جلستُ أتَرقَّبُ خروج الطبيب من الغرفة التي أُدخِل إليها الفتى. ارتجفت أقدامي لا تتوقف عن الإهتزاز بسرعة. ثَبَّتُّ مرفقي فوقها علَّ ذلك يخفف من حركتها.
أخذت أتمتم بعدةِ دعوات أرتجي من الله أن يشافي الفتى ويسلِّمهُ مما ألمَّ به.
وَيحًا لنا نحن البشر، ما إن يمسسنا ضرر إلتجأنا إلى خالقنا، وما إن نظفر بنعمةٍ نتولَّى مستكبرِين فرحِين يُخوَّل إلينا أننا بطريقةٍ أو بأخرى...استحققناها!
لا نعمةَ تدومُ دون شُكر...
من جواري، هدَّأني الإمام أيوب مُدرِكًا طَبْعِي. قلةُ الصبر اعتِيدَت مني صفةً وسِمَة.
مريحًا يده على أحد كتفَي اللذين انحنيا لتقوس ظهري حادثني: "استهدي بالله يا عَمرْو، أوتظنُّ أنَّ من خلق عبدهُ عاجزٌ عن شفاءه؟"
نفيتُ برأسي أجيبه: "لا واللهِ يا شيخنا، إنهُ خوفي من ذاتي التي قد تعترض على قدَرِ الله"
من جواري الثاني حادثني الرجل فارع الطول من المسجد من حيثُ بقيَّ واقفا: "لن يكتمل إيمانٌ دون رضاءٍ بالقدر"
نظرتُ صوبه ولم أكن قد فهمتُ مقصده من الإدلاء بجملته التي لم يكن فيها مخطئا.
قبل أن أستفسر قوله، خرج الطبيب لأسارع إليه سابقًا الإمام ورَجل المسجد.
"طمئنَّا خيرًا جزاك الله!"
قلتُ أودُّ سماع ما استنبطه الطبيب من سنين خبرته التي يسرَّ الله علاج الناس خلالها على يديه.قال لي خامدًا قلقي المُفرِط: "حمدًا لله، سلَّمهُ الله من الضرر الكبير، سيشفى قريبًا بإذن الله"
ما أنهى ما قاله، حتى خَرَّ جسدي لله ساجدا. سجدت لله شُكرًا له وحمدا ولم أستطع فعلَ غير ذلك.
سبحان ربيَّ الأعلى، سبحان ربيَّ الأعلى، سبحان ربيَّ الأعلى!
حمدًا لكَ يا الله على نجاة الفتى! يا الله! حمدًا لك على تيسير حمايته على يدي! وإنَّ نفسي يا اللهُ ما كانت لتُطيق موته أمام عيني! حمدًا لكَ يا برُّ يا رحيم على رأفتك به ورحمتكَ لي!
بعد أن ناجيت ربي في سجودي ما ناجيت، نهضتُ لأشكرَ الطبيب على صنيعه.
إنكَ يا بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله من أخبرتنا صلى الله عليك وسلم بأن:
( مَنْ لَا يَشْكُرْ النَّاسَ لَا يَشْكُرْ الله)
في حين رَدَّدَ الإمام والرجل حمدهم لله، سألت حين أتيحت لي الفرصة: "هل بإمكاننا رؤيته؟"
أنت تقرأ
إِلَى حَيثُ ألتَقِيك
Spiritualitéلقد سبقتَني إلى هناك بالفعل... ولكن انتظر يا صاحبي...أنا بكَ لاحق! حازت بتوفيق المولى على الوسام الذهبي في مسابقة (جلستان في واحدة) ✒️ الغلاف من إبداعات طيور أغسطس 🪶