الفصل الأول

326 20 18
                                    

 
مرحبًا صديقي القارئ
أتمنى أنك مستعدٌ لـ برهـة من التشويق والصراع والألغاز، وخزة من الألم، و ربتة من الحب
وقليل من السحر.🪄
هيا بنا.

متنساش الڤوت والكومنت رأيك يهمنـي✨








أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلِ
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ
بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ

يرددها رئبال" وهو جالسٌ أمام بيته على الثرى يحملق في النجوم يعطي هذه نظرة وتلك نظرات، يأخذ نفسًا عميقًا مثقلًا بالهموم ثم يرسل بصره إلى آخر ظلمة، ويرجع يراسل النجمات والقمر، لا يعلم أنها آخر لياليه!، وأن الليل الذي يعشقه هو مقتله.
في ساعة متأخرة من هذا الليل، في الدجى حيث الظلام يرخي جفونه على  كل شيء
في مجلس فسيح فخم- يبدو جليًا أنه يخص الملوك- له بابٌ ضخم هائل الطول غطى ضوء القمر على لونه الحقيقي ، وفي زواياه ارتكن عدة من أشجار الزينة التي تلقي الشموع الكثيرة ضوءها عليها فتبرز بعضًا من لونها الأخضر اللامع.
توسطت منضدة كبيرة ذهبية اللون
-توازي أرجل الجالسين-لها أرجل قصيرة و عليها زخرفة غائرة يعلوها مادة صلبة شفافة
والتف حولها أربعة رجال جالسون على أرائك مَلَكية بديعة المنظر، وكل رجل ينثر حراسه خلف  مكان جلوسه، فيملأ الحراس القاعة وعلى الباب الضخم.
كلهم يبدو عليهم الاستياء والغضب، فلا تنظر إلى جبين إلا وجدته متغضنًا، ولا إلى حاجبين إلا و متقاربين سخطًا
تحدث أحد الملوك وهو رجلٌ في نهايات الأربعين من عمره، ملامحه حادة تكاد تبتر أبصار ناظريها و له لحية خفيفة و بشرة فاتحة، ومن ملامحه المتجعدة استياءً فهو أشد الساخطين في المجلس، تحدث إلى ملك آخر في مواجهته
- إذًا ما هذا الذي يفعل أخوك يا "آزاد"؟!
التصقت الكلمات بحنجرة "آزاد" تأبى الخروج، و برزت حبات من العرق على جبينه تترجرج، وهو يقول بحزمٍ مزيف
- ما الذي يفعله أخي يا "أيهم"؟!
صاح ملكٌ آخر على نهاية المنضدة بحنق و وجهه يرتعش من الغضب.
- هل تستخف بنا يا "آزاد"؟.. أم أن طمعك وجشعك دفعاك للقبول بهذا الأمر؟
تحدث الملك الأخير وهو مواجه للملك الذي يجلس في نهاية المنضدة، بوقار و هدوء وهو يوجه كلامه للملك الذي في مواجهته.
- لنناقش الأمر في هدوء و سكينة يا"سامان" لن يحل كِبر حنجرتك شيء.
- لتحله أنت إذًا يا "آزر"بحنجرتك الضيقة و صوتك المحفز على النوم.
ناءَ آزر برأسه بعيدًا وهو يتأفف من كلامه
عمَّت برهة من الصمت على الجميع، أزاحه "أيهم" بقوله
- تُرى، تعلمون جميعًا ما مصير من يتعلمون السحر ويستخدمونه! إنهم يدنسون أعراقنا، ويبثون السم بيننا.
"آزاد" وقد فر منه الحزم المزيف
- لا...لن يُقتل أخي، لن تقتلوا "رئبال"!، إنه ابن عمكم أترضونها له؟
سامان
- إنه الآن ساحرٌ، ولا يُقبل السحرة في أراضينا.
انتفضت ملامح "آزاد" و تملكها الحزن و همس بـ "لا"
"أيهم". بنبرة باردة
- نعلم أنك نهم للسُلطة والملك يا "آزاد"، وتبيع مبادئك و شرفك من أجل الجلوس على عرش حتى لو أنه من قش .ومن هنا فإننا نخيرك بين إعدام أخيك، أو تنحيك عن عرش مملكة "إيراستا"، فلتختر.
هَطِل العرق من جبينه، و دار الخيار في رأسه كطاحونة تسحق باقي الأفكار وكل العقلانية، بينما كانت عيناه موجهتين لأسفل.رفع رأسه و قال بجنون
- لن ينزع أحد مني مُلكي..
وقبل أن يكمل قاطعه "سامان"
- الخَيار جليٌ إذًا.
وقام من مكانه و تبعه حراسه نحو الباب  وكذلك باقي الملوك في مشهد مهيب وانفض المجلس.
             *********
قمر مكتمل وبهي مدفون وسط مليارات من ذرات الغيوم التي تمضي أمامه بغنج، ويضيء بنوره الشاحب الأوساط تحته، والبحر أسفل هضبة"جالا" تتلاطم وتتصادم أمواجه تحت ذلك النور فيلمع ماؤه كأنه مطليٌ بالماس.
اهتزت هضبة "جالا" من قوة وقع هذه الأقدام الوحشية عليها...عشرون من الجنود الذين يبدون كالأشباح في هذا الوقت المتأخر، و أربعة من الملوك، يدعسون الهضبة بكامل قواهم كأنهم مقدمون على حرب ما.
و على حافة الهضبة بين قبضات الجنود شاب في الثلاثين من عمره نحيلٌ، فارع الطول، و يرتدي رداءً أسودًا رابطين يديه معًا برباط غليظ و شديد تكاد تشعر بألمه على يديه، أجثوه على ركبتيه بعنف وبغير رحمة في مواجهة الملوك.
خلعوا عنه قلنسوته فظهر وجهه الباهر، حاجبان عريضان وكثيفان يتدليان على عينين سوداوين كأحلك ليلة، و بشرة خمرية شاحبة تشبه نور القمر في أوهن حالاته
مالبثت تلك العينان حتى اصطبغتا بالحمرة إثر الدموع الحارقة المتفاجئة في مقلتيه.
بعد أن نزعوا عنه القلنسوة و أبصر الوسط حوله، توجهت أبصاره نحو الملوك، قائلًا
- ما هذا؟!
جال بصره بين الملوك برعب و خوف لقد كشفوا عن سره
- أجبوني ما الذي تفعلون بي؟
أيهم" بنبرته العميقة الباردة
-ماذا نفعلُ يا تُرى؟.... نعدمك!
ارتجفت شفتاه لصدمة ما سمع و زاغت حدقتاه في عينه،ثم نظر إلى آزاد" يستعطفه، وتكونت كتلة أكبر من الدموع في عينيه
-أخي، لا تدعهم يفعلون ذلك !.
نظر إليه آزاد" وهو يصارع نظرات أخيه التي تمزق قلبه وشعر بحرقتها في صدره، بينما فاضت عيناه أيضًا
- أنت من أوديت بنفسك!
صاح "رئبال" بنبرة مرتعشة، وعيون تسيل الدمع
- لا، لست أنا! أنتم من أوديتم بي!، أبي أمي أنت، لولا إهمالهم بي، وتركهم لي ككومة من النفايات، لولا تجاهلهم لي وعدم تقديرهم، لولا نظرة الاشمئزاز على وجوههم لأنني كنت طفلًا انطوائيًا وغير محب لأمور الحكم والحرب! لكن لا كيف لأميرٍ أن يكون هكذا؟ لولا كل هذا ما اتجهت للسحر لتفريغ حزني الكامن في قلبي والأسى الذي يملأ صدري، كيلا أقتل نفسي كوني طفلًا غير مرغوبٍ من عائلته! كنتم أنتم سر شقائي، عائلتي كانت سر شقائي. أنتم من اوديتم بي، سيلعنكم الله في الجحيم.
وكان الجنود في أثناء حديثه يثقلون رباط يده بثقل جبار، لم يشعر بهم فالنار كانت تأكل قلبه ككومة من القش
جثا آزاد" على ركبتيه ليكون في موازاته و وضع يديه على كتفي رئبال" يربت عليهما بأسى وحزن، وشعر الآخر بأن قلب أخيه قد رق، و بعث الأمل على محيَّاه من جديد. وقال تحفيزًا للين أخيه وهو ينظر في عينيه مباشرةً يتودده
- ما كنت لآذيكم أبدًا بهذا السحر، تعلمته فقط ليلهيني عن حزني وغضبي.
فتح آزاد" فمه قبل أن ينطلق منه أي صوت، ثم خرج صوته متحشرج حزين يقول.
- أنا آسف "رئبال" لكن مُلكي يهمني أكثر.
ثم ثُقلت يداه بالقسوة وعميَ قلبه  و دفع أخاه إلى البحر بينما صوت صريخه المفزوع يتردد بعنف في المكان، حتى سكن كل شيء، وضمته الأمواج بين جوانحها.
              *****
بعد عدة سنوات
ترى ما مصير الملوك القتلة؟!

تابع 💫

سم رئبالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن