غرّد البرق بألحانهِ القاسية لترقص منازل الحي الهشة على صٓداه و يطغى لمعانه على سواد المكان فيُفشي خيال فتاةٍ تتسلل إلى إحدى البيوت خفية بينمٓا تهمس لمحدثها في الهاتِف
:" كل شيئٍ تمّ على أحسن وجه ....سأسافر لأتخفى من العيون المتربصة ... إلى اللقاء ."
أنْهت المحادثة لتستندٓ على الحائِط بشرود لم تفق منه إلا على عِبرة لسعتْ وجنتِهٓا لما تحمله من أثقال همومٍ و مأسي فسارعت بمسحها و هي تبتسم بسخرية مريرة إِزدادٓ عُمقها عندما بدأت دموع السماء بالهطول و كأنها تٓرثي حالها......
لم تستطع التحمل أكثر فدفعت الباب بحدة و تقدمت إلى الداخل لتفتح التلفاز الذي أنار المكان ...
و من ثم توجهتْ نحو المرآة الطويلة التي كشفت عن فتاة ضئيلة الحجم ترتدي ثياب سوداء تحجبها بالكامل فلا يظهر منها سوى شعرها القصير الليلي و عيناها البحريتين اللتان تتأملان صورتها ببأس ...
بينما يصل إلى مسامعها صوت المذيعة و هي تبثُّ الأخبار كترياقٍ يأجِّجُ نيران قلبها و يشكل غُصّة داخلها تأبى أن تنفجرْ أو تندثرْ:" و قد ترصدت كميراتُ المراقبة صورة لهذه المجرمة إلا أنه لم يتبين منها سوى عينيها و ذلك بسبب ثيابها التي تغطيها بالكامل كما ترونٓ فِي الشاشة هُنا ."
ما إن ختمت جملتها حتى إلتفتت سيلين بسرعة و عينيها كادت أن تخرج من محجريها عندما رأت صورتها تتصدرُ شاشة التلفاز و ما لبثت أن أطلقت شهقة عالية تعبر عن مكْنُونِ قلبِها ....
____________________
صُراخٓهُما كطنينٍ حاد يصمُّ أُذنيها ...
أصواتهما تتداخل في عقلها فتعدم تفكيرها وكل شتيمة يقذفونها على بعض تتشكل في صورة نصلٍ يفتت قلبها إلى اشلاء !لم تعد تحتمل هذا الكٓمِّ من الضجيج فخارت قواها لتهوى أمام باب غرفتها المغلق تاركة العنانٓ لعِبراتها التي هطلت تزامنا مع دموع السماء و كأنها تواسيها و تقاسمها أحزانها ...
فثوبُ القُوة الذي تصنعته و أخاطت حوافه
بإحكام غدا مرتقِعًا يظهر حقيقة روحها المشوهة التي طالما حاولت مداراتها حتى عن نفسها !
إلا أنها كانت تنجلي بوضوح كلما شاهدت إحدى المشادات التي يفتعلانها والديها على أتفهِ الأسباب فقط ليلوما أنفسهما على قدر كان محتوم وقوعه بيدٓ أنهما لم يتوانوْ عن جلد بعضِهما و كلٌ يحملُ الخطأ على الآخر..
و في خصم هذه الصراعات نسو تلك التي أنجبوها و تركوها تتخبط في دوامة الحياة ..."كفا"
صرخت بها سادينا و هي تجذبُ شعرها إلى الأسفل بينما يرتفع صوت نحيبها المقهور الذي وصل صداه لوالديها إلا أنهما لم يأبهُو بهِ في طور نزاعٓهما ...
____________________
:"من ذا الذي إدّعى أن كل من رسم على وجهه إبتسامة هو سعيد ، أُجزم بأنه كاذب فها أنا الإبتسامة لا تفارق شفتي بينما الحزن باتَ عاصمة عيني "..
أنت تقرأ
عبرات السماء
Fiction Historiqueرسمت لهنّٓ الأقدار بفرشاة التعاسة على صفحات الحياة فظهرت صورة تراجِيدية لمجرمة تعيش بين زُقاق الرعب و الخوف و تبحث عن الأمان و فتاة طُعنت بخنجر المشاكلِ و الإهمال و أخرى لفظتها الحياة من رحمها بِأزر و إستحكام و توّجت الصورة عٓبرات السماء الرّاثية ل...