كشف الكذب
في تجربة جديدة أيضاً وجد العلماء أن هناك تغيرات تحدث للصوت أثناء الكذب! ومعظم الناس لا يلاحظون هذه التغيرات ولكن بعض العلماء صمموا برنامج كمبيوتر لتحليل الترددات الصوتية ولاحظوا بأن الإنسان بمجرد أن يبدأ بالكذب فإن انحناء بسيطاً يحدث في المنحني البياني الخاص بصوته، وهذا ما أخبر الله به حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم عن أولئك المنافقين الذي يقولون عكس ما في قلوبهم: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 30
.
ففي هذه الآية أكد المولى تبارك وتعالى أن النفاق والكذب يظهران على وجه صاحبهما (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) أي بالتعابير المرسومة على وجوههم، وأن هذا الكذب يظهر في قولهم وفي صوتهم: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، ولحن القول هي تلك النغمة الخفيفة التي تظهر على الصوت أثناء الحديث، ومن ذلك الألحان واللحن أي التصنع في الصوت وهذه معجزة تشهد على صدق هذا القرآن لأنه أخبرنا عن حقيقة طبية لم تنكشف أمامنا إلا في القرن الحادي والعشرين، فقد أخبرنا عن علاقة الكذب بالوجه وعلاقة الكذب بالصوت، وهو ما أثبته العلماء يقيناً اليوم.
.
منذ أكثر من مئة عام والعلماء يحاولون اختراع جهاز لكشف الكذب في كلام الإنسان، ولكن هذه المحاولات تفشل بسبب عد معرفتهم للآلية التي يعمل الكذب عليها، فقد جرَّبوا كل الاختبارات على الإنسان بهدف الوصول إلى جهاز يكشف الكذب للاستفادة منه في التحقيق مع المجرمين.
.
وبعد تجارب مضنية وصلوا إلى أفضل ثلاث طرق لكشف الكذب، وهي طريقة بصرية وطريقة سمعية وطريقة مغنطيسية، وربما تعجب عزيزي القارئ إذا علمت أن القرآن قد أشار بوضوح إلى هذه الطرق الثلاث!
.
الأولى : الطريقة البصرية لكشف الكذب
لقد لاحظ بعض الباحثين تغيرات تحدث في تقاسيم الوجه أثناء الكذب، فقام بتجربة تتضمن تصوير إنسان يتحدث بصدق وفي اللحظة التي يكذب فيها تظهر ملامح محددة على وجهه تختلف عن حالة الصدق، ولكن هذه الملامح سريعة جداً ولا تدركها العين البشرية. واستخدم طريقة التصوير السريع لإدراك هذه التغيرات، ثم قام بإبطاء الصورة فلاحظ أن ملامح الوجه تتغير بشكل واضح أثناء الكذب
.
يؤكد العلماء أن حركات الجسد تتغير أيضاً أثناء الكذب، وذلك عندما درسوا ما يسمى "لغة الجسد" حيث يعبر كل إنسان عن نفسه من خلال حركات الأيدي والجسم والوجه، ويقولون إن اللغة التي يعبر بها الجسد عن نفسه أثناء الحديث تختلف نم شخص لآخر وتختلف كثيراً أثناء الكذب، حيث لا يمكن للإنسان أن يتحكم بحركات جسده أثناء الحديث
.
الثانية : الطريقة السمعية لكشف الكذب
ولكن هناك باحثون اعتمدوا على صوت الإنسان! فقد قاموا بإجراء تسجيل صوتي لإنسان وهو يتحدث بصدق، وفي اللحظة التي يكذب فيها كانت الترددات الصوتية الصادرة عنه تتغير، أي أن الموجات الصوتية التي يسجلها الجهاز لها شكلان: الشكل الأول هو حالة الصدق، والشكل الثاني هو حالة الكذب. وقد كان واضحاً الفرق بينهما
.
ويؤكد العلماء أن لكل واحد منا بصمة صوت خاصة به، ولكل واحد منا بصمة عين خاصة به، وسبحان الله، أثناء الكذب فإن العين والصوت والجسد تفصح عن صاحبها، ولكن وبسبب سرعة هذه التغيرات لا يمكن أن ندركها إلا بشكل قليل، وقد تخفى علينا غالباً. أما الأجهزة التي اخترعها العلماء فإنها تُظهر هذه التغيرات بمنتهى الوضوح
.
الثالثة : الطريقة المغنطيسية لكشف الكذب
هناك فريق من العلماء حاول الدخول إلى دماغ الإنسان ومعرفة ما يجري أثناء الكذب، واستخدم من أجل ذلك جهاز المسح المغنطيسي الوظيفي fMRI وهو جهاز يعمل بالموجات المغنطيسية ويستطيع كشف نشاط الدماغ.
.
وبعد العديد من التجارب وجد العلماء أن الإنسان عندما يكذب فإن المنطقة الأمامية من دماغه تنشط بشكل مفاجئ، ولذلك استطاعوا كشف الكذب بواسطة هذا الجهاز ومن خلال تصوير النشاط الدماغي في هذه المنطقة.
.
القرآن يكشف أسرار الكذب
والآن نأتي إلى القرآن الكريم لنكتشف أن ما تم على أساسه اختراع هذه الأجهزة قد أشار إليه القرآن، وهذا يعتبر من إعجاز هذا الكتاب العظيم لأن علماء الغرب يؤكدون أن ما يكشفونه اليوم لم يكن لأحد علم به من قبل، فمن أين جاء هذا العلم في القرآن؟ إنه دليل على أن الذي أنزل هذا القرآن هو الذي يعلم السرَّ وأخفى
وهو القائل: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) آل عمران: 5
.
يقول تعالى في آية عظيمة يحدث سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم: (وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ
[محمد: 30]
هذه الآية تتحدث عن أولئك المنافقين الكاذبين تخبر النبي بأنهم كاذبون وأن الله قادر على إخراج كذبهم وكرههم للنبي والمؤمنين. وانظروا معي كيف عبرت الآية عن كشف الكذب لدى هؤلاء بطريقتين
.
الأولى : يقول تعالى: (وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ) أي أن الله لو شاء لجعل نبيَّه يرى كذب هؤلاء من خلال تقاسيم وجههم (سيماهم) أي السمات والملامح التي ترتسم على الوجه، وهذه إشارة واضحة إلى طريقة كشف الكذب من خلال الوجه. أي أن هذه الآية تؤكد أنه يمكن كشف الكذب من خلال تقاسيم الوجه، وهو ما يستخدمه العلماء اليوم من خلال أجهزتهم.
.
الثانية : القسم الثاني من الآية الكريمة: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ففي هذه الكلمات إشارة واضحة إلى معرفة أو كشف الكذب من خلال الصوت (لَحْنِ الْقَوْلِ)، واللحن هو التغير الطفيف في الصوت أثناء الكلام. ولذلك فإن الآية أشارت إلى الطريقة السمعية في كشف الكذب من خلال الصوت
.
أما الطريقة الثالثة فقد أثبت العلماء أن المنطقة الأمامية من الدماغ تنشط أثناء الكذب، وهذا ما أشار إليه القرآن في قوله تعالى يصف الناصية: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) [العلق: 16]. فقد وصف الله ناصية الإنسان ،أي مقدمة رأسه، بالكذب وهذا ما يراه العلماء اليوم من خلال أجهزتهم.
.
الطريقة الرابعة هناك طريقة لكشف الكذب من خلال تصوير الهالة الحرارية حول العينين، ويؤكد الباحثون الأمريكيون في Mayo Clinic أن الإنسان عندما يكذب يزيد تدفق الدم في وجهه وبخاصة حول عينيه، مما يؤدي إلى رفع درجة الحرارة حول العينين بشكل طفيف جداً ويمكن التقاط هذا التغير بواسطة جهاز كشف الكذب
.
أي أن العين يمكن أن تخدع الآخرين، ولذلك أخبرنا المولى جل جلاله أنه يعلم خائنة الأعين، فالعين تخفي أشياء سريعة جداً لا يمكن لأحد أن يدركها بعينه المجردة، ولكن الله يعلمها، وقد شاء الله أن يخترع الإنسان هذه الأجهزة لتكون دليلاً على صدق كلام الله، وأن علم الله أكبر من علم البشر! قال تعالى عن نفسه: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) غافر: 19
