الفصل الثالث
ممكن تاخدوني أنام جنبكم عشان أنا خايفة من مريم؟
قُلت ببلاهة، ولكن حقًا نظراتها مرُعبة، الفتاة لا تستلطفني البته، وحقًا نظراتها كأنها تقول ليّ لا تأمني النوم بجانبي فسأنقض عليكِ بأي وقت، مَن سيغمض له جفن وسط فيلم الرعب هذا؟
أطلقتا الاثنتان ضحكة بسيطة، وأفسحت هدى المكان ليّ، لأتمدد بجانبها، قالت بهدوء:
معلش ماتزعليش من طريقتها هي بتتعامل كدا مع أي حد ماتعرفهوش.
قُلت باستنكار: بس هي بتتعامل معاكم بشكل أفضل من كدا.
-ما عشان إحنا كنا صحاب من قبل ما نيجي هنا، أنا وهي كنا صحاب من ثانوي، وبرضو طريقتها في ثانوي قبل ما أعرفها كانت غريبة كدا كنت بخاف منها، بس بعد كدا فهمت إن دا جدار بتبنيه بينها وبين اللي ماتعرفهوش عشان مش عارفة تتعامل معاهم.
أنا أيضًا لا استطيع التعامل مع الغرباء، لكن أسلوبي مُخالف لها بشكل كلي، أنا أنكمش على ذاتي لا أُذي كي لا أتأذى، وإن حاول أحدهم بدأ حوار معي، سأغتنم الفرصة.
عندما وجدتني أستغرقت في التفكير قليلًا قالت: بصي أنتِ ومريم شبه بعض في إنكم مابتندمجوش بسرعة مع أي حد، بس كل طريقتها مختلفة في التعبير عن دا، بس في النهاية أنا حاسة إنكم هاتتفقوا وتبقوا صحاب جدًا.
بعد عدة كلمات أُخر، وجدت أنّ سلمى خلدت للنوم، وهدى على مشارف ذلك، حاولت أنا أيضًا أن استجدي النوم، ولكن لا سبيل لذلك.
أعتقد أن شعور الغربة ليس بأننا بمكان آخر غير الذي كنا به، فهناك من أخبرني من قبل أنه دائم الشعور بالغربة، رغم أنه لا يفارق بيته، أو مكانه، ولا أهله، ذات الدائرة يدور بها يوميًا، ولكن عند تواجده بين أي شيء من ذلك لا يشعر بأنه ليس غريبًا.
ولكن الغربة تأتي عندما نبتعد عن ما يشعرنا بالمأوى، كُلٍ منا يجد مآواه بطريقته الخاصة، عندما أكون مُحاطة بأبي وعالمي الخاص فحينها لا أشعر بالغربة.
الغربة هي أن تفقد ما كان يُمثل لك وطنك.
حدود وطني أبي، غرفتي، وكاتي قطتي، وروك كلبي.
فإن تغير المكان الذي يأوينا، وإن تغيرّ موقعنا الجغرافي وأنا بصحبتهم فلن أشعر بالغربة، لكن ما دمت لست معهم فأنا مغتربة حقًا.
أمسكت هاتفي اتنقل بين صفحات التواصل الاجتماعي حتى يأتيني النعاس لكن لا جدوى.
وجدت رسالة من أبي لم أنتبه لها سوى الآن، كان يطمئن بها عليّ بيومي الأول.
-أنا كويسة الحمدلله يا بابا.
وجدت بعدها بثواني رسالة أخرى يقول بها
أنت تقرأ
مهلًا، لحظة!
Romanceصراحةً أنا لا أُجيد صياغة المُقدمات، أن أظل أشرح من أنا ولما نحن هنا وعن ماذا سنتحدث بين ثنايا الفصول، لا أُجيد كل هذا. مهلًا لحظة! أنا أساسًا مُجبرة أن أخبركم لما أنتم هنا؟ حسنًا لنتحدث..