استيقظت امل من إغمائها وهي تشعر بصداع شديد ..نظرت حولها بنصف عين ووجدت الرجل والفتاة بالإضافة الى عجوز نحيفة وشابين اخرين يجلسون في حلقة حول مجموعة اخشاب تحترق للتدفئة وكل منهم يسرح في عالمه الخاص .. نهضت امل متجهة اليهم وهي تشعر بأن رأسها ثقيل جدا وجلست بينهم لينظر لها الرجل :إن رأسك ينزف .. حاولت الطبيبة ليلى ووجه أنظاره الى تلك العجوز ان تضمد الجرح بقدر الإمكانيات
امل : شكرا لكم انا اقدر ذلك ... ولكن لدي سؤال ما .. هل سنبقى هكذا لماذا لا نذهب الى ما كنا سنذهب اليه
اجابها الرجل بنوع من الغضب : لقد تحطمت الحافلة وسائقها مختفي لم نستطع ايجاده والمغامرة في البحث عنه هي غباء ..المكان هنا أشبه بالعذاب ولكن عندما يحل الصباح سنذهب لاستكشاف المكان
الفتاة بخوف :أتقصد اننا سنبيت هنا على الحافة ماذا لو
قاطعها الرجل بسرعة : إذا كان لديك بعض المخاوف فانا قد خطرت لي كل الأفكار السيئة التي قد تخطر ببالك وأشعر بالمسؤولية بما أنني أكبركم سنا فلا تروعي غيرك فقط ابقي هادئة
امل لتخفف الغضب : هل بإمكاننا التعارف فيما بيننا بدلا من هذا الشجار ؟!
الرجل : اسمحو لي أن أبدأ .. انا الاستاذ وليد .. و لدي ما يقارب 38عاما وهؤلاء هم طلابي في الجامعة وأشار الى الفتاة وزميلها
الفتاة : مرحبا جميعا أدعى ماري و لدي ما يقارب ال22عاما وهذا زميلي علي
علي : كما قالت ونحن في السنة الثالثة من كلية الهندسة نظر علي للعجوز مشجعا لها على الحديث
ليلى : مرحبا .. ادعى ليلى وانا اعمل كطبيبة وحقا لا تسأل المرأة عن عمرها ولكنني لن أخجل من كبر سني فهذه سنة الحياة لدي ما يقارب ال52 عاما .. شكرا على استماعكم ثم نظرت العجوز للشاب الذي يجلس بجانبها ولم تلحظه أمل في البداية فقد كان بجوارها ايضا
شاب يرتدي سترة سوداء وبنطال اسود وكان شعره حالك السواد ك حال عينيه نظر للعجوز وحمحم ..
ادعى عمر ولدي ما يقارب ال25عاما أعمل في الميكانيكا وتصليح الأشياء وهي هوايتي ثم نظرو جميعهم لأمل التي قد ارتسم على محياها شيء من الحيرة .. يا ترى أين رأت هذا الشاب من قبل تشعر وكأنها تعرفه منذ دهر او اكثر .. فوجئت بهم ينظرون لها جميعهم للتحدث واستجمعت نفسها بسرعة
امل : انني اعتذر ولكنني لا أذكر شيئا .. لعلني أتذكر أمرا يخصني في الأيام القادمة
وليد : لا تقلقي .. فإصابتك ليست بإصابة بليغة
ماري : ماذا يجب علينا ان نناديكي
امل : لا ادري ..
العجوز : التائهة
ضحك الجميع ولكنهم ادركوا فيما بعد بأنهم جميعا تائهونوفيما هم يعرضون خططا ليوم الغد سمعت أمل لهث ليس ببعيد فنهضت بروية واتجهت بالقرب من أقصى الحافة لتنظر للأسفل فتجد إمرأة تستلقي على الأرض ووجها أحمر اللون ويجلس بجانبها طفل يقارب الخامسة من عمره ...أدارت وجهها لتناديهم ولكنها فوجئت بوليد يقف بجانبها وينظر للمرأة فناداهم جميعا للمساعدة .. وكان النزول صعبا ولكنهم استطاعوا ان ينزلو وكانت ليلى اول من ينزل .. علمت امل بعد مدة أن المرأة كانت على وشك الولادة ولكن قدر الله وما شاء فعل لم تستطع إنجابه فقد ماتت المرأة من شدة الألم بسبب إجهاد الولادة و حادثة الحافلة التي هوت بها من مسافة لا بأس بها ..
بكت أمل عليها وعلى طفلها ذي الخمسة أعوام .. لم تستطع تخيل أنه سيصبح يتيما منذ صغره .. كيف سيحيى حياة كريمة دون ام تحن عليه .. ضمته الى حضنها لكي لا يرى دفن أمه واخيه وبعد فترة من الزمن نام الطفل من تعبه وحملته امل ولكنها لم تستطع الصعود الى قمة الحافة معه بقيت تحاول الى ان شعرت به يسقط عن ظهرها فصرخت ولكنها وجدت عمر يحمله ويصعد به ..نظرت حولها بإحراج وصعدت بمساعدة وليد
وليد : إجلسوا بالقرب من بعضكم البعض فالمكان ليس آمنا .. قد سمعت أن سكان هذه القرية يكرهون المطر بشدة ولا أحد يعلم سبب ذلك .. وهذا فصل الشتاء البارد لذلك سنواجه بعض المتاعب في الحديث معهم ولكن لا بأس ..
امل : بعيدا عن موقفنا هذا .. ماذا سنفعل بالطفل ماذا سنقول لأبيه بعد أن نجده
وليد : بعد أن نصل سيحدث خيرا لا تقلقي ولكن يجب ان تعاملوه بلطف هذه الآونة لكي يتخطى موت امه
ماري : انه لأمر مؤسف يا استاذي
عمر : إنني أتفهم شعوره جيدا .. فانا يتيم الأبوين منذ صغري
شعروا جميعا بالأسى عليه .. لاحظ عمر نظراتهم الميلئة بالشفقة فرد قائلا : لا داعي للحزن فانا معتاد على ذلك
وليد :رحمهم الله ..لتناموا الآن .. لدينا عمل شاق غدا بإذن الله
ماري : هل سننام هنا ؟!
وليد : بإمكانكم النوم في الحافلة ولكن أعتقد ان الأعشاب أكثر راحةوبعد التفكير أنقسم الفريق الى جزئين منهم من نام في الحافلة ومنهم من نام خارجا وكانت أمل منهم
وبعد 3ساعات إستيقظت أمل على صوت الرعد المخيف والمطر يغرقها من وفرته لتنهض فزعة وتتوقظ وليد وعمر ليدخلا الى الحافلة كي لا يمرضا ... وفي حين إيقاظها لعمر أمسكها من عنق سترتها ورفع قبضته لضربها وعندما أدرك أنها أمل فك قبضته عنها وأخذ يمسح وجهه بانزعاج .. واكملت أمل إيقاظها لوليد استيقظ وذهب الى الحافلة مسرعا وأثناء ذهاب أمل الى الحافلة وجدت شخصا بجانب شجرة بعيدة فظنت أنه قد يكون من أهل الحافلة فذهبت اليه ببطئ وعندما أقتربت أكثر فأكثر وجدتها إمرأة شبيهة بأمها فسألتها أمل : هل انت ممن أتو معنا في الحافلة ؟ فأجابتها السيدة بهدوء : نعم يا بنيتي ولكنني لم أجد الحافلة .. بحثت عنكم طوال اليوم ووجدت مكانا أفضل للجلوس فيه بدلا من الجلوس تحت المطر .. اذا كنت تودين المجيء معي فأنا لا أمانع ..
ابتسمت أمل ببهجة خافتة : حسنا لست متاكدة من فكرة ترك المجموعة ولكن هيا بنا وبدأت المشي وشعرت بيد تسحبها الى الخلف فوجدت عمر يصرخ بها : الى اين انتي ذاهبة الم تستمعي لوليد ..
امل : الا ترى السيدة تعرض مكانا للمبيت انها من حافلتنا
عمر : ولكنه رجل وليست إمرأة
أعادت أمل النظر الى تلك السيدة ولكنها لم تجد أحدا
امل : لقد اختفت السيدة لقد كنت أمشي خلفها قبل قليل
عمر : لقد كنت تمشين بجانب رجل يشبه والدي وها هو ينظر اليك .. أشار عمر للرجل فنظرت أمل اليه فما كان سوا فتاة صغيرة .. إقشعرت أمل من الخوف لمظهر تلك الفتاة وصرخت بصوت منخفض
امل : انها فتاة يا عمر أهرب فإن هذا المكان مخيف حقا
نظر عمر الى الرجل فوجده قد اختفى ومشى خلف أمل الى الحافلةفي الحافلة لم تستطع أمل النوم من خوفها حاولت جاهدة النوم وعدم التفكير فيما حدث ولكنها لم تستطع وفي الصباح استيقظوا جميعا عدا أمل التي أحاط جفناها السواد من السهر وعندما سألها وليد : لماذا لم تنامي ؟! أخبرته أمل عما حدث في الليلة السابقة
يا ترى ما السر خلف ذلك وما الذي يحدث ؟!