النهاية

429 20 0
                                    

النهاية
هل هي شريط سينمائي يعرض بذاكرتك  أهم مواقفك الحياتية
أم تكرار لذكرى واحدة تعاد بذهنك مرارًا ؟!
هل هي تتر لطيف يداعب أذنيك بموسيقاه المنتقاة بعناية وتدل على ما كان يعرض أمامك
أم هي ستار أسود يغلق أمام وجهك ؟!
هل هي بداية جديدة تفتح أبوابها أمامك فتجذبك إلى دنيا نضرة تستطيع فيها أن تنهض وتقاوم من جديد
أم هي توقف صادم ومفاجئ لكل أحداث حياتك فتنطوي على نفسك وتتقوقع على ذاتك ؟!
النهاية وجهان لعملة واحدة وعليك أن تطرقها كثيرًا حتى تقرر نهايتك .





تصرخ بقوة وتغمض عينيها فتتذكر ركضها بالحديقة وجدتها تلاعبها بهدوء وكلمات مرحة فتضحك بصخب وهي تزيد من سرعة ركضها فتصرخ بحبور والهواء يرفرف بخصلات شعرها النارية والتي تتوهج بقوة تحت أشعة شمس لندن الباردة .
صرخة أخرى وهي تتمسك بأسفل بطنها ترتب على طفلها بحنو أمومي لتغمض عينيها بوجع يلم بجسدها فتتذكر رغمًا عنها أولى العمليات الجراحية التي أدتها ببراعة وكانت أولى السلم لطريق نجاحها وشهرتها
طرقة أقوى من طفلها ورحمها ينقبض بقوة فتكتم تأوهها وتغمض عينيها فتضرب رأسها يوم زفافها عليه ، تلك الحفلة البسيطة وسعادتها الجلية به ونظرات عينيه التي تحاوطها بحنو ، كفيه تلامسنها بشوق وعيناه تنطق برغبه  وكلمات تصدح بوعود كثيرة فتقابله هي بضمة وعناق وحب يمتلك قلبها .
انتفاضة قوية ألمت بجسدها فعلمت أنه حان الوقت ، فلهثت بقوة وحاولت أن تتحكم في آهاتها .. آلامها .. أنين وجعها  وهي تنظر من حولها فتجد نفسها وحيدة بعد أن زجوا بها إلى داخل غرفة العمليات ووقفت يسرا وزوجها خارجًا ، انتفضت مرة أخرى فحاولت أن تهدئ من روعها ولكنها لم تقو ، فضربات طفلها أصبحت أقوى.. أعنف .. أسرع من أن تتحملها ، تنفست بسرعة وهي تخرج أنفاسها بزفرة طويلة وتدفع بقوة كما أمرها الطبيب ، لتشعر بآلام المخاض تمزق أحشائها ، طفرت الدموع من جانبي عيناها وهي تضغط  بقوة على يد الممرضة التي تعاونها بجانبها لتستمع إلى الطبيب يخبرها أن عليها الدفع مرة أخرى وهي تعلم هذا وتستعد إليه فعليًا لتسحب نفسًا عميقًا وتدفع مرة أخرى.. فأخرى.. فأخرى إلى أن شعرت بالوجع يهدأ قليلًا لتتنفس براحة وتبتسم برقة وهي تسمع بكاء طفلها الأشبه بمواء القطط والطبيب يضعه لها بحضنها فتشعر براحة عارمة تحط بقلبها قبل أن تغمض عينيها وتسقط في غفوة إجبارية منحها لها الطبيب حينما وضع لها جهاز التنفس .
***
ابتسمت في وجه الممرضة التي أتت تحمل طفلها وتبارك لها بمودة لتحمله منها تضعه بحضنها تقبل رأسه وتضمه بحنو إلى صدرها ليطرق الباب بخفة فتنظر إلى من طلت برأسها بتردد قبل أن تبتسم باتساع وتهمس بحرج : هلا سمحت لي بالدخول ؟!
ابتسمت برزانة بوجهها لتمأ برأسها إيجابًا : بالطبع تفضلي .
نظرت يسرا خلفها لتهمس : عزيز معي ولكنه فضل أن ينتظرني بالخارج حتى أتحدث معك فلا تشعرين بالإحراج في وجوده .
رفعت رأسها بكبرياء : أنا بخير لا داع للقلق من شيء .
تطلعت إليها يسرا بنظرات تقييمية لتهمس : هلا شرحتِ لي حديثك السابق عن كون رحيم والد طفلك ، رفعت حاجبها بتساؤل فتابعت يسرا بجدية – لا أشكك بالطبع في حديثك ولكني أتعجب منه فرحيم ..
قاطعتها منار بجدية : لم يخبرك عني أليس كذلك ؟!
صمتت يسرا ووجهها يتلون بالحرج لتهتف بجدية : هلا أخبرتني عم حدث بينكما وخاصةً وأنا أشعر بأن رحيم لا يعلم عن أمرك وأمر الطفل شيء ؟!
أومأت بالإيجاب لتتمتم بهدوء :بكل سرور .
***
تعالى رنين جرس الباب برنات متتالية سريعة مزعجة لترفع حاجبيها قبل أن تتنهد بقوة وهي تتبادل النظرات مع زوجها الذي ابتسم بتهكم قبل أن يهمهم : لقد فقد عقله تمامًا .
ابتسمت وهي تمر بجواره تخطو تجاه الباب : أشعر بأنك مستمتع بم يحدث معه .
تنهد بقوة وقال بمكر : بل أنا سعيد ، رقص حاجبيه بمكر – لا تنكري أنه يستحق ما تفعله به .
جعدت أنفها بشقاوة والتزمت الصمت حينما صدح جرس الباب من جديد فيزفر بقوة ويهتف بها : سأصحب رحيم الصغير لنتنزه قليلًا حينما تنتهين من الحديث مع أخيك .
أومأت برأسها في تفهم وهي تفتح الباب أخيرًا ليندفع من يقف ببابه : أين هي ؟!
حك عزيز مؤخرة عنقه ليشيح برأسه بعيدًا وهو يقاوم ضحكاته بالقوة قبل أن ينظر إليه ويهتف بجدية : مرحبًا يا بك حمدًا لله على سلامتك .
رمش رحيم بعينيه قبل أن ينظر إلى كف عزيز الممدودة له فيزدرد لعابه ببطء ويغصب ابتسامته ليهمهم بغضب مكتوم : سلمك الله يا عزيز بك .
التفت رحيم ينظر إلى يسرا التي تناظره بهدوء وصمت يخيم عليها ليتنحنح عزيز بخفة قبل أن يهتف بمرح حاول أن يفتعله : حسنًا سأذهب لأنزه رحيم الصغير قليلًا وآتي باحتياجات المنزل ، سلام مؤقت .
دفع العربة المتكئ بها طفله نحو الباب وهو يسحب مفاتيحه وهاتفه ليتوقف أمام زوجته فيقبل وجنتها برقة ويهمهم : لا تقسي عليه فهو متعب بم يكفي .
ابتسمت برقة وضمته بحب : لا تتأخر .
انصرف لتغلق الباب من خلفه قبل أن تكتف ساعديها أمام صدرها وتنظر إلى ظهر الآخر المتشنج أمامها لتهمس أخيرًا : مرحبًا بعودتك يا أخي .
دار على عقبيه ليقابلها ويهمس بقنوط : أين منار ؟! أخبريني يا يسرا من فضلك .
تنفست بعمق وأشارت إليه : اجلس ولنتحدث أولًا .
زمجر بغضب : لن أجلس ولن أتحدث ، أخبريني أين أجدها ، فهي غادرت المشفى التي أخبرتني عنها ، ومن المؤكد أنكِ تعرفين إلى أين ذهبت ، أريد أن أراها وأطمئن عليها وعلى طفلي الذي أخفت أمره عني
صاح وهو يشيح بذراعه : طفلي الذي منعتني عنه ، لم تخبرني به ، وأخيرًا ولدت دوني .. دون أن أكون معها .. جوارها .. بجانبها ، حرمتني منها من فرحتي بها .. رعايتي لها .. قلقي عليها .. واستقبال طفلي معها .
جلست يسرا ببرود لتناظره بعيني خالية من التعبير : ألا تستحق كل هذا يا رحيم ؟!
تشنج جسده ليهدر بغضب : لا .. لا أستحق .
رفعت حاجبيها بدهشة وناظرته بتساؤل فأكمل بصوت مكتوم : لقد أخطأت وأعترف ولكني بحثت عنها كثيرًا لأعتذر ، ولكنها كانت مهارة واختفت لم أستطع لأشهر عديدة ماضية أن ألمح طيفها سوى بأحلامي وذكرياتي .
تأملته قليلًا قبل أن تهمس : تحبها ؟!
زم شفتيه بجمود ليجيب بحدة : لا شأن لكِ .
ابتسمت رغمًا عنها لتنهض واقفة تقترب منه بتؤدة لتسأله بهمهمة حانية : لماذا لم تخبرني عنها ؟!
رفع عينيه القاتمة لها : حقًا تسألين ؟! عبست بتعجب فأكمل بسخرية – أنتِ الوحيدة لا يجب أن تسألني عن إخفاء الأمر يا يسرا لأنكِ تعلمين .
ضيقت عيناها بعدم فهم ليتابع بثورة : ألا تعلمين حقًا يا يسرا لماذا لم أخبرك عن منار ؟!
هزت رأسها نافية فتابع بصياح : لأني خجلت .
شحب وجهها وعدم الفهم يعتلي ملامحها ليزفر بقوة ويتبع : خجلت أن أخبرك عنها .. عن مدى شبهها بك .. عن مدى ضعفي اتجاهها .. عن مشاعري التي تتحكم بي حينما تكون بجواري ، ظننت أني حينما لا أخبرك عنها وأتجاهل وجودها أمامك أني سأتخلص من تأثيرها الجلي
صمت وملامحه تشحب بقوة  ليكمل : سأتخلص من ضعفي نحوها .. سأتحرر من أسرها .. سأكسر قيدها ، هز رأسه برفض – فأنا لا أستطيع أن أحيا عمري القادم بأكمله وأنا أشعر بالضعف جوارها .
رددت يسرا بذهول : الضعف ؟!
أطبق فكيه بحده وهو يغمض عينيه ليهدر بجنون : نعم كما كنت ضعيفًا معك ، لم أستطع يومًا أن أثنيكِ عم تنويه ، لم أقو يومًا عن ردك عم تخططين إليه ، لم أقدر يومًا على دفعك لطريق آخر غير ما تسلكيه ، لقد ظللت جوارك عمري بأكمله أحاول الحفاظ عليكِ تارة بنصيحتك وتارة بالشجار معكِ وأنتِ لم تستمعي إلي يومًا ، أوجعت قلبي كثيرًا وأنهكتِ كرامتي معكِ وفي الأخير تركتني لأجل آخر دون أن ترفي بجفنيك .
تلعثمت : رحيم ، أنا ..
قاطعها بصرامة : أنا أعلم لم تحبينني يومًا ، أنا أدرك هذا جيدًا ، لذا لم أستطع أن أفرط بقلبي وكرامتي مرة اخرى ، لقد تعهدت أمام نفسي أن لا أفعلها ثانيةً فكرامتي أغلى عندي من أي شيء آخر .
عبست بغضب لتصيح به : وهل زوجتك وطفلك شيئًا آخر يا رحيم ؟!
هدر بها : حينها لم تكن زوجتي وأم طفلي ، حينها كانت فتاة انسقت إليها بكل جوارحي .
تأملته قليلا لتبتسم رغمًا عنها وتهمس بتساؤل ماكر : والآن ؟!
رفع رأسه بكبر ليتمتم بجمود : لا شأن لكِ .
لم تستطع منع نفسها فضحكت بصخب وهي تقترب منه كثيرًا لتلامس ساعده القريب منها تربت عليه بحنو : لأول مرة اكتشف أنك عنيد برأس يابس يا رحيم .
لانت ملامحه قليلًا ليهمس بسخرية : بعضًا مما عندكم يا يويو .
ضحكت برقة لتشاكسه بملامحها وهي تهمهم : أنت غارق في حبها لأذنيك وإنكارك لن يفيد أمامها ، تابعت بتلاعب – نصيحتي أخبرها عن كل ما يعتمل بداخلك فهي ستستمع إليك وتقدر وتتفهم .
رقصت له حاجبيها : فهي الأخرى تحبك ولكنها لا تنكر ولا تكابر .
سحب نفسًا عميقًا ليسألها بجدية : أين هي ؟!
عضت شفتيها بتفكير لتتردد قليلًا فيصيح بها : يسرا أنا أسألك أين هي ؟!
زفرت بقوة لتتمتم : عزيز سيقتلني إذ أخبرتك ولكن لا يهم .
عبس بغضب : ما شأن زوجك بها ؟!
عبست بغرابة : لا شأن له ولكنها استأمنت كلانا على مكانها وحمايتها منك .
اربد وجهه بغضب لتكمل ببطء : ولكني سأخبرك على ألا تؤذيها ثانيةً .
رمقها بغضب قبل أن يهتف هازئًا : لا تخافي عليها فهي تقو على فعل الكثير فقط أخبريني أين هي ؟!
نظرت إليه قليلًا لتزفر أخيرًا : سأخبرك .
***
تبتسم بحنو وهي تضم ابنها بحنو إلى صدرها تهدهده وتقبل قمة رأسه وهي تنظر خارجًا الى حديقة الفيلا الصغيرة التي أقرضها لها عزيز لبضعة أيام لحين ترتيب أمورها وترى إذ ما كانت ستستقر هنا أم تسافر مرة أخرى ، تفكيرها مشوش قليلًا وتقبلها لأمومتها حديثة العهد تستولى على كل وقتها ، فهي تراعي طفلها بنفسها رغم وجود مربية خاصة ذات ثقة استخدمتها بعد ترشيح يسرا لها ، ابتسمت وهي تشعر ببعض من الاستقرار والثبات في وجود عزيز ويسرا من حولها يشعر ها ببعض من الأمان ، رمشت بعينيها وهي تتذكر تلك الأيام التي كانت آمنة بها جواره ، أمان أبدله هو إلى غمة ثقيلة لم تتخلص منها بعد .
ارتعدت لوهلة وهي تنظر إلى سيارة فخمة توقفت أمام باب الفيلا الخارجي ليترجل منها بقامته التي تعرفها جيدًا ، وطلته التي عشقتها فيم قبل ، ازدردت لعابها وهي تشعر بخوف طفيف يداهم حواسها قبل أن ترفع رأسها بكبرياء وهي تستعد لمواجهته ، فهي علمت بأن يسرا ستخبره ، حدسها أكد لها بأن يسرا لن تستطيع مراوغته عن مكان وجودها وها هو يصدق حدسها ووجوده خير دليل .
تحركت لتضع طفلها في مهده وتتحرك خارج الغرفة تغلق بابها من خلفها حينما صدح جرس الباب للخارجي ، أشارت بكفها إلى العاملة التي اتجهت لفتح الباب بأن تتوقف لتسحب نفس عميق وتتجه بخطوات هادئة وتفتح الباب بابتسامة ثابتة ورأس مرفوعة .
شعر بالباب يفتح ليستدير ناويًا اقتحام الفيلا إذ حاول أحدهم منعه من الدخول ليبهت وجهه وهو يراها واقفة بكامل هيئتها .. أناقتها .. سطوتها .. وتأثيرها الجلي على روحه .
همس باسمها في صوت أبح لترفع حاجبها ونظراتها تلتمع بسخرية طفيفة أوجعته وخاصة حينما هتفت بترحيب لبق رسمي : رحيم بك مرحبًا بك تفضل .
جف حلقه وبرودتها تصفعه ، قساوة ملامحها تجلده ، و لا مبالاتها تؤلمه ، أجلى حلقه وهو يعبر من جوارها ليهتف بصوت أجش : أين ابني ؟!
ابتسمت هازئة وهي تتقدمه لتشير إليه بأن يجلس لتهتف بجدية : أخبرني ماذا تشرب ؟! هل أجعلهم يعدون لك القهوة كما تفضل ؟!
اربد وجهه غضبًا ليتمتم بحدة : توقفي عم تفعلينه يا منار وأخبريني أين الولد ؟! أين ابني الذي أخفيته عني ؟! أين ولدي الذي هربتِ به ؟!
جلست بأريحية وضعت ساقًا فوق أخرى قبل أن ترفع رأسها : أنا لم أهرب بولدك ولم أخفيه عنك ، إذا أتيت لترى ولدك فولدك بالداخل ، لن أمنعه عنك قط ، فقط نريد ترتيب أمور زيارتك ورؤيتك له في وجودي ، وخاصةً أنه صغير السن لن تستطيع الاعتناء به الآن ، إلى أن يكبر قليلًا وتستطيع الاعتناء به بمفردك فتصحبه في زيارات خاصة عندك .
اهتزت حدقتيه بعدم تصديق قبل أن يصيح بغضب : ما الهراء الذي تتفوهين به ؟!
نظرت له ببرود : لا أرى أي هراء فيم أقول ، هذا الطبيعي الذي يحدث بين أي اثنين منفصلين وبينهما طفل .
عقد ساعديه أمام صدره : ومن أخبرك بأننا سنظل منفصلين ؟!
نظرت إليه باستهجان وقالت بمكر : عن نفسي لا أنوي العودة إليك وسواء أنت تريد العودة أو لا هذا أمر لا يهمني .
أطبق فكيه ليغمض عينيه قبل أن يفتحهما على وسعهما وهي تلقي أخر جملتها بعبث وتسلية تشبع بها صوتها ، ضيق عينيه بتركيز ليجيبها ببرود : لا يهم ما نريد نحن الاثنين كل ما يهم الآن صالح الطفل يا منار ، لا أعتقد أنكِ تريدينه ينشأ مشتت بين أبوين منفصلين وحياة غير مستقرة في ظل أن يتنقل بيننا منذ نعومة أظافره ، تحرك بهدوء نحوها ليكمل – ولا أعتقد أنكِ ترتضين له بأن ينشأ في رعاية زوجة أب لن تهتم به كما ينبغي .
ارتعد فكها وعيناها تلمع بوميض غيرة لم يخطأ في تفسيره لتلتمع ابتسامة واثقة على ثغره ليكمل ببرود  وأنا الآخر لن أرضى بأن ينشأ في كنف زوج أم لن يحبه أبدًا فكلما سيراه يتذكر وجودي في حياتك من قبله .
__ أنا لن أتزوج . ردت بتلقائية سبت نفسها عليها حينما لمع المكر بعينيه ليكمل بتسلية – لن أسمح لكِ حتى لو أردتِ .
كاد أن يقهقه وهو يرى ردة فعلها الغاضبة أخيرًا وهي تقفز واقفه أمامه تناطحه بغل : ومن أنت كي تسمح لي أم لا ؟!
رد ببرود وهو يجلس بأريحية : زوجك .
أجابته بغل : طليقي ، لقد طلقتك بالمحكمة أم نسيت .
ابتسم ساخرًا : لا لم أنس ولكن كل هذا سيتغير بعد أن نعود سويًا ، بالمناسبة لا أريد ثروتي التي استوليت عليها فإن كنت طلبتها مني كنت لأمنحها لك راضيًا .
صرخت فيه بغضب انفلت من عقاله : ما أخذته منك هو حقي ، رغم ان لا يفرق لدي أموالك وأسهم شركاتك ، ولكني أخذت حقي ، حق خداعك لي .. كذبك علي وتنكرك لي .
نظر إليها باهتمام ليشعر بروحه تزأر بغضب وملامحها تشحب بقوة وهي تردد بصوت أبح متلعثم : حق اجبارك وتجبرك علي .
انتفض واقفًا وهو يشعر بدموعها التي ترقرقت بعينيها و لم تذرفها تنهمر بقلبه : كل ما فعلته بك الفترة الماضية لا يساوي شيئًا مما فعلته أنت بي ، لقد استغليتني لتصل لمأربك مني بمنتهى الوضاعة ، كنت حقيرًا كما لم أتخيل قط ونحرتني دون أن يرف لك جفن .
أخفض رأسه لتكمل بغل تمكن منها : لن أتزوج ليس حبًا بك يا رحيم بك بل لأني اكتفيت منكم وللأبد .
تمتم بصوت بُح من الذنب : منار ، أنا ..
قاطعته بصوت ثابت وقوي : من فضلك لا تتحدث ، فكلامك .. شرحك .. مبرراتك لما فعلته معي لا تهمني فالأمر بيننا انتهى .
لمعت عيناه بغضب ليصيح بفحيح وهو يقبض على ساعديها يهزها بقوة : بل ستستمعين إلي رغمًا عنك ، حتى لو أجبرتك هذه المرة أيضًا .
جذبها إليه بعنف وشت به ملامحه : ستستمعين .
رجف جفنيها بخوف سيطر على ملامحها لترق عيناه إليها فيضمها مهدئًا وخاصة وهو يشعر بجسدها الذي تخشب تدفعه بعشوائية بعيدًا عنها ليطوقها ويجبرها أن تظل بحضنه وهو يهمس بجانب أذنها : أنا آسف ، اغفري لي أرجوكِ .
انتفض جسدها برعدة قوية قبل أن تنهمر دموعها ببكاء اجتاح روحها وتاق له قلبها فتنتحب بشهيق قوي وبكاء أفضته كله جانب قلبه .
***

نوفيلا .. عشقت قدريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن