٥- الإرهاق

18 1 0
                                    

وقف مستندا  أمام البيت ، متطلعا إلى ساعته ، شخر
مهزا رأسه و قاطبا حاجبيه ، وكيف لا يتعكر مزاجه
بعد أن انتظر حضرته لساعة ولم يظهر ، إذا لم يكن..
فرك فروة رأسه بقوة حتى أحس بلسعة ألم مستشعرا ما يفعله ، باعد يده ، مهدّأا غضبه كاتما انزعاجه ،
عليه أن يتحمل لأجل الصداقة ، لأجل ذلك لا غير ، ظل يرددها حتى يخمد بها غضبه ،
وما أن رفع رأسه حتى أبصره يتقدم إليه .
- ألا زلت هنا خلت أنك غادرت منذ وقت طويل .
- تصلبت عضلات وجهه المسؤولة عن الإبتسام ،التي أراد تصنعها لتخرج من بين أسنانه المتشددة .
- ويا للخيبة ، لا يزال عديم الكرامة هذا واقفا أمامك يتاقسى الحر والجفاف والعطش .
بينما حضرتك عديم المشاعر لم يحظ بكلمة تريح نفسه التي تدوسها كل مرة .
ألقى بكلامه بصوت صارخ يثقب طلبة الأذن .
استكمل مشيه غير آبه بالذي يعوي بوجع قلبه ، كما يدعي دائما ، إذا لم يزعجه من الصباح بالاتصالاته المتتالية التي لم تكد تنقطع لتليها الأخرى فلم يكن هنا ، و تعمد معاقبته بتركه يشوى بحرارة الشمس ،
ليرى إن سيتجرأ على فعل ذلك مجددا .
- أهذا هو الإستعداد الذي استغرق قرابة ساعة ونصف  ، لا أرى سوى التيشيرت الأزرق والبنطال الأسود .
رمقه من الفوق إلى الأسفل ، وبان على وجهه نظرة ،
تدل على أن عذرك مكشوف وأصبحت عارٍ بلا شيء يغطي كذبتك .
مسد على رأسه ببطئ ، وتحركت عضلات وجهه لترسم ابتسامة مبالغة ، وحرك يده مفرقعا أنامله لأخذ انتباه محاولا إضافة مصداقية إلى قوله .
- كيف لعجوز مثلك أن يفهم كم يستغرق شاب من الوقت ليعد نفسه ، الأناقة تكمن في إظهار الجمال بأبسط الأشياء .

فغر فاه حائر بما يلزمه فعله برائد ، كيف يجرئ على القول أنه عجوز، لم يكبره إلا بسنة واحدة ، أ لأنه رسب السنة الماضية وأدركه رائد في الفصل نفسه هذه السنة يطلق عليه عجوز ! أين المنطق في هذا ،

أقسم لو لم يكن شاهده ذلك اليوم لتأثر بمزحاته الثقيلة، لكنه يدرك جيدا أنه يتصنع ذلك ، يمثل كونه بخير ،
لا تزال تلك الصورة راسخة في رأسه ،حين رآه ، ذلك اليوم قبل شهر مضى وكلماته لا تزال تضج في رأسه .

"لقد رحلت ، هي لم تصر حتى ، على أن أبقى مهها "
لم يدرك أو يفهم عم يتكلم ، ولم ينتظر ليسأل كان بحاجة إلى أحد يستمع إليه ، فاستأنف .
" أمي تطلقت من والدي، ورحلت اليوم  "
اندهش مدركا لما نطقه، فمضى إليه، ليكون بقربه ،إلا أنه تحاشى يده، التي مدها ليواسيه ويريحه،  كانت المرة الأولى التي رآه في تلك الحالة المزرية  كانت نبرته مهتزة، مطأطأا رأسه ،وخصلات شعره تحجب عينيه ، وأطراف قميصه المجعدة، التي لا يعرف كم قبها في راحته لتكون كذلك، لم يرفع رأسه لم يرد أن يرى أحد ما في جوفه ظل يحاول التشبث برباطة جأشه .

ألم استعره من مأخرة رأسه ، أفزعه وقطع شريط أفكاره ، ليعتريه الغضب حين عرف المسبب ، ومن غيره ، إن تصرفاته تجعلك تغفل عن حاله دائما ،
وهو يعلم أنه يتعمد إزعاجه ليتراجع عن فكرة الخروج معه ، لكن لن يسمح له، عليه إخراجه مهما كلف الأمر لتغير مزاجه، ويكف عن حبس نفسه في المنزل بحجة ، ليس راغبا، وأمثالها .

سَامِحِيْنِي يَا أُمِّيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن