الفصل الأول: الإيطالي المتعجرف!

20.8K 670 80
                                    

الصديقة الحقيقية... لا تجد لكِ عريسا؛ الصديقة الحقيقية تعرفكِ على ماسيمو ديلاسكالا!“

........................................................................
.............………………………………...……..…..

على الأرصفة المتقاطعة، احتشد البشر متراصين، أكداس لا تنتهي من الأجساد المتلهفة إقبالا على الحياة، وحدها الفتاة الشاحبة سارت على مهل متأرجحة بين أفكارها المريرة. كانت وفاة والدها القشة التي قسمت ظهرها، و لم تعد تنسج منذ أشهر تلك الأحلام الساذجة حول الفن التشكيلي. سافر خيالها إلى طيف والدها و هو ينكب بشغف على لوحة ما محركا فرشاته هنا و هناك. نكفت دمعة سريعة سالت على خدها، و تأملت الطريق مرة عاشرة، لقد تأخرت كلير عن موعدهما. و ماهي إلا لحظات حتى أطلت سيارة سبور حمراء صارخة عند رأس الشارع، ابتسمت فلورا بصعوبة مفكرة أنها كلير وايت وحدها من تتخذ سيارة كهذه! متوهجة و ملتهبة كشخصية صاحبتها تماما. أقنعت فلورا نفسها و هي تلاحظ بارتياح تلويح ابنة عمها لها أنها على عكسها باردة و مملة!

-هل يزداد ازدحام هامبشاير في الآونة الأخيرة أم أنني أهذي؟

سألت كلير بدهشة و هي تنطلق ثانية بينما كانت فلورا تحاول ربط حزام الأمان بيدين مرتعشتين! و أجابت:

-لاحظت ذلك أيضا.

-اوه بحق السماء فلورا، أتركي ذلك الحزام اللعين.

و استطردت غير عابئة بالسيارة السوداء التي تزمر خلفها:

-فيما سيفيد الحزام هنا في كل الأحوال؟

-أعتقد أنك على حق.

تركت الحزام و هي تستمع للسائقة الشقراء تضيف:

-أعتقد أن زيارتي المفاجأة هزتك يا ابنة العم العزيزة!

هزت فلورا رأسها متعبة، كلير محقة، لم تتوقع بعد ست سنوات أن تزورها فتاة نبذت الحياة العادية في هامبشاير. كانتا صديقتان مقربتان في الطفولة، تتبادلان الدمى و الأسرار، ثم ٱرسلت كلير إلى مدرسة داخلية حسب رغبة والدها المتعصب، إلا أن والدة كلير الأمريكية الأصل، تغلبت على رغبة الأب في تلقين ابنته تربية متزمتة، و زجت بها في عالم الموضة و الأزياء. كان والد فلورا دايفيد وايت الرسام الحالم رجلا حساسا ملأته الحياة بالشغف و الأمل و القوة، بينما كان شقيقه كالوم والد كلير النقيض التام له! تذكرت فلورا و هي تترجل من السيارة أنها لم تكن تطيل النظر إلى عمها العصبي و هي صغيرة.

-ماذا تشربين؟

-لا أدري!

-عزيزتي فلورا، أنظري لنفسك، كم أنت شاحبة، و مشدودة الأعصاب!

مرت على وجهها عصرة ألم، كم هي تعيسة أيضا! ليتها كانت بمثل إشراق كلير و ابتهاجها الواضحين. تحرك لسان الشقراء الفاتنة مرددة للنادل الطلب، ثم صرفته بيد ناعسة كأنها تصرف ذبابة مزعجة.

امرأة تحت الرماد|𝖂𝖔𝖒𝖆𝖓 𝖀𝖓𝖉𝖊𝖗 𝕬𝖘𝖍𝖊𝖘حيث تعيش القصص. اكتشف الآن