كَالبذَرة تتأصَلُ جذُورِها بِالأرض ثّم تنبلِج للحيَاةِ كَبُرعمٍ ضعِيف لاَ حول لَه و لاَ قُوَة ، و إذّ بِمهلٍ و رويَّة تتحوَل لشجرةٍ شَامِخَة لَا تهزُها الفصُول و لاَ تَذبَل ، إلاَ إذ قطعَهَا بشرِيًا.
كَذلِك هُو الشَامِخ ، لَم يكُن ضُمور بِنيتِه هَيِّنًا ، سيغدُو كاذِبًا لَو إدعَى الصَلابَة و التفحُل ، هُو الّذِي شَهِد تهشُم خَافِقه و أنِينًا حُبِس.
الحُزن و العوِيل يعرَفنه و للكُسر و الخُذلَان دَأبٌ.
لَم يُهَيَّأُ نفسه قط لِيكُونَ شَخْصٍ يَنتَظرُ الغَوْثَ وٕالإعَانَةَ من أحَدِهُمُ ، و هَل سيفْنِي عُمْره و يضمرُ وَجْهِه بِقَتْرَةِ الطُّرقَاتِ فِي سَبِيلِ النَّبْشِ عَنْ مَن يُسَمَّى سَندًا؟، لَم يَتَّسِنُ لَه أنّ يمتلِك عزيزًا يُعَرِّبَ أمَامَه أنَّه خَاذِلٌ شَخْتٌ وَلاَ تَجُشُّ عُتُوُّ الكَلمَه، مُدَلَّهٌ شَاجِنٌ وَلا تَخْدُشُه مَرْثَاةُ النَّظْرَه، وَاجِمٌ كَمِدٌ ويميلُ شِمْرَاخُه عَلَىٰ كَتفِهِ بِرَحبٍ ببَسَاطَةٍ، شَخْصٌ يُبْصِرُ مَا ورَاء وُجُومِه قبلَ ان يَتَبرَّمَ بكَلِمَة، فَالشَجَنُ أيضًا لهُ قَدَاسَةٌ، فلاَ يُطَارِح بمَا يُكْدِرِه المَجَامِعَ وَلاَ الفُرَادَىٰ،
رَبَي لُبَّه عَلَى ضَمِّ نفسِه بعدَ كُلِّ خَيبَةٍ، عَوَّدَ كَفَّه الأيْمَنَ أن يُسَارِعَ باِنْتِشَالِ رَسْغِ ذِرَاعِه اليُسرَى ، يَمنعُ ذَاته مِن التَّنازُل للوَهنِ وَالسُّقُوطِ، لاَ يسْمَح لأُذنٍ غَيرَ أُذُنِه أن تَعتَادَ عَلى جَلَبَةِ شَكْوَاه ،فَلِكُلِّ مُعْضِلاَتُه وَمُعانَاتُه، فلاَ يزِد الطِّين بَلَّةّ عَلى طِينِ غَيْرِه ، يدْرِكُ جَيِّدًا مَتَى يكُونُ عَمُودُ نَفْسِه ، هو جَيّدٌ جَسِيمٌ سَنِيٌّ في النَّجَاةِ بمُهجَتِه بَعْدَ كُلِّ مَعْمَعَةٍ يصَارِعُهَا بأقَلِّ الخَسَائر وأبْخَسِها، هو الخَدِينُ الخَاص بِه.
رَغم أنّه وُلِد للحيَاة و ملعقَةٌ مِنّ ذَهب فِي فمِّه ، لَم يتوَج بِالحنِين قط و كَأنّه خطِيئَةً لا تُغتَفر ، فصَار طِفلاً مُجَرد مِنّ المشَاعِر ، لَيست العوَاطِفُ لَه سِوى غصَة تُعِيق طَريقه.
مُذ أنّ وَافت وَالدتُه المنِيَّة و هو بِعمر السادِسَة ، تاركَةٍ إيَاه بكنّف أب لاَ يرحم ، أبٌ سيكسِرك لَو كسَرت إحدى قَواعِده ، سُمعَته بَاتت زوجتُه الثَانِيَّة ، لا يبتغِي شيئًا يُخدِشها ، كَيف لاَ و هو وزِير يحمِل إقتصَاد الدولَة على كتِفه ، أفنَى أيَامُه ليربِّي إبنُه على الكمَال مُتناسِي أنّه محضُ طِفل فَقد أمِّه و علَيه تقدِيم العَون بَدل الأوامِر الطاغِية.
كَان الطفلُ مِنّ صِغره مراقَبًا بكلّ تصرفَاتِه ، محبُوس بسِجن المِثَاليَّة ، فتمَرد و صَنع لِنفسِه شخصيَةٌ أخرى بعيدًا عنّ الأنظَار و العيون المترقبة لأصغَر هفواتِه.
أنت تقرأ
رُوميّو التَملُك
Misteri / Thrillerوضاعتُ سُبله وَأحبَّ ضَياعه ، بجسدٍ نُحتَ ضَله سوءَ سَبيلٍ ، عَطريهِ أيا مُهجتِه وَتعالي ، حينًا أنتِ تَركبينهُ وَحينًا بَين حمراوتيكِ يُدفعُ. - 𝙹𝚎𝚘𝚗 𝙹𝚞𝚗𝚐𝚔𝚘𝚘𝚔 - 𝙺𝚒𝚖 𝙽𝚊𝚢𝚊 +17