موقف قريش من الدعوة
كان موقف قريش من الدعوة الإسلامية وصاحبها فى بداية أمرها موقف الاستهزاء والسخرية، فكان إذا مر بهم الرسول صلى الله عليهو سلم أو رأوه يصلى عند الكعبة يتغامزون ويتضاحكون ويسخرون
منه، ولكنهم لم يتجاوزوا ذلك إلى الايذاء الفعلى، فقد كان المجتمعالمكي ينظر إلى دعوة محمد كدعوة من سبقه من أمثال " أمية بن أبى الصلت " , " وقص بن ساعده " سرعان ما تنتهى وتندثر وطالما أنه لا يتعرض لآلهتهم فلا خوف منه
ولكن بدأ أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم يزدادون يوما بعد يوم ونزلت الآيات التى تطعن فى الأصنام " آلهة قريش ". وتعير قريشا بأنها تعبد آلهة لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، وسفه
عقولهم التى لا تبصر الحق من الضلال والظلمات من النور ".. هنا بدأ الايذاء الفعلى من قريش لمحمد صلى الله عليه و سلم ومن اتبعه من
المسلمين وأوصى بعضهم بعضا بالنكاية بهم ليفتنوهم عن دينهم فقام أبو طالب بحماية محمد صلى الله عليه و سلم والزود عنه ضد قريش
وجدت قريش أنها لا تستطيع أن تنال محمد صلى الله عليه و سلم بكبير أذى طالما أنه يتمتع بحماية عمه أبى طالب ومن ثم اجمعوا
أمرهم على أن يكلموا أبا طالب فى شأنه فذهب إليه وفد من أشرافهم يطلبون منه- خاصة وهو على مثل دينهم –أن يكف محمد
صلى الله عليه و سلم عن سب آلهتهم وعيب دينهم وتسفيه أحلامهم وضلال آبائهم، أو يترك محمد صلى الله عليه و سلم لهم يفعلون به ما شاءوا، فردهم أبو طالب رداً جميلا – ولكنهم وجدوا أن هذه
المقابلة لم تفدهم شيئا وأن محمد صلى الله عليه و سلم لم يكف عن الطعن فى آلهتهم، والعيب فى آبائهم وأبو طالب يشمله بحمايته والزود عنه، فذهبوا إليه مرة ثانية وأخبروه بأنهم لا يصبرون على شتم آبائهم وطعن آلهتهم وخيروه بين أمرين، إما أن منع ابن أخيه
عن دعوته وإما أن يعلنوها حربا عليه وعلى ابن أخيه حتى يهلك أحد الفريقين، فوجم أبو طالب وأصابه هم شديد فهو بين أمرين أحلاهما مر، فهو أما أن يترك قريشا تسوم محمد صلى الله عليه و سلم العذاب، وإما أن يشترك معهم فى حرب غير مأمونه العواقب، لذا