أضواء الموت (هام جدا: الرواية قيد التعديل)

3

هناك و على مقربة من آنا و الصبي، كان يراقب بصمت، نظر إلى كل ما يحدث في العالم بعينين فارغتين كما اعتاد أن يفعل منذ زمن بعيد .. منذ سُجِنت إيفا في ذلك اليوم. إنه وغد من الدرجة الأولى، رغم ذلك فعيناه ليستا أبدا كعيني كارل أو أي أحد آخر .. إنهما خاويتان تماما، مهما نظرت فلن ترى فيهما إلا هاوية سحيقة .. هاوية بلا معنى .. مشهدا لا يعكس أي شيء، ربما هذا ما يجعله مرعبا ... خاصة حين يترقب فرصة طال انتظارها كثيرا.

ابتسامة غامضة ارتسمت على محياه و هو يراقب بصمت. سيتذكر هذا ... سيتذكره دائما و لن ينساه، و حين يموت سيسخر من هذا كثيرا، لو كنا نطلع على القدر لتغيرت الكثير من الأمور، لكن القدر و النهايات قد كُتبت بالفعل قبل أن يبدأ كل شيء بزمن طويل.

01/01/1908

صرخات النساء و الأطفال قطعت سكون الليل، و رغم قلة عددهم إلى أن أصواتهم اخترقت عنان السماء، كان هناك صوت مرعب لم يعرف أحد مصدره، و فور وصول سيد القصر جونز ركن سيارته و قفز منها كفهد ثم بنظرة واحدة اتضح له كل شيء. - كارل!

- مضى وقت طويل يا .. أبي.

- كارل .. توقف عما تفعله حالا، لا أريد تلطيخ يدي بدمك.

ضحك كارل قائلا : - هذا لا يهم كثيرا يا والدي، أنا سأقاتل باستماتة ستفزعك و تفزع هذه العائلة المضحكة.
سكت كارل و قطب حاجبيه بينما يتأمل القطعة الفضية ذات الشكل المميز على رداء أبيه.

- .. و سأنهي هذا الدم اللعين الذي يحاول إنهائي كلما فررت منه.

شغل كارل محركات في ذراعه و بدأت تشع بضوء أصفر، أطلق من يديه صاعقة دمرت العديد من المباني، اندفع كارل و دمر أسوار قصر العائلة بسهولة بواسطته.

أحاطت بجونز بعد أن شغل خاتمه هالة بنفسجية مذهلة و تحول أحد أطرافها إلى ما يشبه المطاط فاندفع يهاجم به ابنه مسرعا، لكن كارل تصدى له بسهولة بدرع مميز من الضوء أظهره فجأة.

أدرك جونز أن مستوى ابنه قد صار مختلفا تماما عن آخر مرة رآه فيها، و حينما نظر إلى عينيه الميتتين أدرك أنه لم يبق شيء من الطفل الذي حمله على ذراعهه ذات يوم و أسماه باسم أبيه، لم يبق شيء من الفتى الذي كانت ابتسامته تشرق فتقول للشمس تنحي.

و حينما غاص في عيني الرجل و لم ير إلا الهلاك أدرك أنه النداء القدري للموت، و أن الموت الذي يأخذ كل جميل قد أخذ أجمل ما في ابنه، و الآن يكاد يجزم أنه سيأخذ أحدهما.

تأمل القطعة الفضية ذات الشكل الاستثنائي على صدره، و من أجل الطفل الصغير الذي لا تحبه أمه و لا أبوه و الذي مازال يمتلك أجمل ما في الإنسان و ما يفتقده كارل قرر جونز أخيرا أن يبدأ القتال الجاد، ستظهر الآن قوة جونز سترلينغ، أقوى محارب في العالم وقتئذ بلا منازع، و سيد ذاك الجيل من أفراد سترلينغ بلا خلاف.