فكر في أختك وطفلها القادم ..سنكون أه ًل. 104 -أنا لم أقُل شيئًا لـ«سارة» ولكنها ستعرف في النهاية ..وستعرف أنك لا تستحق حبها لأنك مجرم. -قابلني على نفس القهوة غ ًدا ودعنا نتناقش بالعقل ..الأمور لا تسير هكذا. هرعت بسرعة إلى منزل «حسام» ورأيت جاره الصحفي المجنون الذي نظر إل َّي باستغراب وقال وكأنه يعرفني :لماذا أنت متعجل؟ -عل َّي القيام بعدة أمور وجئت لأخذ بعض الأشياء. 105 106 «حسام الراوي» أتقول لي أن أقتل؟ أنا أقتل يا «رائد»؟ هل أصبحت الجريمة في دمك؟ وكل جرائمك تريد أن تنفذها على حساب الآخرين؟ تعجبت من طلبه وإصراره على القتل باستمرار ..لقد ح َّوله حبه لـ«مريم» إلى مختل كامل يقتل ح ًّبا في القتل ..إنه يرى في الجريمة ملا ًذا له ،تعوي ًضا عن ضعفه أمام «مريم» فقط ..لقد مل دور الضعيف أمام حبها على الرغم من أنه قوي أمام غيرها. قال وهو يشعل سيجارة :ولِ َم لا يا «حسام» ..أنا أثق بك وأنت لن تخذلني. قلت في ذهول :وتدخن أي ًضا؟ لا ت ُقل لي إن في حياتك نساء كثيرة أي ًضا. رد في ثقة :وهي حامل أي ًضا مني ،واسمها «سارة» ..لقد جئت إليك لأتخلص من أخيها. صحت وأنا لا أتمالك نفسي :أخوها؟ أخوها هو من ن َّفذ الجريمة؟ قال في برود شخص متمرس على الجريمة :نعم أخوها ..لقد ُج َّن جنونه ويتحدث عن التوبة هذا السافل. -ولكنه قتل لك «البحيري». -نعم ..أما الآن فقد يكون وسيلة إعدامي ..الغاية تبرر الوسيلة يا «حسام». 107 -أنت شيطان. -الناس تتغير يا صديقي. -اخرج من حياتي يا أخي ..سأحرق لك هذا الصندوق أي ًضا لتغادر من هنا ..لا أريد أن أعرفك. أشعلت النار لمحاولة إحراق الصندوق وفوجئت بصرخة غير عادية، حتى إنها أثارت فضول جاري الذي تع َّودت منه على دس أنفه في حياتي ومجرياتها. لقد تشاجرنا لقرابة نصف الساعة ..لكمات متتالية ..حتى الع ّض استخدمناه ..لقد فعل كل شيء في استطاعته لمحاولة إبعادي عن الصندوق واحتضنه بقوة وبكى ..لقد كان يعشق هذا الصندوق أكثر من نفسه ..لا أفهم ما الذي يفعله ..جلسنا على الأرض منهكين لمدة عشر دقائق ينظر أحدنا إلى الآخر في ذهول ..أنا لا أصدق أنه «رائد»« ..مريم» هي السبب ..نعم هي من سببت هذه القوة المطلقة بسبب ما يقول إنه «الحب المطلق» ..إنه الآن وصل إلى الشر المطلق. قال لي فجأة :قُم وافتح الباب لجارك ..هذا الكلب ذو الأنف الصحفية ..لقد سمع صوتنا. فتحت الباب ووجدت جاري يدخل ويسأل :ما الذي حدث يا «حسام»؟ ما هذه الأصوات؟ أغلقت باب الغرفة وداريت الصندوق بإحدى الملاءات وقلت :لا يوجد شيء ..ما الذي يجعلك مستيقظًا 108 إلى الآن؟ لديك جريدة وعمل في الصباح. قال :أحببت أن أطمئن عليك ..هل تنزف؟ قلت في تأفف :حادثة بسيطة ..لا تشغل بالك. قال في غضب :ما الحكاية يا «حسام»؟ لقد كنت أجلس معك وتحكي لي مشاكلك ،فما الذي حدث؟ منذ أن ظهر صديقك هذا وأنت لا تعيرني اهتمامك ولا تريد حتى أن أراه وكأنه مجرم هارب من العدالة ..ما الذي يحدث؟ -نعم أفهمك ..أنت كل ما تهتم به قصة مجرم وصحافة ..أنت لا تريد الاطمئنان ولكنك تريد الوصول لشيء ما. -صدقني لا أقصد ،لكنك تغيرت يا «حسام» ..حتى هذه المرأة التي تأتي لك هنا سمعتها وهي تقول «رائد» ..هل تعرف هي أي ًضا «رائد» وأنا لا؟ لقد عرفتك قبلها يا «حسام» ..لماذا لا تعرفني على صديقك كما وعدتني؟ -في وقت آخر ..ليس الآن ..اتركني أرجوك ..أنا آسف. عدت مرة أخرى لـ«رائد» في الغرفة ووجدته يغلق الصندوق بعد أن كان يضع شيئًا في داخله ..وأغلقه بالقفل مرة ثانية. قال مرة أخرى وهو يبتسم في مكر واضح :هاه؟ موافق على عرضي؟ -تريدني أن أقتل شخ ًصا يقدم على التوبة؟ -توبة؟ هههههه ..هل صدقت أنه سيتوب؟ إنه مثل تجار الدين تما ًما ،يريد أن يتكسب منه الآن كما تك َّسب من كل شيء ..لعبة 109 حياة وموت وتأثير على ناس وعقولهم ..إنه مجرم عبد للمال ويريد أن يبتزني بقصته هذه. -ألم ت ُقل إنك تثق به؟ -وهذه نتيجة الثقة. -ألن تراعي شعور أخته أو أمه المريضة؟ -لا تقلق ..كل شيء معد ساب ًقا. قلت في قلق :هل ستقتلهما أي ًضا؟ قال هازئًا :لا بالطبع ،هذه السيدة العجوز ستموت وحدها ..إنها تصارع الموت منذ زمن. -وإن قلت لك لن أقتل يا «رائد». -تكون قد حكمت عل َّي بالموت يا «حسام» ..لم يكن هذا عشمي فيك. -عشم؟ أنت تتحدث عن القتل! -اعتبر نفسك تنتقم من أجل «البحيري». قلت بصوت أجش« :البحيري»؟ أنا أنتقم لـ«البحيري»؟ فليذهب إلى قاع الجحيم. -سأجعلك تقتله بنفس الطريقة ..سأجعله يركب بجواري وتقتله برابطة العنق من الخلف .هذا قصاص عادل «ولكم في القصاص حياة». -أتقرأ القرآن أيها المجرم؟ ستتاجر أنت أي ًضا بالدين مثله؟ 110 -هل ستنفذ أم لا؟ اعتبرها خدمة العمر واطلب مني أي شيء. 111 112 «سالم توفيق» التوبة ..قررت التوبة ..البعض يظن أني فع ًل سأتوب فجأة ..ولكني أدمنت الجريمة ،والآن جاء دور الابتزاز ..إن الصفات السيئة إن لم تتحكم بها تتكاثر وتبدأ في نشر نسلها الشيطاني داخلك بشكل مفزع. لقد قرأت ذات مرة قصة عن ليوناردو دافنشي تع ِّب عن الخير والشر داخل كل منا: «عندما فكر ليوناردو دافنشي برسم لوحة العشاء الأخير ،اصطدم بصعوبة كبيرة ،فيجب أن يرسم الخير من خلال صورة سيدنا عيسى والشر متجس ًدا في يهوذا ..وذات يوم ،بينما كان يستمع إلى حفلة موسيقية ،لمح في وجه أحد المنشدين الصورة الكاملة للمسيح، فدعاه إلى مرسمه حيث جعله موديل وقام بالكثير من الدراسات والمخططات. بعد ثلاث سنوات ،كانت اللوحة قد أصبحت ُمن َجزة تقري ًبا ،لكن ليوناردو لم يكن قد وجد بعد النموذج المناسب ليهوذا ..وبعد أيام من البحث اهتدى الرسام إلى شاب يرتدي أسما ًل مرتميًا في مجرى ما فطلب من مساعديه أن ينقلوه مباشرة إلى الكنيسة فإنه لم يعد يملك الوقت ليقوم برسوم إعدادية ،ولدى بلوغهم الكنيسة جعل المساعدون الشاب في وضعية الواقف ولم يكن الشاب يدرك ما 113 يحدث له ..وهكذا استطاع ليوناردو نسخ سمات الكفر والخطيئة والأنانية النافرة بقوة على ذلك الوجه. وعندما أنجز الرسام اللوحة فتح المتشرد عينيه وصاح بصوت مشوه حزين: -سبق لي أن شاهدت هذه اللوحة. سأله ليوناردو دافنشي منده ًشا :متى؟ قال الرجل :منذ ثلاث سنوات ،قبل أن أفقد كل ما لد َّي ..في ذلك الوقت كنت منش ًدا ودعاني رسام لأكون موديل لكي يرسم وجه المسيح»!! إنه الخير والشر ..عندما يتجسدان في نفس الإنسان ..عندما قاموا بأبحاث عن عائلة ديستويفسكي وجدوا الكثير من العجائب؛ فالعائلة مليئة بالمجرمين والقديسين أي ًضا ،حتى إن من أقاربه من قتلت زوجها بالسم. أنا لم أعد أعرف كيف أتوب ..تم َّكن مني الشر تما ًما ..اليوم قد أنفقت معظم ما أعطاه لي «رائد» وحان وقت الابتزاز باسم التوبة ..أنا آسف يا «رائد» ،لكن الغاية تبرر الوسيلة ..ولا مانع أن أبتزك وأنت مح ِّرض على القتل. ذهبنا إلى مكان سري في هذا الوقت من الليل ..القمر كامل الليلة
......
أنت تقرأ
للخيانة وجوه
Romanceرواية رومانسية تحمل العديد من الصراعات النفسية ..ماعلاقة مريم برائد الألفي؟ كيف يحولنا المجتمع الي مسوخ .. كيف يتحول الحب من الرومانسية الي الجريمة الكاملة؟ هل كان حب سارة مجرد حب عابر في حياة رائد ؟ ستعرف كل التفاصيل في الرواية