح فاضَ بها وسؤال واحد يردد على عقله كل هذا ذهب سُدىٰ؟
كل هذا وذهب حلمه؟ هندسة مستقبله هل إنتهى الوصول لها؟  هكذا ودع حلمه؟
نظر للأسفل وشفتيه ترتجف وقلبه يتراقص على معزوفة حزنه، أغمض جفنيه بقوة هو يعلم أنه جبان أنه ضعيف مهزوم من كل شيء، والآن هذا وقت الخلاص من كل هذا.
سؤال يتردد هل سيخسر أخرته؟ ولكن ضعفه جعل وسوسة الشيطان تنتصر عليه "أنتَ ضعيف، حلمك ضاع، أنتَ فاشل"
وعند هذا الحد لم يقدر على الصمود فحرك قدميه في الهواء، فسقط صريعًا والدماء تتدفق كنافورة.
هكذا إنتهت أحزانه؟ هكذا إنتهت ألامه؟
هكذا إنتهت مخاوفه؟
صرخات الجيران ملئت الحيّ والدموع تجري من أعينهم على هذا الشاب، صُراخ الأطفال هنا وهناك وتخبئة الأمهات لهم في أحضانهم حتى لا يرو هذا الغارق في الدماء.
خرج السيد"أحمد" والسيدة"هناء" إلى شرفة منزلهم يرون ما سبب هذا الصراخ،
فرأو وليتهم فقدو النظر هنا ليتهم لم يخرجو، فرأ من فقد الحياة بسبب عدم الرضا.
رأت من حملته في رحمها تسعة أشهر فقد النفس.
رأ سنده يفترش الأرض في بركة من الدماء.
رأت فلذة كبدها وليتها لم ترىٰ، جحضت عيناها وتهاوت أرضًا، أما والده ذرفت عيناه الدموع فركض للأسفل بقلبٍ صار فُتات.
وصل له وهو يجر قدميه، فتهاوى أرضًا جواره لامسَ بأنامله وجهه الذي لم يكن له ملامح، صرخ وصرخ قلبه بقوة:
"أهٍ عليك يانور، لماذا يابني لماذا"
إرتجف جسده واحمرت عيناه ألمًا:
"أنا أنا أهملتك؟ أنا لم أهتم بك؟ أقسم لك أنّه لا يهمني هذه النتيجة يهمني أنتَ أقسم أني أريد أن أراك سعيد ولا تهمني هذه النتيجة، لما فعلت ذالك لماذا لم ترضى بما كتبه الله لك هو يقدر لنا الخير إختيار الله خيرًا من إختيارنا لماذا أهٍ عليك أهٍ عليك"
رجع للحاضر وهو يشهق بقوة على ولده الحبيب، هو يفعل كل هذه من أجل هؤلاء الأطفال يُهيئهم لإستقبال النتيجة بصدرٍ رحب وراضٍ، يساعدهم كوالدهم يوجههم للطريق وهم يختارو التكملة أم لا.
تمتم بهمس مؤلم:
"رحمك الله يابني أسأل الله أن يرحمك"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مازالو كما هم يجلسون ينعتو حظهم وبؤسهم، كل منهم شارد وأول من فاق من كل هذا "عمر" الذي نظر لهم ولوجوههم الفاقدة للحياة:
"لماذا نيأس من أقل شيء"
سؤال جعل عقولهم تتأهب، فاعتدلو في جلستهم ناظرين له حتى أخيه، عندما رأ أنظارهم توجه له فقال بنبرة حملت بعضًا من الحماس:
"لماذا لا نصبر ونحاول مرة فشلنا نكرر مرة فشلنا نكرر مرة فشلنا نـ"
بتر حديثه "ياسين" وهو ينبس بسخرية:
"ياراجل كم مرة ستكررها نكرر وفشلنا نكرر، عزيزي الفشل هو قدرنا"
طالعه "عمر" بيأس منه فتشدَّق بقوة:
"اصمت أنتَ ودعني أكمل، من قال أنَّ النهاية عندما نفشل؟ لا النهاية عندما تستسلم لا تستسلم بل إقف واصمد وحارب ثم حارب حتى تنتصر على نفسك ومخاوفك وتحقق أحلامك، لماذا يأسنا من رحمة الله؟ رحمته التي وسعت كل شيء، ألم نسمع قول الله تعالى
قال الله تعالى : "
قَالَ "وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ " [الحجر: 56] .

نوڤيلا "لا نرى" (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن