نُبذة عَنهما.

523 16 14
                                    

فَي صباح كما عادته غائم جزئيا برياح باردة في صباح باكر ، نسيم يلفح الأنوف جاعلا منها سيّالةً محمرة، الرابعة والنصف تستيقظ تلك التي لا أمل لها بالحياة، دراجة نارية من طراز قديم تقف أمام باب منزل في الاحياء الكادحة ، سقف تتسابق من خلاله قطرات الماء ناتجتا عما خلفه الليل من برودة.
غرفة صغيرة بأتاث منعدم ، سرير و وسادة تحت نافذة متوسطة الحجم تقابلها مرآة و طاولة بكرسي وحيد ، مصباح بضوء خافت يتوسط سقف الغرفة وصورة كبير بالاحائط مقابل لباب الغرفة ، صورة لمغنيتها المفضلة أديل، صوت خطوات يُسمع بأنحاء الغرفة فتاة بطول متوسط وشعر طويل يكاد يصل لأسفل ظهرها مموج نوعا ما ، بلون ممزوج بين الأسود و البني ، حواجب عريضة تعطي معنى للملامح العربية وعيون واسعة كعيون غزال يمني ، أنف وشفاه تعطيك لمحة من أمازيغ شمال إفريقيا ، مع لون حنطي عربي أصيل .

" مَن يقول أني أستيقظ باكرا لأهرب من صاحب الإيجار ليس إلا " تمتمت بينما تحمل تلك الحقيبة الكبيرة خلف ظهرها، تلك التي توصل بها الطعام لسكان مدينة روُما بإيطاليا ، هي تحوم كل المدينة من الصباح للمساء ، علها تجلب قوت يومها ومسؤولياتها تجاه نفسها كبشر .

ارتدت حذائها الاسود ، ووضعت الحقيبة خلف دراجتها بعد أن أغلقت باب منزلها، رفعت رأسها للسماء ،" فصل الربيع لكنه بارد نوع ما باكرا ... أم أنه بارد فقط لأني فقيرة " انهت كلامها بنبرة مستهزئة كأنها ترمي لعنتها على سخرية القدر ، طيلة حياتها لم تكن سعيدة يوما غير أنها ترتمي من شارع لآخر ، إما متهربة من الإيجار أم أنها فعلت مصيبة صغيرة كعادتها ، كيوم ضربها لفتى فقط لأنه ركل كلبا
" إلهي يا عقلي لا تذكرني بمصائبي فقط " ضحكت وانطلقت بدراجتها ، هي تكلم نفسها فقط ففي الحياة لا مهرب لك سوى نفسك.

في ناحية أخرى، تجمع في شارع من شوارع روما ، عدد كبير من الرجال طوال القامة والقصار منهم ، منهم من تلمح بملامحه لمسة أروبية ومنهم من يميزه عرقه الإفريقي ومنهم من يحمل ملامحا عربية مدموجة ، أغلبهم تطغى على أجسادهم وشوم توحي لمعنى من معاني خاصة بهم ، حين تنظر لوضعهم توقن أنهم في استماع لمتحدث وسطهم ذلك المتحدث ذو صوت عذب عميق ، بمجرد سماعك لصوته ستدرك أنه مر من جميع مراحل الأدمان ، صوت يحمل بين طياته أعشاب مخدرات مغربية ، من حشيش القنب الهندي ، لقنينة جعة من أفخم مصانع ألمانيا ..

" كل ما يتوجب عليكم فعله هو إحاطة الشوارع ، لا داخل ولا خارج منها إلا بعلمي ..." نطق كلماته منتظرا جوابا يجعله يرتاح قليلا ، كما عادته مرتمي بمشاكل قد تجعل حياته على المِحك ، لكنه يفعل أي شيء مقابل سمعته وماله

" حسنا ، " نطق معظم الرجال حوله منطلقين كل منهم لعمله في المراقبة منهم من يراق اول الشارع ومنهم من يراقب آخره ، ومنهم من يراقب سيدة مارة ليبصق بوجهها كلمات ظنا منه أنها ستركع له ، هذا هو حال الرجال جل الوقت .

شَارع إيطَاليا.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن