في الولايات المتحدة... أمريكا... واشنطن... 1990 م
في مركز المدينة... قرب الساعة... و وسط صخب السيارات، سمعت ذلك الصوت، نعم لقد عرفته إنه طنين الساعة التي في وسط مدينتنا، انها الساعة الثانية عشر منتصف النهار. صوت الساعة غريب كأنما يوجد خلل غريب في الساعة. ما هذا الشعور؟! إنه شعور أشبه بالخوف و التوتر الذي لا أعرف سببه، لربما سببه صوت ساعة مدينتنا الذي لا بقي يتردد داخل جدران منزلنا بدون توقف، ذهبت حينها لأنظر من النافذة لأرى ما الذي يجعل الساعة لا تكف عن الطنين فكان ما لم أتوقعه عندما نظرت. ذلك المشهد الذي لم أتوقع رؤيته في كل حياتي.☀☀☀ ☀☀
☀ المشهد... تحكيه جورجينا ميتشل.☀
بعد أن رأيت ذلك المشهد الذي شعرت به و هو ينثر الزعر في نفسي، شعرت بدمائي تتجمد في عروقي لشدة غرابة المشهد، لقد رأيت جموداً في العالم لم يسبق لي أن رأيته في الأعوام الخمس و عشرون التي مضت من حياتي. لقد توقفت السيارات عن الحركة فجأة كأنما خلت خزاناتها من الوقود بدون أي سبب يبرر جمودها، و توقف الناس عن الحركة و الذهاب إلى أعمالهم، كأنهم تماثيل جامدة صلبة لا روح فيها. شعرت حينها بأن هذه اللحظة هي لحظة نهاية العالم، فوقفت بلا حراك متعجبة مما أراه، لحظتها شعرت بأنني فقدت القدرة على الحركة أو الكلام، شعرت بأني الوحيدة في هذا العالم، أو بالأحرى في عالم آخر لا يوجد فيه أحد غيري ، لكن سرعان ما عدت أشعر بما حولي عندما سمعت صراخاً قادماً من غرفتي أخي الصغير سيمون الذي يبلغ من العمر خمسة عشر، نعم إنه في سن المراهقة، لقد كان الصوت القادم من غرفته هو صوته ينادي باسمي (جورجينا... جورجينا... أختي أين أنت؟)
فركضت مسرعة لأرى ما إذا أصابه أي مكروه، و كان ما يجول في بالي هو إن كان بخير لأنني كنت أتوقع كل شيء بعد الذي رأيته من نافذة غرفتي، فتحت باب غرفته بشكل هستري موجهة نظري على مدى الغرفة لأبحث بعيني عنه، وقفت ألهس بتعب عندما أراحني مشهده و هو يقف بخير أمام نافذة غرفته، و سرعان ما عرفت أنه قد شاهد ما شاهدته من وقفته التي توحي بأنه مصدوم من الذي يراه، نظر إلي بوجه مندهش و هو يقول ( أختي ما هذا الذي أراه... انظري... أشعر بالخوف) فاقتربت منه ببطأ و قلت له في توتر و خوف محاولةً ألا أظهر له ذلك ( صدقني لا أعرف يا عزيزي... لكن لا تقلق أقترب موعد قدوم والدي من عملهما... و حال قدومهما سنخبرهما بما حدث)
ربت على كتفه بتوتر و أقتربت أحضنه لأنني شعرت بأني لن أراه ثانية و أغمضت عيناي التا امتلأتا بالدموع و أحتضنته بحرارة لأشعره بالدفئ ، و بينما أنا أحتضنه لفت انتباهي شيء قد كان جداً يزعجني، فرفعت رأسي لأدقق السمع جيداً لأتأكد من أن طنين الساعة حقاً قد توقف، فأبتعدت عن أخي مسرعةً باتجاه النافذة لأدهش مرة أخرى، لكن هذه المرة كان المشهد هو عودة كل شيء كما كان من حركةٍ و نشاط و توقف ذلك الجمود الذي أصاب العالم بمجرد توقف طنين الساعة المريب، عندها أقترب أخي مني و نظر معي و قال بدهشةٍ :( كيف حدث هذا؟! كيف عاد كل شيء كما كان؟!) فنظرت إليه و قلت :( لربما هناك شي ما غريب يحدث في الساعة! فبمجرد توقف طنين الساعة المريب عاد كل شيء إلى طبيعته، أنا متأكدة من وجود سر كبير وراء هذا الأمر، لا أظن أنه من الجيد أن نبقى صامتين عن هذا الأمر، لأنه قد يشكل خطراً على حياتنا!) فاتجه سيمون بعينيه إلي و هزّ رأسه موافقاً على ما قلت له. فبقينا ننتظر والدي ليعودا فنخبرهما بما حدث معنا، و نطرح عليهم آرائنا، كنا متوترين و خائفين من ألا يعودا للمنزل، لكن عادا بعد ربع ساعة مما حدث معنا، ركض أخي سيمون ليفتح الباب بدون أن ينظر إلى من يدق الباب أو حتى أن يسأل، عندها رن هاتفي و كان الذي يتصل هو والدتي، و قبل أن أرد، أشرّتُ لأخي بأن ينتظر قليلاً قبل أن يفتح، و ردتتُ على المكالمة، لكن المتصل لم يكن والدتي لقد كان صوت رجل مخيف، و لم يقل سوى بضعة كلمات، أثارت زعري و جنوني و جعلتني أفقد عقلي و كانت ( أقترب أجلك أنت و أخيك،ِ لن تفلتا من يدي، سأقتلكما و أنهي حياتكما كما قتلت والدتك)
☀☀☀☀☀☀☀ ☀ بعد المكالمة... تحكيه جورجينا ميتشل ☀
بعدما أجبت على المكالمة، قد كان ذلك الشخص قد إكتفى بتلك الكلمات، و أغلق المكالمة بسرعة، كان يعرف أنني سأسأله عن أمي أو سأسأله عن هويته، و لكنني لم أعد أهتم بمعودة الاتصال به لأن كل تفكيري كان عند أخي، فصرخت بأعلى صوتي لأمنع أخي من فتح الباب، لكن كان قد فات الأوان لأنني عندما وجهت نظري إلى أخي رأيته قد فتح الباب...... و بسرعة هسترية ركضت نحوه لأمسك به و أبعده بشراسة و أقف أنا أمام الباب لأحميه من أي خطر، و لكنني انصدمت عندما رأيت أبي و أمي أمام الباب و ليس أحداً آخر كما اعتقدتُ، حينها قال لي أخي بغضب شديد :( ما بكِ؟!... لماذا فعلتِ هذا؟!... لقد آلمتيني!... أخبريني ما الذي أصابكِ؟!... ألم نكن ننتظر والديَّ!) و بدون تفكير احتضنت أمي بسرعة و قوة شديدة غير آبهة بأخي الغاضب ، لكني لم أشعر بدفئ حضنها المعتاد، أعتقد أن السبب يعود إلى خوفي الشديد و أفكاري المشتتة و شدة صدمتي برؤية والديَّ، و زاد غضب أخي الذي كان لا يستوعب ما الذي أصابني بعد ما رآني أحتضن والدتي غير مباليةٍ به، و أيضاً أصابت أبي دهشة و حيرة من طريقتنا باستقباله هو و أمي، بعدها أسرعنا و دخلنا للمنزل لنناقش ما الذي جرى و استقرينا في غرفة الجلوس، ذهبت أمي للمطبخ لتحضر الطعام و تجهزه، بدون أن تسألنا أو تستفسر عن طريقة إستقبالنا الغريبة لهما، و كأنها كانت تعرف السبب، نظرت لها بريبة و خوف محاولةً معرفة ذلك الشيئ المخيف الذي شعرت بإقترابه و تلك المصيبة السوداء التي ستخيم علينا، كانت هي تحرك نظرها بيني و بين سيمون أخي، و نظرت لي و ابتسمت ابتسامةً سطحيةً مزيفة ظنت بأنها ستجعلين أُبعِدُ نظري عنها، بادلتها تلك الابتسامة المزيفة، و حاولت أن أبقي نظري عليها، بدأت تلك الأفكار السوداء تخطر لي،( ..... ما بها أمي... هل يقل ألا تكون أمي... هل من الممكن أن تكون شخصاً تنكر بهيئة أمي.... لماذا الذي اتصل قال بأنه قتل أمي و من رقم هاتفها بالذات اتصل... يا ترى هل من المعقول ألا تكون أمي أم الذي إتصل كاذب.... و لكن ما مصلحته ليكذب... لا لا لا يستحيل أن لا تكون أمي... لكن لماذا تصرفاتها غريبة... أووه جورجينا كفاكِ تفكيراً بهذا الأمر، سيتضح كل شيء مع مرور الوقت ...) هذا كان كل ما يخطر في ذهني من أفكارٍ سيئة، و عندها سمعت صوت والدي الذي كان يناديني، فأسرعت إليه، وجدته في غرفة الجلوس، جلست أمامه و بجانبي سيمون، و بدأ يطرح تساؤلاتهِ الكثيرة. كان أول ما بدأ به :(عزيزتي جورجينا، ما بكِ؟ هل حدث شيء لكما؟! ) نظرت له ثم عدت أفكر(... هل أخبره بما حصل؟ أو أصبر قليلاً لعلي أكتشف شيئاً ما....) سرق أفكاري أخي سيمون الذي بدأ يقص على والدي الذي جرى بغيابه عن المنزل هو و أمي أثناء عملهما، و لكن جذب انتباهي آخر جملةٍ قالها و التي كانت :( كنا يا والدي ننتظركما بفارغ الصبر أنا و جورجينا، و عندما دق الباب، أسرعت لأفتح لكما بكل سعادة ، لكن لم أعرف لماذا قامت جورجينا بدفعي و إبعادي عن الباب بمجرد وصولي ؟!)
هنا شعرت بالإرتباك، لم أعرف ما سأقول، لأنني كنت قد قررت بعدم إخبار والدي عن المكالمة، فسألني أبي بدهشةٍ :(عزيزتي.. لماذا؟!.. و أيضاً.. ما هذا؟! ... كلامكم لا يصدق!.. إن ما تقولونه لي شديد الغرابة؟!.. لا أظن أنه حقيقيي... لربما كنتم تتوهمون!)
أجبته سريعاً لكي أُعيد كل شيء كما جرى، (نعم يا والدي، أظن أننا نتوهم ما حدث) نظر لي أخي بغرابة و قال لي (ما بكِ؟! ألم نرى ذلك الجمود مع بعضنا؟ أجيبي هيا!) ف قلت له بكل هدوء (اهدئ يا سيمون.. لربما ما شاهدناه كان مجرد أوهام)
بقي صامتاً ينظر لي بغرابة يظن بأنني لربما أتراجع عن رأيي، بعدها أستئذنت من والدي لأذهب إلى أمي متحججةً بأني أريد مساعدتها لكنني كنت أريد أن تبقى تحت ناظري، وقفت خلف حائط المطبخ أنظر لأمي و أراقب ماذا تفعل، نظرت النظرة الأولى لأرى أمي تشرب شراباً لونه وردي موضوع في عبوة صغيرة، ثم نظرت حولها لترى إن كان أحد قد رأها ، هنا وضعت يدي على فمي لأكتم أنفاسي كي لا تنتبه لوجودي و استدرت وراء الحائط، بدأت أفكر ما هذا الشراب؟! لماذا أمي تشربه؟ لماذا لا تريد أحداً أن يراها؟! استدرت مرةً أخرى لأتابع مراقبتها، فوجدتها تضع الطعام في الأطباق فشار لي عقلي أن أدخل و أتظاهر بأنني أود مساعدتها لأبحث عن تلك العبوة و أعرف ما بداخلها، دخلت قائلةً (أمي... ما هذا الطعام الشهي! إن رائحته ذكية! أمممم! كم يبدو لذيذاً!) نظرت لي و ضحكت و قالت (هنيئاً جورجينا...) ابتسمت لها و تظاهرت بأني أريد طبقاً من الخزانة التي أمامنا، فتحها و بحثت جيداً عن تلك العبوة، لكنني لم أجدها، أغلقت باب الخزانة، و نظرت لأمي و إلى ملابسها، فرأيت جيب بنطالها من الخلف يحوي على شيء يشبه العبوة، فاقتربت إليها و احتضنتها من الخلف و بدون أن تشعر مددت يدي إلى جيبها، و سحبت العبوة، أجل.. لقد فعلتها.. همست بهذه الكلمات و عندها قالت أمي ماذا بكِ؟ ابتعدي عني سيجهز الغداء.. فأبتعدت قائلة.. (حسناً أمي.. ناديني عندما يجهز... أنا في غرفتي...)
و عندما وصلت عند الباب أوقفتني قائلة (جورجينا) نظرت لها فرأيتها تضع يدها على جيبها الخلفي و كانت تبدو غاضبة جداً، بلعت ريقي، قلت. (ماذا؟! هل حدث شيء؟!)فاقتربت مني و قالت بغضب(اعطيني اياها بسرعة ٍ... هيا! )إليكم الجزء الأول... و أعدكم بجزء مشوق جميل مليءٍ بالأحداث الصادمة..
أتمنى آرائكم بالتعليقات و توقعاتكم كيف ستصبح حياة جورجينا و كيف ستبدأ قصة حبها
لن أتأخر عليكم و أعدكم بجزء أطول
أنت تقرأ
في بقايا الظلام
Mystère / Thrillerغموض. ألغاز. سحر. رومنسي.. ... مترجمة للغة العربية... في الولايات المتحدة... أمريكا... واشنطن... 1990... في مركز المدينة... قرب الساعة... ووسط صخب السيارات... حدث ذلك الشيء المخيف...