~
و ارتفعت الشمس . و محت عظمة الكابوس الأرجوانية , و سمع الصوت , بالرغم من أن طيور الصباح غنّت , تلك التي تزقزق في الفجر , طيور بتاج , بطوق فضيِّ , ريش أسود و قوائم وردية .
إلا أن روح أحدهم لم تشرق بعد . . ما زال يكافح , يقاوم من السقوط في هوة قاع البؤس المضني
يكافح . . يقاوم . . و أين النهاية اللعينة ؟~
_ " كيف تشعرين اليوم ؟ " نبس الفتى بسؤاله بالرغم من أن نبرة صوته أفصحت عن حاجته لهذا السؤال . .
_ " أتعلم إلى أي درجة تستطيع التعلق بشخص عجوز ؟ " نسبت تحدق في . . . اللاشيء من خلال زجاج النافذة
استشعر شيئاً من الماضي الأعمى من خلال حروفها التي بثقتها_ " امممم . . . إلى درجة كبيرة ؟ "
نبس جواباً استنكارياً بينما قابلته الأخرى بالرفض ايماءً
_ " بل أكثر مما قد تتعلق بأخيك حتى . . . "
و حل الصمت لبرهة . . .
_ " ذات يوم بدا بصيص نوري . . . و أنا عاكفة على الباب الخلفي المطل على غابة صغيرة , ظهر ذاك الرجل . . .
لمحته منذ اللحظة التي بدا فيها بين الأشجار . . لحيته الخفيفة . . عينيه الناعسة , و طريقته العنيفة في دعس كل شيء هشِّ يتقصف ألماً . . .
و امتزج الدخان بضباب المساء الحزين , و كان الهواء يباعد الأغصان الوريقة كي يعطي نظرة أكمل للغابة الصغيرة و لو أنها يمحوها ظل الغسق . . .
و بفضول مراهقة اتجهت اليه و مددت يدي ناحيته , و لم أصرخ لأني لم أكن قادرة على الصراخ . . . قبض على رسغي فأودع فيها زهرة .
فحصت الهدية ; لقد أمسك العجوز بيدي كي يضع زهرة بين أصابعي . كانت حلوة و لطيفة , لها أريج غابة غامضة , مثل حضور والدتي الغائب
سألني العجوز الذي كان يوقد النيران في البستان :
' ما أسمك ؟ '
أجبت : ' ما اسمي ؟ ' .
كان خوفي عظيماً لما رأيت أنه يمص جمرة , كراميلا الشيطان . و يقذف الدخان من انفه كقاطرة و أجبته . .سألني : ' و الزهرة ؟ '
_ ' سأهديها للقمر '
كانت سرعة جوابي على قدر الخوف الذي ألّح علي
أضاف مرتاباً : ' و القمر . . . أين هو ؟ '
_ ' ابتلعته الأشجار مؤقتاً ' أجبت فيما أخذ يضحك في صخبأضاف الرجل : ' أنا الذي أهديتكِ الزهرة . . . أنا فلويد '
_ ' فلويد ؟ '
_ ' نعم فلويد . . . ' "كان تركيز الفتى يكاد ينقطع تماماً عن الواقع . . . كان مندمجاً مع قصتها لدرجة أنه نبس تلقائياً
_ " و بعدها ؟ "
قهقهت بخفة
_ " أصبحت صداقتنا متينة . . . يدي بيده , حتى أنه أحياناً يصطحبني لمنزله و لم يكن يسمح لي بالإقتراب من الحوض لأنه لطالما أخبرني أن الماء خائن . .
كان يحكي لي قصص خنزير الهند الصغير مع دخان غليونه , و ربما من أجل ذلك كان يكرر قبل كل قصة :
_ ' هذه حكاية أخرى , الكلام مع الدخان حكاية أخرى . . . . 'لطالما كان يحكي لي أن الكلارينيروس أبناء عم النجوم ببريق ريشها , زبد لازورد رطب , و فولاذ قوامها الرشيق المسقي , و مناقيرها السوداء , و عيونها التي من تول ذهبي . . .
نعم فلويد ! و بئس الخوري !
و لن ينتقم أحد من الخوري سوى الرب . . . ! "نبست كلماتها بينما انحدرت دمعة على خدها ليسألها الآخر بفضول . .
_ " و من هو الخوري ؟ "ابتسمت لتقهقه بسخرية و تنظر اليه أخيراً
_ " من يدعي مخافة الرب و لا قلب لديه . . . "
~
_ " و نقضي همرات الربيع بين ثنايا كلمات :
تجيء من الأرض , و لو أن الجناح من ملك السماء . . .
مرحباً بكم إن كانت نياتكم سلماً و لتحيا الحرب إن لم تكن كذلك . . .
و نختتمها ببضع مزهريات مكسورة و رضوخ خفيفة و ضحكات عالية و ما بين هذا و ذاك يملأ دخان غليونه الأرجاء . . . "
_ ايلانور وينستن
أنت تقرأ
دواخل الأمور دائماً داكنة
Romance_ " الكل يريد الذهاب إلى الجنة و لكن لا أحد يريد أن يموت . . " نطقت محدقة بالثلوج التي تتساقط في الخارج عبر تلك النافذة بينما أخذ هو نصيبه يحدق إليها . . . _ " ما رأيك أن نذهب معاً . . ؟ " _ " أنا و أنت ؟ ! " _ " كلا . . أنا و أنت ! " نطقت مبتسمة ب...