{لأولِ مَرة أسمعُ صَوتكَِ!}

23 14 5
                                    

يَمسحُ على شَعرها بينما هيَّ نائِمة بعمقٍ، حَركَ يدهُ جاعلاً مِن أنامِلهِ تلامسُ وجنَتَها وُصولاً لفكِها، فأخَذَ يُداعِبهُ علَّها تَستفيق، وبالفعلِ بعدَ مُدة فُتِحَتْ عيونها، فنَظرتْ لبُندِقيَّتيهِ مُباشرةً كما فعل، فابتَسمَ ابتسامتهُ اللطيفة.

تصرُخُ بضحك بينما يُساعدها الآخرُ على التَحركِ بالهواءِ، أمسكَ كفيها بكفيه، فنظرتْ لهُ بسعادة عارمة ليبتسمَ مِن تلقاءِ ذاتهِ، تَراجعَ للخلفِ يَسحبها معهُ لتتحرك، تَحركا معاً قليلاً ليترُكها ويبتعد ويَدعها تتبعهُ بمفردها، قليلاً وقيلاً بدأتْ تستطيعُ الاسراعَ، وهوَّ بدورهِ أخذَ يسرعُ لتتبعه، فأسرعَ وابتعد تاركاً بينهما عِدَةَ أمتار، ووقفَ طافياً يُناظِرها بابتسامةٍ مُتأمِلة، ورفعَ يَداهُ يشيرُ لها بأن تأتي لهُ، ابتسمتْ بقوة وأظهرتْ لهُ نظرةً تخبرهُ أنها تستطيعُ وستفعلُ، فما كانَ مِنهُ سوى تَعليقُ آمالٍ عليها، فتَحركتْ باتجاههِ بتعثرٍ، أخذتْ تُحركُ ساقَيها وذراعَيها بعشوائِية لتتوازن، فاعتدلتْ بالوقوفِ، وأخذت تتقدمُ رويداً رويدا ببضعِ خطواتٍ صغيرة، فأسرعتْ لثانيتانٍ بسرعةٍ أكبرُ وأسرعُ نسبياً وهذا ما أثارَ ذهولَ الآخر.. فتعثرتْ في الهواء، وعادت للاستقامة والاسراعِ لكن بخطواتٍ مُترنحَ، ثوانٍ معدودة بينما الآخرُ يحُثها على المتابعة لتصلَ لهُ ساقطة بينَ يديهِ بقوة ليَجذبها الأخرُ لصدرهِ يعانقها بسعادة زتَمَّسكَ بها بقوة بينما يتبادلانِ الضحكَ الصادقِ.

_تستحقينَ جائزةً على هذا..!

قالَ ماسحاً على شعرها بلطف، ونطقَ كلمتهُ الأخيرة بهمس وبالكادِ فَهِمتها. لم تهتمَ بهذهِ الكَلمة بقدرِ اهتمامِها بصوتهِ الذي تسمعهُ يتكلمْ لأولِ مرة -بالتغاضي عن كلماتانِ أو ثلاثة-، ابتعدتْ عنهُ ولَم تُزل يداها عن كَتفيه، وهوَّ بدورهِ أبعدها ولَم يُفلت جسدها مِن يديه؛ فهيَّ بالفعلِ شارفتْ قِواها على التحليق التي وهَبها لها على الانتهاء وباتَ تحليقُها صعباً للغاية لكنها تمكنتْ مِنَ قطعِ مسافة طويلة نسبياً وبسرعة ممتازة كبداية. نظرتْ في عيناهِ بتساؤل لتردفَ: جائزة؟

وهذهِ كانت أولُ كلمة تنطقها له، ابتسمَ بدفء ورفعَ يدهُ يبعدُ خُصُلاتِ شعرِها عن وجهها قائلاً: ما الذي تريدينهُ؟

بصوتٍ هادئٍ تساءل.. فأجابت بعدَ امعانِ النظرِ له: مَن أنتم؟

تساءلتْ بحيرة فهذا ما شغلَ بالها كثيراً بالأيامِ الماضية. اتسعت ابتسامته ولَم يُجبها، فنظرَ في عينيها وتركها ليبتعدَ، أمسكَ يدها وأخذها باتجاهِ أحدِ المباني القريبةِ، ليَجلسَ ويُجلسَها بجانبه، ناظرا أسقُفَ المَنازلِ المُظلمةِ، أصواتٌ خافتة مِن مصادِرَ مُختلفةٍ، والقليلُ مِنَ النوافذ يَنبعثُ مِنها ضوءٌ أرجوانيٌ يميلُ للصُفرةِ. همهمَ قليلاً وقال: مَصاصي الدماء ليسوا مجردَ اسطورة لا وجودَ لها.. إنما هُم حقيقة كما رأيتي!

'°•The Moon Flower•°'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن