|6|- كانت النهاية.

157 16 16
                                    

الفصل السادس :كانت النهاية...

متنسوش الڨوت يا حلوين، قراءة ممتعة.💖

_________________________

"زِن كلماتك قبل التفوه بها، لا تتسرع في الحكم وتتفوه بشئ ما في لحظة غضب؛ فربما لن تتحمل نتائج ما قُلت فيما بعد، وأخيرًا لا تُفرط في العطاء فتعود خائب الأمل، خائر القوىٰ، جسدًا بلا روح."

ذهبت إلى الجهة الأخرى حيث باب المنزل وهي على حافة الجنون، وقفت أمامه ثم صرخت بقوة:
"شقيقتي مغشي عليا بالداخل، ساعدوني"

تجاهلها البعض ولكن ساعدها البعض الآخر، استطاعوا تحطيم الباب فاقتربت هي منها بجنون وهي تقيس نبضها وتتمنى أن يكون ما في بالها خاطئ، ولكنها وللأسف الشديد كان ظنها في محله، توقف نبض "تالين" بسبب مرضها، توقف وللأبد!
وعند هذه الخاطرة صرخت بصوت عالٍ هزّ جدران المنزل:
"تالين!
أرجوكِ لا تتركيني"

صمتت قليلًا وهي تشهق بصوتٍ عال، ثم هتفت مجددًا:
"أعتذر، أعتذر، لم أكن في وعيي حينها، ليتني اعتذرت لكِ منذ زمن، على الأقل كنتِ ستقضي أيامك في سعادة بيننا، لا تتركيني يا تالين، لا تتركيني"

تشبثت بملابسها أكثر، أخذوا يحاولون ابعادها عنها ولكنها لم تكن في وعيها أبدًا، كل ما تراه هو ما كانت تفعله بها، عندما كانت تقول ل "يامن" أن "تالين" ضربتها رغم أنها لم تفعل ذلك فيضربها أو يجعلها تنام في الخارج، في البرد القارص!
عندما كانت ترمي الكلمات عليها، لم تكن تفعل كل هذا برضاها، كان كل هذا بسبب أصدقاء السوء يملئون عقلها بالحقد تجاه شقيقتها الوحيدة!

للأصدقاء تأثير كبير علينا وعلى كل ما نفعله، أما سؤال أهو تأثير جيد أم سيء؟
فهذا يختلف حسب تبعية اختيارك له.

نظرت حولها بتشتت وهي لا تستطيع استيعاب ما يحدث، لمحت ظلّه بعيناها فرددت بصدمة: أنت!

دائمًا ما تأتي الحياة بما يُخالف جميع توقعاتنا، تجعلنا ندور في متاهة لا تنتهي، ويبقى السؤال، أين المفر؟

________________________
"قلبي تائه، حزين كحالي أنا وعقلي تمامًا،
كطائر حزين يبحث عن الحرية والطريق ممهد أمامه!"

دلف غرفتها بغضب حارق أعمىٰ عيناه، كاد يصرخ عليها ولكن سرعان ما تبدل غضبه لصدمة بعدما رآها ملقاة على الأرض والدماء متناثرة حولها!
عقله لا يستطيع إستيعاب ما يحدث، شقيقته، دماء، سكين، لماذا تركه جميع أحبابه، ألا يستحق بقائهم بجانبه؟
ألا يستحق أن يسعد ليوم واحد في الحياة؟
أخرج هاتفه من جيب بنطاله الخلفي بإرتعاش، هَاتَفَ الإسعاف وهو يخبرهم بالعنوان بنبرة ضعيفة والعبرات تترقرق في مقلتيه لأول مرة منذ وفاة والديه، مهما فعلت ستبقى شقيقته العزيزة المتبقية له، يتمنى أن يسامحها لكنه.. لا يستطيع!
شيء ما داخله يخبره أنه إن سامحها ربما تتمادىٰ في أفعالها، وصلت الإسعاف ووضعوها على ذلك السرير المتحرك وأدخلوها للعربة، بينما دخل هو معها جالسًا إلى جانب طاقم الممرضين، ظل يطمئنها وهو يعلم أنها لا تسمعه من الأساس، وليكن أيستوعب شخص حاضر لم يُفكر به أبدًا؟
ظل يجوب الردهة من اليسار لليمين ومن اليمين لليسار، شعور عامر بالقلق يجتاحه، ماذا إن فقدها هي الأخرى؟
هل سيستطيع إكمال حياته؟
تفعلها هي ومن قبلها تخاصمه لمدة ٦ شهور لأنه فكر مجرد التفكير فقط؟
لم يدُم تفكيره طويلًا حيث خرجت الطبيبة من غرفة العمليات وملامح الأسف ترتسم بوضوح على وجهها، ثم هتفت بأسف:
"لا أعلم كيف أقول ذلك ولكن... البقاء لله."

توقف الزمن لبضع ثوانِ -بالنسبة له-، شعر أن الأرض تميد به، كيف لها أن تفعل هذا وتتركه مع كامل علمها أنه لن يستطيع أن يحيا بدونها!
عاد إلى عقله حادث أليم من الماضي، وفاة عائلته..

-رجوع بالزمن لأكثر من أربعة أعوام ونصف-

عاد إلى منزله والبسمة تشق وجهه ولكن سرعان ما انمحت واستحالت ملامحه للقلق بعدما رأى سيارات الإسعاف أمام منزله وجميع أهل الحي متجمع يقفون أمامه، أخبره صوت في داخله أن هناك خطبٌ ما، سرعان ما تأكدت شكوكه بعدما رأي ممرضَين يضعان جسد والده على سرير متحرك، وبعد إجراء بعض الإسعافات وضعوا الغطاء الأبيض على وجهه...
توقف العالم في تلك اللحظة بالنسبة له، شعر أن جميع حصونه تنهار، فقد ملجئه وملاذه الآمن!
لن يدخل البيت ليجد رائحة طهي والدته الشهي، ستحل البرودة محل الدفء بعد رحيلهم، أيقن أنها النهاية فهبطت العبرات من مقلتيه سامحًا لجسده بالإنهيار والسقوط أرضََا..

استفاق من ذكرياته الحزينة لواقعه الأليم على صوت الطبيب وهو يهتف:
"أستاذ لؤي، هل تسمعني؟"

صمت لبرهة وهو يكمل بعدما لاحظ استفاقته من قوقعة الذكريات التي دلف إليها بإرادته:
"يجب أن تبدأ بإجراءات الدفن، البقاء لله مجددًا."

أومأ بملامح واجمة، مقررًا أخذ عزائها والسفر إلى مكان بعيد، فعالمه ينهار من حوله، بما سيفيده البقاء؟
كان سؤاله الوحيد أهو المخطئ أم من تضرر من الخطأ، أهو المذنب؟
أم مجرد ضحية لحياة لا ترحم أبدََا؟
أهو الجاني أم المجني عليه؟
لا يعلم، ولكنه ظل يردد في داخله:
ليتني متُّ قبل أن أشعر بهذا الألم مجددًا، لماذا أنا؟"

ولكن في النهاية، يبقى هذا سؤال مجهول الإجابة.

_________________________
"مسكينة، كانت جُلَّ أحلامها بيتًا صغيرًا يعمّه الدفء مع من تحب، لا تعلم أن الحياة بطبيعتها قاسية، تسلبُ من كل شخص أحلامه الدافئة، تحوله من ملاك إلى وحش لا يدرك ما يفعل، وحشٌ كاسر هدفه الانتقام، الانتقام وفقط."

تقف في عزاء شقيقتها بملامح جامدة، مرّ يومين منذ وفاة "تالين" وهي بنفس التقاسيم الجامدة، لم تذرف ولو عبرة واحدة حتى، لا تأكل سوى بعض اللقيمات الصغيرة التي تجعلها تعيش فقط، شقيقها كان قد سافر من بضع أيام ولا يعلم بأي مما حدث أساسًا، توفت "تالين" بسبب مرضها الذي لم تخبر أحد بوجوده، أخبرها الطبيب أيضًا أنها لو كانت أجرت تلك العملية كانت ستنجو ولكنها فضّلت الموت، تُرى هل ماتت "تالين" وهي تظن أنها تكرهها؟وعند هذه الخاطرة همست بعدم إستيعاب:
"لا لا، بالتأكيد لا، هي تعلم تمام العلم أنني أحبها!"

نقلت نظرها بين وجوه النساء الجالسات بحزن وهن يرتدين ملابس سوداء هاتفة وهي تنظر لإحداهن:
""تالين" كانت تعلم أنني أحبها صحيح؟"

نظرت لأخرى في الجهة المعاكسة وهي تتابع:
"كانت تعلم أنني لم أقصد مضايقتها، صحيح!"

نظرت لها الممرضات بتعجب على حالتها المُزرية، مسكينة!
لم تستوعب بعد أنها بمستشفى الأمراض العقلية!
مرّ شهران وهي تتخيلهم جميعًا النساء المتشحات بالأسود في العزاء!
وكأن ذاكرتها مازالت عالقة بذلك اليوم المشئوم، والذي بالمناسبة علمت في نهايته بسقوط الطائرة التي كان بها أخيها، وموته...

_________________________

يتبع...
كدا نقدر نقول دور تالين وطيف ويامن وشهد خلص معانا!
ونقدر نقول بردو إن الأحداث بدأت، أتمنى البارت يعجبكم، متنسوش تقولوا رأيكم، ألقاكم في الفصل الجديد.

#الفصل_السادس
#ثنائي_القطب
_أشرقت فرحات

ثنائي القطب -قيد الكتابة-. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن