- أنتَ قتلته؟
- قتلتُ من؟!
- إيّاك والإنكار يا هَذا، وربُّ مُحمّد إن كان الأمرُ بيدي لدفنتك تحتَ هذا الثّرى الأن.- ولكنّي لم أفعل، صدّقني.
لم أفعلها صدّقني، تلكَ الجملَة ما زالت تجوبُ أذناي ولم تُفارق ذِهنِي لومضة، كلّما قُمتُ بحطّ رأسي على الوِسادة لكِي أغفو تنتابني تلك الكَوابيس التِي كُنتُ أنا هوَ المُتسبّب الأول فيهَا بسبب تعجّلي وحماقتي، تمرُّ السّنين ولكنّني تجمّدتُ في عُمرًا ما، قارًا نادمًا عمّا اقترفته..
يُقالُ أن كأسَ الظّلمِ مُر، فمَا بالك إذ كَنتُ أنا هوَ الظّالم، لا المَظلوم.
بعدَ سبع أعوام من الحادثة..
هَا أنا أقطع الثّانيّة والثّلاثون من العُمر، قد خالط الشّيب شعر رأسي ولحيتي، كنتُ قد قدّمتُ استقالتي من مهنتي ألَا وهيَ "التّحقيق".. قيلَ عنّي لا أمضي في واقعَة إلّا وتُحلّ عقدتها سريعًا، مَنَّ الله عليّا بعدّة نِعم منهَا الدّهاء والتّركيز والهدوء.لقد حَاولت الجِهات القَانونية المُختصّة في الدّولة إعادتي للعمل من جديد ولكن دون جدوَى، فَما زالتُ أُعاني من تأنيب الضّمير بسبب تسرّعي في تلك القضَيّة الشّنيعة.. التِي أدلَيتُ فيهَا بتقرير أدّى لإدخال احد البرَايا الى السّجن.. وما زادَ الطّين بلّة هوَ عدم مُسامحتِي من قبل أهلِ المحكوم عليهِ.. لأمكث وحيدًا في منزلي أعاقبُ نفسي بنفسي.
كلّ ليلة ابكِ كطفلٍ هجرتهُ أمه أمام المرآة، ليتَ الدّمع يشفيني، تمرُّ السّنون ولم تمرّ تلك الحادثة عن ذهني، هجرتُ النّاس ولم تهجرني..
أحيَانًا المرءُ يظنُّ بأنّهُ بلغَ من العلمِ عتيّا ولكن في الحقيقَة تلك ليسَت إلًا أوهامًا رُسمت لتظلّه.
مهمَا بلَغ العبدُ من العلوم فلَا يكفِي ذَلك فالعلمُ كالبَحر.. مهمَا أخذتَ منهُ لا ينقص.الثّالث والعشرُون من ينَاير / السّاعة 10:42 صباحًا.
الشّحب بات واضحًا في عيناي، المنزل في حالةٍ مُزريّة، الكُتب في كلّ مكان، فوضةٍ عارمة كتلك التِي في عقلي.. أجلس وحيدّا على ذَلك الكُرسي الخَشبي.. وفي يدِي كتاب رواية "الجريمة والعقاب" حتّى وأنا بعيد الجُثمان فقلبي ما زال هناك.. بجانبي على الطّاولة فنجان القهوَة المُرّة كمرَارة فعلتي، أحتسي القهوَة وأتجوّل بينَ الصّفحات.. مرتديًا لباس النّوم ذي اللّون الأزرق الدّاكن واضعًا قدمًا على الأخرى..
كنتُ هكذَا حتّى سمعتُ صوتَ البَاب يُطرق.. منذُ زمن لم أسمع صوته حتّى نسيتُ كيف يكون.. وضعتُ الكتَاب على وجهه حتّى لا أنسَ أين وصلت.. واطفأتُ سيجارتي التِي تلفظ أنفاسهَا الأخِيرة في الصّحن المُخصص لها لتنضم الى رفاقهَا الثّلاثون او العشرون لا أدري.
نهضّتُ متجهًا صوب البَاب، لم تكُن لدي أدنَى فِكرَة عن من يكون هذا الطًارق.. ولكنّني لا استطيع أن أخفي عليكم شوقي لمُجالسة النّاس والحديث معهم، وشوقي لوظيفتي وكشف المُلابسات.
أنت تقرأ
قضيتي |+18
Romance• تنويه: " قَد تحتوي القصّة على مشاهد لا تُناسب من هُم دون الثّامنة عشر." هذهِ القصّة من أغرب ما ستقرأ احداثٍ مشوّقة وغير متوقّعة، عشقًا ممزوجًا بخيانة، قضَايا مُعقّدة؛ ذكاءٍ ودهاء .. لا أحبُّ المُقدّمات حتّى لا أحرق بعضًا من المُتعة عليكم. • هذهِ...