اللقاء صدفة .. أم تراتيب قدر ؟!!
أم أن كل صدفة وراءها قدر لا ندركه .. لا نفهمه .. وبعض الأحيان لا نؤمن به !!
يتحرك بنزق في شقة صديقه ، يصفق أبواب قطع المطبخ الخشبية وهو يبحث عن أماكن الأشياء فيعد له طعامًا ، فهو لا يريد الخروج –وحيدًا – لتناول طعامه ، نفخ بقوة وهو يجد أخيرًا بعض من أعواد المكرونة يستطيع أن يطهوها مع قطع اللحم المبتل الذي وجده سابقًا في مبرد صديقه ليتمتم بضيق إلى نفسه : يجب أن أتسوق إذا قررت الاستمرار في المعيشة هنا مع هانك .
لوى شفتيه وهو ينهمك في صنع طعامه ليحملق في صلصة الطماطم الحمراء بلونها المألوف ليعاتب نفسه من جديد ، فمنذ هذه الليلة التي وصل بها إلى أمريكا وهو كلما أغمض عينيه تتراءى إليه حينما تركها من خلفه تقف وحيدة بجوار حقائبها أمام المطار بينما استقل سيارة خاصة كان رتب استئجارها كلما أغمض عينيه تتراءى إليه وقفتها وحيدة وحقائب سفرها بجوارها ، بل أنه لا يقو على النوم ورائحتها التي سكنت رئتية منذ اللحظة التي غفت فوق كتفه تتسلل إليه دون إرادته فتعشش بجوانب روحه فتطير من عينيه النوم كلما أراده .
عبس بغضب وفكر في حالته مستعصية ، يعترف بأن تأثيرها أقوي مما تخيل يومًا ، بل هو أقوى من أي امرأة تعارف عليها قبلًا ، ابتسم ساخرًا وتساءل " هل وجدت امرأة من قبل يا رحيم ؟! أنت كنت مفتون بعبق أخرى شبيهة لتلك التي تؤثر على قواك العقلية دون سبب مفهوم ؟! "
باشر طهو طعامه ليرن جرس الباب فينظر إلى ساعة معصمه قبل أن يتجه ليفتح الباب وهو يتعجب من هانك الذي يدق جرس بيته دون أن يستخدم مفتاحه الخاص لتتسع عيناه بصدمة ويسأل نفسه " هل وصلت تخيلاتك أن تراها بدلًا من هانك ؟! "
أوقظه من سباته صوتها الغنج والذي أتى مصدومًا بدورها وهي تهتف : أنت هنا ؟!
رد بعفوية غضبة : بل أنتِ التي هنا ؟!
زمت شفتيها من حدته الغير مبررة لتجيب بأريحية : نعم أنا أبحث عن دكتور هانك ، اليس هذا منزله ؟!
ازداد عبوسه : بلى يسكن هنا ؟!
ردت بعفوية : إذًا أنا على موعد معه .
صاح بحدة : هنا ؟!
رددت : أليس منزله ؟!
أطبق فكيه وهو يحرك رأسه إيجابًا فتتبع – إذًا موعدنا بمنزله الساعة الثامنة
رفعت معصمها لتنظر إلى ساعة يدها : هل أتيت مبكرًا ؟!
ومضت عيناه بغضب لتتابع هي بثرثرة متجاهلة غضبه البادي على ملامحه : لقد أتيت بموعدي .
تمتم بصوت ناقم : هانك ليس هنا .
دلفت إلى الشقة بأريحية وهي تبتسم باتساع : حسنًا سأنتظره إلى أن يأتي ، التفتت إليه - إذ لم يكن لديك مانع
رمقها بحنق ليغلق الباب بحدة : ولماذا أمانع ؟! صديقك شريكي في السكن ،ومن حقه استضافة صديقاته وقتما يحب !!
ضيقت عيناها بعدم فهم لنبرته الحانقة فتسأله بجدية شديدة : لا أفهم قصدك ولكن لا بأس سأنتظر هانك فليس من اللائق انتظاره بالأسفل وخاصةً أن المطر ينهمر بالخارج .
رفع حاجبيه وهو ينظر لها تجلس على الأريكة من أمامه تضع معطفها الثقيل بجانبها وتعدل من فستانها الرسمي القصير الذي يكشف عن ساقيها بطريقة مثيرة فيزم شفتيه وهو يشيح بعينيه بعيدًا عنها ، يعود ثانيةً إلى المطبخ فيلحق بطعامه الذي كاد أن يحترق ليسب نفسه سرًا ويسب هانك ويسبها لقلة حيائها وانفلاتها .
رن هاتفه فاتجه ليجيب اتصال صديقه بزعقة حادة رغمًا عنه يسأله عن مكانه فيغمغم الآخر بالاعتذار عن تأخره في القدوم فانهمار الثلج الذي بدأ يتكاثف في المكان المتواجد به صديقه منعه من الوصول في موعده ، ليسأله عن ضيفته فيجيبه من بين أسنانه أنها وصلت بالفعل وتنتظره ، صمت الآخر قليلا ليهمس له بأنه لن يستطيع القدوم وسيعتذر منها لأنه أخلف موعدهما .
أطبق رحيم فكيه ليسأله بغضب وهو يدلف إلى غرفته ويغلق الباب من خلفه : لم تخبرني أنك تواعد إحداهن .
قابله الصمت قبل أن يهتف صديقه بجدية : أنا لا أواعد إحداهن ،
خيم الصمت عليهم قبل أن يتابع هانك - إنها ليست صديقتي ، إنها زميلتي ومن ستشاركني تقنية الدواء الذي أهِم باختراعه .
امتقع وجهه وعيناه تتسع بذهول من كلمات الآخر التي صعقته وهو يكمل : لقد دعوتها للعشاء على شرف شراكاتها لي ، فهي طبيبة نابغة وتعاونها معي نجاح محقق لمشروعي .
ازدرد لعابه وهم يهمهم بكلمات متناثرة ويغلق الهاتف مع صديقه الذي أنهى اتصاله وهو يخبره بأنه سيحدث الضيفة ليعتذر منها .
تحرك عائدًا لها فيجدها واقفة تستعد لمغادرة المنزل ، ابتسمت بلباقة حينما ظهر أمامها لتهتف بجدية : المعذرة أزعجتك ولكن هانك لن يأتي إذًا أنا سأغادر .
أومأ برأسه متفهمًا وهو يقف ثابتًا بمكانه ليهتف بعفوية وهو يراقبها تهم بالمغادرة : انتظري .
عبست وهي تتوقف تنظر إليه بتعجب فيهمس متابعًا : لا تغادري دون تناول العشاء ، حتى إن لم يحضر هانك ، ليس من اللائق مغادرتك دون تناول الطعام وخاصة مع انهمار المطر بالخارج .
نظرت له بثبات لتهمس : هل هذا هو السبب الوحيد لدعوتك لي بالبقاء وتناول الطعام ؟!
ابتسم بحرج ليهتف بمرح مفتعل : واعتذار مني على مقابلتي الغير لائقة لكِ .
ابتسمت بمكر : أيهم ؟!
ضحك رغمًا عنه ليجيب : كلهم .
اتسعت ابتسامتها : موافقة
***
__ الطعام رائع .
صرحت وهي تلتهم ما قدمه لها بمرح قبل أن تتابع – لم أشعر أني جائعة بالفعل إلا حينما تذوقته .
ضحك بخفة وهو يحملق بها : بالهناء والشفاء .
عضت شفتيها تكتم تأوه متلذذًا كاد أن ينفلت من بينهما ، فتومض عيناه رغمًا عنه وهو يلتقط أقل فعل تقوم به لتهمهم وهي تبتلع طعامها فتضع كفها أمام فمهما حتى تتحدث بصوت محشرج : سلمت يداك .
__ سلمكِ الله ، ألقاها بصوتٍ حانٍ فابتسمت بسعادة وانهمكت في تناول طعامها ليهمس بصوت أجش ونبره جادة أجبرتها على التوقف عن مضغ الطعام : من أنتِ ؟!
رفعت عيناها ونظرت إليه بصدمة قبل أن تبتسم باستهزاء جلي سطع بمقلتيها وتهمس بمكر : حقًا تريد أن تعرف ؟!
ضيق عينيه ووقع في فخ اتصال نظراتها القطية ، ببريقها الزمردي وإغوائها الفطري ، مطت شفتيها تحثه على إجابتها فازدرد لعابه ببطء شديد وهو يتأمل ثغرها الفاتن فيهمهم بصوت مشتعل : نعم أريد أن أعرف .
ابتسمت بسعادة وزهو ومض بعينيها لتتلاعب بشوكتها قليلًا ، قبل أن تقرر رفعها ومعانقتها بشفتيها في رقة وهي تزمهما للأمام فلا تلطخهما ببقايا الطعام ، كتم أنفاسه وتجلى الحبور على وجهه وجسده يتخيل روعة تقبيله لشفتيها الفاتنتين ، حينما رفعت عيناها لتجفل من نظرته الحسية فتهمس اسمه في ذعر قبل أن تنهض واقفة في ردة فعل لم يتخيلها وهي تتمتم بصوت مخنوق : سأرحل ، شكرًا على الطعام
انتفض بدوره ليقطع طريقها ويقف أمامها يمنعها عن المغادرة : لا لن تذهبي قبل أن تخبريني عنكِ .
ابتعدت للخلف قليلًا لتهمس : في حالتك هذه أنت لست بمؤتمن
رفع حاجبيه بعدم تصديق قبل أن يهتف بسخط : لست بمؤتمن ، أمن مثلك تفكر بهذه الطريقة ؟!
جمدت ملامحها ورددت بصوت أبح : من مثلي ؟!!
ابتسمت بمرارة ورفعت رأسها تجيبه ولا تمهله وقت للرد : نعم أنا أفكر بهذه الطريقة فمن مثلي لا تدخل بعلاقة كل يومين ولا تركض وراء حواسها ،
تحركت لتعبر من جانبه : ولتعلم أنت لست من نوعي المفضل وإلا كنت بقيت لما أردته أنت .
فتحت باب شقته لتقف قبل أن تغادره : عمت مساء يا رحيم بك .
***
![](https://img.wattpad.com/cover/334318666-288-k318511.jpg)
أنت تقرأ
نوفيلا .. عشقت قدري
Romanceيسألونك عن العشق فأجبهم بأنه شوق .. لهفه .. شغف .. وامتلاك روح لآخر رمق وأخبرهم بأنه تنهدات .. آهات .. بكاء .. وصراخ يصل إلى عويل . وصفه بأنه يجمع بين كل نقيضين هو حزن وفرح .. سعادة وضجر .. شوق وغضب .. لهفه ونزق .. قرب وبعد هو البين بين كل شيئين...