صباح ندي ربيعي معتدل الطقس .. أشعة شمس دافئة محببة تدلف إلى منتصف الصالة الواسعة بأريحية وكأنها من سكان البيت الأصليين ، تضيء المكان بأكمله وهي تجلس بكرسيها المعتاد تحمل قدح قوتها السريعة الكبير المطعم بقليل من اللبن حتى تفقده مرار المذاق المعتاد ، تنظر للأمام بشرود وعيناها مسلطة على التاريخ المكتوب أسفل الساعة الفخمة المعلقة أمامها على الحائط ، فلا تقوى على الإفلات من وحش الذكريات الذي يخيم عليها منذ الاستيقاظ ، فاليوم عيد مولده ..
حزن .. ألم .. غصة بكاء تقاومها بضراوة ، وتحاول الإفلات من مخالب ذكرى آخر عيد مولد له ، وهما معًا ، عيده الماضي وصباح يشبه هذا الصباح بشكل مريب .. فكل شيء كما هو ما عداها ، هي من اختلفت .. هي من تبدلت .. هي من انكسرت فقاومت .. هي من لم تسمح لنفسها بالسقوط وتقبلت كل صفعة .. تقبلت كل ضربة .. وتقبلت كل غدر وهي لا تزال صامدة ، تعلم أن انهيارها وشيك ولكنها تقاوم شعورها وتقاوم سقوطها بل تحاربه بشراسة وتتماسك مرغمة .
نفس عميق سحبته إلى صدرها وأغمضت عيناها وأعادت رأسها للخلف وهي تسمح لعقلها أخيرًا بتذكر ذاك الصباح الماضي تبتسم لدفيء شعرته يخيم عليها .. دفء خاص به وصباح بصوته الرخيم وبضمة دافئة رزينة وقبلة جبين يهديها لجبينها قبيل انصرافه .. صوت أم كلثوم تغني "يا صباح الخير ياللي معانا " وابتسامه تشق ثغرها وارتياح يظلل ملامحها ، تبدأ في روتينها اليومي وتقف في مطبخها ذو الطراز الحديث ، تفكر فيما ستهاديه هذا العام بعيد مولده الذي تستعد له كالمعتاد ، فتحتفل به وسط عائلته ، رغم أن معظمهم لا يبادلونها الود ، ولكن حبيبها يودهم ومهما فعلن يغض الطرف عنهن ، فهن أخواته وهو وحيدهن الصغير، وريث عائلة سراج الدين ، والده من أعيان بلدتها ، ولم يظن أحدهم في هذه البلدة الصغيرة أن يتزوج ابنه الوحيد منها هي ابنه حضرة الناظر التي قاربت على العنوسة رغم كونها في منتصف العشرينات ، ولكن هذا "سلو بلدهم" الفتيات يتزوجن دون أن يكملن تعليمهن ، أما هي فمختلفة منذ أن أسماها والدها باسم هدى لتصبح هدى شعراوي تبعًا للقب عائلتها وهي تشعر بالتميز بالاختلاف، والذي أقرته حينما اختارت تخصصًا دراسيًا غير متعارف عليه فهي لم تستطع أن تلتحق بكليه الهندسة لتضع برغباتها كليه الفنون التطبيقية وهي تدرك أنها تقع بالعاصمة فوافقها والدها وبارك أيضًا تخصصها بهندسة النسيج وسط استهجان والدتها التي تلوي فمها وهي تغمغم دومًا بأن كل هذا لا يفيد فبالأخير مكانها ببيت زوجها ، بيت زوجها الذي لا تدرك للآن كيفما اجتمعا سوى أنه النصيب كما يهمس بها الجميع ، فذات يوم قديم أتت إليهم إحداهن تخبر والدتها أنها دعت لها فجرًا فكان الدعاء من " حدها ونصيبها " كما يقولون ، وأن الباشا ابن الباشا يريد الزواج من بكريتها ، بل السيدة شددت على بكريتها حتى لا يحدث لبس ويظنون أنه يتقدم للزواج من الصغيرة التي بأول سنواتها الجامعية والتي اختارت تخصصًا سلسًا في جامعة تقع داخل المحافظة فهي لا تحب أن تغترب بعيدًا عن بيت العائلة ، فتبتسم هدى وهي تدرك أن شقيقتها الصغيرة استمعت إلى تحذيرات ابن الخال الحبيب والذي بمقام الخطيب وشدد عليها عدم التشبه بأختها الكبيرة .
يومها رفضت الفكرة من بدايتها وهي تستنكر كيف تُخطَب لشخص لا تعرفه وأبلغت والدتها التي تولول حرفيًا بأنها لن تقابله ، وأن طلبه مرفوض ، وكالعادة والدها لم يرغمها بل تحدث برزانة كعادته مسكتًا والدتها : خلاص يا حجة لو ليها نصيب فيه هتتجوزه حتى لو عملت ايه .
فتزيد والدتها من الولولة وهي تهتف به : يعني ايه لو ليها نصيب ، هو ده يترفض ، ده سيف ابن سراج باشا يا حج محمد .
حينها زم والدها شفتيه بضيق ليجيب بشكل قاطع : ولو ابن الملك فاروق بنتي تتجوز برضاها واختيارها وزي ما هي عاوزة ، خلاص انتهينا ، بلغي الست اللي جات لك دي إن البنت مش موافقة وخلاص .
يومها كادت والدتها أن تنتف خصلاتها وتضع الطين فوق رأسها لأن ابنتها الحمقاء المتمثلة فيها رفضت عريس كسيف سراج الدين ، الذي اكتشفت أنها لا تعرفه حقًا إلا عندما وجدت نفسها تقف أمامه بعد هذا اليوم بثلاثة أيام عندما طلبها صاحب المصنع الذي تعمل به بمكتبه في سابقة لم تحدث لتدلف إلى المكتب بشموخ وتسأل : طلبتني يا حاج محمود .
فينهض الرجل كبير السن هاتفًا بود : تعالي يا باشمهندسة هدى يا بنتي ، عندي ضيف عايز أعرفك عليه .
رفعت حاجبها باعتراض ولكنها تقدمت تنظر بغرابة لذاك الذي استدار يرمقها من بين رموشه قبل أن ينهض واقفًا بكسل وعيناه تتفحصانها بشكل أثار ضيقها فلم تنتفض بخجل ولم تخفض رأسها بل رفعت عيناها في تحدي وتساؤل فابتسم برزانة وغمغم بثقل : أنا عارف الباشمهندسة طبعًا يا حاج محمود ، بس هي متعرفنيش .
كتفت ساعديها في إشارة أنها لن تصافحه : أيوة فعلا معرفكش حضرتك مين بقى ؟!
ألقتها بتهكم لم تتعمده بل خرج عفويًا ليهتف الحاج محمود : معقول متعرفيش سيف بيه يا باشمهندسة ، ده أخو الحجة مراتي .
بهت وجهها تدريجيًا وعقلها ينبهها أنه هو لتتأكد حينما أجاب هو بتفكه : متعرفنيش يا حاج ورفضت التعارف كمان تخيل ؟! رفت بعينيها فأكمل هو بجدية – بس أنا جيت لغاية عندها عشان نتعرف يمكن يحصل قبول ولا حاجة .
حينها تحرجت .. تعرقت .. شعرت بشعور أنثوي وصفته بالسخف ولكنها لم تقوى على الرفض مباشرةً وبصراحة وخاصة حينما أردف هو بجدية : هنيجي نزوركم بكرة ده لو معندكيش مانع يا باشمهندسة ؟!
حينها أومأت بموافقة وهي تشعر بوجهها يحتقن خجلًا وحرجًا وخاصةً حينما اتسعت ابتسامته بثقة أغضبتها من نفسها ولكنها لم تقوى على الحديث وهي تندفع مغادرة بعدما تمتمت باعتذار سريع لهما ، لتبلغ والدها بما حدث وأنها تورطت في الموافقة على الزيارة فيبتسم أبوها دون حديث ويومئ برأسه موافقًا ، فيتم كل شيء بسرعة وهي تشعر أن الكون كله متواطئ عليها في إنجاح الزيجة التي لا تنكر أبدًا أنها سعدت بها ، فها هما متزوجان منذ ما يقارب السبعة عشرة عامًا بسعادة وود يخيم عليهما ، وحب لم يكن ملتهبًا ولكنه كان ركيزة أساسية بجانب المودة والرحمة لينجح زواجهما ويكون جميلًا ، ولكن كالعادة وكالمثل الشعبي الذي يقول " الحلو ميكملش " فعدم إنجابهما يؤرق حياتهما ، أو حياتها بمفردها فسيف لم يشكو أبدًا .. لم يعترض .. لم يظهر أي رغبة سوى بها وبوجودها معه ، رغم كل الحديث الذي يثار من حولهما ، حديث يكون السبب الرئيسي فيه شقيقاته الأربع وإن كانت أصغرهن لا تتدخل كثيرًا ، ولكن تتزعمها الكبيرة "روحية" زوجة الحاج محمود والتي تعامله بمقام بكريها ، ففارق السن بينها وبين سيف يزيد عن الخمسة عشر عاما ، فسيف وحيد عائلته أتى بآخر عنقودها الولد الذي تممه وأنهاه وأسعد قلب أبيه ، تلك السيدة التي لم تتقبلها منذ أن اختارها شقيقها الأصغر ، بل وأوصلت لها شعورها بأكثر من طريقة وبالعديد من المرات ايضا، فتتغاضى هي عن كل المضايقات والتلميحات وحتى التصريحات وخاصة بوجود سيف ودعمه لها ومساندته الدائمة فرغم أنه صغيرهن إلا أنهن لا يقوين على إغضابه أو مضايقته ، فلا يكدن لها علنًا حتى لا يخسرن شقيقهن الوحيد المتحكم والأمر في كل ما يملكن .
ولأجل سيف وعيون سيف هي تتحمل ، تتحمل الكيد والمضايقة والتلميح والتصريح وهو غير متواجد ، ولا تخبره بأي شيء ولا تثير استياءه وهي تتغاضى وتصمت ولا تأبه بهن ، فيكفيها سيف وحب سيف ووجود سيف معها بجانبها وجوارها .
دمعة غادرة انسابت من جانب عينها أعادتها من موجة ذكريات أغرقتها في حزن ألم قلبها فمسحتها بظهر كفها وهي تنهض واقفة تعتزم أن تفعل أي شيء وعقلها يردد عليها " لقد تركك .. ابتعد .. استمع لهن بالأخير وتركك ليتزوج من أخرى تنجب له الوريث حتى لا ينقضي عرش سراج الدين وتؤول ممتلكاته لآخر غيره "
***
رنين هاتفها أنبهها من حملة التنظيف الذي أخرجت فيها كل طاقتها السلبية، فتجيب دون النظر : الو .
عبس بتعجب ليسأل باهتمام : بتنهجي ليه ؟!
غمغمت بعفوية وكأن إنهاك التنظيف محى كل شيء من ذاكرتها : بنضف المطبخ ، وفضيت التلاجة والديب فريزر كمان فالدنيا مكعبلة على الآخر .
زفر بقوة ولامها بجدية : مش قلت لك مية مرة متعمليش كده ، أومال الست اللي بتنضف راحت فين ، سيبي الحاجة وأنا هبعتها لك تشوف طلباتك كلها .
تصلب جسدها وكأن ذكره لعاملة التنظيف التي غادرتها لأنها في الأصل تخص بيت سراج الدين فبعد المشاجرات بينها وبينه تركت العمل أو كما استنتجت هي صدرت لها أوامر عُليا أن تتركها ، فهمست بصوت بارد : لا كتر خيرك عشان الحجة روحية متزعلش منها أو تقلب عليها .
ازداد عبوسه ليهدر بغضب : وايه دخل روحيه في الموضوع أصلا ؟!!
ابتسمت هازئة : ايه ده معقول انت اللي خليت جليلة تسيب البيت وترجع البلد ؟!!
تنفس بعمق ليغمغم : سيبك من جليلة وروحية ، لو عايزة أجيب لك فلبينية هبعت أجيب لك ، بس انتي متتعبيش نفسك .
زفرت بقوة : مش عايزة منك حاجة يا سيف ، ومش عايزة فلبينية ولا حاجة أنا بعرف أعمل كل حاجة ، ران الصمت عليهما قليلًا لتسأله بعد برهة وهي تخلع قفاز التنظيف عن كفها لتقوى على إمساك الهاتف جيدًا – كنت متصل عايز ايه ؟!!
أجاب بتروي وصوته ينخفض هامسًا : استنيتك تتصلي بيا .. تعيدي عليا من امبارح بس طلع قلبك قاسي أوي يا هدى .
اختنق حلقها لتجيبه هازئة : أيوة أنا قاسية أوي أوي يا سيف عشان متصلتش امبارح بيك أعيد عليك أو الصبح فاصحيك من النوم وانت نايم جنب العروسة الجديدة .
زم شفتيه بضيق : متدخليش حد تالت بينا يا هدى ، وبعدين ملكيش دعوة أنا كنت هرد لو حتى نايم جوه حضنها ، انتي ليه مش قادرة تفهمي أنا بحبك أد إيه .
ضحكت تداري وجع قلبها : لا ما هو باين إنك بتحبني أد إيه ، أتبعت بسخرية قاتمة – لدرجة إنك هترد عليا وانت في حضن مراتك الجديدة .
زفر بقوة ليجيب بحنق : وكنت هسيبها وأجي لك لو شاورتي بس يا هدى ، ارتفعا حاجبيها بصدمة ليكمل بجدية صادقة – أنا مش متجوز عشان نفسي في ستات تانية ولا عشان بمر بمراهقة متأخرة ، انتي عارفه أنا متجوز ليه وأعتقد أنه من حقي .
أغمضت عيناها تتماسك حتى لا تبكي لتجيبه باتزان نجحت في التمسك به : طبعا يا سيف انت حقك وأنا عارفه وعذراك ، ومش مختلفة معاك فيه أبدًا ، لكن حقي أنا كمان أرفض .
هدر بجنون : يعني كنتي عايزاني مخلفش عشان تبقي مبسوطة .
أجابته بجنون موازي : لا ولا عمري أنكر عليك حقك ، لكن أنا متمسكة بحقي.
سألها هازئًا : اللي هو إيه بقى إن شاء الله؟!
__ إنك تطلقني ، ألقتها بإقرار – إني أطلق منك ده حقي يا سيف ، حقي إني أكمل حياتي بعيد عن وجع وجود ضرة ، بعيد عن نظرة شماتة أشوفها في عيون ناس أنا عارفه إنها بتكرهني .. بعيد عن وجع غيرة وقهرة نفس وكسرة هحس بيها كل مرة أفتكر إنك مبقتش بتاعي لوحدي .. إن في واحدة مشاركاني فيك .. أو في كل مرة أعرف إن في ست كاملة بتحقق لك حلمك بدل المرة مرتين وتلاته، ده حقي يا سيف اللي انت مش عايز تديهوني بس أنا هاخده برضاك أو غصب عنك .
تمتم بصوت أجش : مافيش ست كاملة في عنيا غيرك يا هدى ، وعشان كده ولا هتعرفي تعملي حاجة ، وبكرة نشوف هتفضلي مراتي حتى لو غصب عنك، آثرت الصمت وهي تشعر بإنهاك قوي يداهمها فلم تجبه ليكمل بجدية واقتناع – عموما كل حاجة في أولها صعب وأنا هسيبك تاخدي وقتك يا هدى لغاية ما تقبلي .
أجابت بجنون هادرة : مش هقبل أبدًا يا سيف .
تمتم بضيق : هنشوف ، يا هدى .. هنشوف .
ألقاها وأغلق الاتصال وكأنه سأم من الحديث معها لتزفر بقوة وهي تتحرك لخارج مطبخها تترك كل الفوضى التي أعاثتها فيه من خلفها لتخلع قفاز التنظيف الآخر تلقيه أرضًا بعدما ألقت الهاتف دون اهتمام وتتكوم فوق الأريكة تسقط في نوم أقرب لفقدان وعي أرادته بكامل وعيها !!
***
__ كل سنة وانت طيب يا حبيبي ، ألقتها شقيقته الكبرى والذي يقدرها ويجلّها كوالدته وهي تحتضنه بحب أمومي بحت ، وتعتني به كامه بالفعل لدرجة أن حبها الشديد وتعلقها به واعتنائها بأموره يثير حسد أبنائها الذكور بينما الإناث منهم يبجلونه ويحترمونه فهو خالهم الصغير الوسيم بل ويكاد يشعر بأن بعض الأحيان يشعرون بالغيرة عليه كشقيقاته ، ابتسم برزانة وربت على كتفها وهو يضمها إلى صدره مجيبًا : وانتي طيبة يا حبيبتي .
ابتسمت لتربت على صدره بحنان وتهمس بدعاء صادق : وعقبال السنة الجاية كده أشيل عوضك يا حبيبي ، ابتسامته تشنجت وهو يلتفت باحثًا عنها بعفوية فتتابع روحية بعتاب خافت – بتبص على مين ، ما تفوق يا سيف .
وتلك الجملة أتت بنهر أمومي حازم أنبهه لتصرفه فتتبع بجدية وهي تجذبه من كفه كطفل صغير لتجلسه إلى جوارها : إحنا مش هنخلص بقى ولا إيه ، زم شفتيه برفض فأكملت بمهادنة – يا حبيبي أنا حاسة بيك والله بس كان المفروض تعمل إيه تعيش من غير خلفة ؟!!
أسبل جفنيه ليغمغم بصوت مختنق : مقولتش كده يا روحية ، وأديني أهو اتجوزت أعمل إيه تاني .
تمتمت بصراحة : تخلف يا حبيبي .
رفع نظره إليها لائمًا : وهو ده بايدي ولا إيه ، ده رزق ربنا يا روحية .
ابتسمت لتهمس بتلعثم ووجنتاها تتوردان كالصغيرات : طبعًا رزق ومقولناش حاجة ، بس طول ما انت بتعمله واجب وكأنك إنسان آلي هيجي إزاي ، مراتك حاسة بيك يا سيف .
عبس بضيق ومض بعينيه : ياعني إيه حاسة بيا ، وبعدين معلش هي إزاي اتجرأت واتكلمت في خصوصيتنا معاكي كده .
تلعثمت لتبرر بجدية : لا يا بني متظلمهاش ، البنت متكلمتش ، أنا اللي حسيت بيها ، كل ما أسألها ترد بكلمتين وتسكت وبعدين حتى لو هي قالت إنكم كويسين يعني أنا مش شيفاك وحاسة بيك يا سيف .
أطبق فكيه ليجيب بضجر : يعني المفروض أعمل إيه ؟!
ربتت على كفه القريب لتهمس بنصح موقنة من أنه في صالحه : تنسى ، اختنق حلقه وأشاح برأسه بعيدًا فأتبعت – طلقها وريحها وريح نفسك يا سيف ، هدى دماغها ناشفة وجامدة وانت معرفتش تكسرها لها أول جوازكم عشان تقدر دلوقتي .
أجاب بخفوت : أنا مش عايز أكسر دماغها يا روحية ، أنا عايزها تفضل معايا .
ابتسمت روحية هازئة : مش هترضى يا قلب أختك ، عشان كرامتها اللي ناقحة عليها وعشان مناخيرها اللي رفعاها السما وعشان عارفه إنك بتنخ بسرعة قصادها .
هدر بغضب : أنا مبنخش يا روحية وانتي عارفة كده كويس .
رمقته من بين رموشها لتجيبه بتهكم : انت جامد قصاد الناس كلها إلا هدى يا سيف ، بدليل إنك قاعد حزين أهو ولو حصل وكلمتك دلوقتي هتسيبنا كلنا وتجري تروح لها .
تمتم بجدية : مراتي وحقها يا روحية ، اتسعت عيناها بذهول لتغمغم بغضب هذه المرة : مراتك ؟! دي رفعت عليك قضية طلاق وجرجرتك في المحاكم يا سيف ولسه بتقولي مراتي وحقها، كاك كسر حُقها ، مراتك اللي بتغنيها لي دي فَجَرتّ وقلعت برقع الحيا ونسيت نفسها ومبقاش ليها كبير عشان تجرجرك في المحاكم وتقف قصاد القاضي تقوله عايزة أطلق منه وهي اللي مكنتش تحلم بأنها تتجوز واحد زيك .
انتفض واقفًا ووجهه يربد بغضب شديد فزفرت روحية بقوة لتغمغم بضيق وهي تجذبه من كفه بمراضاة : شوف بقى انت اللي بتخليني أقول كلام ملوش لازمة وازعلك في يوم زي ده ، لتكمل وهي تجذبه مرة أخرى تريده أن يجلس ثانيةً – وأنا اللي لا بقدر على زعلك أبدًا ، اقعد ومش هزعلك تاني حقك على راسي يا قلب أختك ، أقعد بس .
رمقها من فوق فأكملت بجدية : ومش هفتح السيرة الغم دي تاني حقك عليا أقعد بس .
استجاب مرغمًا لتبتسم وتربت على صدره وتهمس إليه : انت عندك شك يا سيف إني عايزة مصلحتك .
تنفس بعمق وأجاب بيقين : لا أبدًا ،
فتمتمت سريعًا : وعارف طبعًا إن كل اللي يهمني إنك تجيب لنا سراج صغير يملى علينا الدنيا ، يا سيف اللي أصغر منك عندهم بدل العيل تلاته وانت لسه هيمان في ست هدى بتاعتك .
هدر بغضب : وبعدين يا روحية .
ضربت فمها بحركة أنثوية بحتة : يووه حقك عليا ، والله ما أقصد طيب خلاص ، سيبك مني ومن أي حاجة تانية واهتم بمراتك شوية .
رمقها من بين رموشه ليغمغم بنزق : يعني أعمل إيه ؟!
زفرت بقوة : خدها وسافروا يومين ، انت معملتش شهر عسل واتلهيت في القضايا والمحاكم ، خدها وسافروا يمكن ربنا يرزقك ويفرح قلبك وتنسى الهم اللي هنا .
تمتم بضيق : حاضر هشوف يا روحية .
تمسكت بكفه : لا مش هتشوف يا قلب روحية ، هتنفذ يا حبيبي ، اسمع الكلام خدها الليلة وسافروا ولو عايز أحمد ابني يوصلك عمره ما هيقول لا.
تمتم برفض : لا مش الليلة ، بكرة بإذن الله أو بعده نبقى نسافر .
تمتمت بتساؤل : وليه مش الليلة إن شاء الله ؟!
اهتزت ساقه بضيق لمع بعينيه : أهو كده وخلاص يا روحية ملياش مزاج الليلة وأصلًا عندي معاد وأنتم طبيتوا عليا وأخرتوني عليه .
تمتمت باستنكار : معاد الليلة دي ، النهاردة عيد ميلادك يا سيف .
هدر بضيق وهو ينهض واقفًا : أهو بقى معاد شغل هقولهم لا معلش أصل عيد ميلادي ، هو أنا عيل عشان تحتفلوا بعيد ميلادي وتعملوا لي مفاجأة كمان .
صاحت بتعجب : الله ما كل سنة بنحتفل بيه معاك .
أجاب بضيق : أهو السنة دي غير يا روحية ، ومن السنة دي هبطل احتفل بيه ، عيد ميلاد إيه اللي احتفل بيه أنا راجل عندي خمسة وأربعين سنة كبرت يا روحية كبرت خلاص ، أكمل وهو يلتقط أشياءه – عامة البيت بيتكم ، واعذروني مش هقدر احتفل معاكم سلام عليكم .
رمقته روحية بصدمة انتهت حينما همست ابنتها الكبرى بخفوت وهي تراقب زوجة خالها الصغيرة تركض خلفه لتساله إلى أين يذهب : عارفه أخوكي رايح فين ؟!
أجابت روحية بنقمة : عارفه .
فتتمتم الأبنة : كل ده ولا ليه لازمة طول ما هو متعلق بست هدى .
فتغمغم روحية بما يشبه الانهيار : أنا مش عارفه هي سحراله ولا إيه ؟!
فتصدر ابنتها صوتًا متهكما لتنهض روحية تتحرك نحو زوجة أخيها لتهدر فيها بجدية : متزعليش يا حبيبتي ، هيرجع تاني هيروح فين يعني هيخلص معاده ويرجع لك ، لتتابع بخفوت شديد وعيناها تومض بشراسة – اللي راح له هيديه على دماغه زي كل مرة فهيرجع .
***
أضواء متلألأه في ثريا أنيقة فخمة مدلاه من سقف البيت العالي .. تلمع بلآلئ كثيرة تليق بأثاث البيت الكلاسيكي الأنيق .. حضور كثر وهي بجواره يحتضن خصرها بذراعه .. ترتدي ثوبًا أنيقًا محتشمًا فضي اللون يليق بسترته الرمادية .. وحذاء أرضي حتى لا تعلو رأسها فوق رأسه فهما متقاربان الطول هي الطويلة في بنات جنسها توازيه بطوله المتوسط في الرجال ، يتحدث مع ابن شقيقته الذي يقدره كخاله ويعده كصديق مقرب ، والذي يمزح معها بأريحية كعادته، أريحية تضايق والدته ولكنه لا يهتم ، فهو البكري الذي أنجبته وهي بعمر الثامنة عشر فأتى يصغر سيف بثلاثة أعوام فنشئا سويًا كإخوة أكثر من كونهم ابن أخت وخال ، أحمد الذي يميل لخاله أكثر من الجميع ويشاكسها بكونه يكبرها بالسنوات وهي الصغيرة التي تماثل شقيقته التي كانت زميلتها بمقاعد الدراسة بالفعل ولكنهما لا تتفقان سويًا منذ الصغر فتبتسم برقة في وجهه وتهمس بجدية : هاسيبكم وأروح أشوف البوفيه .
تمسك سيف بها ليغمغم وهو يقابل وجهها : أومال دستة الخدامين بيعلموا إيه يا هدى .
ابتسمت ودفعته برقه في صدره : لازمتهم يخدموا على الضيوف تحت إشرافي يا سيف ، مينفعش أسيبهم من غير توجيه أو ياخدوا أوامر من حد تاني ، مش أنا ست البيت ولا إيه ؟!
فيجيب وعيناه تتوله بها : انتي ست الدنيا كلها .
فتتسع ضحكتها لتشاكسه بأنفها في دلال : طيب اديني دقايق وهرجع لك تاني.
أومأ بعينيه موافقًا ليفلتها بالفعل فتتحرك نحو المطبخ لتقف ببابه وتنظر لشقيقته الكبيرة والتي تليها يتآمران فوق رأس الطباخ الذي يغمغم بجدية : الست هدى .
فترد روحية بغل : الست هدى دي متحكمش عليك ولا تُحكم في بيت أخويا.
ابتسمت برقة وهي تدلف للداخل معلنه عن وجودها لتسأل بجدية : في حاجة يا سيد ؟! رفع سيد عيناه بتوتر شاب نظراته لتلتفت للأختين – عايزة حاجة يا حجة روحية ؟!
لم تجبها فأتبعت بجدية : وانتي يا صادقة في حاجة ناقصة بره فجيتوا تاخدوها من المطبخ ؟!
امتقع وجه صادقة لتنظر لشقيقتها التي نفخت صدرها لتجابهها بتحدي : لا جايين نتمم على شغل الناس في المطبخ .
ابتسمت برقة في وجهها لتصدر صوتًا معترضًا خافتًا : ودي تيجي برضه يا حجة روحية ؟! انتي ضيفتنا النهاردة ، متشغليش دماغك بالحاجات الصغيرة اللي مش من مقامك دي ، انتي تقعدي ملكة بره وتسيبي الحاجات المتعبة دي ليا وصدقيني كل الشغل هيطلع بيرفكت ، عشان أنا بعمل حفلة في السنة لجوزي ولازم تطلع تليق بمقامي ومقامه .
تحركت روحية وهي تدفع شقيقتها للسير معها : والله متأخذنيش إني بحب أتمم بنفسي أصل الحاجات المهمة مش مضمونة معاكي وإلا كنتي عرفتي تجيبي حتة عيل لسيف بدل وجع القلب والدكاترة اللي عمالين تلفوا عليهم من غير لازمة .
انتفض جسدها وقلبها ينقبض بشعور مؤلم ، تشعر بالبرد يكتنف روحها والصقيع ينتشر بأوردتها وهي تحاول أن ترسم بسمة كما فعلت في وجه الأخرى التي عايرتها صراحةً ولكنها لم تستطع ودموعها تنهمر من جانبي عينيها في عدم سيطرة تامة اجتاحتها فبكت بنشيج قوي وهي تسقط في ظلام قوي ، فذهبت الأضواء .. واختفى الحضور .. وهُجر المطبخ الذي كان يشغي بالعاملين .. حتى هو وقف بأخر صالة البيت الواسعة يوليها ظهره وكأنه سيغادر ظلامها لتلك البقعة المضيئة البعيدة ، فترفع كفها على وسع ذراعها تترجاه أن يلتفت لها .. يعود .. يساعدها فيعيد إليها روحها التي تزهق وهي التي لا تقوى على ندائه فتسقط على ركبتيها وبكائها يزداد وجسدها ينتفض بقوة لتشعر بذراعين قويين يلتفان من حولها يحاولان أن يضماها فتدفعهما بضراوة وهي تستعيد صوتها فتصرخ بشراسة وتحاول الإفلات ولكنها لم تستطع لتستفيق فجأة على صوته الذي هدر بصرخة قوية : هدى ، فوقي مالك فيكي إيه ؟!
نهتت بعنف وهي ترمش بعينيها ليهزها بقوة هذه المرة وهو يربت على وجنتيها بالتتابع : هدى .. هدى ، فوقي بقولك .
لهثت بقوة لتغمغم بعدم وعي وصداع ضاغط يضرب جانبي جبينها : أنا فين؟!
تحرك ليجلس أمامها على عقبيه وهي التي اعتدلت جالسة بعدما اكتشفت أنها تنام فوق الأريكة : في بيتك يا حبيبتي ، انتي كنتي بتحلمي ولا إيه ؟!
رفت بعينيها لتهمس بعفوية وهي تنظر من حولها باندهاش : كابوس فظيع يا سيف .
تمتم وهو يتحرك ياتي لها بكوب ماء : طيب سمي الله كده واشربي واستغفري كتير ، تلاقيكي بس نمتي وانتي واكلة والا حاجة .
مسحت وجهها فشعرت ببلل وجنتاها لتجيبه بتعب بعدما ارتشفت المياه على مهل وحوقلت وبسملت : أنا ماكلتش من امبارح .
اتسعت عيناه بضيق : يا خبر يا هدى ، إزاي كده ، ما ليكي حق تتعبي وتلجّي كمان ، ألقاها وهو يرفع ظهر كفه يتلمس جبينها – شايفة جسمك بارد إزاي، مش كفاية نايمة هنا والشباك مفتوح ، قومي قومي غيري هدومك عقبال ما أطلب لنا أكل .
رددت بعدم فهم : تطلب لمين إيه ؟!
تنفس بعمق ليجيب وهو يجذبها من ساعديها يساعدها على النهوض : من غير مناهدة يا هدى ، هطلب أكل من مطعمك اللي بتحبيه ناكل ونتكلم .
زفرت بقوة وهي تنفر من وجودها داخل محيطه فتدفعه لتتحرك بعيدًا : مافيش كلام يتقال خلاص يا سيف .
تمتم بضيق : طيب اصبري لما تسمعيني .
كتفت ساعديها لتساله بوضوح : هتطلقني ؟!!
سحب نفسًا عميقًا ليخرجه ببطء وكأنه يهدئ من نفسه : لما نتكلم نتفاهم .
هدرت بغضب : مافيش تفاهم ، بسالك هتطلقني ؟!
رد بحدة : يعني لو هطلقك هتقعدي ناكل ونتكلم .
أجابت سريعًا : لا طبعًا لأن مش هيبقى ليك مكان هنا عشان هتبقى طليقي .
هدر بعصبية : بس أنا مش طليقك ولا هكون ، أنا جوزك يا هدى وهفضل جوزك .
ردت بشموخ وهي تشير بكفها للخلف : كنت جوزي يا سيف ، كنت فعل ماضي خلص وانتهى لما روحت واتجوزت واحدة غيري ومفرقش معاك رفضي من موافقتي .
صاح بغضب : أنا قلت لك قبلها يا هدى ، قلت لك وفهمتك ومخبتش عليكي.
صاحت بجنون بدورها : وأنا رفضت وطلبت الطلاق .
فيثور : وأنا مطلقتش ومش هطلق ، والمحكمة رفضت الدعوة كمان ، اقترب منها ليقبض على ذراعيها بقوة – أنا لسه جوزك يا هدى شرعًا وقانونًا جوزك .
رمقته بتحدي لتجيب : بس أنا مش لسه مراتك يا سيف ، ومش هكون مراتك تاني ، لو ألف محكمة قالت إني لسه مراتك .. ولو ألف قانون قال إني لسه مراتك .. ومش هقول الشرع عشان ربنا مقالش أبدًا إني ارضى بالذل والقهر والكسرة يا سيف وأفضل مراتك وأنا مش عايزة ، مافيش دين أبدًا يقول كده ، الجواز عقد تراضي بين طرفين ، لو طرف أخل بيه بينفصم ، والانفصام ده أقوى من القانون وأقوى من الناس وأقوى من أي حاجة ، لأنه خاص بالروح، وأنا وانت مبقناش روحين بنتلاقى أنا وانت خلصنا وكل واحد راح في طريق .
تهدلا ذراعيه ليجيب بتعب : أنا مروحتش في حتة .
ابتسمت بألم : بطل مكابرة يا سيف .
ليغمغم بضيق : طيب روحت وعايزك معايا .
أجابته ببساطة : وأنا مش عايزة ، خلاص أنا واللي عاوزاه مبقوش يهموك يا سيف .
رمقها مطولا ليجيب بصوت مثقل بعاطفته : انتي وبس اللي تهميني يا هدى وعشان كده أنا لسه متمسك بيكي ، انتي عارفه كويس طبعي عمري ما تَبْتّ في حاجة حسيت إنها مش بتاعتي أو مش مقسومة ليا ، لكن انتي بتاعتي .. مراتي وأنا مش هسيبك أبدًا .
تراجعت للخلف لتكتف ساعديها برفض غمر نبراتها : بس أنا سبتك يا سيف، من فضلك امشي ، الوقت اتأخر ووجودك هنا دلوقتي مش صح .
اتسعت عيناه بجنون تلبسه ليصرخ بوجهها : انتي اتجننتي ، وجودي إيه ووقت ايه وزفت إيه ، أنا جوزك يا هانم ، جوزك هاجي وقت ما أحب واقعد زي ما أحب وأبات كمان لو حبيت .
رفعت رأسها بتحدي : لا يا سيف الكلام ده مش هنا ، روح ارجع لمراتك ، هنا مبقاش ليك مكان خلاص .
أشار بسبابته في تحذير : متخلنيش أئذيكي يا هدى ، أنا لغاية دلوقتي عامل حساب لحبي ليكي ولعشرتنا سوا بس بطريقتك دي مش هبص لأي حاجة تانية .
تمتمت باختناق : مبقتش تفرق يا سيف خلاص .
ابتسم هازئًا : تمام ، بس افتكري إني جيت لك يا هدى وحاولت أتفاهم معاكي وانتي مرضتيش .
ابتسمت متهكمة : أوعدك إني عمري ما هنسى .
رمقها بنقمة ليندفع مغادرًا .. صافعًا الباب خلفه لتزفر أنفاسها التي تهدجت بموجة بكاء أثقلت حلقها ولكنها تماسكت بصلابة وهي تدعو الله ان يعينها في مصابها .
***
بعد مرور أيام كثيرة ...
رنين جرس باب بيتها لم يتوقف عن الصياح بصوت الكروان لتهتف بضيق : حاضر حاضر جاية .
نفخت بقوة وهي تقترب من الباب الذي صدح رنينه من جديد ففتحت بضيق تملك منها : نعم في إيه ؟! بترن الجرس كده ليه ؟!
رفع الشاب الواقف أمامها رأسه ينظر إليها مليًا قبل أن يسأل بروتينية : انتي هدى محمد أحمد شعراوي ؟!
أجابت بتساؤل لمع ببنيتيها : أيوة أنا ، في حاجة ؟!
تمتم الشاب ببرود : معاكي إثبات شخصية .
عبست بتعجب وهمست : اه معايا ، ثواني أجيبه لك ، دلفت للداخل لتهمس بلباقة – بعد إذنك .
اغلقت الباب وهي تأتي بحقيبتها الصغيرة فتخرج منها بطاقتها الشخصية ثم تفتح الباب لتخبره : أهي بطاقتي .
تناولها الشاب ليدقق في التفاصيل قليلًا قبل أن يملئ بعض البيانات قبل أن يغمغم إليها ببرود : اتفضلي امضي لي إنك استلمتي هنا .
اهتزت حدقتاها بتوتر : امضي على إيه .
__ ده حكم محكمة عليكي بالطاعة .
ألقاها وكأنه يتحدث عن أحوال الطقس لترف بعينيها وتهمس بصوت حشرج رغمًا عنها : معلش حكم إيه مفهمتش .
ردد الشاب بملل : حكم طاعة يا مدام ، جوزك سيف سراج الدين طلبك في بيت الطاعة .
أنت تقرأ
نوفيلا .. بديلة حواء
Romansaوهاك أنا أقف أمام القاضي بعدما عرضت عليه قضيتي الكاملة وبثثت إليه شكواي وتجرعت آلامي أمام الجميع حتى يمنحني صك حريتي ويهديني خلاصي ليصدح صوت القاضي بهدوء ونبرة باترة ارتجف لها جسدي " بعد الإطلاع على كافة المستندات المقدمة من الطرفين ، حكمت المحكمة...