بداية العذاب

1 0 0
                                    

الحلقة الاولى من روايتي ( شالوم )

يا الهي جسدي يؤلمني .. رأسي ثقيل بالكاد استطعت فتح عيناي .. ابلع ريقي بصعوبة بالغة متسائلا :  ترى ما هذا المكان ؟ و من قام بتكبيلي ؟ نظرت حولي في كل الاتجاهات ! المكان مظلم جدا لم اتمكن من رؤية أي شيء امامي !!   اين انا ؟ و ما كل تلك الاجهزة المعلقة على جسمي ؟ هل انا في غرفة العناية المركزه ؟ و لكن لماذا تم توثيقي ؟! حاولت فك الاصفاد و لكن دون جدوى .. انها محكمة الاغلاق . بدأت بالصراخ بعلو صوتي : هل من احد هنا ؟ دلو من الماء البارد كان كفيلا ليعيد الى بعض من توازني .. احدهم قام باضاءة الغرفة ثم اخذ في الاقتراب شيئا فشيئا  .. رجل في ال30 من عمره بملامح شقراء .. كانت كافيه لكي اعرف انه ليس عربي .. حاملا بين يديه سلاح من نوع كلاشنكوف .. بدا الذعر واضحا عليه .. قام بلمسي بأستخدام السلاح ثم عاد خطوتين للخلف قائلا : WHO ARE YOU ?  .. كرر ما قاله لي مرة اخرى .. اومأت له برأسي عله يفهم بأنني لا اجيد الانجليزية  .. اقترب مني مجددا ضربني بمقبض السلاح  على رأسي .. كانت المره الاولى التي ارى فيها العصافير تحلق فوقي ( من قوة الضربة ) ترنحت يمينا و يسارا بعدها استعدت توازني .. هززت رأسي قائلا : A am not speak English  انا لا اجيد التحدث بالانجليزيه .. خرج الاشقر من الغرفة و لكن سرعان ما عاد و برفقته  مجموعة من الكلاب البوليسية  التي بدأت بنشهي في كل مكان من  جسدي!
لم يكن بوسعي فعل أي شي سوى الصراخ .. لم تثنيها صرخاتي اليائسه .. و كأنه قد تم تدربيها لمثل هكذا مواقف .. استمر العذاب 10 دقائق كامله و انا جالس على الكرسي مكبل لا حول لي و لا قوة .. لتأتيها الاوامر بالتوقف .. ليس الاشقر من اعطاها الامر .. بل شخص اخر !! كان  يقف في احدى زوايا الغرفة .. بدأت  ملامحه تتضح  مع كل خطوة يخطوها .. رجل في ال60 من عمره تقريبا احدب الظهر بلباس اسود طويل يرتدي نظارة طبيه صغيرة بالكاد تستند على انفه و فوق رأسه قبعة بيضاء في مؤخرة رأسه تماما  .. واضعا يديه خلف ظهره .. زاد نبض قلبي و زاد معه شعوري بالخوف .. خصوصا و ان خصلات شعره المجدوله   تتحرك يمينا و يسارا .. باختصار ..اللؤم يشع من وجهه .. اقترب مني اكثر ثم قال لي  : كيف دخلت الى(  تل ابيب ؟
لم استطع ان اتفوه بكلمه واحده .. و كأن  الشلل قد اصاب جميع حواسي .. ماذا يقول هذا الرجل ؟ امسكني من شعري واضعا عيناه مباشرة امام عيناي .. مواصلا حديثه :  اخبرني الحقيقه و اياك و الكذب .. لقد قمنا بتوصيلك بجهاز كشف الكذب و من خلاله نستطيع معرفة ان كنت صادقا في روايتك ام  لا .. اسمع يا هذا انصحك بعدم المراوغه .. الامر متروك لك .. اما ان تقول الحقيقه او المزيد و المزيد من العذاب ! مشيرا باصبعه نحو الكلاب البوليسيه .. انت الان امام الكاميرا .. سوف نقوم بتسجيلك صوت و صورة .. قام الرجل الاشقر بتشغيل الكاميرا ثم عاد للخلف ..
كانت عيناي تتحرك كثيرا .. تارة باتجاه الكلاب و تارة اخرى باتجاه الرجلين ثم اعود لأصوب نظري نحو الكاميرا .. تكررت ردة فعلي التلقائية اكثر من مرة ( لابد و ان رهاب الوقوف امام الكاميرا هو السبب ) لم اقصد استفزازهم .. اشارة من يد الاحدب انطلقت بعدها  الكلاب مجددا .. كنت وجبة كاملة الدسم بالنسبة لها .. اغمضت عيناي بشدة مطلقا صرخة مدوية : ابعدوها عني سأتكلم سأتكلم !!
اقترب مني الستيني , بدأ يهمهم بكلام غريب بالقرب من اذني اليسرى .. لا اذكر انني قد فهمت شيء مما قاله ..  استعذت بالله في قرارة نفسي ثم قلت له  : ابتعد عني لا تحاول الاقتراب مني مجددا .. رفع يديه للأعلى في اشارة بأنه لا ينوي اذيتي .. عاد بعدها ليكون بجانب الاشقر خلف الكاميرا ..
اخذت نفسا عميقا .. حسنا سوف اخبركم الحقيقة كاملة ..
انا اسمي ( حسن عزوز ) عمري 26 سنه .. بدأت الحكاية عندما قررت انا و صديقي الذهاب في رحلة صيد .. كانت الخطه ان نذهب عند شروق الشمس و العوده قبل غروبها .. حزمت امتعتي و عدة الصيد , لم تكن عدة بمعناها الحرفي .. عبارة عن صنارة قديمة قمت بترميمها و اصلاحها اكثر من مرة .. ارث تناوبنا على حمله جيلا بعد جيل .. من جدي لأبي و من أبي لي .. خرجت امام منزلي منتظرا قدوم انور .. جلست عند عتبة المنزل مستندا بظهري على الباب .. اغمضت  عيناي علني اسرق بعض الدقائق ..فأنا  لم انل كفايتي من النوم الليلة الماضية .. غفوة لثواني معدوده كانت مزيج بين الواقع و احلام اليقضه .. ليقطع انسجامي ذلك الصوت  !! صوت اعرفه تماما !!  انه  اشبه بصوت غسالة ملابسة قديمة .. ابتسمت قائلا: ها قد اتى انور بسيارته ( الفيات ) حمراء اللون ( بالاسم فقط) فالصدأ قد اكل معظم طلائها .. كانت اشبه بأمراة  عجوز   في اخر ايامها .. اراقبها و هي تقترب شيئا فشيئا  و فجأه و دون سابق انذار .. انهارت تلك السيده .. ليخرج انور رأسه طالبا المساعده .. ابتسمت مجددا ثم قلت :ها انا قادم يا عزيزتي .. كنت اعلم انها  بحاجه لدفعه معنوية لتواصل المسير .... 
بينما انا ادفعها من الخلف بكل قوتي  .. انور هو الاخر يلاطفها  ببعض الكلمات ( هيا يا حلوتي  ) .. بل وصل به الحال بأن  قام بتقبيل عجلة القيادة اكثر من مرة .. و بعد كثير من المعاناه  دار المحرك اخيرا .. التفت انور للخلف مشيرا بيده  بأن اصعد الى الداخل  قبل ان تغير رأيها .. توجهت الى المنزل باٌقصى سرعه  .. اخذت عده الصيد  و عدت مهرولا بأتجاه السيارة .. جلست على الكرسي بجانب السائق !  التقطت انفاسي .. نظرت بأتجاه انور ثم قلت له : لا اريد ان اراك لا انت و لا سيارتك مرة اخرى .. نوبة من الضحك انتابت انور الذي بدوره هو الاخر قال لي : حسنا حسنا سوف تكون هذه رحلتنا الاخيرة !! لأول مرة في حياتي لا افهم ماذا كان يقصد انور بكلماته ... لم اكن اعلم انه ينوي على شي ما ..

يتبع 》》》》

شالومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن