الرسالة الثالثة.

82 15 1
                                    

«مستقبل ابنك ليس نوعًا من أنواع البر بك.»

_

السلام عليكم يا والدايّ، أمّا بعد، أنا لستُ مرتاحًا هكذا.

والدايّ، كنتُ أحلم أن أمتهن شيئًا يتجمع شغفي فيه، أن أصحو كل يومٍ والرغبة تملؤني لأنهض، أعمل لأنني أريد وليس لأنني مجبور.

أما الآن، أصبح الاستيقاظ ثقيلًا، والنوم مرهقٌ أكثر، وكل خطوة لمحل عملي تأكلني. لا أجيده تمامًا، ولا أستطيع أن أُبدع فيه وأثير إعجاب من حولي، أو أفتخر بنفسي، وهذا يجعل الأمور أسوأ.

أنا أختنق هنا.

حوارتكم السابقة عن مستقبلي، مهنتي، كيف سأعيش، كلها تدور برأسي الآن وأتمنى لو أنني اعترضت، شاركت حلمي، أهدافي، أصررت عليها.

لكن حتى لو لم أفعل، ما حقكم لتحددوهم لي؟
في النهاية باقية في هذه الدنيا بمفردي، ألا يمكنني أن أبقى مع شيء أحبه؟

والدايّ، يأخذني الخوف كل يوم، القلق، والرهبة، ماذا لو فشلتُ إلى الأبد، لو لم أنجح، لو تهتُ، لو انتهيتُ؟

ماذا سأفعل؟

أنا مقدرٌ لكونكما تتدخلان قلقًا وخوفًا، ورغبةً في راحتي، لكن ألم تقلقا على قلبي؟ حياتي؟ عقلي؟ كيف سأفكر؟ ما الجحيم الذي سأعيشه بداخلي وأنا مجبرّ على تكرار روتين أمقته لبقية حياتي؟

أنا متعب، بشكلٍ لا تتخيلانه، ولن تتخيلاه.

لُطفًا ذكراني حين أكبر، أحلامي إن عجزتُ عن تحقيقها، لن أجبر أبنائي عليها.
أهدافي ليست أهدافهم، رؤيتي ورؤيتهم ستختلف، رغباتهم، حيواتهم، ما أدراني أو أدراكم؟
ربما أبنائي يرغبون بالعيش مثلي، ربما مهنتي التي لا أطيقها وأرغب بإجبار طفلي على غيرها، لأنها الأفضل من وجهة نظري، هي بالأساس حلمُ طفلي ورغبته.

لماذا؟ لأننا نحن الأهل قدوتهم دائما، قدوة أبنائنا، لا يمكننا تحطيهم لمجرد أننا تحطمنا.

والدايّ، لا يمكنني العيش تحت ظلكما للأبد، طريقي، حياتي، أهدافي، علي مواجهة هذه الأشياء بنفسي، وإلا فإنها لن تمر أبدًا، وستبقى عالقة بحلقي، كلما ذُكِر اسمها نغزتني. لذا أرجوكما، أحلامكما إن لم تحقق، لا يمكن لأحد أن يحققها لكما بالإجبار، لأن ذلك الأحد، لديه حلم أيضًا.

نهاية يا والدايّ، نحن لا نتشابه.

_

أهم نقاط الرسالة:

- التدخل بحياة الأطفال وقراراتهم ومستقبلهم، لا دخل للآباء به.

- ابنك لا يرى نفس نظرتك، ولا يحب نفس ما تحب، والزمن تغير فلم يعد يوجد تخصص لا عمل به.

- الخيرةُ فيما اختاره الله، ربما المهنة التي قد تراها مريحةً لابنك تأتي عليه وتتعبه، فالظروف ليست ثابتة.

- أحلامك إن لم تحققها، ابنك لا هم له ليحققه بدلًا عنك، هو أيضا مثلك يمتلك أحلامًا وتوجهاتٍ أخرى.

- يفقد الطفل ثقته بنفسه حينما تؤخذ منه صلاحية تحديد مستقبله.

- العمل مستقبلا في عمل لا تحبه ولا تميل له، يجعلك تحمل همًا ثقيلًا لكل ثانية ستمر، وفرص إبداعك وإنتجاك ستقل وقد تنعدم.

- ملخص الكلام لا يعني أن تُصدر عقلك، بل ناقش وانظر وحدد بناء على الأفضل وما تميل، وليس بناءً على ما تميل إليه فقط.

_

شاركوني نقاطًا أخرى تريدون التحدث عنها، أشياء تريدون ان تطبقوهت مستقبلا في تربية أبنائكم.

- وريم.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 13, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ثلاثون رسالة لوالديك.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن