روت المصادر الروائية المعتبرة الكثير من الروايات التي تتحدث عن التقاء المؤمنين بالإمام المهدي عليه السلام في غيبته الصغرى، فلايكاد يخلو كتاب من الكتب المصنفة في تواريخ الأئمة أو الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ خاصة، من ذكر مجموعة من هذه الروايات. وقد روى الشيخ الصدوق عن محمد بن أبي عبد الله احصائية لعدد لقاءاته من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فذكر ثمانية وستين شخصاً وأوصل الميرزا النوري العدد الى (٣٠٤) اشخاص استناداً الى الروايات الواردة في المصادر المعتبرة وفيها المروية بأسانيد صحيحة، ومعظمهم التقوه في الغيبة الصغرى وبعضهم في حياة أبيه عليهما السلام وهذه الروايات تخص الذين رأوه وعرفوه وليس الذين لم يعرفوه.
ويُستفاد من هذه الروايات أنه عليه السلام كان يبادر الى الالتقاء بالمؤمنين في الكثير من الحالات ويظهر على يديه المعجزات والدلائل بحيث يجعلهم يؤمنون بأنه هو الإمام ويثبت لهم وجوده عليه السلام وإمامته، وهذا ما يصرح به لعيسى الجوهري الذي التقاه في سنة (٢٦٨ هـ) في صابر قرب المدينة المنورة حيث قال له في نهاية اللقاء وبعد ما أراه من الدلائل ما جعله على يقين من هويته عليه السلام :
«يا عيسى ما كان لك أن تراني لولا المكذِّبون القائلون بأين هو؟ ومتى كان؟ وأين ولد؟ ومن رآه؟ وما الذي خرج إليكم منه؟ وبأيِّ شيء نبّأكم؟ وأيَّ معجز أتاكم؟ أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع مارووه وقدَّموا عليه، وكادوه وقتلوه، وكذلك آبائي عليهم السَّلام ولم يصدِّقوهم ونسبوهم إلى السحر وخدمة الجنِّ إلى ما تبيّن.
ياعيسى فخبّر أولياءنا ما رأيت، وإيّاك أن تخبر عدوَّنا فتسلبه. فقلت: يا مولاي ادع لي بالثبات فقال: لو لم يثبّتك الله ما رأيتني، وامض بنجحك راشداً. فخرجت أكثر حمداً لله وشكراً» .
ويتضح من روايات التشرف بلقياه في الغيبة الصغرى أنه كان يقوم خلالها أيضاً بقضاء حوائج المؤمنين إقتفاءً لسنّة آبائهِ الطاهرين عليهم السلام ، كما كان يقوم خلالها بتوضيح بعض القضايا العقائدية المرتبطة بغيبته الكبرى عليه السلام ويقدم لهم الإرشادات التربوية والأدعية المسنونة المرتبطة بغيبته وتوثيق الارتباط به عليه السلام فيها والتي تشتمل أيضاً على توضيح ما سيحققه الله على يديه عند ظهوره.
كما يُستفاد منها أن الكثير من المؤمنين كان يجتهدون في طلب لقياه ويسعون إليه خاصة في موسم الحج لما روي أنه يحضره كل سنة . وقد دلت بعض الروايات على وقوع الالتقاء به بالفعل في الموسم. كما كان البعض يلجأون الى السفراء الأربعة للفوز بذلك، فكان يسمح للمخلصين منهم بذلك. فمثلاً روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة فقال:
روى محمد بن يعقوب ـ رفعه عن الزُّهريّ ـ قال: طلبت هذا الأمر طلباً شاقاً حتى ذهب لي فيه مال صالح فوقعت إلى العمريّ وخدمته ولزمته وسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان فقال لي: ليس إلى ذلك وصول فخضعت فقال لي: بكر بالغداة، فوافيت واستقبلني ومعه شابّ من أحسن الناس وجهاً، وأطيبهم رائحة بهيئة التجّار، وفي كمّه شيء كهيئة التجّار.
فلمّا نظرت إليه دنوت من العمريّ فأومأ إليَّ فعدلت إليه وسألته فأجابني عن كل ما أردت ثم مرَّ ليدخل الدار وكانت من الدُّور التي لا نكترث لها فقال العمريُّ: إذ أردت أن تسأل سل فإنّك لا تراه بعد ذا، فذهبت لأسأل فلم يسمع ودخل الدّار، وما كلّمني بأكثر من أن قال: ملعون ملعون من أخّر العشاء الى أن تشتبك النجوم، ملعون ملعون من أخّر الغداة إلى أن تنقضي النجوم ودخل الدار»
أنت تقرأ
المهدي المنتقم
Spiritualاللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة من ساعات الليل والنهار وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين..