الفصل السادس : السيد صاحب المظلة

1K 72 109
                                    

بينما تجلس على أحد المقاعد ، راقبت بأعين شاردة المكان المكتظ بالناس الذين يجوبونه هنا و هناك ، يجرون حقائبهم خلفهم ناحية بقعة أخرى ، لربما للقاء الأحباء أو لفراقهم ، لبداية جديدة أو نهاية تعيسة ، من يهرب من المواجهة و من هو في طريقه ليقف في وجه كل شيء و ليذهب العالم إلى الجحيم..

من بين الأصوات التي تترد على مسامعها سمعته يناديها بإسمها لتترك شرودها من أجل الإنتباه إليه ، كان رجل في منتصف الثلاثينات من عمره ، بشعر أسود و عيون بنية داكنة ، شابهها في الملامح قد كان فارع الطول يرتدي ملابس مريحة لسفر ، جلس إلى جانبها مبتسما بينما يعطيها قنينة مياه أخذتها منه شاكرة ليقول لها ضاحكا :

- أتعلمين أن والدتك كانت و لا تزال مغتاضة بأنك تشبهينني أنت و أخاك بطريقة مخيفة و تصبر نفسها أنكم تشبهون والدكم ، كل من رآكم معي إعتقد بأنكم أبنائي و ليس هي و هذا ما جعل منها تستاء قائلة أنها هي من حملتكم في بطنها لتسعة أشهر و ليس أنا ! حتى أننا درسنا ذات التخصص !

ضحكت واضعة يدها فوق ثغرها ليشاركها الضحك أيضا ثم تابع بثقة :

- يجب علي أن أنجب أطفال يشبهونها لنتعادل أليس كذلك ؟ أخ..فكرة ان يكون لي إبنة بعمرك غير منطقية ، فأنا لا زلت أبدو شاب أصغر من عمري بعقد كامل !

- أوه ! إلا إنني أرى خصلة شيب هنا !

قالت بإستياء مزيف بينما تتفحص شعره مما جعله يصقع ليعتدل في جلسته مردفا بفزع :

- أحقا ؟! أين هي ؟! لا أتذكر أنني شبت !

دخل جوهم مجيئ إمرأة بملامح أجنبية على عكسهما ، إرتدت فستان أزرق مع حجاب أسود و بيدها سترتها على ما يبدو أنها غابت لدخولها الحمام ، أمسك يدها يسألها بغير تصديق بلغة إنجليزية :

- ماريا ! أحقا لدي شعر أبيض ؟!

نظرت المخاطبة ناحية لُتين التي غمزت لها لتفهم الأخرى الأمر فورا مبتسمة بخبث ، تقدمت نحوه لتؤكد له ما قالته لُتين مما جعله يهرع ناحية الحمام ليصدق الأمر بنفسه ، ما إن ذهب ضحكا بشدة على ردة فعله لتقول لُتين محادثة ماريا :

- لن يتغير مطلقا..

- إن موضوع السن حقا يخيفه ! سأستمتع بإغاضته بخصوص هذا الأمر..

- إذا أردت الدعم أنا في الخدمة دوما..

أومئت ماريا موافقة لتراه قادم ناحيتهما و عيناه تتوعدها بالويل ، إقتربت من لُتين تهمس لها :

- يجب أن نجهز أنفسنا..

في وقت لاحق ، كان تيم قد غفى على كتف ماريا النائمة أيضا على مقاعد الطائرة التي أقلعت منذ فترة ، بينما لُتين كانت تنظر بشرود إلى الغيوم من خلف النافذة ، تستعيد ذكريات السنوات الثلاث الماضية ، بداية من ليلة ذلك اليوم..

كبرياء الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن