special

862 35 0
                                    

يجلس طفلٌ صغير ، بما يقارب الثانية عشر من العمر بعينين عسليتين ذابلة ، خاليةً من المشاعر تماماً ، من الحياة

يُحدق بالفراغ ، غير مبالٍ للمرضات اللاتي تقمن بتغير المغذيات و الضمادات

دخل ذلك الأفحم ذو البشرة الشاحبة ، يتقدم بهدوء يراقب هدوء الصغير المبالغ

" ... كيف حاله ؟! ... "

" ... كما ترى سيد ستيورات ، لا يُحرك ساكناً ، كذلك يرفض الطعام و الشراب بشكلٍ قطعي ، و يرفض التحدث أيضاً ... "

ستيوارت :  ... لم يأكل بعد ؟! ...

" ... كلا ... سيد ستيوارت ... ألم ينجوا أياً من الوالدين ؟! ... "

ستيوارت : ... كلا ... لقد فارقا الحياة تماماً ...

لتقضم الممرضة شفتيها بتأثر و حزنٍ شديد تنظر للصغير الذي تصنم تماماً كالتمثال ، لا يُحرك ولا يتحرك

تقدم ستيوارت ناحيته بعد أن أخذ علبة الطعام من الممرضة الأخرى التي حاولت جاهداً جعله يأكل ، فقد مر بالفعل أسبوعٌ كامل يعيش فقط على المحاليل و المغذيات

إقترب الأكبر بينما يجلس بجانبه بخفة و يفتح غطاء العلبة

ستيوارت :  ... انظر .. إنه طعامٌ شهي ... * بهمس * إنه من خارج المشفى ... لقد أعدته الممرضة خصيصاً لك ... هيا ... فلتأكل البعض ...

ليُجاب بالصمت التام و عدم الإكتراث ، أمسك بالملعقة يأخذ قضمةً بها ، يُقربها من فمه ليفشل بذلك أيضاً ، لا يغيره  الصغير أي إهتمام 

وضع العلبة أمامه على ساقيه الممدودتين ، و أقترب من وجهه قليلاً ليجذب إنتباهه

ستيوارت : ... لن تستفيد شيئاً من هذا يا صغير ... ستؤذي نفسك ... هل تريد لتضحيتهما لحمايتك أن تذهب سُداً ؟! ... هل تريد لموتهما أن لا يعني أي شيء ... كان بإمكانهما الهرب و تركك وحدك ... لكنهما فضلا الموت على ذلك ... قاما بحمايتك ... ضحيا من أجلك ... و انت ماذا تفعل ... تجعل من تضحيتهما هذه تذهب هباءً مع الريح ... "

ترتجف حدقيتيه العسلية بينما تحتجز جفونه مياهاً مالحة تُسبب بحرقةٍ لادعة بعينيه المليئتين بالغضب و الحزن ، ترتجف معهما شفتيه المُزرقتين التي تزينهما كدمة زرقاء بجانبهما

أمسك بين يده التي ترتعش ، الملعقة و أخذ بالطعام يتناوله بغضب بينما يجهش بالبكاء مُفرجاً عن تلك المياه  التي إحتجزها بعينيه طويلاً ، و عن شهقاته المتألمة و الموجوعة ، جاعلةً من الأكبر يبتسم بلطفٍ  بعينين أغرقتا بدموعه الجافة ، أخذاً برأسه لصدره يعانقه بلطف و يمده بالدفئ محاولاً تهدئة إنهياره .....

............

أمل بذلك المنزل الكبير ، تُبعد تلك السيدة الفاتنة بملامحها الرقيقة و عينيها العشبيتين الناعمة ، ذلك الرجل الغاضب ذو البنية الضخمة قليلاً ، بشعرٍ أشقر داكن و ذقنٍ خفيفة جداً عن طفلهما الصغير الذي يبكي بذعر و ألم إثر تلقيه عدة صفعاتٍ و ركلات من والده

صمت  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن