صوت زغاريد دوى من حولهما أجبرهما على العبوس وهما ينظران للفيلا الفخمة من خلفهما والواقعة على الشاطئ ليسأل ابن شقيقته : فيه إيه هم بيزغردوا ليه ؟!
أشار إليه أحمد بكتفيه في عدم معرفة لينتبها سويًا على صوت والدته الذي صدح مناديًا عليهما بالتتابع ليزفر بقوة وهو يشير لابن أخته : قوم يا بني نشوف أمك عايزة إيه
تحركا سويًا لتقابلهما الزغاريد من جديد عندما دلفا من باب الشرفة ليسأل هو باستنكار : بس يا روحية بس ، فيه إيه حد من العيال نجح ولا إيه اللي حاصل ؟!
صاحت روحية بفرحة حقيقية بعدما أنهت زغرودتها : عيال إيه وبتاع إيه ، الزغاريد عشانك يا قلب أختك .
عبس سيف وهويجلس بضيق ليجيبها متهكمًا : ده اللي هو إزاي بقى إن شاء الله ، على حد علمي إني نجحت وخلصت دراسة من زمان .
اتسعت ابتسامة شقيقته لتجيبه بضحكة واسعة : مبروك يا حبيبي ، مراتك حامل .
صدم .. شحب وجهه .. وتراجع للخلف في مجلسه ليهمس بعدم تصديق : حامل ؟!! ليتطلع الى زوجته ذات الوجه المورد ويتبع سائلًا – بجد ؟!
أومأت الصغيرة بشبه ابتسامة رُسمت على ثغرها لينهض واقفًا يلف من حول نفسه في تيه ألمّ به ليتطلع إليها ثانية ويتطلع لشقيقته التي عبست بعدم فهم لما يمر به ، وكيف تفهم وهو نفسه لا يفهم سوى اسمها الذي يتردد لذهنه وكيف يصل إليها الآن ليخبرها .. يهمس إليها بأنه سيصبح أب .. سيأتي بطفله للدنيا .. وأنه يحتاجها بجواره في هذه اللحظة التي انتظرها لسنوات طويلة ولم تأتي قط ، همس باسمها في فورة مشاعر تملكته وهو يبحث عن أشيائه فتهدر به شقيقته : بتعمل إيه يا سيف ؟!
رفع رأسه ليجيب بعفوية : نازل مصر ، رايح لهدى .
اتسعت عينا روحية بصدمة بينما اغتم وجه زوجته بكآبة وهي تجلس بحزن اكتنفها لتصرخ روحية : هدى إيه وبتاع إيه ، تعالى هنا .
لم يستمع إليها وهو يسرع بخطواته للخارج فتهتف بأحمد في غضب تملك منها : الحق خالك وخليه ميسافرش بليل كده ، رفع أحمد رأسه يتطلع لوالدته وشبه بسمة ترسم على ثغره فتكمل بوعيد – بطل استفزاز يا أحمد قوم الحق خالك .
تنفس أحمد بعمق ليجيبها ببرود : أخوكي مش هيرجع لو جبتي له فرقة صاعقة يا ماما ، فاستهدي بالله كده وسيبيه يعمل اللي هو عايزه .
هدرت روحية : ياعني إيه ، ياعني برضه هيروح لها بعد كل ده .
ابتسم أحمد ليجيب ببرود : آه يا ماما ولو عملتي إيه هيفضل يروح لها .. يرجع لها .. مربوط ومتعلق بيها عشان بيحبها .
انتفضت زوجة خاله الصغيرة أمامه فهمس معتذرًا : أنا آسف ، بس أعتقد إنك عارفه كده من الأول ولا ماما وخالاتي مقالولكيش إنه بيحب مراته الأولانية ومش هيقدر يسبها .
رفت زوجة خاله بعينيها لتجيبه : قالوا لي .
هز رأسه وأجاب : طيب متزعليش بقى من الحقيقة ، وهي إن مهما أنتي عملتي سيف هيفضل عايز هدى في حياته ومعاه .
أومأت برأسها وتمتمت بصوت خفيض وهي تنهض واقفة : بعد إذنكم .
غادرت زوجة خاله المكان بأكمله لتصيح به والدته : في حد يقول كده ، في حد يعمل كده ، مبسوط دلوقتي بعمايلك أنت عايز تنقطني يا أحمد .
رفع أحمد عيناه ليجيبها وهوينهض واقفًا : السؤال ده تسأليه لنفسك يا ماما، في حد يعمل كده ؟! في حد يتعس حد كده ، لا ده مش حد واحد ، دول تلاته ، تلت بني أدمين يا ماما ، تُعسا بسببك .
اتسعت عينا روحية بجنون فأكمل أحمد غير آبهًا بغضبها : كل ده عشان أخوكي حب مراته وعاملها ملكة وأنتي اللي كنتي عايزه تخليها تحت رجليكي لكن هي مرضيتش ولا قبلت ، أنتي دلوقتي مبسوطة يا ماما ؟!مبسوطة بحال أخوكي اللي مش مرتاح ولا مبسوط ، مبسوطة عشان الغلبانة اللي اتكسرت فرحتها بسبب أخوكي اللي مش حاططها في حساباته؟! مبسوطة إن هدى مقهورة ومكسورة ؟! زعق بخشونة في وجه والدته التي تطلع إليه بغضب – مبسوطة يا ماما ؟!
هدرت روحية بغل : قطيعة تقطع هدى واليوم اللي جات فيه سيرة هدى ولا شوفناها فيه ، وأيوة مبسوطة يا سي أحمد مبسوطة إن أخويا الوحيد هيجيب عيل يشيل اسمه واسم أبويا من بعده ، مبسوطة عشان أخويا اللي لو دلوقتي بيدور على هدى وإنه يروح لها بعد كده هينشغل بابنه ومراته وبيته وينسى هدى ، بكرة يعرف قيمة اللي عملته له وأنت كمان تعرف إني مش عايزه غير مصلحته .
صاح أحمد بجنون : مصلحة مين وفين يا ماما ؟! أخوكي تايه أنتي إزاي مش حاسة بيه ، أنتي إزاي مش شيفاه ؟! أنتي إزاي مش واخدة بالك ، سيف مبقاش سيف اللي إحنا عارفينه ، من ساعة ما بعد عن مراته .. حبيبته .. روحه مشتتة بين الواجب اللي المفروض يعمله ويجيب وريث لعيلة سراج الدين وبين قلبه اللي موجوع في بعد مراته عنه .
أشاحت بيدها : بلا نيلة ، بلا قلبه بلا روحه ، وبعدين محدش فينا قاله سيبها هي اللي عملت فيها بنت بارم ديله وقالت لك مقبلش ضره ، لتردف بحدة – واحدة غيرها كانت رضيت وقبلت وهي بحالتها دي عشان تفرح جوزها اللي بيحبها وبعدين يعني تطلع مين هدى دي عشان متقبلش إن سيف يتجوز عليها ، ما كل الرجالة بيتجوزا على مراتاتهم عادي والدنيا بتمشي ، هي اللي أنانية ومبتشوفش غير نفسها وبس .
تطلع إليها أحمد مصدومًا قبل أن يجيب بجدية : أنتي يا ماما اللي بتقولي كده ، سبحان الله أنا فاكر إنك عملتي مصيبة لبابا الله يرحمه لما حسيتي إن السكرتيرة اللي في المصنع بتشاغله ، وهو عشان ميزعلكيش ساب لي المصنع بعدها وبطل يروحه خالص ، اكفهر وجهها بغضب ليكمل أحمد بتسلية – بلاش انتي ترضي إن أي حد من اجواز أخواتي البنات يتجوز عليها ، أو تفرضي إني اقبل إن حد منهم يعمل في أخت من إخواتي كده ؟!
رفعت أنفها بكبر : أنا وبناتي مش معيوبين .
اختنق حلق أحمد بضيق ليرد باستياء : وهدى مش معيوبة يا ماما ، بس الخلفة دي بأيد ربنا ، نعمة من عنده مش بأيدين حد فينا ، المفروض إننا منتفاخرش بالنعم اللي ربنا بيغمرنا بيها ، ولا نضايق الناس اللي ربنا ابتلاهم بعدم وجودها ، عشان ماتزولش من وشنا بس هنقول إيه بقى ربنا يهدي .
هدرت بزعقة : ربنا يهدي ليه شايفني مجنونة .
زفر باختناق : لا يا ماما حد يقدر يقول كده ، تصبحي على خير .
راقبته يغادر لمسكنه مع زوجته وأطفاله لتزفر بضيق وهي تبحث عن هاتفها لتتصل بشقيقها فتجيبها تلك السيدة السخيفة أن هاتفه مغلقًا لتهدر بضيق : وهو ده وقته برضه ، ماشي يا سيف لما ترجع بس ليا كلام تاني معاك .
***
تجلس أرضًا تسند ظهرها للأريكة من خلفها ، تعقد ساعديها حول ركبتيها في انطواء ألمّ بها وهي تشعر بإنهاك كبير يخيم عليها ودموعها تجري على خديها أنهارًا تتذكر المشاجرة القوية التي اندلعت بينها وبين زوج شقيقتها وأبيه الذي يكون خالها بعدما عادت فوجدتهم وكأنهم يحتلوا شقتها ، لتزأر في وجوههم بغضب : بتعملوا إيه هنا ؟!
تبادلوا النظرات مع بعضهم لتحدثها والدتها بعتاب : هي دي مقابلة برضه تقابليها لخالك يا هدى ولجوز أختك .
أجابت بجدية : وهو في حد استأذنني في الزيارة الأول يا ماما عشان أستقبله كويس ؟!
تمتمت والدتها بحرج : دول أهلنا يا بنتي والأهل مبتستاذنش يا بنتي .
هدرت بغضب : لا يا ماما ، بيستأذنوا عادي ، وأنا من حقي أستقبل في بيتي اللي عايزاه أو مستقبلوش .
هدر حينها زوج شقيقتها : إيه قلة الذوق دي ما تحترمي نفسك واتعدلي في الكلام ، لا عاملة ليا ولا لبابا وجود ولا احترام وطايحة فينا كده ليه .
زأرت بقسوة : أقولك يا بيه أنا طايحة فيكم كده ليه ولسه هطيح وأبهدلكم وممكن أسجنكم كمان .
أجفل زوج شقيقتها ليزعق خالها : إيه اللي بتقوليه يا ده يا بنت ؟!
صاحت بقوة : بقول اللي سمعته يا خالي ، وخصوصًا بعد ما المحترم ابنك استلم إعلانات القضية من غير ما يبلغني وعمل لعبة هو والمحروسة مراته وماما وراحوا شهدوا ضدي كمان في المحكمة عشان سيف باشا يرضى عنهم ويكسب قضية بيت الطاعة .
اتسعت عينا خالها بذهول وهدر بغضب : أنت عملت كده بجد ؟!
كتفت ساعديها وهي ترمق زوج أختها بنقمه فيجيب باعتداد : أيوة يا بابا أومال كنت عايزني أعمل إيه ، أسيبها للجنان اللي في دماغها ده .
زعقت بجنون : وأنت مالك ، بتدخل في اللي ملكش فيه ليه ، أنت مش وصي عليا ولا أنا أخصك ، وملكش إنك تقرر عني أبدًا ، اقتربت منه بعنفوان وهي تتابع بحدة – من ساعة ما اتجوزت أنت وأختي وأنا قلت لك بدل المرة ألف ملكش دعوة بيا ، أنا خط أحمر متدخلش في أي شيء يخصني ، عندك مراتك أنت حر فيها لو حبستها في قُمقم وهي راضية أنتم حرين إن شا الله تاكلوا بعض مش هتدخل ، لكن أنا وحياتي ملكش فيه ، وكنت بغمض عنيا عن قرفك وزنك في ودان سيف عشان خاطر أمي وأختي ، لكن توصل إنك تعمل كده فلا بقى فوق عشان أنا أقسم بالله لهدفعك تمن اللي عملته ده غالي .
أشاح بيده في كبر وغرور : هتعملي إيه يا عني أعلى ما في خيلك اركبيه .
تراجعت للخلف قليلًا تنظر إليه مطولًا : طيب قدامكم اسبوع وعايزة الشقة فاضية ، منكم طبعًا لأن العفش وكل حاجة فيها بتاعتي ، بالفواتير والعقود .
شهقت شقيقتها ولطمت صدرها : بتطردينا في الشارع يا هدى .
أشاحت لها بوجهها : في الشارع ليه ، خلي المحروس جوزك يجيب لك بيت أو ارجعي البلد تاني وعيشي في الشقة اللي قدر يجيبها لك .
هذرت أختها دون وعي : وعيشتنا والعيال ومدارسهم ؟!
أجابتها باعتداد : مش مشكلتي ، كنتي المفروض فكرتي في كل ده قبل ما تسمعي كلام جوزك وتمشي وراه .
اتسعت عينا شقيقتها بجنون لتهدر في والدتها : عجبك كده يا ماما ؟! عجبك اللي بنتك بتعمله فيا ده ؟!
تمتمت والدتها سريعًا : لا طبعًا يا بنتي ، عيب يا هدى كده ميصحش .
صاحت هدى بوجوهم : ميصحش ؟! أنا اللي ميصحش يا ماما ؟! وأنا اللي بعمل فيكم ، وأنتم إيه يا ماما ؟! ولا عادي إنكم تخبوا عني القضية وتروحوا تشهدوا ضدي كمان ، أنتم بعتوني يا ماما وأنا في أكتر وقت محتاجاكم فيه وعشان كده من اللحظة دي أنا مش هشتري حد .
تمتمت والدتها باهتزاز : يا بنتي كنا بنعمل كده عشان مصلحتك .
دمعت عيناها رغمًا عنها : مصلحتي ؟! اللي هي إيه يا ماما ؟!
هدر خالها : إنك ترجعي لجوزك يا بنتي ومتخربيش بيتك بايدك .
رفعت رأسها بشموخ : وأنا مش هرجع لسيف لو السما انطبقت على الأرض يا خالي ، ومحدش فيكم يقدر يجبرني أعمل حاجة مش عايزاها .
هدر زوج شقيقتها : قلت لك يا بابا هي مش مكبرة حد ولا عاملة قيمة لحد.
فيربد وجه خالها بغضب : عيب كده يا هدى ، اللي بتعمليه ده مش صح ، إحنا معندناش بنات تطلق ولا تتبهدل في المحاكم ، ارجعي لجوزك وكفاية بهدلة كده .
رمقت خالها قليلًا لتجيب باعتداد : أنا مش بنتك يا خالي ، وأبويا الله يرحمه لو كان موجود مكنش وافق إني أتغصب على عيشة مش عايزاها أبدًا .
هدر زوج شقيقتها : أبوكي لو رباكي أصلًا مكنتيش وقفتي تردي علينا الكلمة بكلمتها كده .
هدرت بجنون وهي تقترب منه : اخرس ، عارف يا عني إيه اخرس مش عايزة أسمع صوتك ومتجبش سيرة بابا على لسانك عشان لو كان موجود مكنش سمح لك أصلًا تنطق في وجوده .
رفع زوج شقيقتها كفه ناويًا لطمها : انتي قليلة الأدب ومتربتيش .
لزعق فيه والده وهو يدفعه بعيدًا هادرًا : أنت اتجننت أنت هتضرب بنت عمتك وأنا موجود .
زعق ابنه : مش شايف يا بابا قلة أدبها .
أطبقت فكيها بقوة لتصرخ به : قلة أدب بقة بقلة أدب ، اتفضلوا أنا مش عايزة حد في بيتي ، ولو ممشتوش هطلب لكم البوليس
استدار خالها ينظر إليها بصدمة ليجيبها بضيق : هي حصلت لكدة يا هدى .
تنفست هدى بعمق لتجيب : أنا آسفة يا خالي ، مش أنت المقصود أبدًا ، حضرتك أشيلك فوق راسي ، لكن ابن حضرتك ومراته مش مرحب بيهم أبدًا في بيتي .
أجاب خالها بغضب : وكرامتي من كرامة ابني يا ست هدى .
هزت كتفيها بلا مبالاة : يبقى أنت اللي اخترت يا خالي .
تحرك هو وولده الذي هتف بعصبية : يالا يا بابا كفاية علينا قلة أدب لغاية كده .
راقبته هو وابيه يغادران بينما ارتجف جسد شقيقتها بعصبية :لا دي انتي اتجننتي على الآخر ، مش قاعدة لك فيها وهسيبهالك مخضرة ، أتبعت وهي تنصرف بجوار زوجها الذي تحرك بغضب نحو باب البيت - يالا يا ماما ولا هتفضلي عند الهانم اللي طردتنا .
نظرت والدتها بتوتر فيما بين ابنتيها لتهمس باختناق : لا جاية معاكي ، لتتبع وهي تقترب من هدى – اخص عليكي في حد يعمل في أخته كده .
ابتسمت هدى بألم : وهي في أخت تشهد على أختها في المحكمة يا ماما ، في أخت تخدع أختها كده وتكذب عليها ، وفي أم تعمل اللي أنتي عملتيه فيا ده؟!
ازدردت والدتها لعابها وهي تطلع للألم الذي جُسد على ملامح وجه ابنتها لتجيب بعناد : أختك عايزة مصلحتك لكن انتي مش شايفة غير نفسك وبس.
أجابتها هدى : أختي بتدور على مصلحتها ومصلحة جوزها بس يا ماما وأنا مش فارقه معاها ، أختي باعتني من زمان اوي أنا بس اللي مكنتش شايفة كويس .
تغضن جبين والدتها بحزن لتتحرك مغادرة خلف ابنتها لتهتف هدى بجدية: أنا هاجي آخر الأسبوع أخد شقتي اللي فيها حاجتي ، وياريت بلاش فضايح عشان أنا لو غلبت هعمل أكبر فضيحة أنا أصلًا مستبيعة .
صفعت شقيقتها الباب خلفها لتشعر بإنهاك قوي يدب في أطرافها فتتهالك جالسة أرضًا تنطوي على نفسها وتبكي دون توقف .
انتبهت من بكائها على صوت الباب الذي يُفتح لترفع رأسها باعتداد بعدما مسحت وجهها بكفيها ، ثم تنهض واقفة باعتداد عندما التقطت حضوره فتزأر بحدة : إيه اللي جابك ؟!
اقترب منها بوجه فرح ليهدر بعفوية : جاي أفرح معاكي .
رفت بعينها وهي تشعر بشيء خاطئ لتردد بعدم فهم : تفرح معايا ، بأية ؟! بأنك طلبتني في بيت الطاعة وكسبت القضية .
ارتدت رأسه بحدة للخلف وعقله يذكره بما فعل ليهمهم سريعًا : معلش يا هدى ده شغل محامين ، مش أكتر ولو على القضية هتنازل عنها من بكرة بس متزعليش .
ضيقت عيناها بريبة وتأملته قليلًا لتسأله : وكنت بترفعها ليه من الأول لو هتتنازل عنها .
أشار بكفه : ده كان قبل كده دلوقتي لا مش مهم القضية ولا مهم أي حاجة المهم إنك تبقي معايا .. تفضلي جنبي ، أنا محتاجك يا هدى .
شعرت بالغرابة وهي تنظر إليه يثرثر بسرعة وبطريقة حماسية تدركها جيدًا لتهمس بتلقائية : مالك يا سيف ؟! في إيه ؟!
احتضن كفيها ليجذبها بخفة نحوه : أنا محتاجك جنبي يا هدى وبعد إذنك اسمعيني من غير عند وافهميني ومترفضيش إنك تبقي معايا .
تمتمت بعفوية : أنا معاك لو هقدر على اللي أنت عايزه يا سيف .
تمتم وهو يجبرها أن تجلس بجواره على الأريكة : تقدري يا هدى ، تقدري تحققي حلمنا اللي ياما حلمنا بيه سوا .
دمعت عيناها لترد بإنهاك : إزاي يا سيف ؟! ما الدكتور أخر مرة قالي إني خلاص مش هقدر أخلف ، وإني وصلت لسن اليأس رغم إني لسه في أول الأربعين ، بس حالتي من الحالات دي وكأن ربنا مش رايد لي عيال فعلًا ، حشرجت نبراتها لتتبع – الحمد لله أنا راضية بقضاء ربنا .
تمتم بسرعة : بس إحنا نقدر نحقق الحلم بطريقة تانية يا هدى .
شعرت بجسدها يتصلب وهي تتراجع بعيدة عنه لتسأل بترقب : إزاي يا سيف ؟!
أجاب سريعًا دون تفكير : أنا مراتي حامل ، خلاص هيجيلي الولد اللي حلمنا بيه ، شعرت ببرودة تنتشر في عمودها الفقري وعدم استيعاب يخيم على رأسها ليتبع بهذر سريع – هيبقى ابنك زي ماهو ابني ، هيقولك لماما وهتربيه معايا ، هتبقي شريكتي فيه زي ما طول عمرك شريكتي يا هدى .
جحظت عيناها بألم لتسأله باختناق : وأمه هتعمل فيها إيه ؟!
عبس وكأنه تذكر شيئًا ما كان تنساه ليغمغم بلا مبالاة : أهي موجودة هتروح فين .
اتسعت عيناها بمفاجأة لتكتم نفسها لوهلة قبل أن تنهض واقفة برفض ظهر بعينيها : آسفة يا سيف أنا مش هقدر أعمل اللي أنت بتقوله ده ولا حتى أقبل بيه ، عبس باعتراض فأتبعت بجدية – أنت مدرك أنت بتقول إيه وبتطلب مني إيه ولا لا ؟! لا بجد فاهم ياعني ولا الفرحة نستك المنطق ؟! ولا لحست دماغك ولا حصلك إيه بالظبط ؟!
عبس بتشتت فاتبعت بتروي : أنت شايف إن اللي بتقوله ده طبيعي ، وإني هقدر أعمله عادي ، أخد طفل من أمه وأخليه ابني ، صمتت لتهمس ساخرة– أبقى شريكتك في إيه وإزاي أشاركك في حاجة مش بتاعتك أصلًا يا سيف؟!
هدر بغضب : إزاي مش بتاعتي ؟! ده ابني .
هدرت أمامه : بس مش ابني يا سيف ولا عمره هيكون ، أنا قطعة زيادة على الصورة الحلوة يا سيف ، ولو اتحطيت فيها هتبقى وحشة أوي ومتعبة أوي أوي ، كتمت بكائها بداخلها لتتابع بجدية – من فضلك يا سيف ، ارجع لمراتك وسبني في حالي .
رمقها بألم واختناقه يزداد ليهمس ببؤس : كنت فاهمك هتفرحي معايا يا هدى .
ابتسمت بالم لتجيبه : أنا فرحانه لك يا سيف ، بس مش هينفع أفرح معاك، تحركت نحوه لتضمه فيبتسم وهو يحتضنها بدوره لتتبع بهمس باكي – مبروك يا سيف ، ألف مبروك ، ربنا يرزقك بره وسنده يارب.
أجابها وهو يضمها بقوة : الله يبارك فيكي يا حبيبتي ، فيردد خلفها – اللهم آمين يارب.
ابتسمت بوجهه لتتراجع للخلف : وحياة ابنك اللي جاي يا سيف ، طلقني كفاية كده أنا تعبت ومش قادرة أحارب أكتر من كده ، أقسم بالله تعبت .
تساقطت دموعها رغمًا عنها لتبكي بتعب فيرق قلبه نحوها ليضمها إلى صدره ويقبل رأسها : طيب اهدي ، اهدي يا حبيبتي ، متعيطيش عشان خاطري ، اهدي يا هدى عشان خاطري .
تزايد بكائها فيضمها أكثر ويحاول أن يجفف وجهها الذي أغرقته دموعها وهو يدفعها للجلوس من جديد بجواره على الأريكة ، وهو يهدهدها بلطف .. يقبل رأسها بحنان انفجر بأوردته ، لينثر قبلاته فوق رأسها .. جبينها .. وجهها ، ليتوقف أمام شفتيها يرمقها بتوق تملكه فيمسهما بثغره في قبلة بطيئة شعر بمذاقها عذب كما لم يشعر من قبل طوال سنوات زواجهما ليعيد تجربتها ثانية بلهفة .. بشوق استبد به فيمتلك ثغرها في قبلات تائقة مكررة وهو يدفعها داخل صدره هامسًا من بين قبلاته : أنا بحبك يا هدى ، بحبك ومقدرش استغنى عنك أبدًا ، إنتي حبيبتي .
تنهيده خفيفة منهكة انفلتت من بين شفتيها فتعالت أنفاسه وهو يشعر عدم ممانعتها فيميلها ويغرقها في موجة شوق قوية ألمت بهما .
أنت تقرأ
نوفيلا .. بديلة حواء
Romanceوهاك أنا أقف أمام القاضي بعدما عرضت عليه قضيتي الكاملة وبثثت إليه شكواي وتجرعت آلامي أمام الجميع حتى يمنحني صك حريتي ويهديني خلاصي ليصدح صوت القاضي بهدوء ونبرة باترة ارتجف لها جسدي " بعد الإطلاع على كافة المستندات المقدمة من الطرفين ، حكمت المحكمة...