الفصل الأول "دموع"

860 70 27
                                    

الحياة أقصر من أن يُكتب فيها نص طويل"
                  "أدهم شرقاوي"

كانت صغيرة لسماعها لهذه الكلمات، لم تفهم منها شيء ولكن كانت كالعلقم، فغُرست في نياط قلبها الصغير، لِتُلازمها طيلة حياتها.

تنظر لها بدموع تسيل على وجنتيها والصغيرة تقبع أمامها وعلامات الخوف على وجهها.

لتنبس عمتها بوجع ناسية أنها طفلة:
"أنتِ شوؤم منذ ولادتكِ والمصائب تنزل على رأس أخي والأن فقدته مثل أبي"

فتضع يدها على وجهها وتبكي، والصغيرة تنظر لها على بكائها، فتذهب حتى تضمها.

"لا.. ابتعدي أنتِ فتاة أول ما أتت على هذه الحياة ماتت أمها وها أخي مات، وأنتِ عمرك خمس سنوات فقط، فماذا ستفعلين أكثر من هذا، وأضيفي أنكِ سمراء بأعين واسعة تشبه أعين البقر..... قبيحة"

قالت وقالت وياليتها لم تنبس بشيء وياليت الفتاة لم تتجه لها، نظرت الصغيرة لها وهي لا تعلم بما تفوهت به "عمتها" ولكن قلبها علِم الكثير وماذا تقصد؛ فيتألم كأن أحد يقبض عليه.
ليأتي شقيقها الذي يكبرها بست سنوات، نابسا بهجوم لعمته:
"ابتعدي عن شقيقتي أيتها العجوز"


طالعته عمته بصدمة من حديثه من يقصد بهذه العجوز؟ لِتُكفكف دموعها نابسة:
"سأخذك معي يا" أنس" وهي تذهب لخالتها.. لا أريدها"

لتنبس خالتها بعدما جعلت الصمت عنوانها فهي تشعر بها فهي فقدت شقيقتها ولكن هنا يجب أن تتخلَّى عنه:
"ماذا تقولين هل ستفرقين الإخوة"

لتنبس بعدم إكتراث لها:
"لا يهم، لن أترك ابنُ أخي، أما هذه القبيحة لا أريدها خذيها أو إلقيها في الشارع، لا يهم"

قلب أم حجر في صدرها الذي يجعلها على قيد الحياة، ليتجه الفتىٰ ويضم شقيقته بحنان فطري.

لينبس بصراخ:
"اصمتِ اصمتِ ليست قبيحة بل أنتِ"

نطق الأخيرة بعناد، جعلها تنظر له بصدمة ذاهبة بإتجاهه.
"اصمت يا قليل الأدب، ستأتَ معي وتذهب القبيحة مع خالتها"

ليصرخ بها:
"لا لن تفعلي واذهبي عنا، لا نريدك"

حقًا هي تحبه وهو يرفض أن يأتي معها، ک شتاء أتىٰ على المتشردين في الشوراع والبرد يأكل جسدهم والجوع يقرصهم، گ شعورها هنا أن ابن أخييها كرهها.

لترجع للواقع من هذه الذكرىٰ القابعة بدهاليز عقلها على صوت المسجل جوارها:
«تأملتُ والدنيا بها العُجْبُ والعَجَب
تروحُ بلا عُذرٍ وتأتي بلا سبب
فلا ظلُّها دانٍ ولو طال أمنُها
وسَلْ عن هواها كل من وُدّها خطب»

أطفئت المسجل وهي تنهض بتكاسل، وتقف أمام مرآتها، فترىٰ بشرتها السمراء وبعض البثور تتعلق بها وعيناها الواسعة بنية اللون.

هي لا ترضى على نفسها وتكره وجهها وتكره ذاتها؛ لأنها بدينة بعض الشيء... هل هي شوؤم؟

عندما وصل تفكيرها لهنا، سقطت دموعها بقوة على وجنتيها، ولسان حالها يردد
"هل هي سبب موت والديها"

نوڤيلا "لا نرى" (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن