٦- صدمة!

557 60 38
                                    

ركضتْ سريعًا عبر أروقة مركز الشرطة تصطدم بهذا ويعبر خلالها ذاك، لمْ تأبه بالأمر وأخذتْ تردد "لا بأس" بنهاية المطاف هي مجرد شبح لا يمكن لأحد رؤيته.

بعض الملفات مفتوحة ومتناثرة على المكتب لكنه يطالع ملفًا منها بتركيز ويمناه وُضعتْ على ورقةٍ جانبه يدوّن بها بعض الملاحظات، جلستْ قبالته ولمْ تُصدر أي صوت فلمْ يلحظ وجودها وبعد وقتٍ ليس بطويل حمحمتْ لجذب انتباهه وقالت:
_أسامة، وجدتُ دليلًا ذكرني بشيءٍ ما.

لمْ يفزع، لمْ يخَف، لمْ يرتجف، لمْ تبهتْ ملامحه أو يصفر وجهه بل ضرب بكل توقعاتها عرض الحائط وهمهم لها بهدوء قائلًا:
_ماذا؟

رفعتْ حاجبيها باندهاش وقالت:
_هل كنتَ تعلم بوجودي؟

رفع رأسه لها وأومأ قائلًا:
_شعرتُ بكِ لكنني لمْ أرِد فقد تركيزي، وبالمناسبة ممتن لعدم تكلمك.

الدهشة التي احتلتْ ملامحها لمْ تتبدد بل تضاعفتْ بينما ارتفعتْ زاوية فمه في ضحكة قصيرة ثم قال:
_أي دليلٍ وجدتْي؟

هزّتْ رأسها قليلًا لتُفيق ونبست:
_إحدى الفتاتين التي ذكرتَهما جارتنا، أعتقد أنها قُتلتْ لأنها رأتْ القاتل؛ حيث قالت أمها أنها كانت تعاني الأرق في الأسبوع الذي حدثتْ فيه الجريمة وكانت تقضي ليلها في التعبّد بعدها تخرج لمشاهدة النجوم.

أومأ لها قائلًا بحنق:
_ما المهم في هذا كنتُ أعرف كل ما قلتِه سابقًا.

قلبتْ عينيها بملل وهتفتْ:
_وهل كنتَ تعرف أنها ترسم؟ هل كنتَ تعرف أنها رسمتْ لوحة غير مكتملة للقاتل؟

نظر لها بانتباه وشبّك يديه ببعضها قائلًا:
_لكننا فتشنا المنزل ولم نجد لوحةً أو شيئًا كهذا.

ارتفعتْ زاوية فمها بانتصار وقالت بغرور وهي ترسم شيئًا بيدها في الهواء لتخرج اللوحة:
_لكنني فعلت.

_____________

طُرق الباب بعنف؛ فلعن "أوناس" اليوم الذي التقى فيه بها وقرر مساعدتها، رمقها بنظرات نارية ثم اتجه ليفتح الباب وكل رجائه ألا يُقتل الليلة، بينما "منار" مسّدتْ على ظهر القط وداعبتْ فراءه الرمادي فنظر لها بعيونه الزرقاء وأصدر مواءً خافتًا.

فورما فتح "أوناس" الباب اندفع الحراس للداخل والتفّوا حولهما رافعين الرماح في وجهيهما، اقترب أحدهم وقبل أن يلمس القط أو حاملته صرخ به القط فطالعه بدهشة قائلًا:
_ماذا بك؟ إنه أنا سمندس.

رفع القط قدمه الأمامية وكاد يخدشه لكنه تراجع سريعًا ثم صرخ بوجه "منار" غاضبًا:
_ماذا فعلتي به؟ أي تعويذةٍ ألقيتها عليه!

تراجعتْ ووقفتْ خلف "أوناس" وقالت بخفوت:
_لمْ أفعل شيئًا هو فقط يحبني.

استنكر "سمندس" حديثها وحاول مرارًا أن يقترب من القط لكنه يأبى الذهاب إليه وفي المرة الأخيرة قفز القط على وجه "سمندس" وظل يخدشه بمخالبه.

بعدما دمر وجهه ابتعد عنه ونزل أرضًا يمشي بشموخ رافعًا ذيله بكبرياء، عاد إلى "منار" ونظر لها ببراءة ثم ماء لها بلطف وهو يمسح رأسه بقدمها فحملته ومسّدتْ على ظهره.

نظر الحراس لها بدهشة بعدها طالعوا "سمندس" بذات الدهشة، يعلمون أن القط يحب "سمندس" للغاية لكن ما فعله به..! أشار أحدهم للجميع أن يخفضوا الرماح وقال:
_من هذه أوناس؟

ابتعد "أوناس" من أمامها وقال:
_لابيس.

التفتْ لاثنين من جنوده وقال:
_اصطحبا سمندس للقصر.

أطاعا أمره وذهبا سريعًا وحملاه ثم خرجا متجهين للقصر بينما صاح ذاك الشخص:
_فليتبعني الجميع.

خرج مِن هناك خلفه "أوناس" تتبعه "منار" من خلفهم الباقون، اقتربتْ منه وهمستْ:
_من هو الملك؟

بذات الهمس أجابها:
_تقصدين الفرعون؟ إنه أمنحتِب الثالث.

توقفتْ فجأةً وبصوتٍ عالٍ صاحتْ بصدمة:
_ماذا!

______________
|المشرحة|

الضحية الثالثة والتي قُتلتْ منذ أربع أيام قُتلتْ بالطريقة ذاتها التي قُتلتْ بها "منار" وللعجب أن الثلاث ضحايا كان "مروان" المسؤول عن تشريحها، أليس هذا غريبًا؟

هذه المرة كان حذرًا جدًا عند تشريحه للجثة، كان خائفًا من تكرار ما حدث عند تشريح جثة "منار" حتى الآن كلما تذكر الأمر لا يستطيع التوقف عن الضحك، عادتْ به ذاكرته للوراء قبل شهرٍ وبضعة أيام عندما بدأ تشريح جثتها.

أزاح خصلاتها بعيدًا عن جرحها بضيق لقد ملّ منها فهي كل دقيقة وأخرى تزعجه بتساقطها على الجرح، التفتْ يبحث عن المقص الجراحي ووضع المشرط الذي كان بيده جانبًا.

أحسّ بحركةٍ غريبةٍ خلفه؛ فامسك المقص والتفتْ لها مجددًا، وجدها جالسةً على الفراش تنظر له بحدة وقد ارتدتْ حجابًا على رأسها ولا أثر للدماء فالجرح قد اختفى!

قالت بغضب وهي تنظر للمقص بيده:
_هل كنتَ ستقص شعري؟

لمْ يسمع ما قالته بل شخصتْ عيناه وسقط المقص من يده من فرط رجفتها ثم سقط أرضًا مغشيًا عليه من الصاعقة.

استيقظ بعدها ليجد نفسه نائمًا مكانها وهي تجلس على كرسيه تطالعه ببرود، قالت بهدوء:
_هل أنتَ بخير؟

وقف سريعًا وركض تجاه الباب وحاول فتحه مرارًا لكنها أوصدته جيدًا فظل يركض في الغرفة كالأبله وهو يصرخ مناديًا "أمي" بينما هي تتابعه ببرود، لفتَ إنتباهها شيء فاتجهتْ إليه بخطوات هادئة معتدلة بينما يعلو صراخه ووقفتْ أمامه قائلةً:
_أدركُ أنكَ خائفٌ لكنكَ كبرتَ على هذا.

أنهتْ حديثها مشيرةً لبنطاله المبلل فنظر له قليلًا ثم سقط مجددًا مغشيًا عليه.

أيام الثأر الدامية✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن