في بقايا الظلام

17 2 0
                                    

الأم :(اعطيني اياها بسرعة... هيا...!)
بلعت ريقي بخوف و توتر، رفعت يدي لها و فتحتها أحمل تلك العبوة الصغيرة، بسرعة مسكتها أمي بغضب شديد و ظلت تنظرني بريبة و غضب، حتى قمت أنا بقطع ذلك الصمت الذي خيّم على المكان بسؤالي لها :( أخبريني... ما تلك العبوة؟.. أهه!...أريد أن أعرف أو اعطني لأشرب منها... أريد أن أتذوق طعمها.... تبدو لذيذة! هيا.. هيا..
أمييي....)
قالت بغضب مريع كلماتٍ تأكدت حينها أنها تخفي سراً كبيراً وراء هذه العبوة و كان ما قالت ( من تظنين نفسك لتتطفلي على ما لا يعنيكِ؟
أتريدين أن أقتلك كي لا يفضح أمر...)
هنا توقفت عن الكلام عندما أدركت أنها كادت للتو بفضح أمرها بوضع يدها على فمها، لكنني لست غبيةً إلى تلك الدرجة حتى لا أعرف أنها ليست أمي... ماذا ماذا ما هذه الأفكار؟! أنا لماذا أفكر بهذه الطريقة؟! و كيف لن تكون والدتي؟!
بالتأكيد هي... و إن لم تكن، فكيف ستبقى دون أن تفضح نفسها؟ أو بالأحرى كيف ستتنكر بهيئة أمي؟!.. هل يعقل.... لا.. لا... مستحيل أن يكون الشراب... لكن...
هنا عدت بذاكرتي استرجع المشهد قبل أن تتحدث أمي بتلك الكلمات، و تذكرت أنها عندما قالت تلك الكلمات بغضب تغير صوتها إلى صوت رجل، و عندما تذكرت ذلك بدأت بالبكاء و أمشي بخطوات بطيئةً نحو باب. المطبخ، و أنا لا أُصدق أنها حقاً قد لا تكون أمي، و في هذه الأثناء كانت أمي قد لحقت بي و وضعت يدها على كتفي و بدأت تقول ( عزيزتي.. ماذا بك؟.. صدقيني أنا.. أم..زز..ح.. صدقيني... ماذا بك؟ ؟ أجيبي هيا.. لماذا تبكين.... ارجو..)لكنني عندها أوقفتها عن الكلام بوضع يدي أمام وجهها و يدي الأخرى على فمي، فحاولتْ حضني لكنني لم أسمح لها، و بسرعة ذهبتُ لغرفتي و أغلقت الباب بإحكام، و رميت نفسي على السرير أبكي،
(هل حقاً خسرت والدتي؟ هل حقاً لا أستطيع رؤيتها بعد الآن؟ هل عليّ إخبار والدي؟! لكن لا أملك دليلاً على أنها ليست أمي.. أأه عليّ أن أصبر قليلاً، إن لم تكن والدتي فلن تأتي إلى هنا كي لا تجذب انتباه والدي و أخي، و إن كانت أمي فستخبر والدي كي يأتي و يراضيني، يا ربي ما هذا الذي يحدث؟!حسناً عليّ الانتظار..
............. مرت دقائق و لم يأتي أحد بعد....
............. مرت ساعة و لم يأتي أحد بعد.....
اذا هي ليست أمي كما توقعت، حتى أنه لم يأتي أحد ليدعوني للغداء، لربما أخبرتهم أنني لست جائعة أو تناولت طعامي كي لا تفضح أمرها، من المؤكد أنها ظنت أنني سأخبرهم، لكن لم يحن الأوان بعد لإخبارهم، عليّ أولاً إيجاد دليل، دليل يثبت أنها ليست أمي.
وقفت أمام المرآة أنظر لوجهي الجميل الناعم الملامح الذي تركت الدموع أثرها عليه، مسكت شعري الطويل أسرحه و تذكرت هذا الشعر الذي كان أكثر شيءٍ تحبه أمي بي، فمسكت المقص و بدأت بقصه خصلةً ٍ تلو الأخرى و أنا أقول بنفسي (إن لم تلمسك بكَ أمي يا شعري مرة أخرى، فلا داعي لوجودك) بعد أن انتهيت ضربت المرآة بيدي فانكسرت لشدة الضربة و بدأت بالبكاء و يدي مليئةٌ بالدماء .
هذه صورتي التي لا تذهب من مخيلتي عندما كنت في تلك اللحظة .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 01, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

في بقايا الظلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن