ماضٍ و حَاضر.

166 9 41
                                    

قد مرت بالفعل شهران على آخر لقاء لهما حيث كان ما جمع بينهما حُضن ، كل هذه المدة كان يأتي صديقه المقرب كريس لأخذ ثمن الإيجار و يطمأن على وضع المنزل الخاص بصديقه بالطابق الثاني ، لقد كانت تسأله دائما عنه متحججة بالآيجار لكنها كانت تتلقى عدم الرد أو تغيير الموضوع من صديقه، ربما هي تتمادى بما تفعله فرجال مثله يعرفون الصفقات والمقابل فقط ،من تظن نفسها كي يظهر بحياتها ثانية ، أو يكلمها ثانية، له حياته ومشاغله ولها كذلك أيضا،

طاولة بيضاء يتوسطها تلفاز متوسط الحجم ، يقبع أمامه كرسي فردي ، بغطاء رمادي يزينه تجلس تلك التي تحمل بين يديها كوب قهوة ساخنة وتتابع تلك الصور المتحركة أمامها بالتلفاز، قد كان مشهدا لأم تلعب مع طفلها الصغير ، ابتسمت بتلقائية على ذلك المقطع الذي يمر أمامها جاعلا منها متذكرة أشياء يحن قلبها شوقا لها

fLASH BACK

صراخ يتعالى بغرفة من غرف إحدى المستشفيات المهمشة المنبوذة، تصرخ فتاة في الثامنة والعشر من عمرها  ، محاولة إعطاء فرصة لتلك الروح داخلها ،

" أصرخي أكثر كدنا نصل أصرخي " تقول تلك المرأة العجوز التي يظهر أن سنها قد تجاوز سن ممارسة مهنتها ، فبتلك الأحياء والطبقات الفقيرة لن تجد طبيبة مختصة أو ممرضة أو مستشفى قد يناسب معايير الصحة، إنما هي أمور عشوائية ، فقط عجوز لا تفقه شيء بالولادة قد تتكلف بك ، في أمل إنقاذك أو الروح داخلك

صراخ وصراخ، حتى عم الصمت للحظة، صمت وبعده صوت تلك الروح الصغيرة

" لقد أبليتي حسنا ابنتي ، رزقتي بفتاة جميلة مثلك " قالت تلك العجوز بسعادة واضعة تلك الطفلة بين يدي والدتها

" صغيرتي ..." قالت بصوت متعب ، العرق يتصبب جبينها ودماء صغيرتها تلطخ وجهها إثر حضنها لها ، لقد كانت الدموع تتجمع بعينيها ، وتأخذ مجراها عبر خديها متسربة لعنقها ، تلك اللحظة هي ما تتمناها كل أم ، سلامتها وسلامة مولودها ، لم تترك لنفسها الوقت حتى لتفرح بطفلتها حتى وجدت نفسها تسلمها لتلك العجوز أمامها،

" حسنا أمي ، خذيها ، خذيها أرجوك وأهربي ، سيأتون ليأخذوها أرجوكي أسرعي إفعلي ما اتفقنا عليه هيا أسرعي أنا سأتدبر أمري " كانت تقول بطريقة هستيرية بينما تحبس دموعها كأنها لا تستطيع تقبل واقعها، أخذت تلك العجوز حفيدتها بين يديها وأخذت تقبل بأبنتها

" أعتني بنفسك أرجوك ابنتي " دموع تنهمر من كلاهما ، فهما الإثنتان يعيشان نفس اللحظة، أم تتخلى عن طفلتها.

******************

خرجت من قوقعة تفكيرها بعد أن أصبحت تعرض تلك الشاشة أمامها مقاطع إعلانات مزعجة ، وقفت بملل وأغلقت التلفاز، أخذت تمشي بخطواتها نحو سريرها، جلست وسطه لتخرج من تحت وسادتها دفترا صغيرا وقلما،

شَارع إيطَاليا.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن