على الرغم من كوني أمتلك العديد من الأشخاص حولي، و لا يصعب عليّ الإندماج مع الأشخاص في محيطي إلا أنني كنتُ أعيش في وحدةٍ قاتلة..
على الرغم من إحتشاد الكثير من الأصوات على مسامعي، إلا أنني كنتُ مغلفةً بصمتٍ موحش..
على الرغم من أن كلمات المديح و الحب و الثناء كانت تُصبُّ على مسامعي يومياً إلا أنني كنتُ أصابُ بالجنون عند سماعها.. لا تثنوا عليّ! أنتم مخطئون! أنا شخصٌ سيء!
كرهتُ نفسي، كرهتُ كلّ من حولي، لا أكذب إن قلت أن الصداع و الدموع كانا جزءً لا يتجزأ من روتيني اليومي.. كانت شهوراً تعيسةً بحق.
كنتُ مزيفةً بالكامل.. أضحك بزيف، أبتسم بزيف، أستمتع بزيف، كل شيءٍ كان مزيفاً، لم أستطع الإبتسام و الإستمتاع و داخلي أجوف.. كم رغبتُ بالإنعزال و البقاء بعيداً لكنني لم أفعل؛ لأنني أعلم إن فعلت فلن أحصد إلا الألم و الصداع.
كنتُ مريضةً و معقدة! كرهتُ الشخص الذي كان يحاول إضحاكي و إسعادي، كرهته أكثر لأنه كان يخبرني كم يحبني و يغار عليّ.. كرهتُ عدم تفهمه لحالتي إذ أنه يخبرني بكونه يغار عليّ في حين لا زلتُ تحت تأثير صدمة فقدانك! كم رغبتُ بقول: "هل ارتحتِ الآن؟ الشخص الذي يؤجج نيران غيرتكِ ذهب بعيداً و لا زلتِ تثرثرين عن غيرتكِ اللعينة!".. حرفياً كنتُ مستعدةً للتفوه بهذه السكاكين لكنني لم أنبس ببنت شفة، لأنني أعلم كم كان هذا الشخص يحب محبوبتي.. يحبها لدرجة أنه كره نفسه و بكى لأنه يغار منها..
أدركتُ خلال تلك الفترة المقيتة أنني فقدتُ كل شيء.. و لستُ أبالغ بقولي لأن محبوبتي كانت 'كل شيء' بالنسبة لي، كانت أينما تطأ أقدامها في حياتي يزهر مكانه، و بومضة عين! فقدتها و فقدت كل شيء، و الزهرُ حلّ مكانه الخراب ثم أدرتُ عجلاتِ حياتي و سرتُ على مضض.
أدركتُ في تلك الفترة كم أنتِ قيّمةٌ بالنسبة لي، كنتُ أدركُ أنكِ كذلك فيما مضى لكن بعد ما حصل صرتُ أتخوّفُ من فكرة فقدانكِ مرةً أخرى.. حتى و أنا أكتب الآن أشعر بالخوف عندما أفكر بإحتمالات خسارتي لكِ مستقبلاً..
من بعد ما حصل أيضاً صرتُ أثمّنُ الأشخاص النفيسين في حياتي و أحافظ عليهم و أحبهم أكثر مما مضى و أحيطهم علماً بكم أحبهم، و في الوقت ذاته تخلصتُ من الأشخاص الذين كانوا يسببون لي السقم..
تجرعتُ ألماً مراً كالعلقم، ألماً كان ينهشُ دواخلي كقطعة لحمٍ بين أنياب حيوانٍ ضاريّ، لكنهُ أنضجني، أحسستُ أني كبرتُ سنيناً عدة خلال بضعةِ شهور.
في الواقع، أنا شاكرةٌ للرب لأنني مررتُ بكل هذا الألم، لأنه أزال الغشاوة عن عينيّ و جعلني أعي أموراً كثيرة كنتُ غافلةً عنها..
الألم نعمة تستحق الشكر.
3 Jan 2023, 11:10 PM