«لا تضرب أبناءك»
_
والداي العزيزان، بعدما كبرت وتعمقت في الحياة، أدركت أن الضرب هو وسيلة للترويض لا التربية، واعذرني لكن ابنك ليس حيوانًا تروضه ليعيش طوال حياته تحت ظلك.
تعرفان في عالم الحيوان حين يموت صاحب الحيوان يموت كذلك الحيوان، إما حزنًا وإما قهرًا وإما لأنه لاحظ أن الحياة لا قيمة لا دون صاحبِه، هل كنتما تروضانني لأموت من بعدكما؟
كذلك يا والدايّ، حينما أخطِئ وأتلقى الضرب على خطأي، لا أتعلم من الموقف، ولا أفهم السبب، ولا يكون مبرَّرًا لي لماذا تم ضربي.
مع الوقت ازدادت عقدي تجاهكما، صرت أخاف أن أقوم بأي شيء، لا أعرف ما هو الخطأ والصواب برأيكما، ولا أعرف هل سيتم مدحي أم ذمّي؟
والدايّ لقد كبرت لكني ما زلت أتحسس جسدي، أتذكر كل موقف، وأستذكر كل ما حدث، وأدخل بدوامة تفكير طويل وعقيم، كيف كان يجب علي تجنب ما حدث، ماذا لو أنني لم أقم بهذا، طيب ماذا لو قمت بشيء مختلف، ما زال الموقف يؤلمني ويستنزف دموعي.
هل تُراكمَا تنسيان؟ أم تتذكران كل شيء مثلي وتشعران بالندم كذلك؟ ولو قليلًا فقط.
ذكّراني حين أغضب من أبنائي، ألا أشوّه أجسادهم أو أُشعِرَهم بالإهانة، ذكّراني أن أعلّمهم مرة واثنتين وثلاثة وإن كان لا مفر من العقاب، سأحرص على أن يكون شيئا بقدر الخطأ لا بقدر التكرار، شيئا نفسيًّا يجعلهم يدركون أن لكل تصرفٌ خاطئ أثر.
والدايّ في حينٍ أخرى حين يتم ضربي، كنتُ أزداد عنادًا وأرى أنكم أكلتم حقي، فتتولد عندي رغبة في الانتقام واسترجاعه، ثم لوقتٍ طويل أعجز عن رؤيتكم كعائلتي، دائما ما بدوتما لي كألد أعدائي، حتى مع مرور الموقف، حين تذكره لا أستطيع تمرير الصدمة أو النسيان.
نهايةً يا والدايّ، نحن لا نتشابه.
_
في الرسالة أعلاه يمكنكم استخلاص نقاطٍ عدة أهمها يتمثل في:
- الضرب لا يمكن أن يعدّ عقابًا إذْ أن عواقبه أكثر من فوائده _التي بالغالب لا تتواجد_.
- لا يعد الضرب سلوكًا أو نوعًا من أنواع التربية، إنه أسلوب ترويض، يمكن استخدامه بأوقات محددة مثل إهمال الصلاة والذي لا يكون بسبب خطأ في التربية إنما صحبة سيئة أو مؤثر خارجي آخر، ويُستخدم بعد فشل المحاولات الأخرى، فيكون الضرب لتدرب الابن على أن ترك الصلاة له أثر جسماني ونفسي.
- لا يجوز للضرب أن يكون قاسيًا على البدن، مؤذيًا أو مسببًا للكدمات والكسور، فهذا يدخل تحت بند العنف لا الضرب.
- في أحيانٍ أخرى، قد يتحول الضرب من قيدٍ للتصرفات الخاطئة إلى حافزٍ للقيام بها، ولو اختلفت النوايا.
_
شاركوني نصائح أخرى تريدون أن تقدومها لوالديكم، أشياء تمنيتم لو أنها حدثت وأشياء تمنيتم لو أنها لم تحدث.
- وريم.
أنت تقرأ
ثلاثون رسالة لوالديك.
Разноеكيف تصبح مربيّا قبل أن تصبح والدًا؟ سؤال يأتي منه سؤال، من الأولى؟ التربية أم الأبوة؟ فالأولى أن يكون الشخص مربيًّا قبل أن يكون أبًا، لأن الأبوة بها عاطفة، والتربية تحتاج بكثير من الأحيان لتجاهل هذه العاطفة. - أرابيكا أورايا.