حـاضـر I

222 14 8
                                    

_ رفاق، زارتكم بَرَكتي! صِحتُ عند ولوجي للمنزل
بــِغناء، وبخطوات راقصة توقفت فـي منتصف غرفة الجلوس أدور حول نفسي كـَراقصات التانغو التي يدربهن ويلي.
_ أبعدي مؤخرتك تلك من أمام التلفاز! صرخت نورا ترميني بـِإحدى الوسائد الرمادية من خلفها.
_ أ لم تشتاقي لي؟ بـِخيبة أردفت لتنظر لي بـإشمئزاز، أَوتش لما أشعر بالألم بقلبي؟
_ لم تغيبي سوى أسبوع عزيزتي لم تبدأ بذور الاشتياق بالنمو في ذلك الوقت حتى! كما أنني أظن أنِّ زاك قد اشتاق لكِ أكثر. نبست نورا بــِاِبتسامة مجبرة، تنهي كلماتها بـِنبرة شريرة تجعل من أسوء السيناريوهات تقفز في عقلي.
_ أجل، لقد اشتاق لكِ كثيراً. أكد جاك النائم على فخذها، مما جعلني أريد البكاء. هل دمر غرفتي؟ أم هل حدث مكروه لجهاز الحاسوب خاصتي!
_ أين هو؟ يدي ارتجفت بـِتوتر أحاول التفكير بـِإيجابية؛ لكن لا مكان للتفكير الإيجابي في مِثلِ هذهِ المواقف!
_ مختبِئ منك. تلك الجملة القصيرة، جعلت من عقلي فارغاً، وأعصابي مشدودة؛ وكأن ما زُفَّ لي خبر موت أحد الأحبة.

_ مــ ماذا فعل؟ الخوف تملك خلايا جسدي كافة، وشعرت بـِعرقٍ باردٍ يسيل على طِولِ جَبهَتي، بَدأت صورةُ جُثةُ زاك تَتسلَّلُ لِمخيلتي.
_ القِيثَارَة. أفلتُ ما أحمله من أكياسٍ بِأَكثَرِ الطرقِ درامية، وضعتُ يدي على فمي أَشهقُ بِخوف، أتضرعُ لِلرب بـِأَنَّ القِيثَارَة التي يقصدها جاك إحدى قِيثَارَتي القديمة.
_ النادرة. أَكدت نورا شكوكي مما جعل من هرمون الخوف 'الأدرينالين' يندفع في أوردتي كما حدث مع أقدامي، بحثاً عن جثت زاك الميت.
_ زاك. صرخت أقتحم غرفته بـِغضب، بَينما أستمع لِقهقهات نورا وجاك من الطابق السفلي، إلّا أَنَّني تَجاهلتهما بِحثاً عَن فَريستي.
صُوتُ إٍرتِطامٍ اِنبعثَ من حجرتها، تبعته شهقةٌ مكتومة، جعلت من تعابير وجهها الغاضبة تبتسم بِسخط.

اِقتربَ مَصيرُ زاك، وَلسانه لا يتوقفُ عن الإبتهال وَالدعاءِ لِلرب أَن يُنقِذه منها.

_ أخرج! أمرت حال فتحها للباب بِنفاذِ صَبر، فَالكيل قَد فاض، وغضبها قد وصلَ الحد، خرجَ المسكينُ المرتجف في محاولة لتخفيفِ من غضبها المستعر، أَيظنُّ أنها ستصفحُ عنه إن سلمَ نفسه؟ .

_ قُصَّ ما حدث. جملتها جعلته ينظر لها بـِترجي، راكعاً على ركبتيه يطلب المَغفرة، وَيقطع الوعود بـِجلب قِيثَارَةٍ جديدةَ لها إن أبقت على حياته.
_

قُصَّ ما حدث. كَررت مَطلبها تتكِئ على إطار باب غرفتها، اِبتلعَ الآخرُ ريقهُ يحضر نفسه لـِإخبارها بِتفاصيلِ الحادثِ على أملٍ بِالإبقاءِ على حياته.

مَهزلة هذا ما يصف الموقف بأكمله منذ لحظة دخول لونا، حتى لحظة وصولها للغرفة وإيجادها لـِزاك مختبِئاً في دولابها، إِلّا أَنَّ لونا تضعُ حدوداً بِما يَخصُ مُمتلكاتها النادرة، وَزاك كسرَ أهم قاعدة، وهي عَدم لَمسِ تلكَ القيثارة!
_ أتيت للغرفة بحثاً عن وصلة الشاحن الخاصة بالهاتف فقد أضعت خاصتي، جذبني سريرك المائي للقفز عليه وأتضح أن قِيثَارَتك كانت تحت الأغطية، لونا أعتذر سأعوضك لا تغضبي، وأزيلي ملامح القتلة عن وجهك أرجوكِ. تضرع زاك مستقيماً بوقفته يطلب الرحمة بـــدرامية مبالغة، اقتربت لونا بـــخطوات بطيئة جعلت منه يغمض عينيه مستسلماً لمصيره.
اِنْقَضَتْ عليه تلكمه، فتح عينيه بـــألم يمسكها محاولاً الدفاع عن نفسه، قبضت على خصلاته البنية بأصابعها الطويلة، تَأوهٌ مُتألمٌ فَرَّ من ثَغره، أصابعه تُحاولُ إنقاذَ بَعضٍ مِن خُصلاته، وَعندَ فَشلِه، قَبضَ عَلى شَعرها يَسحبه إنتقاماً لَما تفعله بِخصلاته، شَتمته بِغضَب مِن فِعلته، وَبِأقبحِ الألفاظ لقبته، وَعند شُعورِها بِتمزٍقُ خُضلاتِها بَين أصابِعه، أَلقت بِضربتها الأخيرة، وَبِضربةِ رأَسٍ قاضِية أَسقَطَته.

_ حسناً، انتهت المسرحية تفرقا. قرر جاك ونورا التدخل وتفريق المتخاصمين بعد رؤية جدية القتال، سحب جاك جسد لونا الغاضب، ووقفت نورا حاجزاً أمام جسد زاك تحميه.
حمل الأَكير جسد لونا حين أصبحت مقاومتها أشد، تلفظت تهمزه بأقبح الألفاظ، أما هو فَتجاهلَ الأَمر؛ لأَنَّهُ اِعتاد المَشهد.
_ توقفي لونا، لقد أصبتِ زاك بـــعينه. تلك الكلمات الهادئة، جعلت من بدنها يجمد، هل تضرر صديقها بسببها؟
_ هل مات؟ حاولت السخرية لتخفيف عن ضميرها، إلا أن نظرة جاك الجادة جعلتها تخفض عينيها بـــندم.
تحركت لِــتصعد من جديد لغرفتها حيث جسد زاك المنتحب بـــألم.
_ أعتذر. دخولها بـــ خطوات بطيئة للغرفة كما نظرها المنخفض للأرضية جعل من نورا وزاك يعلمان بـــمدى ندمها على فعلتها، غادرت نورا تترك للصديقان المكان للاتفاق والتبادل الاعتذارات.
_ دعني أرى. اقتربت منه تزيل كفه الساتر لــ عينه اليسرى بـــ لطف على عكس العنف الذي كانت تندفع به منذ لحظات.
_ أعتذر زاك، تعلم أنني لم أقصد، صحيح؟ نبست حال رؤيتها لــ عينه المنتفخة بعض الشيء، عيناها ترقرقتا بـــدموع الندم.
درامية، وصفٌ مناسب لــ لونا وأفعالها، إلا أنها صديقة مميزة، تضحي من أجل صداقتها وتبذل جهدها من
أجل إسعادهم.
_ لا لن تفعلي، لا تبكي! اعتاد زاك على بكائها في مثل هذه المواقف، وهذا الوقت من الشهر، وهذا ما يبرر الدراما التي حدثت منذ قليل.
_ هل نحن على وفاق؟ سألته تنظر للأعلى تمنع دموعها من السقوط.
_ أجل، والآن حركي مؤخرتك عن طريقي، أريد وضع الثلج على إصابتي. الألم ما زال ينبض عند عظم الوجنة خاصته، إلا أنَّهُ لم يشتكي خوفاً من ردة فعل لونا الدرامية، فــإن حدث ذلك في وقتٍ آخر، لكان استمر في ازعاجها ولومها على إصابته، وكانت هي ردت على كلماته اللائمة بـــأن تبصق على وجهه.

شِـقـاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن