الفصل السادس

6 0 0
                                    

قطرات الندى على كل الأوراق والأشجار لا تلمس شيئًا إلا ووجدته نديًا مبللًا
نفحة برد
أصوات الطيور
رفرفرة أجحتهم
نسمات بسيطة تحرك أوراق الأشجار.
الشمس قد استيقظت للتو، الضوء بدأ ينتشر، وبدأ كل الكسالى ينهضون لأعمالهم، تقوم الطيور من أوكارها، تغادر الحيوانات مسكنها تبحث عن طعامها لطالما كان الأكل هو الشيء الأكثر أهمية لدى الكائنات الحية، تزحف الثعابين
تزحف على أي شيء أمامها، تتلوى وتتشكل بجلدها القاسي على أي شيء
صرخت سيرينشا بملء حنجرتها عندما رأت أفعى متوسطة تزحف وتعبر ذراعها، ازاحتها بقوة وصراخها ما زال مستمرًا بينما قامت بجزعها
نهضت راسيل  من نومها بسرعة وفزع حاملة سيفها و تقدمه أمامها في وضع القتال وتدور حول نفسها وهي تهتف والنوم مستحوذًا على عقلها
- من هنا؟ استسلم سنقتلك!
وقام حرفوش بدوره مفزوعًا وهو يعوي و يزمجر
شعرت سيرينشا بالإحراج وقالت لها
- اهدئي، لقد مرت أفعى على ذراعي!
كان النعاس يسبل أعين راسيل" فقالت بلسان ثقيل
- اللعنة عليكِ، لا يحق لك الصراخ إلا في حالة الموت!
ثم هوت أرضًا وحرفوش و نامت مجددًا وهي تقول لـ سيرينشا
- فلتنامي الآن سننطلق بعد قليل.
وغفت مرة اخرى و ذئبها.
وأما سيرينشا فلم تستطع النوم و تسطحت على الأرض لبرهة ناظرة إلى السماء الواسعة
صافية كأنها قطعة قماش مبسوطة زرقاء فاتحة ، لا يشوبها شيء سوى بعض تناثر للطيور هنا وهناك
وباستيقاظها بمفردها و جلوسها وحدها ، هاجمتها افكارها و تسربت كل الآلام المهلكة إلى عقلها، والبعض تساقط على قلبها، فلم تدرِ أيهما تنقذ؟ قلبها المتداعي؟ أم عقلها الذي استشاط من التفكير.
. ماذا تفعل ؟ إنها الآن تتجول كالمتسولين مع فتاة مجنونة و ذئب غريب الأطوار، أين سينتهي بها المطاف؟ كانت أميرة لها غرفة واسعة كساحة القتال و خدم و الآن هي مسطحة على الأرض في غابة دون فراش يلتصق جسدها بالتراب.
ودت لو تصاب بالخدر! أن تموت مشاعرها، أن تتسمم فلا تشعر أبدًا بأي شعور.
وأما حلها الأمثل الآن أن تنقذ جسدها من الأرض، ومن التراب الذي غطى معظم بذلتها، لكن لحسن حظها -ولأول مرة-أن زِيها كله ساتر فلم يتسخ جسدها، بل علق بعض التراب الندي في الزي فقط، وبعض أوراق الأشجار ونفس التراب في شعرها
وبورود الفكرة الأخيرة على عقلها قامت فزعة تنفض شعرها وتمسحه بكفيها، وكانت راسيل" قد استيقظت أيضًا وازدادت الشمس سطوعًا وحرارة
تثائبت راسيل" وهي تقول
- يوجد نهر قريب، لنغتسل منه هيا!
تبعتها سيرينشا و حرفوش ومشوا مسافة ليست طويلة
إلى أن سمعوا الصوت الجميل لسيران الماء في النهر واصطدامه بالحجارة في وسطه.
كانت منطقة لطيفة هواؤها رطب و بارد تفترش بالحشائش الخضراء الصغيرة، تود لو تسكن هنا للأبد.
وقفت راسيل على ضفة النهر، انحنت وغمرت يديها في الماء وغسلتها ثم اغترفت منه غُرفة وألقتها على وجهها وكررت هذا عدة مرات.
استقامت وقالت لـ سيرينشا والمياه تهطل من وجهها
- هيا!
نظرت سيرينشا إلى المياه بتقزز وقالت
- ما الذي يؤكد لي نظافتها؟
زفرت راسيل" بسأم
- عزيزتي نحن هنا في البرية، لا تتوقعي أن تجدي شيئًا نظيفًا، فقط احمدي ربك على ما تجدين واصمتي.!
نظرت مرة أخرى إلى النهر و اقتربت منه بتقرف ثم ببطء وتقزز فعلت مثلما فعلت راسيل"
راسيل"
- جيد للغاية، ستعتادين هذه الحياة-إن كانت حياة من الأساس-!...ولكن لتصمدي عليك أن تكوني مقاتلة ولتكوني مقاتلة يلزمك سيف وبعض الخناجر.
انتابها الخوف من مجرد ذكر الأسلحة
وهمست
- سيوف و خناجر؟!
اقتربت منها راسيل وقالت
- لنشتريهم سنحتاج يدك!
سيرينشا بروع
- لم ستقطعون يدي؟ أرجوك لا!
قلَّبت راسيل" عينيها بضجر
- ليس يدك يا بلهاء ما في يدك!
- ‏أصابعي!! لا يمكنكم قطع أصابعي!
راسيل تحاول تمالك أعصابها
- ما في أصابعك.
- ‏أظافري لا!!
صاحت راسيل
- لااا، اللعنة عليك أقصد الخواتم التي ترتدينها.
استوعبت سيرينشا أخيرًا بعدما فُزعت من صرخة راسيل"، قالت
- حسنٌ لا بأس..لكنني لا أقوي على القتال!
- ‏أفهم هذا فإنك هزيلة و قد تهزمك باعوضة لكن سندربك جيدًا حتى يشتد عضدك.
اومأت بقلق ويدور في عقلها مظهر السيوف و حدتها
راسيل بحماس
- لنذهب سريعًا، لطالما تمنيت أن أعلم أحدًا القتال.لقد فقأت عين آخر شخص تدرب معي، والسابق له أطحت بإصبعه، حتى منعت من السُلطات ألا أدرب أحدًا مجددًا.
جحظت عينا سيرينشا و تقلب فيها الخوف؛ فقالت راسيل وهي تهم بالسير
- لا تقلقي، سأكون حريصة معك.
وساروا جميعًا نحو أي سوق ليلتقوا بخيَّال و محل أسلحة، وبداية هذا السوق كانت نهاية سفح الجبل الشمالي و بداية لـ فاصل كبير ناحية الشمال الغربي يوصل للملكة الجديدة، و يحكمه نفس حاكم السفح الشمالي.
دلفوا إلى السوق وهم يفتشون عن محل أسلحة، فوجدوا واحدًا صغيرًا مختبئًا في زقاق ما فساروا إليه وكان محلًا وحيدًا في كل السوق صاحبه شيخًا خبيثًا كريه المظهر قصيرًا و متكورًا على نفسه ملابسه بالية و متخسة، بادرته راسيل بالحديث
- مرحبًا يا عم، نود رؤية بعض السيوف والخناجر.
‏نظر إليها ببرود وهو جالس في أرضية محله، ولم يستجب لها
‏فكررت النداء، فألقاها بنفس النظرة، وتأفف ثم قام بقامته القصيرة ووجهه المجعد، وقال
‏- وكيف لمتسولتين مثلكما أن تدفعا ثمن سيوف وخناجر؟
راسيل بتهكم
‏- لا أرى التسول إلا فيك حقيقة، دلني على من تشتري منه ملابسك، كي أتجنبه طوال حياتي.
‏وأتبعت حديثها بـ قهقهة، وبطريقة مرعبة قهقه الذئب بطريقته.
‏قلد العجوز ضحكتها بسخرية وامتعاض، فاختفت الابتسامة من على شفتي راسيل"..بينما قال
‏- أغربوا عن هنا لن أبيع لكم شيئًا.
‏- في الحقيقة ليس الأمر برضاك...سنأخذ ما نحتاج ونذهب.
توترت سيرينشا و أصابها القلق لحدة الحديث القائم بين راسيل والعجوز.
‏هتف العجوز بصوته الحاد بحزم
‏- لاااا، لن أبيع لكم، ولن أتنازل عن موقفي.
سحبت راسيل السيف من غمده على ظهرها و قدمته في وجه العجوز
‏- أتعلم سأقطع جسدك إلى مائة قطعة...ويا لغبائي أقصد إلى قطعتين هذا ما سيكفيه.
زعزع الخوف عزم الرجل و شعر بموجات جنونها تستطم به فتحرك ساخطًا إلى السيوف والخناجر وجاء بحفنة منهم وألقاهم بعنف على خشبه العرض أمام محله، وظل ينظر لها بامتعاض وهي تتفحص السيوف وتقلبها أمام عينيها.
‏استقرت على سيفٍ والقته إلى "سيرينشا" وهي تقول
- هذا جيِّد لك.
بينما يدا سيرينشا المسكينة لم تتحمل ثقل السيف وانزلقوا سويًا لأسفل، ونظرات الاحباط في عيني راسيل قاطعتها القهقهة المجنونة للرجل العجوز، أشار بسبابته إلى سيرينشا وفمه منفرجٌ ضحكًا كاشفًا عن أسنان طويلة متآكلة و سوداء
- أتبتاعين هذه الأسلحة لهذا الأخطبوط الرخو.
وضرب كفًا بكفٍ و واصل القهقهة.
راسيل وهي تميل إليه وتقول بطريقة درامية
- الأخطبوط ليس لديه عظام ولكن بمجساته الرخوة يستطيع سحق عظامك...بغض النظر عن إن كل شيء يمكنه سحق عظامك فهي صغيرة و هشة.
و أتبعتها بضحكة راضية، وانزوى فم سيرينشا معبرًا عن ابتسامة بسيطة.
الرجل بغضب موجهًا كلامه إلى سيرينشا
- تبدين رقيقة و لست معتادة على هذه الأحوال لم تصطحبين قطاعة الطرق هذه!؟
وأخيرًا بدأ لسان سيرينشا في تكوين الكلام وكسرت حجاب الخوف عنها
- ألم أكن أخطبوطًا رخوًا منذ قليل؟!....إن هذه أفضل محاربة قد قابلتها.
تمتم الشيخ بسخط و نظرت إليه راسيل بانتصار ممسكة بخنجر من على طاولة العرض وألقته لـ سيرينشا.
ثم استلت خاتمًا من الذهب على قمته حجرًا أحمرًا متلألئًا من أصابع سيرنشا و تركته للشيخ على الطاولة وقالت
- هذا حق السيف والخنجر و سيكفيك طوال حياتك لا تقلق.
مشوا جميعًا شاقين طريقهم في الرقعة بين السفح والشمال الغربي والنهر يسير بمحاذاتهم ولكن على مسافة أفقية واسعة
سيرينشا وهي تمشي بجانب راسيل
‏- شكرًا لك على دفاعكِ عني...ظننتك لا تحبينني.
راسيل بمشاكسة
- أنا بالفعل لا أحبك أو... لم أحبك بعد، لكن طالما معي فسأدافع عنك.
ابتسمت سيرينشا وقلبت الخنجر في يدها بحركة استعراضية وهي تقول
- لا تقلقي يا مُعلِمة سأكون تلميذة جيدة.
سقط  الخنجر من بين أصابعها فنظرت راسيل بتهكم
- جيدة جدًا
ثم همست
- يبدو أنك ستفقدين العديد من الأعضاء، فليستر الله.
- هل تقولين شيئًا؟.
- مطلقًا.
بعد سير مسافة ليست بالصغيرة  رسوا في مكان خالٍ بجانب النهر، مكان بديع أرضه مستوية و هواؤه منعش والسماء تحتضن الأرض بزرقة حيوية محفزة.
وضعت راسيل يديها على خصرها ونظرت حولها تتفحص المكان والشمس مع بشرتها الذهبية وعينيها الزرقاوين تصنع مزيجًا مبهرًا فالعينان تلمعان كالفيروز والبشرة تلمع كـ عشرات الآلاف من النجوم الذهبية
- سنتدرب هنا.
نظرت سيرينشا بدورها تستكشف المكان وضمت نفسًا عميقًا إلى رئتيها كأنها تخبرها ببداية حياة جديدة، هزت رأسها فقالت راسيل
- والآن اركضي في المكان، لإحماء عضلاتك الصغيرة كي لا تصاب وتتشنج فلا طاقة لي ولحرفوش أن نحملك.
وانحنت إلى حرفوش تلاعبه...اركضي سبعين دورة.
جحظت عينا سيرينشا بفزع وصاحت
- سبعين دورة!
أشاحت راسيل بيدها بتأفف
- خمسون دورة..لله فقط
- لا، لا أقوي على هذا.
- لن أتنازل، كلمة أخرى وسأقدمك لجنود الملك بنفسي. بالمناسبة سأناديك سيرينا ف سيرينشا اسم ثقيل و غبي.
غطت سيرينا وجهها بتأفف في حركة سريعة، و التقطت راسيل غصن شجر رفيع وخطت على صفحة الأرض دائرة واسعة للغاية
- هيا...خمسون دورة لن أتنازل.
زفرت بقلة حيلة و شرعت تجري في مسارها الدائري.
أنهت الدورات بصعوبة والعرق ينبثق من كامل وجهها انبثاقًا و أنفاسها تجرها بثقل، ارتمت على الأرض صارخة بهدوء
- قدماي لا أشعر بهما.
راسيل ضاحكة باستخفاف.
- فلتغمسي رأسك في النهر وتعودي في الحال...هيا لا وقت لدينا.
سيرينا
- اللعنة على هذا.
- جميل ها قد بدأتِ تتأقلمين مع هذه الحياة.
وأخذت راسيل ترسم لها المزيد من الخطوط أفقية و رأسية و منحنيات، تجعلها تحمل الحجارة تجري بها، تلقيها، ترفعها، إلى أن حل الليل والقت سيرينا بنفسها على الأرض دون أن تسأل راسيل عن مكان المبيت و النوم يجذب أجفانها من التعب لكنها لم تقوي على النوم وظلت مستيقظة و تمددت راسيل بجانبها في مواجه مضادة لبعضهما تتوسد الذئب بعد أن أشعلت نارًا لتضيء ويبدو عليها بعض التعب.
بعد أن استغرقوا في الليل قليلًا ومن المفترض أن يكونوا قد اختطفهم النوم
سألت راسيل سيرينا
- لِمَ لستِ نائمةً؟
- كيف علمتِ؟
- تنهيداتك !
أطلقت سيرينا تنهيدة أخرى متأوهه يخالطها ألم
راسيل
- لقد تدربتِ كثيرًا اليوم من المفترض أن تكوني ميتة!
لم تجبها؛ فسألتها راسيل
- هل أنت بخير؟
أصدرت ضحكة ولكنها رغم ذلك تحمل ألمًا بداخلها ليست ضحكة حقيقة ضحكة نابعة عن ألم وحزن وتهربت من سؤال راسيل
- نعم أعلم، لقد كان كثيرًا ومهلكًا، رغم ذلك كان رائعًا!..لابد وأن من علمك شخصًا قويًا وجسورًا! هل هو والدك؟؟
- لست بمخبرتك شيئًا إلا أن تخبريني عنك كل شيء!.
سمعت صوت اجهشاشها
- مالذي يشغل عقلك؟
- إنه يثقِّلَه، يرهقه و يهلكهه!
ازداد الحديث إثارة فاعتدلت راسيل في مواجهتها وانقلبت هي على ظهرها تواجه السماء
راسيل
- ماهو على أية حال؟.. مالذي دفعك لترك كل ذلك خلفك
انسابت الدموع من عينيها وسرت خلف أذنيها
- لا أريد الحديث عن هذا.
- بربكِ هيا لم أكن يومًا عطوفة بهذا القدر، استغلي الفرصة فإنها لا تتكرر كثيرًا..أرى الأمر متعلقًا بـ أيهم هيا ماذا حدث.
انسابت المزيد من الدموع
-  لم يحببني يومًا حتى جعلني أكرهه، والشخص الوحيد الذي أحببته قتله أمامي بدماء باردة، لم أستطع إنقاذه ما كان لي حيلة أن أنتشله من بطش سيفه، دماؤه التي تناثرت عليَّ ما زالت تحرق جلدي، ومشهد قتله لا يزال يطاردني!.....أمي وإخوتي كلهم قاسون لم أجد فيهم من ألجأ إليه لذا لجأت إلى هنا.
تحركت غصة في حلق راسيل وشيء ما آلم قلبها، شعرت بوخزة، صاعقة هزت الصرح المنيع الذي تبنيه بداخلها
- يا إلهي، أنا آسفة...لا أعلم ما أقول..الذي أعلمه أن الحياة لا تتوقف مهما جرى فهي لا تكترث بنا فقط تجري لن يوقفها شيء.
- أعلم بأنها ستسير مهما حدث لكن الصياغة الصحيحة لقول الناس هذا أنها ستسير بنا ولا تتوقف وسنتوقف ولا نسير معها، تلك النقطة في حياة المرء لا يعود منها الشخص كما كان.
- لتبدأي حياة أخرى إذًا تسير بك و تسيري معها.
جففت دموعها
- سأبدأُ شخصًا جديدًا  ثم حياة جديدة...عليَّ ان أتغير أولًا.
اعتدلت في وجه راسيل وقد جفت دموعها تمامًا و اختفت الرجفة من صوتها.
- ماذا عنكِ؟
بهت وجه راسيل وتصدعت جدران الحصن الذي تخفي فيه تلك النقطة التي تحاول عدم الاعتراف بها حتى لنفسها
- ماذا عني!؟
- من جعلك بهذه القوة وعلمك ذلك القتال؟ لا بد وأنه والدك فخلف كل فتاة قوية والد أقوى...أتسمعين بالأميرتين شايان" و إيار" إنهما مقاتلتان جسورتان وكان خلفها والد قوي مثل خاصتك.
- خلفهما والد قوي!....خلف كل فتاة قوية جرح أقوى يا عزيزتي.
- لستُ قوية يا راسيل، إنني أضعف من قشة!
- لا تقلقي ستكونين أبأس من الحجارة، وأشد ضربًا من البرق.
سيرينا بابتسامة حزينة ومقلتين ممتلئتين بالدموع
-حقًا؟
راسيل بنفس الابتسامة
-حقًا!
- من علمك القتال إذًا؟
- علمت نفسي.
وسمعت أصوات انهيار حصنها إنه يتداعى، ويقترب وعيها من النقطة المحظورة.
-ووالدكِ؟
كشف أحدهم عن النقطة الخطرة في قلبها والتي تحاول تمويهها وتقديمها لعقلها بمفهوم القوة، انتفض قلبها بهنف فآلم صدرها كأنه يبعثر الدماء لا يضخها، شعرت بحرارة.
- لم أره، لم أسمع عنه من قبل! قالت أمي إنه تركها منذ علمه بحملها بي، وترفض إخباري بالمزيد.
رجعت سماء سيرينا تمطر بالدموع بينما تلبدت بالغيوم فقط عند راسيل .
قالت سيرينا بأسى
- كل الآباء سيئين.
- ليس كلهم، آباؤنا بخاصة!.....أريد أن أشكر غيابه لولاه ما أصبحت بهذه الصلابة...أمي ليست بالحانية جدًا أيضًا تبقيني معها لأجلب لها المال لا أكثر، وأبقى معها للمأوى فقط.
ربتت على كتفها بحنو
- أنتِ محاربة يا راسيل!
- وأنتِ كذلك...جميع الفتيات محاربات إنهن يحاربن الكثير ويستحقن الكثير.
                        ******

                          نوراثيا

دخل أحد الجنود مفزوع إلى مجلس الملك ولما رآه الملك سامان فزع لفزعه وتوتر للخبر الذي تحمله جعبة هذا الحارس
ألقى التحية وقال لاهًثا
- سيدي!، أخبرنا حراسنا على الحدود توجه الملك أيهم" إلى جبل جليل و معه جيش ضخم ينوي أن يحتل السفح الشمالي للجبل
تكورت كرة من الغضب في صدر سامان" وصاح مهتزًا عكازه.
- أييييييههههههمممممممم!
كاد يسقط أرضًا فسنده ابنه "ساجي" وأشار الملك بسبابته إلى الحارس
- أخبر القائد أن يعد كل الجيش وينطلق بأسرع ما عنده إلى الجبل وسأذهب معهم بنفسي.
ساجي"
- لا يا أبي إنك مريضٌ.
- سأموت في كلا الحالتين، دعني أموت بشرف وأنا أدافع عن عهدي.
وأشار للحارس بالذهاب، ثم استند على ساجي وبمساعدته جلس على كرسيه
- اذهب يا ساجي، اذهب بعيدًا الحرب موشكة على الاندلاع!
ساجي بحزن
- لن أبارحك يا أبي!
- ستبارحني في كل الأحوال، اذهب!
- لا سأظل معكَ لآخر نفس!
دخل سامان في صراع مع أنفاسه فتثاقلت وصَعُبت
- لن يكون هناك أنفاسًا يا ساجي!
علا صوته
- غادر! دورك أن تحمي أختيك ووالدتك، اذهبوا خارج المملكة، إنها النهاية أشعر بها!
- لن أذهب إلى أي مكان.
صاح سامان بعنف حتى اهتز في مجلسه
- سااااجييي، إنه أمر من الملك لا تجادله
ساجي بإصرار وجث على ركبتيه بحانب كرسي والده
- سنموت معًا أو نحيا معًا !
وضع سامان كفه على رأس ساجي وهو يتألم من أشياء غير معلومة
- أرجوك يا بُني اذهب، ستتشرد أختاك وأمك، أرجوك احميهم، هذا دورك وواجبك.
اغرورقت عينا ساجي و قال
- لا أقوي على خسارتك يا أبي!
ضمه إلى صدره رابتًا عليه
- الخسارة محسومة!
فرت دمعة من عين سامان
- هيا اذهب!
                   ***********

متنساش رأيك

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 10 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

سم رئبالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن