#أحاديث_الليل "3"
أُحب البيوت القديمة..
أشعر بالدفء حالما أدخلها..
تلك البيوت تنبعث منها رائحة الأجداد ..
على بابها العتيق عُلقت لوحة صمدت كثيرًا في وجه الزمن ..!
عليها نقش صغير فيه اسم بقي حاضرًا في عقول الكثيرين.
إستدل به التائهون حين سألوا أين منزل فلان؟
فقال لهم أحدهم:
تجدونه عند الشارع الثاني منزل رقم "10" مكتوب عليه بخط النسخ"عائلة ..."
يا لحظ الأحفاد بهذا الإرث.
تلك البيوت..!
تظن إن أبنيتها مُبعثرة ولكن ترتيبها هذا مقصود ..!
غُرفة الأب تقع دوما قُرب الباب حيث يكون جاهزًا لإستقبال الضيوف وتصدي المتاعب إن وجدت.
غُرف "الفتيات" توجد وسط كثير من الاشياء كالمطبخ والصالة وغرفة أخرى لربما تكون بها مستلزمات" لليوم الأسود" كما تظن الجدة.
يُعجبني المطبخ القديم حيث توجد به "فِضية" كبيرة بها عدد من الصحانة والكؤوس التي ما عاد يوجد مثلها الآن.
أكثر ما يعجبني غُرفة "العم والعمة" لا تدري أيهم فهم كُثر فقط أنظر يمينك غرفة من هذه وستعرف أي عم أقصد.
ما يُثير رغبتي للسكن في مثل هذه البيوت.. "الحوش" الفسيح وأصوات الصغار التي تعلو ليلًا ونهارًا وجلسة "شاي المغرب" التي تبدو وكأنها إجتماع طارئ.
أرغب بالعيش في بيت قديم لكي أستمع لحكاية جدة تتلحف ثوب ثقيل وحولها مدفئة وعشرة أطفال ينظرون حلقة جديدة من حكاية "فاطمة السمحة وحسن الشاطر".
أرغب في كاسة شاي صباحية، بالأحمر علمتها باول حرف من اسمي خوفًا من إختلاطها بكؤوس أبناء عمومتي.
أرغب بشدة في تناول الطعام على "فرشة" واسعة إنقسمت شطرين دائرة صغيرة "للفتيات" وأخرى "للفتيان" وعلى مقربة يفترش الكبار تسمع همسهم وتعلو ضحكاتهم التي ما أنفكت عن الأزدياد في هذا الوقت تمامًا.
كانت ستروق لي تسريحة شعري بي "دهن" جدتي الثقيل ذو الخمس روائح.
سيروقني أكثر شاي المغرب وقطعتا بسكويت.
سيسعدني الجلوس تحت ضوء الشمعة وحكاية "فاطمة السمحة" بعد تناول وجبة العَشاء.
لكن الآن حُرمنا من كُل هذه السعادة ..!
لقد حُصرنا في بيت صغير به 5 أشخاص كل منهم يجلس في غرفته إما ممسكا بهاتفه أو بـ"ريموت" التلفاز.
حُرمنا شاي المغرب وقصة فاطمة السمحة وتم إستبدالها بي كرتون سخيف يذهب إلى الفضاء ويستخدم الأسلحة النارية.
حُرمنا ضوء الشمعة والتدفئة بي نار الحطب حول "حبوبة".
لا شيء سيعوضنا تلك الحياة التي فاتتنا حتى وإن باتت بيوتنا قديمة بعد الف سنة.
#على_الهامش
أنا يا جدتي تؤلمني هذه الحياة التي قضيتها بعيدة عنك..أنا يا جدي يؤسفني إنك رحلت ولم يعش معك أحد في كنف بيتك الذي شيدته بذاك الحجم ليسعنا فتفرقنا جميعًا💔))
#نُوودين_بِتْ_مِنْ_حُبّ.
