هكذا كن معه...

6 1 0
                                    


هكذا كن معه...

عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: "اللهم عرّفني نفسك فإنّك إنّ لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللّهم عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهم عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني".

إنّ هذا الدعاء يتحدّث عن أول واجبات العلاقة مع الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف المقدم على كلّ واجب منها، ألا وهو معرفة الإمام التي لا تكون إلا بتوفيق وتيسير من الله، وبتوسّط معرفة الله ورسوله.

"لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها".

إن أي علاقة مع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف إنّما تختلف بعمقها وسموها بحسب نوع المعرفة وعمقها ودرجتها.

"من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية".

والواجب أن تكون علاقتنا به علاقة مأموم بإمام يرجع إليه في كل تفاصيل حياته، وهناك آداب ذكرتها الروايات الشريفة، سنقتصر على ذكر ثلّة منها وهي:


1- مؤاساته في غيبته تألّماً وبكاءً واشتياقاً لرؤيته:

وهذه الآداب ممّا تواترت بها الروايات والأدعية والزيارات عن أئمّة الهدى.

والتي تؤكد في النفس شدّة تألّمه هو نفسه من طول غيبته وغربته، الموجبة لتألّم وتحرّق محبّيه مؤاساتاً له، فمن دعاء الندبة نقرأ:
"عزيز عليّ أن تحيط بك دوني البلوى، ولا ينالك منّي ضجيج ولا شكوى".

وهذا يومئ إلى ضرورة تأصيل ليس فقط الحرق والغصة والألم لفراقه وطول غيابه، بل المشاركة له في تحمّله ألم الفراق، لأنّه أشدّ شوقاً إلى الإياب من غيبته من أيّ مشتاق آخر، ولذا هو أشدّ ألماً من أيّ متألّم آخر، ويفترض أن تكون هذه الشكوى وهذا الألم والبكاء بشكل جماعيّ ومشترك:

"... هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء، هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا، هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى".

ولقد كان أئمّة أهل البيت يتحرقون شوقاً إليه، ويتألّمون من غيبته فهذا أمير المؤمنين علي عليه السلام يؤمئ إلى صدره قائلاً: "هاه" من شدة شوقه إلى رؤيته، وهذا صادق أهل البيت عليهم السلام يناديه ملتاعاً متألّماً:"سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا...".1

فإذا كان هذا حال أئمّة الهدى فما بالنا لا نردّد بالقلب قبل اللسان:
"اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة واكحل ناظري بنظرة منّي إليه...".

ولعلّنا نستطيع أن نعد من آيات الشوق لرؤية طلعته البهيّة في دعاء الندبة أكثر من ثلاثين فقرة ينادي بها الدعاء أين... أين... أين.

وفيه:

"... بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى، من مؤمن ومؤمنة ذكرا حنا".

"هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقى".

هكذا قم هكذا كن مع الحجة عجل الله فرجه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن