اليَعسوب الأحمرُ التنّيني

91 36 25
                                    


"يا صغار أنظروا لزميلكم!"
تحدث الأستاذ وسط ضحيج الفصل بسعادةٍ بسيطة بادية على ملامحه الكهلة، شعر أسود زيتي ونظارات مستطيلة سميكة مع ربطة عنق فاقعة اللون، كان شكلاً تقليديًا لأستاذ في الأبتدائية.

"تمّكنَ بحر من صيدِ مجموعةٍ جيدة من اليعاسيب.

فضلاً عن كونها حشرات ذكية جدًا، ألّا أن أماكن تواجدها معينة، هلّا أخبرتنا كيف فعلتَ ذلك؟"

أفسح المجال للطفل المتوتر للحديث بينما يمسكُ طرف بنطاله القصير، أنزلقت قبعته الصفراء قليلاً وهو يرفع رأسه لقول جملةٍ واحدة
"في الحقيقة.. ما كنتُ لأفعل هذا من دون مساعدة بَرق"

توجهت كل الأنظار لصبيّ كان يخربش لوحده، كان متفاجئًا بذاته أيضًا حتى كسر رأس قلمه سهوًا

"أذًا هذا عمل تعاوني رائع، هلّا جئت يا بَرق وأخبرتنا؟"
لم يكن هذا الطفل خجولاً مثل بحر، كان يحمل نظرات جادة أثناء تقدمه أمام الفصل، وقال ما جاء لأجله بهدوء وثقة.

"أن اليعاسيب تتواجد حول مصادر الماء، لهذا وجدناها سريعًا."

ربّت الأستاذ على كتف كلٍ من الطفلين، مضيفًا
"تملك معلوماتٍ جيدة"

حك برق أرنبة أنفه بتململٍ، بينما لا تزال الكثير من لصقات الجروح تغطي مناطق واضحة من جسده
"أعلم."

أما بحر فأحتضن قبعته التي أنزلقت تمامًا عن رأسه حتى عادا لمقاعدهما.


______

"أيها اليعسوب"
كانت لكنةً متهكمة تنادي على بحر من خلف ظهره، فور أنتهاء الدرس

همهم بحر بمعنى ماذا، وعدّل القبعة فور شعره المبعثر
"لم يكن هناك داعٍ لذكرِ أسمي أمام الأستاذ"

لاعب بحر أصابعه قليلاً
"ظننتك ستنزعج أن تظاهرتُ أني من قام بكل شيء.."

-"إن الأمر لا يهمني"
وضع يديه في جيبي بنطاله، وسار مبتعدًا، كما لم يحضر الحصّة الدراسية التي بعدها.

يَعسوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن